مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
رؤيا في صور (5) عودة سعادة (1930)
 
سعاده، صفية
 

 

 

لا نجد صوراً لعودة سعادة عام 1930 إلى لبنان عبر البحر، فهو لم يكن معروفاً آنذاك إلا من بعض الأقارب والأصدقاء. أتى حاملاً مشروعاً طموحاً لبلاده، ومصمّماً على إنشاء حزب قوي يستطيع تنفيذ برنامجه، ما يؤدي إلى استقلال بلاده ونهوضها وتقدّمها بين الأمم. لم يكن الاستقلال غاية سعادة النهائية، بل المعبر الإلزامي لبناء أمته التي تمحورت على الأسس الآتية:

 

أولاً، لا مناص من بناء دولة وطنية/قومية بعد أن تلاشت الإمبراطوريات الدينية، واندحرت السلطنة العثمانية، وعمّ العالم نموذج الدولة-الأم (nation-state) المرتكز على إعطاء الأولوية للشعب كمصدر السلطات للدولة.

 

ثانياً، وجوب الفصل بين الدين والدولة لأن الدين في أساسه رسالة روحية تصبو إلى خلاص النفس، بينما الدولة محكومة بإدارة شؤون المجتمع على أسس علمية، وتحتاج إلى متخصّصين من مختلف المجالات يواكبون التطورات الحاصلة في العالم كي يستطيع مجتمعهم البقاء والتقدم والازدهار. بالإضافة إلى ذلك، إن فصل الدين عن الدولة يبني مجتمعاً عادلاً تتمثّل فيه كل الفئات دون أن تشعر إحداها بالغبن والهوان. والعنصر الأهم إزالة الفوارق الدينية والتعصب الديني الأعمى. وبالمناسبة، هو وجّه نداء إلى القوميين حين نشبت الفتنة الدينية بين «النجادة» و«الكتائب» عام 1936، وطلب من القوميين النزول إلى الشارع والفصل بين الفريقين «لأن تحويل الوطن إلى ميدان ينقسم فيه الشعب الواحد الموحّد المصير إلى جيشين يتطاحنان للوصول إلى غاية واحدة، هي الخراب القومي، عمل شائن لا يليق إلا بالشعوب البربرية، والرجعية تحب البربرية لأن فيها حياتها وكرامتها» (الأعمال الكاملة، الجزء 2: 54-55).

 

ثالثاً، منع التمييز العنصري والتفرقة بين العناصر العرقية أو الدينية والمذهبية، المقيمة على أرض الوطن كونها متساوية في المواطنة.

 

رابعاً، العمل على إزالة كل العوائق أمام مساواة الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات الوطنية.

 

اتّكل أنطون سعادة في هذه الرؤية على والده الدكتور خليل سعادة الذي كان قد أنشأ حزباً في أميركا اللاتينية سمّاه «الحزب الوطني الديموقراطي» وضمنه وحدة بلاد الشام على أساس النظام الديموقراطي الفدرالي (كتاب «الرابطة»، الصفحة 153).

 

عاد سعادة إلى الوطن وزاده الوحيد حلمه ومشروعه الوطني الضخم لا يملك منه إلا طاقته وجهده الشخصي، فلا مال لديه أو منصب، لذلك اتّجه فور وصوله إلى قريته ضهور الشوير القابعة في كنف جبل صنين، وعمل على بناء العرزال من شجر الصنوبر وكشحه، فكان عرزاله مؤلفاً من غرفة نوم وشرفة فسيحة تتسع للأصدقاء والأقرباء. أحب سعادة الطبيعة، فنام في عرزاله مطمئناً، واغتسل في «العين» القريبة، وأكل الشوفان مع الحليب الذي كان يُقدّم له يومياً من بائعي الحليب الذين كانوا يؤمّون الدير القريب من العرزال في «المطل». هذا المطل الذي قضى فيه سعادة أجمل أيام حياته يتأمل جبل صنين الشامخ من جهة، والبحر المتوسط الشديد الزرقة من جهة أخرى، وما بينهما الهضاب والبوادي المكسوّة بأشجار الصنوبر والسنديان. أمضى نهاره في القراءة والكتابة ووضع المداميك الأولى لتنفيذ هذه المهمة الكبيرة، ألا وهي تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وأمّ دمشق حيث أمضى سعادة سنة يكتب في صحافتها ويحاضر في منتدياتها، ويناقش في سبيل قضيته

 

راجع الحلقة السابقة

 

 
التاريخ: 2025-11-16
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2025 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro