مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
ما زلنا نردد (لا تصالح)
 
في الذكرى ال39 لغياب شاعر الرفض امل دنقل
ابراهيم، شريف
 

 

 

بقامة نحيلة ووجه اسمر لوحته شمس الصعيد، مسكون بالمعاناة والحزن، توجه بخطى ثابتة وهادئة نحو المنبر مع تصفيق حاد. اعتلى منصة الشعراء، وقرأ نصا متخيلاً لموت الملك كليب غيلة خلال حرب البسوس على يد جساس بن مرة شقيق زوجته جليلة. جاء فيه: ( فنظر كليب حواليه وتحسر، وذرف دمعة وتعبر، ورأى عبداً واقفاً فقال له: اريد منك يا عبد الخير، قبل ان تسلبني، ان تسحبني الى هذه البلاطة القديمة من هذا الغدير، لأكتب وصيتي إلى أخي سالم الزير، فأوصيه بأولادي وفلذة كبدي.)

 

ثم بدأ بالقاء قصيدته: لاتصالح

 

وعلى مسامع ياسر عرفات في (مهرجان الشقيف الشعري) في بيروت.

 

يومها تعرفت على امل دنقل عن قرب وان كانت قصائده قد سبقته الينا.

 

 

لا تصالح

 

ولو منحوك الذهب

 

اترى حين افقأ عينيك

 

ثم اثبت جوهرتين مكانهما

 

هل ترى ..؟

 

هي أشياء لا تشترى

 

من وصايا كليب العشر إلى أخيه المهلهل الزير سالم.

 

معادلة  مركبة بين الذهب ووظيفة العين،

 

لأن البصر أهم وأثمن ليس من الذهب فحسب. بل من الإلماس والياقوت وكل المعادن الثمينة..

 

ثم  يدخل الشاعر امل دنقل متدرجاً في طرح الأسئلة :

 

هل يصير دمي _ بين عينك ماء - ؟

 

اتنسى ردائي الملطخ  بالدماء؟

 

تلبس -- فوق دمائي -- ثياباً مطرزة بالقصب

 

انها الحرب !

 

قد تثقل القلب ..

 

لكن خلفك عار العرب

 

لا تصالح

 

ولا تتوخ الهرب

 

من الواضح ان الوصايا ماضية باتجاه حتمية الأخذ بالثأر الذي لا مفر منه، والا سيلحق عار العرب بالزير سالم ان تخلف عن هذا الأمر.

 

قصيدة لا تصاح كتبها امل دنقل عام 1976، قبل زيارة السادات للقدس المحتلة حيث ألقى خطاباً جاء فيه (قد جئت اليكم اليوم على قدمين ثابتتين لكي نبني حياة جديدة، لكي نقيم السلام)

 

 الملك  كليب  يقول  هنا بلسان  امل دنقل :

 

لا تصالح

 

                  ....................

 

كيف تنظر في يد من صافحوك

 

فلا تبصر الدم ..

 

في كل كف

 

ان سهماً أتاني من الخلف ..

 

سوف يجيئك من الف خلف

 

            ....................

 

لا تصالح

 

ولو قيل ما قيل من كلمات السلام

 

لقد عبر عن كل محبي فلسطين برفضه لهذا السلام الزائف..  فاستطاع امل دنقل ان يوظف (وصايا كليب) في مشروعه الرفضي، والذي بدأ  معه عام 1967 عبر صدمته بهزيمة الحرب مع الإسرائليين التي يسمونها (تكاذباً بالنكسة)

 

فكانت قصيدته الرائعة الرافضة لواقع الهزيمة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة).

 

كما وان زيارة السادات للقدس جعلت من النصر عام 1973 نصراً ناقصاً فجاءت قصيدة  (لا تصالح)  تعبيراً عن كل الشارع العربي الرافض لهذه الزيارة وما تلاها من اتفاقيات كامب ديفيد.

 

لا تصالح

 

ولو قيل ان التصالح حيلة

 

انه الثأر

 

تبهت شعلته في الضلوع

 

اذا توالت عليه الفصول ..

 

ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)

 

فوق الحياة  الذليلة

 

لا تصالح . قصيدة ترددها الشعوب العربية في المظاهرات والمهرجانات.... حتى انها  صارت بياناً سياسياً يتفق عليه كل الذين ضد الإعتراف والتطبيع مع الإسرائيليين

(سيقولون جئناك كي تحقن الدم.

 

جئناك كن - يا أمير - الحكم

 

سيقولون

 

ها نحن ابناء عم .)

 

ان قاتل كليب هو جساس. لم يراع العمومة بينهما وجليلة زوجة كليب هي أخت جساس. هنا تأتي صرخة امل دنقل

 

راسمة صورة شعرية رائعة، فيها كل ابداع :

 

(قل لهم  لم يراعوا العمومة فيمن هلك

 

واغرس السيف في جبهة الصحراء

 

الى ان يجيب العدم)

 

اذا لا صلح 

 

اذا (لا تصالح)

 

فالذي هللك لا يعود، الصحراء لا جبهة لها،, والعدم لا يجيب .

 

اذا فالحرب مستمرة حتى احقاق الحق. هو وحده يحقن الدماء.

 

(الى ان يجيب العدم) ما ابلغها.. صورة شعرية مثلت رأي اليمامة بنت كليب .. عندما  جاء بعض المصلحين الى الزير سالم يسألونه :

 

ماذا تريد لحقن الدماء بين ابناء العمومة؟

 

قال: الجواب عند اليمامة ابنة أخي كليب فهي ولية الدم.. كان جوابها لحقن الدماء اريد ان يعود ابي !!

 

قالوا : ولكنه مات

 

قالت : اريده حيا..

 

اذا لا صلح . لأنها اكدت وصية والدها على مسامع عمها الزير سالم بصوت امل دنقل

 

(لا تصالح

 

ما ذنب تلك اليمامة

 

لترى العش محترقا .. فجأة

 

وهي تجلس فوق الرماد.)

 

كل المستحيلات في القصيدة تشير بانه لا مفاوضات ولا صلح ولا سلام مع القاتل المجرم الذي غدر بالملك كليب. هنا يجوز طرح السؤال:

 

هل سأل السادات الفلسطينيين

 

قبل ذهابه للقدس ؟

 

هل قال للذين اتوا اليه لحقن الدماء سأسل الفلسطينيين كونهم أولياء الدم 

 

هل قال لهم ان احفاد اسحق ويعقوب لم يراعوا  العمومة مع احفاد اسماعيل؟

 

الجواب عند المقاومة التي هي وحدها تغرس السيف في جبهة الصحراء (الى ان يجيب العدم)

 

(لا تصالح

 

ولا تقسم مع من قتلوك الطعام

 

وارو قلبك بالدم..

 

وارو اسلافك الراقدين..

 

الى ان ترد عليك العظام)

 

الوصايا العشر  لكليب تنهي عن السلام مع قاتله باستخدام لا الناهيه وتأمر ب (لا تصالح)

 

في وصية كليب التاسعة يقول

 

امل دنقل:

 

(لا تصالح

 

ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ

 

هؤلاء الذين يحبون طعم الثريد وامتطاء العبيد

 

هؤلاء الذين تدلت عمائهم فوق اعينهم

 

وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ).

 

ويختم امل دنقل قصيدته

 

بتأكيد المؤكد

 

(لا تصالح

 

لا تصلح)

 

ان قصيدة لا تصالح يتردد صداها في مواسم الهزائم

 

قصيدة ترفض نزيف الهزيمة الذي صار فصولاً من كوابيس

 

أطفات احلاماً كثيرة

 

يرددها كل فم ذاق مرارة الواقع المهزوم..

 

ان امل دنقل لم يتنبأ بزيارة السادات للقدس . ولم يكن منجماً أوحت له ملوك الجان بذلك.. بل كان قارئاً جيداً لمسار حال السياسة العربية الغير جادة اتجاه تحرير فلسطين.

 

كان مدركاً لما يجري.. جلي البصيرة .

 

عندما اتكأ على النص التاريخي

 

لزرقاء اليمامة بقصيدته ( البكاء بين يدي زرقاء اليمامة)

 

قبل كتابتة لاتصالح. ليس لأن زرقاء اليمامة كانت حادة البصر

 

بل لقوة ادراكها وفطنتها.

 

ونحن في الذكرى التاسعة والثلاثين  لغياب الشاعر امل دنقل  نردد بوجه كل من راوده الصلح مع المغتصب الصهيوني لفلسطين بأن :

 

لا تصالح

 

لا تصالح

 

شريف ابراهيم

البرازيل

 

 

 
التاريخ: 2022-05-21
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro