مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
العنصرية وتحديات السلام
 
كفروني، يوسف
 

 

 

تعريف

 

العنصرية هي موقف متحيّز ضد فرد آخر أو جماعة أخرى: عائلة قبيلة أثنية سياسية دينية مذهبية طبقية قومية ...هو موقف مسبق يدفع للقيام بسلوك ضد الجماعة الأخرى أو ضد أحد أفرادها بدون مبرر. والموقف العنصري ينبع من ثقافة عنصرية لجماعة ما، والسلوك العنصري قد يقوم به فرد وقد تقوم به جماعة وقد تقوم به دولة. ويتدرج الموقف العنصري من رفض التعامل مع الآخر فردا أو جماعة، إلى العدوان اللفظي والجسدي وصولا إلى القتل والابادة.

 

أكثر عقائد أثّرت في النزاعات العنصرية هي عقيدة الأصل الدموي والعقائد الدينية وما يتفرع عنها من مذاهب واتجاهات وتيارات. وكانت العقائد الدينية المسماة وثنية أكثر تسامحا فيما بينها على العكس من الأديان المسماة توحيدية أو سماوية.

 

يشهد تاريخ البشرية على استمرار النزاعات والصراعات التي تتخذ أشكالا متعددة بين الجماعات وبين المجتمعات والدول. وتبدو مراحل السلم والأمن ضئيلة وقصيرة أمام ظاهرة الحرب والعدوان التي يزداد عنفها وفظائعها وضراوتها مع كل تقدم في صناعة واكتشاف وسائل الفتك والدمار.

 

بالرغم من الطابع الوحشي للحروب التاريخية وبالرغم من الإبادات التي تعرضت لها أقوام وشعوب عديدة، لكن الجنس البشري لم يكن مهددا مثلما هو مهدد اليوم نتيجة ترسانات أسلحة الدمار الشامل المتنوعة والمتعددة التي تمتلكها الدول الكبرى والتي تستطيع القضاء على الجنس البشري وكل أشكال الحياة مئات المرات.

 

إضافة إلى مخاطر النزاعات والحروب نجد مخاطر التلوث والتغير المناخي وشحّ المياه وازدياد الفساد والفقر والنزاعات الاجتماعية والأثنية والدينية وغيرها.

 

وهذه كلها مظاهر لاتجاهات عنصرية مفرطة في أنانياتها وعدوانيتها وتدميرها لبيئتها وعدم احترامها لحقوق الأجيال المقبلة ببيئة صالحة للحياة.

 

لكن مع كل السلوك العنصري السائد والثقافة العنصرية الرافضة للآخر، لم تتوقف دعوات السلام والعمل من أجله.

 

تتجلّى دعوات السلام في دعوة الإله إيل في الأساطير والملاحم الكنعانية

 

هكذا يقول الإله إيل: الحرب تخالف مشيئتي ازرع الأرض لفاحا ارم السلاح وانشر السلام في كبد الأرض.

 

في أورشليم المدينة الكنعانية التي تعني مدينة السلام

 

في فلسفة الأخلاق الرواقية التي أسسها زينون الكنعاني الفينيقي

 

في جوهر الأخلاق المسيحية والمحمدية بعيدا عن تجربة مؤسساتها في الصراع على السلطة وفي فرض رؤية مذهبية للدين ومحاربة الاتجاهات الأخرى في الدين نفسه ومع الأديان الأخرى.

 

في تحية السلام في المسيحية والمحمدية: السلام معكم والسلام لكم والسلام عليكم.

 

في التوق إلى مسيح منتظر ومهدي منتظر يزيل الحروب ويرفع الظلم ويؤسس للسلام الدائم بين جميع البشر.

 

 

الواقع الحالي للعالم اليوم

 

جاء في مقدمة تقرير التنمية البشرية لسنة 2020

 

إشارة إلى جائحة كورونا التي سبق وحذر العلماء من احتمال وقوع جائحة كهذه، منبّهين لتزايد الأمراض التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر جراء الضغوط التي يمارسها البشر على الأرض.  ويشير التقرير إلى التغيّرات المناخية والنزاعات الاجتماعية وازدياد المشردين بدون مأوى ويتساءل العلماء إذا كانت الأرض تدخل حقبة جيولوجية جديدة: هي الأنثروبوسين، أو عصر البشر. والمقصود أن الإنسان يعيش، وللمرة الأولى، في عصر تحكمه خيارات الإنسان، ونحن أشد ً خطرا على بقائنافالجمع بين المضي على مسار التنمية البشرية، وتخفيف الضغوط عن الكوكب، هو الأفق الجديد للتنمية البشرية.

 

يشير إدغار موران في كتابه "هل نسير إلى الهاوية" إلى خطورة إنتاج الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل، الكيماوية والبيولوجية، الواسعة الانتشار. وكيف تسبّب التقدم الصناعي في مسلسل من التدهور في المحيط الحيوي. وكيف خلقت عولمة السوق الاقتصادية المفتقرة إلى تقنين خارجي وإلى تقنين ذاتي حقيقي، جزرا جديدة من الثراء، ومناطق متنامية من الفقر. وكانت ولا تزال كذلك سببا في خلق أزمات لا تفتأ في تناسل، وتسير في اتساع واستشراء حتى باتت تهدد بالفوضى والسديم. وقد صارت أشكال التطور الواقعة في العلوم والتقنيات والصناعة والاقتصاد، وهي المحرك اليوم للمركبة الفضائية الأرض، لا يحكمها شيء من سياسة ولا أخلاق ولا فكر

 

ويشير أيضا إلى استشراء الحروب في الأرض وباتت تغلب على معظمها الأسباب والدوافع العرقية والدينية. وأصبحت الجريمة المافيوزية ممارسة جارية في سائر أنحاء المعمور. وبات قانون الانتقام بديلا عن قانون العدالة الحقة. (موران 2012 ترجمة، 11-12)

 

الدول الحديثة التي نشأت في الغرب، تبنّت قيما خاصة داخل مجتمعاتها تختلف عن القيم التي عملت على نشرها في مستعمراتها. وكانت سياساتها الخارجية عنصرية وعدوانية وعملت على نشر البغض والكراهية وتعزيز الانقسام والتفتيت في المجتمعات التي دخلت اليها بالنفوذ الاقتصادي والثقافي وبالاستعمار المباشر.

 

استطاعت هذه الدول أن تخلق لها أتباعا ومريدين في البلدان المتأخرة والضعيفة بوسائل وأساليب متعددة، وكان التعاون الأكبر بينها وبين الاقطاع السياسي والديني الذي كان ولا يزال مستعدا للخضوع لأية سلطة استعمارية جديدة.

 

 شكّلت العصبيات الطائفية والحزبيات الدينية العامل الأساس في تمكين الاستعمار من تنفيذ مخططاته وفي استعباد الأمة وابقائها في حالة الشلل والتخلّف.

 

العالم يسير نحو كارثة حقيقية بسبب السياسات الامبريالية المتوحشة والتي لا ضوابط أخلاقية وإنسانية لها، ولا حدود لجشعها وأطماعها. ثمة أخطار متنوعة كل خطر منها يهدّد مستقبل البشر وحياتهم.

 

- خطورة أسلحة الدمار الشامل: النووي والكيماوي والجرثومي، أسلحة بمتناول أي دولة أو جماعة امتلاكها واستخدامها.

 

- خطورة التلوّث البيئي الذي يهدّد حياة كل الكائنات.

 

- خطورة انهيار القيم الاجتماعية وطغيان النزعة الفردية وإيقاظ النزعات والعصبيات التصادمية الدينية والطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية.

 

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وبروز الولايات المتحدة الأميركية قطبا وحيدا مهيمنا في العالم، زادت الأزمات والمشاكل الاقتصادية والمالية في العالم، وزادت وتيرة الحروب وأعمال العنف والإرهاب.

 

وتبيّن أن النظم الديمقراطية الغربية وعلى رأسها النظام الأميركي ليست أفضل من النظم الشيوعية المنهارة ولا تشكل بديلا صالحا لتطلعات الشعوب وليست صالحة حتى لشعوبها وإن كانت بوضع أفضل بسبب نهب ثروات الشعوب وخيراتها. لقد تبيّن أن هذه الديمقراطيات تعاني من انحراف خطير وخلل كبير بسبب سيطرة الشركات الاقتصادية والمالية الكبرى المهيمنة على اللعبة السياسية والقرار السياسي الذي يعمل لمصلحتها هي وليس لمصلحة شعوبها.

 

هذه الديمقراطية هي ديمقراطية القلّة وليست ديمقراطية الشعب الذي يغيب قسم كبير منه عن هذه العملية، ومعظم القسم المتبقي يجري تضليله، من خلال السيطرة الاعلامية لهذه الشركات وتلاعبها بعقول الناس.

 

لم يعد هذا النظام مقنعا حتى للمدافعين عنه، يقول بريجنسكي في كتاب رؤية استراتيجية:" كادت كارثة 2008 المالية أن تطلق ركودا اقتصاديا مرعبا، دافعة أمريكا، ومعها جزء كبير من الغرب، إلى اعتراف مفاجئ بهشاشة نظامها أمام الجشع السائب بلا ضوابط. يضاف إلى ذلك أن قدرا محيّرا من المزاوجة بين الليبرالية الاقتصادية ورأسمالية الدولة أظهر في كل من الصين وعدد من الدول الآسيوية الأخرى، قدرة مدهشة على النمو الاقتصادي والتجديد التكنولوجي. وهذا بدوره ما فتئ أن أثار قلقا جديدا حول مستقبل مكانة أمريكا بوصفها القوة العالمية الرائدة. ثمة بالفعل عدد غير قليل من أوجه الشبه الباعثة على الذعر بين الاتحاد السوفياتي قبيل سقوطه وأمريكا في السنوات الأولى من القرن الواحد والعشرين. “

 

ويقول أن على أمريكا أن تجدد نفسها وتبادر إلى اعتماد رؤية جيو إستراتيجية شاملة وطويلة المدى.  (زبيغنيو 2012 تموز ترجمة،12-13)

 

 

توزيع الثروة عالمياً

 

التفاوت الحالي في توزيع الثروات بين المجتمعات أو داخلها هو الأكبر والأخطر في تاريخ البشرية.

 

1٪ ينالون43 ٪ من الثروة العالمية، فيما ينال80٪ من الناس 6٪

 

300 شخص، من كبار أغنياء العالم يملكون من الثروة العالمية قدر ما يملكه 3 مليارات نسمة

 

منذ 200 سنة، كانت البلدان الغنية أغنى من البلدان الفقيرة بثلاثة أضعاف، وفي حقبة ما بعد التحرر من الاستعمار في الستينات صار الفارق 35 ضعفا، وهو الآن 80 ضعفا.

 

يقدّم العالم الغني للعالم الفقير 130 مليار دولار سنويا على شكل مساعدات من اجل "تنميته"

 

لكن العالم الغني يتلقى سنويا من العالم الفقير 2 تريليون دولار بثلاثة طرق رئيسة:

 

900 مليار عائدات الشركات العابرة للجنسيات، بواسطة شكل من التحايل على دفع الضرائب يسمّى سوء تسعير تجاري.

 

600 مليار خدمة ديون.

 

يخسر العالم الفقير 500 مليار دولار سنويا للعالم الغني بسبب علاقات التبادل التجاري غير المتكافئة بينهما

 

 (الاحصائيات من إعداد جيسون هيكل، الاستاذ في كلية لندن للاقتصاد، بناء على إحصائيات الأمم المتحدة) (عامر 2-5-2014)

 

 يشير إبراهيم شريف ورضى الموسوي إلى اللامساواة في الدخل والثروة وغياب العدالة الاجتماعية في العالم

 

تشكل اللامساواة، في الدخل والثروة، داخل كل بلد وفيما بين الدول، واحدة من أبشع ظواهر السياسات النيو ليبرالية في ظل عولمة لا تضع اعتبارا لقيم الانصاف والعدالة أو للأبعاد الاجتماعية ولا تخلق آليات عالمية لمعالجة بعض الأضرار الخطيرة لانفتاح الأسواق. فعندما تصل ثروة أغنى ثلاثة أمريكيين، بل غيتس مؤسس مايكروسوفت، وجف بيزوس مؤسس شركة أمازون، ووارن بفت قطب الاستثمار الأمريكي، إلى ما مجموعه 248 مليار دولار، وهو مبلغ يعادل ثروة 160 مليون يشكلون نصف الشعب الأمريكي الأقل ثراء، فإننا بلا شك أمام “أزمة أخلاقية” كما وصفها أحد كتاب دراسة صدرت حديثا عن معهد أبحاث السياسات Institute for Policy Studies.

 

إن التفاقم السريع لهذه الظاهرة يقود إلى تهديد الاستقرار الاجتماعي داخل كل دولة، ويزيد التوترات بين الشعوب والأمم مما يقوّض السلم العالمي

(منتدى عبد الرحمن النعيمي الفكري الخامس، التوزيع العادل للدخل والثروة.. إتجاهات دولية وتجارب عربية: مركز الخليج لسياسات التنمية)

 

 

ثلاثة مصادر عميقة للصراعات:

 

- النضال من أجل السيطرة على الموارد

 

- النضال من أجل السيطرة على المناطق الجغرافية

 

- النضال من أجل الهيمنة الإيديولوجية والعرقية و / أو وطنية

 

منذ حوالي الخمسة قرون اندفع الغرب، بعد امتلاكه عناصر القوة المادية والعلمية والفكرية، في سلسلة من الحروب الاستعمارية ضد مختلف الشعوب خارج أوروبا حيث أخضعها لسلطانه ومشيئته فترة طويلة من الزمن، واستطاع أن يستتبع قسما كبيرا منها ثقافيا واقتصاديا ولا تزال تأثيراته قائمة. إضافة إلى حروب الاستعمار قامت حروب التطاحن الاستعماري بين الدول الغربية ذاتها، مما أدى إلى حربين عالميتين، راح ضحيته من الأوروبيين أنفسهم أكثر من 100 مليون إنسان. وقد شكّلت هذه الحروب خيبة أمل لدى معظم الشعوب بإمكانية تحقيق التقدم والرفاه والحياة بأمن واستقرار.

 

وشكلت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية قلقا دائما بسبب الخوف من احتمال حصول مواجهة نووية قد تودي بالجميع.

 

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفرّد أميركا في الهيمنة، تضاعفت خيبات الشعوب من السياسات الأميركية ونتائجها الكارثية على شعبها وعلى العالم.

 

بعد تدخّل أميركا العسكري المباشر في حربها على أفغانستان والعراق، انتقلت إلى الحرب بالواسطة من خلال دعمها المباشر وغير المباشر للتنظميات الدينية التكفيرية وغيرها من التنظيمات والشخصيات المرتبطة بها، بهدف تدمير المجتمعات والدول، وشلّ أي قدرة وإمكانية يمكن أن تقاوم الآن أو في المستقبل المشروع الأميركي الصهيوني.

 

من الثورات البرتقالية في دول أوروبا الشرقية الى ثورات الربيع العربي المزعوم، تظهر الحرب الأميركية على سورية والعالم العربي استخداما لتقنيات جديدة في الأساليب الاستعمارية.

 

في حربها المستمرة ضد سورية، توقظ أميركا الغرائز البدائية المتوحشة وتدفع التنظيمات التكفيرية، التي درّبتها ومولتها، وبمال العرب والمسلمين وبدمائهم تنفّذ مخططاتها الاجرامية ضد العرب والمسلمين.

 

إن مخاطر السياسات الأميركية تهدّد كل شعوب العالم وتهدّد في الوقت عينه الشعب الأميركي قبل غيره.

 

تنبع هذه السياسة من الفلسفة المادية للرأسمالية التي تتجاهل الواقع الحقيقي لوحدة المجتمع بكل مكوناته وتتغاضى عن حق كل فرد من أفراده بنصيب عادل من الانتاج. وفي عولمتها وعالميتها تتجاهل حقيقة وجود الأمم الأخرى وحق كل أمة في خيرات بلادها، فتعمل جاهدة على استعمار هذه الأمم مباشرة أو مداورة لنهب ثرواتها واستغلال خيراتها وشعوبها. إن القيم الفردية المتفشية في الثقافة الغربية هي مصدر للتعاسة والبؤس، ونتائجها ظاهرة عند غالبية الناس في البلدان الغربية الذين لم تعوضهم مظاهر الغنى المادي عن المشاعر السلبية وفقدان المعنى.

 

الدول الكبرى لا تنظر إلى الآخر كشريك له الحق في الحياة ولا تتعامل مع مجتمعات العالم الثالث بالمعايير ذاتها التي تتعامل فيها في ما بينها. الهدف الأساس في سياستها هو الهيمنة والسيطرة على الموارد وإجبار الشعوب على العمل وفق مصالحها هي دون أدنى مراعاة لمصالح تلك الشعوب.

 

 

السياسة الأميركية كما تعبر عنها أولبرايت

 

اختلاق الأكاذيب وتبرير حربها على العراق خارج القوانين الدولية بحجة الأسلحة النووية التي لا أثر لها وتدمير المجتمع وتفكيكه وسرقة كنوزه وآثاره

 

يقول جورج بوش في خطابه "سياسة الولايات المتحدة هي السعي إلى تحقيق الديمقراطية ودعم نمو الحركات والمؤسسات الديمقراطية في كل أمة وثقافة وأن الهدف النهائي هو وضع حد للطغيان في العالم. (أولبرايت، 2007 ترجمة، صفحة 17)

 

يحمل خطاب بوش قيما أخلاقية لكن التطبيق في الواقع على العكس تماما لا يأتي بغير الدمار والمآسي. ثم من يعطي الحق لدولة أن تتدخل في شؤون دولة أخرى.

 

تقول مادلين أولبرايت في شرحها للسياسة الخارجية:

        

"الغاية الرئيسية للسياسة الخارجية هي إقناع البلدان الأخرى بأن تفعل ما نريد. ويتكوّن فن سياسة الحكم من إيجاد المزيج الذي يعطي أفضل النتائج. ويتطلب ذلك بدوره فهما واضحا لأكثر ما يهم من نحاول التأثير عليهم.  وهذا يعني التعلم عن البلدان والثقافات الخارجية، ولا يمكن القيام بذلك فيما تلف المشاعر الدينية العالم بدون أخذ المعتقدات والدوافع الدينية في الحسبان." (أولبرايت، 2007 ترجمة، صفحة 24)

 

رأينا في التاريخ الحديث كيف استبيحت كل الشعوب وتعرضت للاستعباد والنهب والقتل والإبادة. وكانت ولا تزال الممارسات العنصرية سائدة حيث يجري التعامل

مع الشعوب الأخرى من قبل الدول الكبرى المهيمنة كخصم وعدو وليس كشريك يجب أن نتعامل معه من خلال المصالح المشتركة كما يراها وليس فقط كما يراها الطرف الأقوى.

 

لا تزال التربية على العنصرية والحقد والبغض سائدة في كتب التاريخ وفي الفكر الديني ووسائل الإعلام المتنوعة.

 

الخطر يطال الجميع باستمرار هذه العنصرية، خاصة أن التقدم العلمي والتقني لم يترافق مع ارتقاء أخلاقي بالموازاة.

 

لا أحد يستطيع احتكار المعرفة ولا القوة وهنا مكمن الخطورة في استمرار الظلم وغياب العدالة.

إذا لم يتغيّر هذا المسار فالبشرية إلى الفناء أو العودة إلى ما قبل العصر الحجري.

لذلك فمن الضروري إزالة التربية على العنصرية في الدين والاجتماع والسياسة، يجب إزالتها بين مكوّنات المجتمع وبين المجتمعات.

 

 

الثقافة العنصرية في الدين

 

إن تجميع اليهود من مختلف بلدان العالم لإنشاء دولة لهم في فلسطين بدعم الاستعمار الغربي وإعطائهم وعد بلفور البريطاني، هو أكبر دليل على عنصرية الدول الكبرى واستهتارها بحقوق الشعوب المقيمة على أرضها آلاف السنين. فبأي منطق تعطي دولة لا تملك الحق بالأرض وعدا لجماعات لا علاقة لها بهذه الأرض ويطرد صاحب الحق من أرضه.

 

إن اغتصاب فلسطين وطرد سكانها وارتكاب جرائم إبادة وتدمير القرى والمدن وتجميع اليهود من بلدان العالم وتشكيل دولة تحمل ترسانة أسلحة نووية ولا تتوقف عن شن الحروب وتهديد للعالم العربي وتقوم باستمرار باغتيال علماء ومفكرين وإعلاميين ولن يكون آخرهم الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

 

هنا نجد استخدام الدين في السياسة الاستعمارية، وبشكل خاص النصوص التوراتية المليئة بالمواقف العنصرية والهمجية.

 

يذكر الأب مايكل برير في كتابه "الكتاب المقدس والاستعمار الاستيطاني" مدى التأثير الذي قدمته قصص التوراة في تسويغ الحروب الصليبية وفي غزو أميركا والفصل العنصري في جنوب أفريقية. وفي ما يجري في فلسطين.

 

ونلمس بشكل فاقع تأثير النصوص التوراتية في اليمين المسيحي المتطرف في أميركا الذين يدعمون كل جرائم الكيان الصهيوني. وهذه الجماعات المعروفة بالصهيونية المسيحية والنافذة في الإدارة الأميركية هي أكثر تطرفا من اليهود الصهاينة أنفسهم.

 

يقول الأب مايكل برير: "إن ما أمرت به تلك القصص الكتابية وفقا للمعايير العصرية للقانون الدولي وحقوق الإنسان هو جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وعلى المرء أن يعترف بأن أجزاء كثيرة من التوراة، ومن سفر التثنية بشكل خاص تحوي عقائد مخيفة وميولا عنصرية وكراهية للغرباء ودعما للقوة العسكرية. وقد قدمت على أنها تفويض من السماء في إطار سفر تم الاعتراف به نصا مقدسا

 

التقاليد الكتابية قدمت أيضا جزءا من التسويغ للفصل العنصري في جنوب أفريقية والدعم الفكري للغزو الإسباني لأميركا اللاتينية(برير، 2004 طبعة ثانية، صفحة 22)

 

"تقدم الحروب الصليبية مثالا صارخا على الرابطة بين الدين والسلطة السياسية، وتمثل كيف تم توظيف الكتاب أداة للقمع. عندما أعلن البابا أوربان الثاني عن بدء حملة الفرنجة الأولىدعا الجنود إلى خوض حرب المسيح وضمن لهم الصفح والغفران عن كل خطاياهم." (برير، 2004 طبعة ثانية، صفحة 60)

 

في زيارته لمصر عام 1981 تباحث رئيس الوزراء الإسرائيلي "بيغن" مع السادات، صدق الرغبة المصرية في التطبيع، وقد طمأنه السادات بتأكيد الرغبة في ذلك، فقال بيغن للسادات: "كيف تريد أن أصدّق أن هناك نية عندك للتطبيع وطلاب مصر ما زالوا يقرؤون الآية التي تقول " لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم " سورة المائدة 78، مما استدعى طلب السادات من وزير التعليم المصري أن يحذف مثل هذه الآيات من المناهج المصرية والتي تتحدث عن عداوة بني إسرائيل للإسلام.  وبالفعل تم تعديل مناهج التعليم بحيث تتجنب ذكر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المتعلقة باليهود.  

 

تتدخل الحركة الصهيونية بطرق وأساليب متعدّدة لتعديل وتغيير المناهج التربوية والدينية التي تتعرض لليهود بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. وتذهب إلى حدّ المطالبة بحذف أو بالسكوت وعدم ذكر بعض الآيات الدينية في الإنجيل والقرآن التي تذكر مساوئ اليهود في الكفر وعدم الإيمان.  علما أن هذه الآيات لا تدعو إلى قتل اليهود ولا إلى استعبادهم ولا إلى اتخاذ موقف لا إنساني أو لا أخلاقي ضدّهم.

 

في المقابل لم نسمع أحدا لا في الغرب ولا في الشرق، لا في العالم الاسلامي ولا في العالم المسيحي، يدعو اليهود ويطالبهم بضرورة حذف مجموعة من الفصول التوراتية وليس التلمودية فقط، والتي تطالب اليهود بارتكاب مجازر إبادة عرقية موصوفة بأوامر إلهية.

 

وبالمفهوم اليهودي من يقصّر منهم في فعل الإبادة فهو يرتكب إثما وخطيئة لا تغتفر.

 

الخطيئة التي ارتكبها شاول أول ملك توراتي هي أنه رغم إبادته لشعب عماليق حسب أوامر إلهه، فقد أبقى على ملكهم أسيرا، وأبقى على خيار البقر والغنم ليقدمهم ذبيحة محرقة.

 

وهذه الخطيئة أدّت إلى عزله وتنصيب داوود الذي كان أكثر التزاما بتنفيذ المجازر.  (صموئيل الأول 15)

 

تبدأ أوامر الإبادة مع موسى حيث تظهر طريقتان للتعامل مع الأعداء:

 

1- الطريقة الأولى موجهة ضد الأعداء البعيدين، أي خارج مدن الدائرة التي يستهدفها الاغتصاب اليهودي.  الصلح على أساس الاستعبا

 

2- الطريقة الثانية موجّهة ضد مدن الدائرة المستهدفة بالاغتصاب اليهودي.  لا مجال للصلح أبدا، المطلوب تنفيذ الإبادة الشاملة.

 

نقرأ حول هاتين الطريقتين في سفر التثنية 10:20-17

 

" 10 حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها الى الصلح* 11  فان اجابتك الى الصلح و فتحت لك فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير و يستعبد لك* 12  و ان لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها* 13  و اذا دفعها الرب الهك الى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف* 14  و اما النساء و الاطفال و البهائم و كل ما في المدينة كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك وتأكل غنيمة اعدائك التي اعطاك الرب الهك* 15  هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الامم هنا* 16  و اما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب الهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما* 17  بل تحرمها تحريما الحثيين و الأموريين و الكنعانيين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين كما امرك الرب الهك .  "

                              

إقرأوا في التوراة خاصة في سفري التثنية ويشوع أخبار المجازر التي ارتكبها يشوع وجيشه ضد المدن الكنعانية، بأوامر من إله اليهود.

 

إقرأوا الأوامر بقتل الشيوخ والأطفال والنساء.

 

هل تعلمون أن أهم الأعياد اليهودية قداسة ترتبط بمذابح قاموا بها؟

 

عيد الفصح اليهودي يرتبط بذبح أبكار المصريين " من بكر فرعون إلى بكر الجارية وكل بكر بهيمة " خروج 4:11 

 

عيد الفوريم اليهودي يرتبط بذبح خمسة وسبعين ألفا أستير 15:9

 

أي ثقافة تلك التي تطلب من الرب أن يضرب رؤوس الأطفال بالصخرة؟

 

" يا بنت بابل المخرّبة ....... طوبى لمن يمسك أطفالك ويضرب بهم الصخرة " مزمور 8:137 -9

 

مفهوم الشعب المختار والرب إله الجنود والمنتقم الذي ينتقم ذنوب الآباء في الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع

تثنية 5

 

9 لأني انا الرب إلهك إله غيور افتقد ذنوب الاباء في الابناء وفي الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونني

خروج 12

تثنية 7

 

متى اتى بك الرب إلهك الى الأرض التي انت داخل اليها لتمتلكها و طرد شعوبا كثيرة من امامك الحثيين و الجرجاشيين و الاموريين و الكنعانيين و الفرزيين و الحويين و اليبوسيين سبع شعوب اكثر و اعظم منك* 2  و دفعهم الرب الهك امامك و ضربتهم فانك تحرمهم لا تقطع لهم عهدا و لا تشفق عليهم* 3  و لا تصاهرهم بنتك لا تعط لابنه و بنته لا تاخذ لابنك* 4  لانه يرد ابنك من ورائي فيعبد الهة اخرى فيحمى غضب الرب عليكم و يهلككم سريعا* 5  و لكن هكذا تفعلون بهم تهدمون مذابحهم و تكسرون انصابهم و تقطعون سواريهم و تحرقون تماثيلهم بالنار

تثنية 11

 

كل مكان تدوسه بطون اقدامكم يكون لكم من البرية ولبنان من النهر نهر الفرات الى البحر الغربي يكون تخمكم* 25 لا يقف انسان في وجهكم الرب إلهكم يجعل خشيتكم ورعبكم على كل الأرض التي تدوسونها كما كلمكم

يشوع 6

 

21   وحرموا كل ما في المدينة من رجل وامراة من طفل و شيخ حتى البقر و الغنم و الحمير بحد السيف*

يشوع 10

 

40   فضرب يشوع كل ارض الجبل و الجنوب و السهل و السفوح و كل ملوكها لم يبق شاردا بل حرم كل نسمة كما امر الرب اله اسرائيل*

صموئيل الأول 15

 

  فالان اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامراة طفلا ورضيعا بقرا وغنما جملا وحمارا*

مزمور 60

 

* 8 مواب مرحضتي على ادوم اطرح نعلي يا فلسطين اهتفي علي

 

 

فلسفة السلام

 

الفلسفة الأخلاقية الرواقية هي فلسفة إنسانية وفلسفة سلام، وقد جاءت المسيحية وكذلك المحمدية في الاتجاه الإنساني والأخلاقي ذاته، ولكن مصالح الطبقات المسيطرة في المسيحية وجدت في النصوص التوراتية تبريرا لانحرافها عن جوهرها، وكذلك وجدت الطبقات المسيطرة في المحمدية في آيات القتال التي نزلت في مناسبات محددة وجدت فيها تبريرا لانحرافها عن جوهر الروحانية الإسلامية. علما أنها مشروطة بعدم الاعتداء: "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" سورة البقرة 190

 

وفقا للفلسفة الرواقية يجب على الإنسان لجم أهوائه ومناصرة عقله واستعمال إرادته ويترك للعناية الإلهية ما يخرج عن قدرته وإمكاناته.

 

حول أهمية الفلسفة الرواقية يذكر أمين عثمان نقلا عن ردييه

 

 قال Rodier:

 

"إذا كان أرسطو يعتبر المعلم الأول-كما قيل - فإن أكبر أثره لا يعدو مجال المنطق والفلسفة النظرية. أما من ناحية الأخلاق والفلسفة العملية بوجه عام فيحق القول بأن الإنسانية المفكرة إنما عاشت على المذهب الرواقي حتى أدركت المسيحية، ولبثت تتغذّى منه بعدها حقبة من الزمان. (أمين، 1945، صفحة 7؛ أمين، 1945)

 

ويتحدث عن تأثير الرواقية في المفكرين المسيحيين والمسلمين وفي العديد من الفلاسفة الكبار: ديكارت، سبينوزا، كانط وغيرهم وثمة عودة إلى فلسفة زينون الرواقية

 

ترى الرواقية أن الأرض وطن للجميع والخير يجب أن يكون الغاية المنشودة للجميع. ومعظم أقطاب المدرسة الرواقية هم من غير اليونانيين، بدءا بمؤسسها الفينيقي زينون. إنها منطلق جديد لنسق فكري عقلاني أخلاقي. بمعنى أن الفعل الأخلاقي هو ما يصدر عن العقل وبملء إرادة الإنسان، والفضيلة كل لا يتجزأ ولكن له جوانب متعددة.

 

(د.الطيب بوتبقالت) * tayebboutbouqalt@yahoo.fr

 

وترى الرواقية أن نزاعات البشر منطلقها الانفعالات، والإنسان الحكيم هو القادر على كبح انفعالاته، والانفعالات مسببة لاتجاهات عنصرية متعددة سلالية قبلية فردية وتجعل من صاحبها عدوا للجميع. والعقل في الإنسان هو القادر على لجم الانفعالات. وبالعقل نرى البشر كلهم أخوة.

 

خلال الحرب العالمية الثانية وكل فريق يدعي أنه يحارب في سبيل مبادئ إنسانية، كتب أنطون سعادة يقول: «إنّ هذه الحرب هي حرب مصالح، لا حرب مبادىء»، وهذه هي الحقيقة التي لا جدال فيها. وجميع الخطب البليغة التي تقال في معرض تأييد المصالح لا تغيّر شيئاً منها، مهما كان من أمر المبادىء التي تتذرع بها.

 

إنّ السلام الحقيقي الثابت في العالم، لا يمكن أن يتم على أساس الحجج التي يستعملها هذا الفريق الاستعماري أو ذاك الفريق الاستعماري. السلام الحقيقي الثابت لا يتم إلا على أساس اعتراف كل من الفريقين المتحاربين لشعوب العالم الحرة بحق الحياة كشعوب حرة وليس كشعوب مستعبدة، سواء أكانت العبودية من قبل الألمان والطليان أم من قبل الإنكليز والأميركان. ويدخل في ذلك عدم الاستعباد الاقتصادي". (سعادة، 2001، صفحة 148)

 

وكان قد طرح سابقا ضرورة نزع الأفكار والتعاليم العنصرية المغرضة من التواريخ والكتب التي تدرّس، والتي على أساسها تتربى أجيال على الكره والحقد وتسبب النزاعات والحروب.

 

"عندما أفكر في الجهود العظيمة التي تبذل لتحقيق فكرة الطمأنينة والسلام العالميين، والمساواة البشرية في الأغراض الإنسانية السامية، تخطر في بالي العقبة الكأداء التي تعترض هذا السبيل، ألا وهي: التاريخ المملوء بالنزعات القومية والعنصرية والإقليمية.

 

إنّ تجريد التاريخ من النزعات والفلسفات المملوء بها يغني عن ألف ألف مؤتمر لتحديد السلاح وألف ألف معاهدة لمنع الحرب.

 

يحملني على الذهاب هذا المذهب استقصاءاتي العديدة، وبحثي في أساليب إعداد التاريخ للمدارس، وطرق تدريسه، وفي التواريخ الموضوعة للرأي العام. فقد توصلت إلى نتيجة مؤلمة لكل المتمثلين الإنسانية السعيدة والمتفائلين بمستقبل سلام العالم، جعلتني أعتقد أنّ نصف ويلات البشرية، على الأقل، يعود إلى سيطرة النزعات على التواريخ الموضوعة بين أيدي الناس، وحشو هذه التواريخ بالفلسفات المتغرضة والشروح الموضوعة عمداً لمقاصد معينة.

 

ويدعو إلى عقد مؤتمر عام يقوم بمهمة التحقيق في مؤلفات التاريخ المعوّل عليها في التدريس عند جميع الأمم، وتوحيد علم التاريخ العام، ونشر المعلومات التي تبطل تأثير التواريخ الخارجة عن دائرة العلم.

 

أكرر في ختام هذه العجالة رأيــي المتقدم في أنّ تجريد التاريخ من النزعات والنظريات الفلسفية يأتي بفائدة لا تأتي بها جميع المؤتمرات التي عقدت، والتي ستعقد، لتحديد السلاح، ولا جميع المعاهدات التي تعلن إبطال الحرب. وإني أعتقد يقيناً أنّ سلام العالم يتوقف على تنزيه معارفنا في ما يتعلق بأنفسنا وجيراننا والبعيدين عنا أكثر كثيراً مما يتوقف على المؤتمرات والمعاهدات السياسية. (سعادة، الأعمال الكاملة 1، 2001، صفحة 245)

 

المعرض، بيروت، العدد 32، 

30/5/1931

 

 

 
التاريخ: 2022-05-13
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro