مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
«الجذور والأنتماء» للدكتور مروان فارس
 
ابراهيم، شريف
 

 

 

 

المكان انتماء والزمان فضاء للتعبير. يخرج شاهرا سيرته، فاتحا دفاتر الذاكرة الى اقصى مداها، يلقي الأضواء على مسيرة مكثفة بالوقت المليء بتوالد العطاءات.

 

هو واحد من ابناء النور الذين اهتدوا بالنهضة السورية القومية الاجتماعية، فحملوا مشاعل الأمة كي لا تنطفىء الشمس.

 

في بلدته القاع أبصر مروان فارس النور، فاستقبلته الفرحة مكللا بالزغاريد ومواويل العتابا والميجانا، فتماهت واكتملت مع اغاني الحصادين. (ولدتُ في شهر الحصاد، السابع عشر من حزيران 1947، المولود الخامس لأبوين رزقا بثمانية اولاد).

 

في بلدته القاع نال الشهادة الابتدائية، ثم انتقل الى حاريصا في كسروان، لمتابعة دراسته التكميلية، ومنها الى صيدا في الجنوب، حيث نال الثانوية العامة. ثم دخل كلية التربية في بيروت.

 

كبرت القاع وكبر معها مروان، وابتعدت به سنوات العمر متنقلا من مكان الى آخر، لكن ذلك الطفل في داخله بقي حاضرا معه، يحن الى ذلك البيت العتيق الذي ترعرع بين احضانه، فحمل القاع في قاع قلبه احسست بافتقاد البيت، وشعرت بالغربة بعيدا عن حضن العائلة).

 

هكذا قرأتُ مروان فارس مكتظا بالمكان والذكريات، وكأنه في كل مرة يغادر فيها القاع، يردد مع الشريف الرضي: وتلفتت عيني فمذ خفيت عنها الطلول تلفت القلب.

 

سنة تخرجه من الجامعة تعرف الى الرفيقة منى حداد التي صارت زوجته. لقد عقد قرانهما في كنيسة (مار بولس وبطرس) في شارع الحمرا في بيروت.

 

ومع انتهاء عقد القران، لعلع ازيز الرصاص واصوات قذائف «الار بي جي»، ودوي المدافع الثقيلة والخفيفة. ولكن ليس ابتهاجا واحتفالا بزفافهما، بل لأن الحرب تجددت في الرابع عشر من تشرين الثاني 1976.

 

لقد أثمر هذا الزواج عن رلى وهلا ودينا، لا يغار منهن جمال الشكل فحسب، بل جمال الروح والنفس والتربية والأنتماء الفكري والمجتمعي والانساني.

 

ما بين نكبة فلسطين عام 1948 وهزيمة حزيران 1967 كان الوعي الرافض لهذا الواقع المأساوي يطرح اسئلة كثيرة ومريرة، ولم يجد مروان الاجابة عليها الا في عقيدة الحزب السوري القومي الاجتماعي (التي جاءت ردا على سؤال طرحه الزعيم المؤسس انطون سعادة، الا وهو: من جلب على امتي هذا الويل؟) صار عضوا في الحزب وصار اسمه الرفيق مروان منذ خمسة عقود.

 

اقترن اسم مروان فارس بالحزب السوري القومي الاجتماعي منذ خمسة عقود، هو لا يغادر وجدانه ولا لحظة واحدة، فيعيش دائما معه في كل تحركاته وأحاديثه، ولا حديث للأمين مروان فارس الا وفيه ذكر لإنجازات الحزب وبطولات اعضائه، ودماء شهدائه.

 

لقد اختار الدكتور مروان فارس الحزب السوري القومي الاجتماعي مكانا ثابتا متينا ورحبا، فتحولت حياته الى حركة حزبية صار فيها زمن النهضة بالنسبة اليه فضاءً للتعبير عن هذا الانتماء، الذي جاء وسط رياح عاتية عصفت بالحزب، لكنه حمل كرة النار بين يديه رفيقاً وعميداً وأميناً ورئيساً للمجلس الأعلى، أعلى سلطة حزبية.

 

كان شلالا من العطاء النهضوي لا ينضب نبعه، وكان ايضا مشروع شهيد بين لحظة واخرى، لحزب أدمن بعض قيادييه تراجيديا الإنشقاقات. وانا على بعد ميليمترات من اليوبيل الذهبي لإنتمائي الى النهضة السورية القومية الاجتماعية، اسمح لنفسي ان افتح قوسين لأردد مع الكثير من رفقائي: رغم كل الإنقسامات لم يستطع أحد من قيادييها ان يضيف او يلغي او يزيد ويبدل او يغير كلمة واحدة، ليس فقط بعقيدة الحزب، بل باسمه ايضا. ان حزب سعاده لا يقسم ولا ينقسم، بل هناك بعض يسقط ويحاول في كل مرة ان يصنع من سقوطه حزبا.

 

عام 1982 كان الاجتياح الإسرائيلي للبنان تحت ذريعة (سلامة الجليل)، فاشتعلت اجساد القوميين الإستشهاديين قنابل موقوتة متفجرة للتصدي لهذا الغزو الصهيوني، وتلبية لبيان قيادة الحزب الذي (دعت فيه الى مقاومة العدو ولو باللحم الحي).

 

انطلقت المقاومة الوطنية اللبنانية مع اول عملية للرفيقين سمير خفاجة وفيصل الحلبي عندما أطلقا عدة صواريخ (على مستعمرات الجليل في فلسطين تحت عنوان اسقاط سلامة الجليل وذلك في 21 تموز من العام نفسه.

 

هكذا انطلقت المقاومة اللبنانية عملياً (لا من خلال مؤتمر صحافي عقده هذا الطرف او ذاك).

 

في ظل الاجتياح الاسرائيلي انتخب بشير الجميل رئيسا للجمهورية اللبنانية في 23 اب والذي قتل بعد ثلاثة وعشرين يوماً من انتخابه في 14 ايلول وذلك على يد الأمين حبيب الشرتوني وبتوجيه من الأمين نبيل العلم.

 

على أثر ذلك ارتكب العدو الاسرائيلي مجزرة بشعة في صبرا وشاتيلا تسانده فيها ميليشيات القوات اللبنانية وذهب ضحيته أكثر من 3500 شهيدا معظمهم من الأطفال والنساء والعجزة. بعد بشير انتخب شقيقه امين وفي عهده تم اسقاط اتفاق 17 ايار الذي يطالب بإلغاء حالة الحرب بين لبنان والكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة.

 

رغم هذا الإنجاز، كان العمل الوطني يعيش ازمات عدة. من حرب المخيمات، الى فوضى الميليشيات.  ومن حرب الزواريب الى الهجوم على الكورة. ومن معركة طرابلس الى حرب العلمين بين امل والحزب الاشتراكي.

 

لكن ساحة الحزب السوري القومي الاجتماعي لم تكن أكثر سلامة من الساحة الوطنية. فالصراعات والإنقسامات عادت من جديد الى جسم الحزب (شهدنا أبشع لحظات في تاريخنا الحزبي يوم اغتيل الأمين حبيب كيروز في2/10/ 1987. ذلك المهندس القيادي، صاحب الحضور المميز والقامة الفكرية والنهضوية.)

 

كما ان اغتيال الأمين توفيق الصفدي كان مأساة اخرى تضاف الى مأساة.

 

الزعيم سعادة طرح سؤالا: من الذي جلب على امتي هذا الويل؟

 

نحن اليوم نطرح سؤالا: من الذي جلب على حزبنا هذه الويلات؟

 

انشق الحزب توحد الحزب

 

توحد الحزب انشق الحزب....

 

اما آن لهذا الليل ان ينجلي!؟

 

لقد أصبحنا امالاً ضائعة بين حطام الإنقسامات نسير حفاة على طريق وعرة مليئة بحطام زجاج الانشقاقات المتطاير.

 

الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي اسسه سعاده لتوحيد كيانات الأمة السورية أصبح نفسه كيانات وجماعات، طائفة جديدة تضم اللاطائفيين، ومنقسمة على نفسها الى فرق للأسف الشديد.

 

في سيرته الثقافية عمل الدكتور مروان فارس بقول سعاده (ان كل ادب لا يعرف الحياة لا يحيا). لقد نشط في عمدة الثقافة نشاطا جادا وكبيرا فحولها الى خلية نحل، الى نشاط فكري وغذاء عقائدي يومي وأدرك اهميتها (في حياتنا وصراعنا من اجل تحقيق اهدافنا والتمسك بقيمنا). فلم يكن عمله (رفع عتب) هامشي موسمي. لأنه رأى الثقافة (مسألة اساسية في معركة الصراع ضد الأعداء).

 

اعد العدة لها بإنشاء: المكتب التنفيذي، هيئة التخطيط الإعلامي والإذاعي. شعبة الترجمة، شعبة التاريخ، المعهد الحزبي، الندوات التثقيفية .....

 

وساعده في ذلك اكفاء (في تثبيت قواعد العمل).

 

في شهادتها بالدكتور مروان تصفه الرفيقة زهرة حمود بقولها: ( هو ذلك الرجل المليء علما وثقافة ومعرفة ولياقة وحضورا باهرا, سريع البديهة يغرف من بحر النهضة. يكتب، يحلل، يتحدث بموجز العبارة، وعميق الفكرة).

 

أنتج خمس كتب هي: المدينة، مقالات في المنهج، في التبعية، علم الأبداع، قراءات في نقد الشعر.

 

في مسيرته الثقافية ارى الدكتور مروان فارس، هودجا من اللغة يعبر بين اعراس الكتابة والأبداع وميادين الخطابة والمحاضرات والندوات والمجالس الثقافية.

 

في زمن الحرب أكد ان المعركة ليست معركة سلاح فقط بل هي معركة معرفة لأن (المعرفة قوة) كما يقول سعاده.

 

فحاول مروان ان يوازي ويساوي بين نسب الابداع الثقافي ونسب الدم في الابداع الاستشهادي. لتوظيف هذه المواجهة (في تعبئة المواطنين والدفع بهم الى اعتناق العقيدة القومية نهجا وحيدا لهم في بناء حياتهم الجديدة القائمة على قيم الحق والخير والجمال).

 

باولو كويليو paulo cuelho روائي برازيلي مواليد 1947

 

يقول: (الطريق التي تقطعها لا تقل اهمية عن المكان الذي ستصل اليه).

 

نسأل: هل طريق الابداع الثقافي الذي قطعه مروان ليصل الى مساواته مع الابداع الاستشهادي جعلنا نصل الى المكان المهم الذي نصبوا اليه؟!

 

وخاصة ان الانقسامات تؤثر سلبا على هذه المعادلة.

 

 الأمين مروان نفسه يجيب على هذا السؤال: (التسابق الى تنفيذ العمليات الاستشهادية من خارج القرار الحزبي والخطة المركزية المقررة بهذا الشأن، نشب صراع بين ركنين رئيسين في اركان الجهاز العسكري في الحزب) وقد ادى هذا الصراع الى استشهاد العميد محمد سليم

.

يبدو ان الشعار الذي رفعه الأمين انعام رعد (عسكرة الحزب وعقدنة العسكر) لم يؤد وظيفته كما يجب.

 

مع الدكتور مروان فارس، حلقت عمد الخارجية وعلى مدار سنوات، نسرا بسط جناحيه على مساحات كبيرة وساحات كثيرة من الخارطة الديبلوماسية متصديا للأخطار المتربصة بأمتنا.

 

ان عمل عمدة الثقافة وعمدة الخارجية هو عمل اذاعي يتكامل مع عمدة عبر الحدود طالما رأت قيادة الحزب ان المغتربين خزان بشري يجب ان نوظفه في خدمة القضية القومية وفي المسائل التي تهم الوطن.

 

ان كتاب «جذور وانتماء» يضيىء على نشاط الدكتور مروان فارس داخل المجلس النيابي اللبناني، ووقوفه الى جانب قانون حماية الملكية الفكرية. كما انه ترأس لجنة حقوق الانسان في المجلس النيابي عام 1998 ولسنوات تلتها.

 

في نهاية الكتاب توجه الى زوجته منى بعبارات «الشكر والامتنان على طول صبرها وتحملها اذ فقد بيتنا خصوصيته وفتحت كل غرفه في الازمنة الحزبية الصعبة».

 

ان الرفيقة منى حداد فارس يليق بها قول الشاعر المبدع محمد الماغوط: «ان المرأة هي المكان الوحيد الذي يجعل من الجهات الأربع جهة واحدة لا يمكن تحديدها».

 

الكتاب يضم ايضا قصيدتين: الاولى لابنته البكر رلى، والثانية الى الشهداء الامين بشير عبيد والامين كمال خير بك وناهية بجاني.

 

ختاماً نسأل: هل قال الدكتور مروان فارس كل ما يعرفه عن الحزب السوري القومي الاجتماعي في مسيرته الحزبية التي امتدت الى حوالي خمسة عقود، كان فيها في مواقع متقدمة من مواقع القرار؟

 

 
التاريخ: 2022-04-27
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: جريدة الديار، 27 نيسان 2022
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro