مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
عزيزتي المرأة معاً إلى المواقع الأمامية
 
النزق، زكية سكاف
 

 

 المرأة هي أيقونة العائلة ونبراس المجتمع. إنها الأم المعطاءة والعين الساهرة على تربية فلذات أكبادها لتشارك الأب في تربية جيل مثقفٍ يدرك أهمية بناء شخصيته، وواعٍ يتفهم معنى الوجدان القومي الذي يمنحه الشعور بشخصية جماعته، فتهدي الوطن رجالاً أوفياء يصونون كرامته ويرفعون من شأنه. وهي المرأة الفاعلة والطاقة الحيوية التي تعمل بمحاذاة الرجل على تطوير المجتمع وتقدمه لأنهما عماده وركيزته. فهي صِنوة الرجل وشريكته في بناء المستقبل. إن تفاعلهما معاً يشكل وحدة الحياة المؤدّية إلى التقدم والإزدهار في الموكب الحضاري، وقيامهما بأدوارهما يمكّن المجتمع من النهوض والتطور. إننا نُدرك أهمية مشاركة المرأة مع الرجل بإنشاء المجتمع الجديد الراقي والمتحضّر. لكننا نرى أن المرأة في وطننا لا تزال، وللأسف، في صفوف المجتمع الخلفية. وإن مساهمتها في عملية صنع القرارات على المستوى الإجتماعي والإقتصادي والسياسي ما تزال محدودة. فلهذا أقول عزيزتي المرأة تعالي معي لننطلق إلى الصفوف الأمامية.

 

المرأة هي صميم الكيان المجتمعي، فلديها طاقات وإمكانيات في حال تفعيلها تمكّنها من أن تكون عضوًا منتجاً في مختلف ميادين العمل، وخصوصاً بعد أن أثبتت نجاحها بالتوفيق بين الدور العائلي والعمل الإنتاجي والفكري والنشاط الإجتماعي. من هذا المنطلق فإن ممارستها لدورها وإبراز شخصيتها المستقلة يصبحان أمرين لا بد منهما من أجل تقدّم المجتمع بكل فئات أبنائه دونما تمييز في الحقوق والواجبات والقدرة على المساهمة في خدمة مصلحة الأمة وخيرها.

 

بناءً على اعترافنا هذا بفعّالية دور المرأة في المجتمع، بات من الضروري أن نحثها ونساندها كي تتبوأ مكانتها وتنتقل من الصفوف الخلفية المستمعة والمصفقة الى الخطوط الأمامية المشاركة في الطروحات والآراء ومقدمة المشاريع والمبادرات واتخاذ القرارات.

 

لكن كي نكون مؤهلين للريادة ومستحقين لها بجدارة، فمن الضروري أن نتسلّح بالعلم والثقافة والحرية الفكرية وأن نصقل شخصيتنا بتوسيع معارفنا وتنمية قدراتنا ورفع كفاءاتنا التقنية والوظيفية. ويستحسن أن نطّلع على القوانين والتشريعات المدنية منها والدينية السائدة في كيانات الوطن، بالرغم من الإجحاف الذي يلحقه بعضها بالمرأة، للإلمام بحقوقنا وواجباتنا، وبالتالي للعمل لاحقاً على تغييرها وتطويرها لتتلاءم مع نظرتنا للحياة والكون والمجتمع. ومن المفيد أيضاً أن نُنَمي درايتنا بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان عامة والمرأة خاصة.

 

مما يصلّب عودنا هو الاطلاع على الحقبات التاريخية التي تبرز مساهمات النساء اللواتي لعبن أدواراً محوريةً في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة، وما قمن به من إنجازات ومبادرات تحولية تحررية، وذلك بهدف تحفيز المرأة وتعزيز دورها كعنصر طليعي في عملية بناء المجتمع الجديد. هذا يحثنا على تحديد أهدافنا وتعيين مثلنا العليا التي تخوّلنا من الدخول إلى قلب القاعدة المجتمعية الحضارية التي ينطلق منها السلوك الإجتماعي. وبالتالي كسر القيود المكبّلة، وتغيير المفاهيم التي تصنف النساء شريحة إجتماعية دونية، لنخطو على طريق التحرير الذاتي من كل المفاهيم والعادات الرثة المهيمنة التي تحول دون ممارسة المرأة حقها الطبيعي في تحديد الأطر والمقاييس التي تتوافق مع طبيعتنا ونظرتنا للحياة. كما أن دخولنا في سوق العمل للانخراط في مشاريع رامية إلى تحسين نوعية الحياة يهيّئ بيئة أفضل لنموّ المجتمع وتطوره.

 

إن الانتقال من مجرد الإصغاء والصمت إلى حيز المشاركة الفعلية وإبداء الرأي وتحمّل المسؤوليات لا يشكل عامل تحفيز للمرأة فقط، لا بل يحفز المجتمع ككل من أجل تقديم الأفضل، كما يؤكد على ضرورة توظيف الامكانات والمواهب، لدى المرأة والرجل، في المشاركة بالعمل والعطاء.

 

لا شك أن الوصول إلى الصفوف الأمامية يعني فيما يعنيه تحمل مسؤولية القرارات والمبادرات وما قد ينتج عنها من انعكاسات وتحديات لا بد من مواجهتها. فمن هنا جميل أن تكون المرأة مستنيرة العقل، سديدة النظرة، وملمّة بأدق التفاصيل وبما تتضمنه قراراتها من نقاط ضعف ومن عناصر القوة، المرتكزة على المعرفة لأن المعرفة قوة. وجميل أيضاً أن تكون بارعة في مواجهة المستجدات بحكمة ورصانة، لأن استمرارية البقاء في الطّليعة لهو أصعب من الوصول إليها.

 

عزيزتي المرأة، بما أنك عضو أساسي في المجتمع فمن المحتّم أن تكوني شريكة في إدارته وتحمل شؤونه، وفي عملية صنع القرار الذي يُبرز طاقاتك ويضمن حقوقك كعضو فاعل فيه، وأن تسعي دائماً إلى تطوير مقوماته ودفعها إلى الأفضل. حينما توطّدي عزمك على توظيف مهاراتك وقدراتك الفكرية، ستنهضي بنفسك، وترفعي مجتمعك ووطنك إلى مستوى الرقيّ الذي نطمح إليه جميعاً، فتكوني على قدر المسؤولية التي قررت تحمُّلها مثبتةً أنك تستحقين نيل شرف مواجهة هذه التحدّيات عن جدارة وكفاءة، وتبوء أرفع المراكز والوظائف، التي تظهر مواهبك والقوى التي تختزنينها، وستنجحين. حينها تؤكدين قول المفكر أنطون سعاده: ".. أننا لو شئنا أن نفر من النجاح لما وجدنا لنا مفراً منه."[1]

 


[1] أنطون سعاده، خطاب الزعيم في الكورة، صيف 1937، النهضة، بيروت، العدد 195، 1-3-1938

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: موقع حرمون
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro