مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
وردة الشهداء
 
إلى الشهيدة سنا محيدلي
ابراهيم، شريف
 

 

          

   

                         -1-

 

ريحانةٌ للأرضِ،

 

زنبقةٌ تُفتّحُ في مرايا العشقِ،

 

سنبلة تهاجر في ولادتها،

 

وعشب القلب داهمني لأوّل مرّةٍ

 

في عرسِه الدمويّ

 

 

ينهض منْ عذاب الجرحِ،

 

للفرح الجنوبيّ المزيّن، بالصبايا.

 

انْسلّ من وجعي على وجعي،

 

اُحاذر أنْ أُحاذي الآخَ،

 

لكنَّ السحائب في عيوني عاجلت أشواقها.

 

ويكفكفُ النعناع دهشتُه،

 

يلوذ بلونه خلف الفصولِ مشيّعاً بنعاسه البرّيّ

 

و"سناءُ" باسمةُ المحيّا،

 

تستضيفُ الأرضَ ليلة عرسها،

 

وسنينها تكتظّ بالجسدِ الجميلْ.

 

فتقدموا يا أيّها الشعراءُ،

 

وانتشروا على أبوابها حرساً،

 

وغنّوا كلّ ما ادخرت قصائدكمْ لأحلام السنين.

 

لقد انتهى رقص القبورِ على القبورِ،

 

وأعلنت أعراسنا ميلادها.

 

والقادمون الى سناءَ،

 

توافدوا نحو انتماء الارض،

 

وانتسبوا الى دمها.

 

رفع الجنوب نشيده،

 

دخل المغنّون احتشاد الصوتِ وابتدأوا:

 

لعروسنا السمراء

 

موّالٌ تفيّأهُ الجنوبُ بكبرياءْ

 

هبّت بذور رياحها فيه

 

فأشعلت الزمانَ بنبضها المعطاءُ.

 

وتوزّعَتْ في عشقها النبويّ،

 

تدخل في مدائن حلمها،

 

وتعود:

 

يستلقي على دمها، صباح الأنبياءْ.

 

غفتْ الصبيّة فوق ورد العمرِ،

 

لكن لم تمتْ..

 

هي لم تمتْ،

 

لكنّها اتّكأتْ على أحلامها،

 

هي لم تمتْ،

 

بل أسندتْ جفناً على كتف المساء،

 

يا ليت للعشاق اجساداً من الأسرار

 

                     - غير الطين -

 

أبعد من سهامِ الموتِ،

 

لكنّ الحياة محطّةٌ،  

 

وخلودنا دارٌ يعبّدُ َجسره الشهداءُ.

 

 

-  2 -    

 

وجهي يعرّيني،

 

ويبقى صامتاً بدخانه

 

وأنا...

 

على وشك الرمادْ

 

تجتاحني الأصداءُ في أسفارها،

 

تَمْتَدُّ فيَّ الريحُ،

 

يقتلني التوغّلُ في الصدى ...

 

أهوي.....

 

كأنيّ ريشةٌ تهوي معلّقةً بخيطٍ من فراغْ.

 

يلتفُّ حولي الليّلُ

 

يثقلُ قامتي،

 

أهوي....

 

فابصرُ نجمةَّ تهوي، ولا تهوي،

 

فيشتعل المدى.. فيها،

 

وينطفىء الردى.

 

كانت تخبّىء في خلاياها الجنوبَ،

 

وترتدي أعوامها،

 

كي لا يراها الجندُ ذاهبةً بأوجاع الترابْ.

 

كانت "سناءُ" تجيدُ أحزانَ الجنوبِ...

 

وتحسنُ التجويدَ في ترتيلها.

 

والحزنُ،

 

كان الحزنُ يكبرها بأعوامٍ كثيرةْ!!

 

لكنّها ذهبَتْ لموعدها،

 

وفي خطواتها رئةُ الربيعِ،

 

تلألأت في البالِ،

 

تُزهر في جبين الشمسِ أُغنيةً،

 

وتفتحُ في جدار الموت نافذة،

 

تطلُّ على الحياة.

 

وتقدّمتْ..

 

تجري حقولُ الياسمين بروحها البيضاءُ،

 

تنأى مزوّدةً بوهج جراحها،

 

وبكلِّ آهات الوطنْ.

 

لمّا رآها الجندُ، انكفأوا..

 

وفرّوا باتجاه الخوفْ.

 

● يا طائر الروح استرحْ

 

هل شاهدتْ عيناكَ حنجرةً تعرّشُ في الغناءْ؟

 

-  قل لي غناءكَ وانتشرْ!

 

● يا فارس الريح استرحْ

 

من اين يأتيك الصهيلُ بآخر الشهداءْ؟

 

- قل لي حصانَكَ وانتشرْ!

 

● يا برعم الورد استرحْ

 

في وجنتيك سناءْ

 

افتحْ دماءك وانتحر.

 

 

 

 - 3 -

 

 

 

ماذا نسمي وردة الشهداء يا "عنقون"[i]

 

ماذا نسمي وردةٌ زُفّت الى دمها،

 

وأورق في مواويل الغناء زفافُها

 

ماذا نسمّيها،

 

وكلُّ حدائق الأسماءِ ما بلغت سناها.

 

في شعرها الليل احتشدْ

 

بسماتها فجرٌ إذا الُّصبْحُ اتّأدْ

 

في وجهها القمر اتّحدْ

 

وعيونها وطنٌ،

 

وأسئلةٌ وردْ  

 

دمها الأبدْ ....

 

ماذا نسميها؟

 

أهي المواويلُ، المواعيدُ، التراتيلُ، العناقيد، البدايات، اكتمالُ الانتظار، تفجّرُ الأنهارِ،

 

غمامة الرُّوحِ، امتلاءُ الحبِّ،

 

غابات الينابيع، امتدادُ الفجرِ،

 

ازهارُ الربيعِ، جهاتنا؟؟

 

ماذا نسمّيها؟

 

وطن الجنوبيين،

 

رايات الفداءِ،

 

قصائد الريحان، والزّوفى وطيون البراري،

 

زنبق الأعراسِ،

 

"دحنون"[ii] القلوب، ونرجس الشعراء،

 

أحلام العذارى،

 

قبلة العشّاق والأشواق؟؟؟

 

 ماذا نسمّيها؟

 

أهي السنابلُ والبيادرُ،

 

قامةُ الفلاحِ،

 

قمح الصامدين وتبغهمْ،

 

أم أنّها العشق الدفينْ؟

 

والقمح يا "عنقون".

 

أشواق السنابل للبيادرِ،

 

غمّر الحصّاد حبّهُ بندكاً "بندكْ"[iii]

 

والتبغُ ضرّجه المُزارعُ من لظى عرقٍ

 

فغدت "صنادله"[iv] بوجه الشمس تضحك

 

يا حبُّ قلْ حُبَّكْ

 

شرّعْ لنا صدرّكْ

 

فجنوبُنا قلبُكْ

 

وجنوبُنا أهلُكْ

 

في حبّهِ نحيا ولا نَهَلكْ

 

"وجدي" لنا قمرٌ[v]

 

و"بلالنا" قمرٌ

 

و"نزيهنا" قمرٌ

 

و"سناؤنا" قمركْ.

 

 

 

- 4-

 

ل “سناء" شقَّ الانتظارُ حصارَهُ،

 

فمشى المكان إلى زمانِه،

 

والعناق إلى اللّقاء،

 

مضى الجنوبُ إلى قراهُ،

 

وفي القصيدة، ...

 

كان يمضي العاشقون.

 

ل “سناء" يَتسعُ المجال لآخر الدمعاتْ

 

هل غيمةٌ تأتي،

 

لأطلق نحوها حزني؟

 

لأخرج من جفاف القلب،

 

من عينيَّ في وجهي،

 

إلى قمرين في وجهٍ أضاءتهُ سناء.

 

ل "سناء" تحتشدُ الأغاني

 

اسمعوا قال الحضور:

 

منْ كان صوتاً كربلائياً جميلاً يبتدىء ؟!

 

رفع الجنوب نشيدهُ،

 

دخل المغنّون احتشاد الصوتِ،

 

وابتدأوا:

 

هذا زمانك يا سناء،

 

هذا زمانكِ،

 

إنها الريحُ استقالت في فضائكِ،

 

واستدارت دمعةً لا تستقرُّ إلى نهايةْ

 

هذا زمانكِ

 

إنه الوعد المحنّى بالبدايةْ

 

هذا زمان الوصل يُشعِلُ حلمه،

 

ويضيء ليل العابرين إلى الحكايةْ.

 

 

        

 

وردة الشهداء من المجموعة الشعرية (نشيد لفاطمة)

شريف ابراهيم

 

 


[i] "عنقون" اسم قرية الشهيدة في جنوب لبنان.

 

[ii] "الدحنون" جمع دحنونة، وهي وردة ربيعية حمراء، تعرف في جنوب لبنان بهذا الأسم، وفي بعض المناطق اللبنانية تسمى "الشقّيقْ" نسبة لأسمها باللغة الفصحى وهو "شقائق النعمان".

 

[iii] "البندك" كلمة غير مجهولة في المناطق اللبنانية التي يعتمد اقتصادها على الزراعة.. والبندك هي أغمار القمح التي يجمعها الحصادون لنقلها إلى البيادر.. وهي كلمة شائعة في جنوب لبنان.

 

[iv] "الصنادل" جمع كلمة "صندل" وهي الخيطان التي تجمع أوراق التيغ الجافة التي تعرضت لأشعة الشمس واصبحت ذهبية اللون.

 

[v] إشارة الى أسماء الشهداء وجدي الصايغ، بلال فحص، نزيه القبرصلي، وسناء محيدلي.

 
التاريخ: 1985-04-08
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro