مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
النقيفه
 
من كتاب "تحت العريشة - حكايات بالمحكيّة"
غصوب، مكرم
 

نحنا جيل الحرب عَ قدّ ما كانت طفولتنا حلوه بالضيعه وبيئتها وعاداتها وبساطتها، ع قدّ ما جرّبت الحرب تاخد مساحة من تفكيرنا واهتمامنا وقدرت تتسرّب عتفاصيل حياتنا وألعابنا. ياما حملنا أخشاب نعملها بواريد وسكّرنا طريق البيت بحاجز. وعملنا دكّاكات خرطوش، كنا نطلع نلمّ خرطوش الصيد الفاضي من ساحة الدير وندكّن تراب وبحص ونسكّرن بفلينه ونحمل ماسورة مي فيها كوع بتفوت فيها الخرطوشه كأنّها سلاح.. وأوقات كنّا نلعب حرب بلوط أو نصفّ الجيوش البلاستيك ونكب عليهن فتيّش راجمات. حتّى السبع حجار كان فيها شي من الحرب، تعمير وهدم وضرب. بس أهمّ سلاح أتقنّا صناعته بالحرب، كانت النقيّفه وبشدّد على "صناعته" لأن نحنا ما كنا متل غيرنا نعمل نقيّفه بدائيه من جزع شجره وخيط مغيّط..

 

نحنا طوّرنا النقيّفه لما جبنا مسكات غالونات البويا الحديد، وطعجناها وخرطناها وعملنا منها قياسات، ومن الدكان الصغير اللي تحت الدرج، كنا نشتري مغيّط كلّو بلون الجلد، والشقفه اللي منحطّ فيها البحصه لننقفها كنا نقصها من جلد دولاب عتيق او من لسان شي صباط. وشو كنا ننبسط لمّا بيي ياخدنا عالمتكبه ببيت شباب، ويشتريلنا مغيّط ملّون نعمل فيه نقيّفات مزوزقه وع مسكة النقيّفه نلفّ مغيط للاحتياط من كلّ لون مغيّطه... وكنّا نحدّد كمّ طاق مغيّط بدنا نحطّ وقدّيش الطول حسب إذا بدنا النقيّفه تجيب مجالات او تلبّع أكتر. وكان في نقيّفه زغيره نحطّها بقلب الكلسات، ونقيّفه نعلّقها بكمر الشورت. أمّا النقيّفه الرسميّه فكنّا نعلّقها بالقشاط متل ما بعلقو الفرد...

 

وبفترات الهدنه ووقف اطلاق النار كنا نتصيّد عصافير او نهشلّ الواويّه بالنقيّفه او ننقف قفا دابة جدي لتصير ما تعرف لوين بدها تركض، متل شي سياره اللي بسوقها ما بيسرع فيها وجيت انت بفرد مرّه دعستلها بنزين عالآخر...

 

وبذكر مرّه كنت قاعد عم بتفرّج عالفوتبول بساحة الكنيسه وما بشوف إلاّ صبيّ ضخم راكض صوبي كأن بدّه ياكلني، فجأة بيوقف بأرضه، بيمسك فخده، وبصير ينط ويبكي، بطلّع عالملعب بشوف خيي لفّ نقيّفته وردّها عالكلسات وكمّل الماتش...

 

كان عندي نقيّفات من كلّ القياسات، كبيّتها من لما قررت إتخلّص من آثار الحرب. ومن فتره بجبلي صديقي معه من قبرص ذكرى نقيّفه بدائيه محفورة بشكل حيوان ما عرفت اذا واوي أو كلب مدجّن. جبلي هالهديّه لأن بيعرف إنّه أنا اللي كنت مفكّر كلّ واحد منّا نقيّفه صرت شوف هالحياة متل النقيّفه ونحنا فيها متل البحص ما بعرف مين عم ينقفنا ع مين... على أمل تخلص هالحرب ونصير أكبر من هاللعبه.

 
التاريخ: 2022-03-24
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro