مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
الدرس الإذاعي الرابع المبادىء في التطبيق العملي
 
 
 
في الدرس الإذاعي – التثقيفي الثاني أوضحنا بإيجاز الخطة القومية النظامية المعاكسة.. مبادئ وتعاليم الحزب السوري القومي الاجتماعي.
 
في هذا الدرس نأتي على أمثلة حية من حياة الشعب, من معاناة الأمة في مرحلة التجزئة والاغتصاب والعدوان, أمثلة تطبيقية للمبادئ.
إن أبرز ما يمكن أن نصف به عصر الانحطاط والتجزئة الحالي بـ"سيمة النزوح" لشعبنا عن أرضه. هذا النزوح القسري الذي يحصل إما بضغط هجرة معادية ومعاكسة هي الهجرة الاستيطانية اليهودية العنصرية التي تتوسل المؤامرة الدولية وحرب الإفناء للحلول محل شعبنا في فلسطين ثم لتتوسّع وتحل محل شعبنا في جنوب لبنان والجولان تمهيداً للسيطرة على الوطن كله, وإما النزوح الذي يحصل بسبب ضغط اوضاع التجزئة وتمزق دورة الحياة الاجتماعية الاقتصادية، كما في انعزال لبنان عن بيئته القومية.
 
أو النزوح الذي يحصل بسبب الحروب الأهلية الطائفية والقبلية داخل الأمة بين جماعة وأخرى.
 
إن كل هذه الظاهرات السلبية تؤدي إلى كارثة قومية كبرى اسمها النزوح لشعبنا, الزلزال الذي يفك ارتباط الشعب بالأرض.
 
1) النزوح تحت ضغط الهجرة اليهودية الاستيطانية الاستعمارية العدوانية المسلحة أدّى الى قيام مشكلة النازحين الجنوبيين – الفلسطينيين في محيط فلسطين الطبيعي. الاستيطان هو نقيض الوطن, ويؤول بالمؤامرة الدولية الى التوطين. هذه هي المعادلة.
 
فنزوح سوريي الجنوب – الفلسطينيين كان بفعل الواقع الجغرافي والبشري الى محيط فلسطين الطبيعي.
 
لم ينزحوا الى المغرب ولا الى الجزيرة العربية (بأعداد قليلة العمل) ولا الى وادي النيل والحدود الطبيعية والمسافات الفاصلة حالت دون ذلك. النزوح الكبير كان الى الأردن ولبنان والشام.
 
كان يتنقل الفلسطينيون في ارجاء الوطن الطبيعي رغم حدود سايكس - بيكو الحدود السياسية التي لم تحل دون توزيع الشعب الفلسطيني في الوطن السوري الطبيعي.
 
2) في حرب لبنان منذ 1975 الى 1982 النزوح اللبناني كان أكثره الى الأردن, الى الشام, الى قبرص ايضاً في نطاق الوطن الطبيعي. النزوح الى الخارج جزء من الهجرة اللبنانية المستمرة ولكن الجماهير اللبنانية الغفيرة انتقلت في هذا النطاق.
 
3) لكن الى جانب النزوح ضمن الوطن هناك الهجرة الى خارج الوطن.
 
وهنا نتوقف أمام هجرتين: الهجرة اللبنانية – والهجرة الفلسطينية.
 
أ‌- الهجرة اللبنانية:
 
أُحيطت هذه الهجرة التي بدأت مع قيام لبنان الصغير – المتصرفية ومجاعات الحرب العالمية الأولى ثم استمرار انعزال لبنان عن البيئة القومية ودورتها الاجتماعية الاقتصادية, أحيطت هذه الهجرة بهالة انعزالية مزيفة عن تمدين الأمصار والأقطار, بينما هجرة اللبنانيين كانت بسبب الضغط الاقتصادي الناتج عن تمزق دورة الحياة والاقتصاد والإنتاج مع محيطهم القومي وقيام اقتصاد الخدمات والاحتكار للقلة مما ينتج البطالة الكبرى لولا هجرة نصف الشعب الى أقطار المعمورة من اميركا او استراليا الى افريقيا.
 
وإن أكثر كثافة للمهاجرين اللبنانيين هي في الدول المتقدمة التي لا تحتاج الى الإشعاع اللبناني كأميركا الشمالية والجنوبية.
 
ب – الهجرة الفلسطينية:
 
يجري ضغط الاستيطان اليهودي على الفلسطينيين لاقتلاعهم من فلسطين أي "لاقتلاع من تبقى منهم", وتحاول الولايات المتحدة الأميركية كما كشفت الانباء الاخيرة بالتواطؤ مع الحكم الانعزالي اللبناني تهجيرهم من لبنان الى الولايات المتحدة لطمس المسألة الفلسطينية بإذابة الفلسطينيين خارج الوطن وبعيداً عن فلسطين.
وذلك بعد أن تحوّلت مخيمات اللجوء في محيط فلسطين الى منطلق الفدائيين سواء في الأردن (مجازر أيلول 1970) أو في لبنان (حرب 1975 وحرب 1982).
فمقابل الهجرة اليهودية الى ارضنا المدعومة استعمارياً تتكامل المؤامرة بتهجير شعبنا وأبناء أمتنا الى خارج الوطن. هجرتان متعاكستان.
 
هجرة استيطانية تسلب الوطن, وهجرة مواطنينا من وطنهم.
 
اليهود جماعة بلا وطن تغتصب وطننا, شعبنا يهجر ويقتلع من وطنه ليصبح وطننا أرضاً بلا شعب.
هذه هي كارثة الهجرة والنزوح القومية وهذا جوهر ردّ مبادئ حزبنا بغرس المواطن في وطنه وعياً قومياً وصراعاً قومياً حتى الاستشهاد.
 
 
الكارثة الاقتصادية نتاج الكارثة القومية:
 
لنتأمل جيداً كيف أن كارثة اقتصادية تحصل بغير سبب النظام الاقتصادي السيئ, بسبب كارثة قومية.
 
الاستيطان والاغتصاب اليهوديان لفلسطين سبّبا هجرة الفلسطينيين, فقدوا البيت والمصنع والأرض الى حالة الفقر واللجوء ثم عادوا إلى الكفاح من جديد في ظروف مختلفة.
 
تمزق الدورة الاجتماعية الاقتصادية والانعزال اللبناني سبب هجرة اللبنانيين – فتنفست البطالة بالهجرة – ثلاثة ملايين لبناني في المهجر هم ثلاثة عامل ومنتج ليس لهم مكان في الوضع اللبناني المفتقر إلى مقومات اقتصادية سليمة.
 
هكذا يجب أن نفهم نتائج تمزّق وحدتنا القومية الاقتصادية المخيفة. ونفهم بالتالي أهمية وحدة ارضننا وإنتاجنا ومواردنا في تحقيق الازدهار.
إن تحليلنا للنتائج الاقتصادية المدمّرة للكوارث القومية لا يغفلنا عن آثار النظام الاقتصادي السيئ على المصير القومي وهو ما تنبه الزعيم له وحذر منه في بحث القطيعة وأسبابها الحاصلة بين لبنان والشام في أواخر الأربعينيات, مما يشير الى شمولية نظرتنا القومية الاجتماعية فنبيّن, خلافاً للماركسيين, أن للكوارث القومية نتائج اقتصادية ونفهم في الوقت نفسه أن للنظام الاقتصادي السيئ نتائج سلبية على القضية القومية.
 
في المحاضرة الثامنة من المحاضرات العشر يقدم سعاده إضاءة هامة حول تشابك وترابط العلاقة القومية الاجتماعية في شؤون المجتمعات قوله "إن الرأسمال الفردي يلعب دوراً هاماً في تقرير مصير المجموع ضمن هذه الدول وإن من أضلاع الاتفاقية النقدية مع فرنسا أيضاً حالة رسمالية بين لبنان والشام, حالة مصالح رسمال فردي محدود في لبنان ومصالح رسمال فردي محدود في الشام.
 
وواضح جداً وصار ملموساً عند الذين يبحثون أنه يوجد مثلث في لبنان ومخمّس في الشام , فالمثلث والمخمس لهما المصالح الكبرى في كل أمر وإليهما تعود المنافع الكبرى من أية تسوية سرية اقتصادية في هاتين المنطقتين. الحالة في بلادنا لا تزال في بادئ الأمر بين الفرد والمجتمع, الرأسمال الفردي والمصير القومي. (المحاضرات العشر، ص. 141).
 
يتبين من هذا النص للزعيم بأن الاتحاد "الاتحاد في الحياة"، الدورة الاجتماعية الاقتصادية الواحدة التي تنشأ بعامل التفاعل بين الجماعات البشرية والبيئة الطبيعية المحددة أي الشأن القومي بكليته معرّض للتجزئة بفعل علاقات الإنتاج السيئة والفاسدة التي تقدّمها سيطرة الرأسمال الفردي على الاقتصاد وارتباط هذا الرأسمال الفردي بالمصالح الكيانية المتناقضة، بحيث يصبح الرأسمال الفردي في مثل هذه الحال أحد عوامل التجزئة الخطيرة المؤدي الى قطيعة بين كيانين أو أكثر من كيانات الأمة.
يعتبر سعاده أنه في مثل هذه الحال ينشأ نزاع كما يقول بين الرأسمال الفردي والمصير القومي.
 
وحدة شعبنا في الوطن السوري لها مظاهر عديدة منها التزاوج بين مناطق من كيانات مختلفة – الشوف – جبل الدروز – سنة الشام – سنة طرابلس – وسنة بيروت – علاقة سكان الشيعة بالنجف – البطريركيات الواحدة الشاملة الهلال الخصيب.
 
- حين تسدّ الحدود بين الشام ولبنان يختنق المزارع والصناعي والتاجر اللبناني, دليل آخر على وحدة الحياة التي هي أهم من مظاهر حدود التجزئة.
 
- أغنى بلدان العالم في المياه هو الهلال الخصيب, مع ذلك ففي ظل التجزئة يصبح الشجار بين الكيانات حول مياه دجلة والفرات بدلاً من تكامل الاقتصاد ويناعته, وتذهب مياه الأردن إلى العدو, ويسيطر على مياه الأنهر اللبنانية وحرب العدو هي حرب السيطرة على مياهنا.
 
الأعجوبة اللبنانية:
 
كثيراً ما جرى الحديث حول الأعجوبة اللبنانية – الازدهار اللبناني – طبعاً عرفنا الآن أن أزمة البطالة تحلّ بلحس المبرد – بهجرة المنتجين الذين لا عمل لهم – بخسارة الإنسان خارج أرضه.
 
لكن ما تحقق من ازدهار جزئي بعد حذف اليد العاملة التي لا عمل لها بالهجرة انما تحقق نتيجة هذه العوامل:
 
1- عبقرية اللبناني كوسيط تجاري وكمدير اعمال وخدمات.
 
لكن هذا السبب غير كافٍ لولا الأسباب التالية.
 
2- هجرة الرساميل السورية من العراق والشام بعد التأميمات الى لبنان.
 
3- هجرة الخبرات الصناعية الشامية الى لبنان.
 
4- البترودولار – من الخليج من الأيدي العاملة اللبنانية.
 
5- نزوح المزراعين الفلسطينيين الى الجنوب اللبناني بعد 1948 وأثرهم في زراعة الليمون والبرتقال.
 
6- نزوح اليد العاملة الشامية ودورها في قطاع البناء – كونها يداً عاملة غير مغطاة بالضمان الاجتماعي والصحي اللبناني مما يؤدي استغلالها إلى أرباح للرأسمال المستغِلّ.
 
7- مخيم تل الزعتر مع فقراء النبعة ودور اليد العاملة البخسة في صناعات المكلس.
 
هذه العوامل المتداخلة هي لبنانية – شامية – فلسطينية أنتجت "أعجوبة الازدهار اللبناني".
 
الهستيريا الطائفية منذ 1975 دمّرت هذه المعادلة.
 
وهكذا ظهر أن الهستيريا الطائفية تحطم حتى مصالح الرأسمال المستغِلّ.
 
 
 
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro