تأتي من اليأس
وتسطعُ في أحداقنا رؤاك...
هذه الشمس لا تضيء
أيها الممعن في رحلة الصمت،
فطلّ علينا
إلقِ لهذه الأجساد النازفة بسمة منك،
نرفعُ لحزن عينيك زنابق الموت.
***
خجولةٌ شفاهنا منك،
خجولةٌ حتى الأيدي المرتفعة...
كنتَ ـ حين يدوي الهتاف ـ
توثبَ نبضات القلب!
كيف صرنا؟
كيف صرتَ؟
آه يا فارس الرؤى المستحيلة.
***
تسألنا ضياءٌ عنك.
رحمها رماديُ الخصوبة صار،
حين ذبلت رجولة الفرسان
وتمطّت ليالي الذل...
كنتَ نبياً، إلهاً... وكنتَ
احتراق الفينيق في أجسادنا.
تبكيك ضياء:
صعبةٌ دموع الرجال،
بصمتٍ نزرعُ حزننا في قرارة الدم...
***
مرّة... بكيتَ،
كان جزءٌ من جسدك تستبيحه الخناجر.
مرّة... ندمتَ،
صاح الديك ثلاثاً،
لكن بطرس لم يبكِ
ولا تدلت جثة يهوذا.
... ومرّة قُتلتَ.
قال عبقُ التراب الممزوج بجسدك:
"ها قد عادَ... فبشّروا آذار".
... ومرّة ذُبحتَ؟
قبيلة كنا:
أحصينا خيلك وإبلك وخيامك ونساءك... و... و
ونسينا السيف!
ليس يأساً هذا... إنه موت بطيء.
أين النصر الذي لا مفرّ منه؟
وكيف بُحّ دوي هتافنا،
من دون أن نغني لعرس دمك؟
***
تخشعُ لك الجراح،
تلوّن حزن عينيك الدامعتين.
مثلنا أنت:
وجعٌ دامٍ... وآه مبحوحة الصدى.
غير أن يديك كالريح الشمالية،
كالنبع في حقد الرمل اللافح،
تأتيان حين تتشقق الشفاه عن نداء
يرتدّ عن قبة السماء الموصدة.
***
توما... تعرفه؟
كان جسدُك مرتعشاً
حين نسي طعمَ دمك...
نسألُ:
"توما أين يدك؟
هاتها نستلُ من أطرافها بعض وجوده..."
يضحكُ توما،
يبكي توما:
"مرعبة يا لغة الجراح والنزيف"!!