مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
قصيدة احمد أصفهاني قصيدة مزيّنة بالوقت
 
ابراهيم، شريف
 

 

 

كصحو المواعيد بين الندى الصباحي، وذاكرة الورد، تنهض قصيدته عارية كالضوء، مفتوحة المدى على فضاءات شاعرية لا تستنير بغير ذاتها، ولا تستظل غير عباءتها هوية.

 

في قصيدتيه: "بكاء توما عند الصليب" و" مرّة بكيتَ، ومرّة قُتلتَ، ومرّة...؟"

 

يطل علينا احمد أصفهاني شاعراً يرسم الصور والمعاني بجمالية راقية، في حوار الفعل مع توما. ذلك الرسول الذي لا يرى ولا يسمع الا بأصبعه، ولعله بها اختصر جميع الحواس.

 

ليتأكد من صلب معلمه يجب وضع هذه الأصبع على المسامير التي اخترقت المصلوب والجراح التي خندقت جسد المسيح.

 

انهمرت على جسدي المحموم رعشة وخوف من برودة اصبعك الممتد.

 

يعريني من نشوة الموت... والقيامة....

 

 توما؟

 

(ليزداد يقيني، سيدي)

 

(توما، دمي يشهد)

 

حوار بين المسيح – اليقين، وموسوعة الشك - توما. يتكئ أصفهاني به على التاريخ  لمحاكاة الحاضر، فتأتي قصيدته مزينة بالوقت،

 

ومرة قتلت

 

قال عبق التراب الممزوج بجسدك:

 

ها قد عاد ... فبشروا آذار.

 

ان شهر آذار هو ميلاد انطون سعاده الذي (يبشّر) به أصفهاني.

 

 أنا كمتلقي أرى ان الشاعر قارن بين (قتل) المسيح على الصليب بمحاكمة أبرمت في ليل وبين (صلب) سعاده على رمال بيروت بمحاكمة أبرمت في ليل ايضاً ولا فرق بين المسامير والطلقات مادام الموت هو الموت.

 

المسيح قتل بالمسامير على الصليب وسعاده صلب بالرصاص على رمال بيروت.

 

المسيح قام! حقاً قام! وسعاده حزبه باق

 

ولكن (كل مملكة منقسمة على ذاتها تخرب)!؟

 

المسيح يخاطب توما في القصيدة:

 

(كنت أغفر للسياط والشوك والصليب، هذه عظمة التسامح والغفران

 

هي صفة العظماء والكبار الكبار

 

وسعاده قال لجلاديه (شكرا).

 

المسيح باعه يهوذا الأسخريوطي بثلاثين من الفضة وتآمر عليه وحسني الزعيم باع سعادة وتأمر عليه..

 

(انكروك سيدي واستوطن الصدأ شفاههم ورموش أعينهم لا شيء يبقى عندما تبتلعك برودة الليل... يبتعد الآخرون)

 

القصيدتان توأمان...سيناريو واحد لموضوع واحد تتوزعه مفردات: البكاء، النزف، الجرح، الموت، الحزن، الألم، الصلب، الدم الشك، الموت ........

 

يتربع توما على مساحة القصيدتين متوجاً بالشك، مكرّماً لا يفكر بالرحيل، يقول الغاضبون منه:

 

(توما: ألا تنسى

 

توما: ألا تغفر

 

توما: ألا ترحل وتتركنا؟

 

تشبعت أعيننا بأحزان الخريف

 

والفرح الربيعي ما عاد يعرفنا......

 

فاتركنا، اترك لنا دمه يقيناً وحيداً باقياً.

 

في القصيدتين الحالة الشعرية واحدة. يحاول فيها الشاعر نقل المتلقي من عمق اللاوعي وظاهر النص إلى وضوح دلالاته، وما يعانيه احمد أصفهاني من الإنقسامات داخل مسيرة النهضة التي انتمى اليها وآمن بمبادئها، وهو الذي كرّس حياته لها رفيقاً وأميناً.. كاتباً ومؤرخاً وشاعراً، وما زال صهيل قلمه أقوى من ازيز الرصاص ودوي المدافع..

 

آمن بحقيقة تساوي وجوده يحياها بكل تجلياتها. واشراقاتها معتذراً من باعث النهضة وصاحب نظرتها الى الحياة والكون والفن:

 

(خجولة شفاهنا منك

 

خجولة حتى الأيدي المرتفعة ...

 

كنت - حين يدوي الهتاف -توثب نبضات القلب!

 

كيف صرنا؟

 

كيف صرت؟

 

آه يا فارس الرؤى المستحيلة)

 

احمد أصفهاني يحيك قصيدته بحرفية دقيقة وبلغة شاعرية عالية الجمالية، تتدرج فيها وحدة النص إصغاءً بليغاً تاماً يتكامل فيه المبنى والمعنى.

 

 

شريف ابراهيم

البرازيل

 
التاريخ: 2022-02-05
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro