مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
المفهوم الثوري عند المقدم الشهيد الرفيق غسان جديد
 
زيتوني، وليد
 

السيرة النضالية للرفيق الشهيد غسان جديد لا تغطيها مقالات، مهما كثرت. حبذا لو انصرف ابنه الرفيق فداء جديد ومعه مجموعة رفقاء مهتمين، الى اصدار مجلد يغطي تلك الملحمة الفريدة من النضال والمواقف المتميّزة.

 

هذه الدراسة بقلم الأمين وليد زيتوني نشرت في عدد مجلة "صباح الخير" رقم 471 بتاريخ 23/02/1985 بعنوان "المفهوم الثوري عند غسان جديد" ننقلها كما نشرت في العدد المذكور من "صباح الخير".

 

*******************

 

 

 

" النسق الثوري عند غسان جديد يتحدد بثلاث قواعد: الوعي للحقيقة التي يقاتل من أجلها، الحركة الدائمة ومعرفة العدو والصديق.

 

 

ان الكتابة عن غسان جديد هي بالواقع تاريخ لمرحلة مهمة من مراحل العمل الدؤوب في سبيل استنهاض واقعنا القومي والسير به نحو تحقيق وحدة الوطن المستقل عن الارادات الأجنبية، الممعنة فيه تفتيتاً وتمزيقاُ، على قاعدة بناء الانسان الجديد المدرك لحقيقة وجوده. ولعل الذين سبقوني بالكتابة عن شهيدنا البطل شهيدنا المميز بعطائه قد كتبوا عنه كرمز من رموز الحزب السوري القومي الاجتماعي ومن خلال خدمته العسكرية في وحدات الشرق الخاصة، وجيش الإنقاذ ومعاركه الطولية في حرب فلسطين على ضوء الشهادات القسرية رغم التعتيم الإعلامي المقصود على أعماله البطولية. فهذا فوزي القاوقجي في مذكراته كقائد لجيش الإنقاذ وفي معرض الحديث عن ادارته للمعارك يروي البطولات التي قام بها غسان. وهذا العقيد صفا ينسج على المنوال ذاته. ولعل اضبارته العسكرية افضل شهادة تقدم في غسان الجندي والقائد فقد أجاد في المناورة العسكرية كما في التحرك العسكري مستدركاً ان البطولة فعل ايمان مطلق بقضية أقسم ان تساوي وجوده. وما من شك ان من يتسلم قيادة الكلية العسكرية وينتدب لتمثيل بلاده في ارقى واكبر المحافل الدولية كالأمم المتحدة لا شك انه عسكري منتخب. هذا هو الحال مع غسان جديد المقدم والمقدام كجندي وكقائد في جيش نظامي يعرف رؤسائه ومرؤوسيه ويعرف اين موقعه الطبيعي بسلسلة الرتب وان كانت طموحاته وامتيازاته التي تترافق مع ووعيه ومعرفته تتقدم على رتبته...

 

 

يجب الإشارة انه سبق وكتب عن غسان جديد الموجه التدريبي. ففي هذا المنحى لغسان خمس مقالات متتالية بعنوان "الى الشباب" على صفحات جريدة البناء الدمشقية في سنة 1955. وفي هذه المقالات دعوة واضحة الى الجندية ومناقب الجندية والفضائل التي تقدمها في سبيل بناء جيل جديد يكون عماداً للمستقبل. مبيناً أثر الانضباط والحمية وعصبية الانتماء للوطن التي تنميهم الجندية في الفرد ليكون إمكانية فاعلة في مجتمعه.

 

 

أما في المقالة هذه فسنحاول القاء الضوء على غسان جديد الثائر، وان كان من الصعوبة الفصل ما بين حياته العسكرية النظامية وحياته المتمردة على الواقع الذي يعيشه ما دام ان الهدف المنشود واحد الا وهو انتصار الامة، وما دام ان المحرك واحد وهو ايمانه المطلق بالعقيدة السورية القومية الاجتماعية، فالثورة عنده، هي وعي لهذه الحقيقة التي يعيشها وان التراجع في مرحلة من مراحل النضال هو عزوف عن ملاحقة الزمن فيعيش المتراجع دائماً ضمن الماضي. بالمناضل وحري ان يعيش التاريخ وان يسير مع التاريخ بكل ابعاده وجوانبه مخافة ان يتجاوزه، وكأنه يقول مع الماريشال فوش "لا مجال للدرس أثناء القتال". ان هذه الملاحظة البسيطة لقراءة التاريخ قد ترجمتها ديناميكيته الدائمة والمستمرة فما ينتهي من مشروع نضالي الا ويكون قد وضع اللمسات الأخيرة للبدء بالمشروع الآخر ولا عجب من ذلك فالحركة أولى أدوات الانتصار في المناورة العسكرية وغسان مبدع فيها.

 

 

اما الملاحظة الأخرى التي واكب من خلالها مسيرة التاريخ وهي ملازمة بالواقع لمفهوم الحركة. فهي معرفة العدو والقوة الذاتية على قاعدة المعرفة الموضوعية لكلا الطرفين. فإن البعبع الذي يخيف العالم العربي عائد لعاملين اساسين حسب مفهوم غسان جديد.

 

 

العامل الأول " ان إسرائيل تمكنت حتى الآن من الاحتفاظ بزمام المبادرة في المجال الحربي. تقاتل او تهادن في الزمان المناسب والمكان الملائم بمحض ارادتها، وتكيف اعمالها الحربية وتسخر له كافة امكانياتها الاقتصادية والثقافية والاذاعية ".

 

 

اما العامل الثاني الذي أمن لإسرائيل الاحتفاظ بزمام المبادرة الهجومية فيكمن في " السياسة المسالمة التي تنتهجها الدول العربية والتي ترتكز على التمسك باتفاقيات الهدنة الى حد التزمت واللجوء الى مجلس الامن الدولي او الى الدول المشتركة في البيان الثلاثي باذلة كل جهودها لاظهار إسرائيل دوما وأبداً بمظهر الدولة العداوانية التي تتمرد على إرادة الأمم المتحدة ونصوص الهدنة المعقودة ". ويعود ليقول: " ان إسرائيل تقع بين مجموعة من القوى تعزلها عزلاً شبه تام في منطقة ضيقة قليلة الموارد الزراعية والمعدنية وتضرب عليها حصاراً اقتصادياً خانقاً وتجعلها باستمرار في وضع حرج يهدد مصيرها ".

 

 

اذن النسق الثوري عند غسان جديد يتحدد عبر اتصاله بقواعد أساسية ثلاث أولها الوعي للحقيقة التي يقاتل من أجلها، وثانيها الحركة الدائمة القادرة على التكيف مع قطار الزمن العسكري والسياسي والثقافي والتكنولوجي. وثالثهما معرفة العدو والصديق وهذه المعرفة ليست ناتجة عن استيعاب القدرات الكمية من عديد وعتاد بقدر ما هي معرفة بنهج وعقيدة العمل عند العدو لوضع التصور الحقيقي المضاد والكفيل بإسقاط هذا النهج تحت تأثير رؤية واضحة للوحدة تشعل الوطن والأمة بشكل طبيعي فتلفظ من بين خلاياها كل جسم يدخل التفصيلات الأخرى ويسميها مبادئ اساسية للعمل. على سبيل المثال يرد في "خطة الفداء" وهي احدى خططه الثورية، المبادئ التالية:

 

1.    على ضوء التجارب التي مرت بنا في فترة التحضير ولتأمين سلامة الحركة وسرية العمل يصبح من الضروري:

 

أ - إعادة النظر في قائمة الحلفاء وانتخاب العناصر المضمونة الفاعلة وابعاد المترددين.

 

 ب- اقتصار العلاقة مع رجال السياسة على المواضيع العامة وحبس كافة الشؤون العسكرية عنهم.

 

 

2.     توحيد العمل والجهود توحيداً تاماً وتحديد القيادة العليا التي تشرف على عمليات التحضير ورسم الخطط وتعيين فرصة العمل الى حصر المسؤولية في هيئة واحدة  تنبثق عنها كافة المقررات وتحقق الانسجام والتوافق في أعمال كافة العناصر المساهمة في كل مراحل التحضير والمباشرة واستثمار الفوز.

 

 

3.  اعتماد طريقة أفضل في الصرف تستند على قاعدة عملية تؤدي الى تنفيذ سريع وفي الوقت المناسب – وهذه القاعدة هي:

 

 أ- تحديد المبالغ اللازمة لكل قيادة ووضعها فوراً تحت تصرف الجهة المختصة بعد إقرارها في اللجنة العسكرية.

 

 ب - مسك سجل للموازنة العامة مع الأوراق الثبوتية.

 

ت - دفع المبالغ المقررة الى أصحاب العلاقة عن طريق اللجنة او من تنتدبه.

 

 

4.   تشكيل هيئة اركان للقيادة تكون الأوامر الصادرة عنها ملزمة لكافة الفرقاء.

 

5.   تنظيم مكتب استعلامات قادر على الاستقصاء وجمع المعلومات ودراستها والاستنتاج منها ومكافحة نشاط الخصم الاخباري.

 

6.  تنظيم الدعاية والإذاعة لتوجيه الرأي العام وإعداده لتقبل الثورة. او مجابهة حملات الكذب او المغالطة واطلاعه على الحقائق.

 

7.   تحديد قاعدة الانطلاق الرئيسة وعلى ضوء هذا ضمان سلامة هذه القاعدة لاجراء عمليات التحضير في جو هادئ وهذا يفرض جلاء توقف الدولة الحاضنة لقاعدة الانطلاق وضمان عدم سكوتها وعدم رضوخها لما تتعرض له من ضغط من البلد المستهدف للثورة..

 

8.   وحدة الهدف اتوجب وحدة العمل ولذا يصبح من البديهي ان القيادة العسكرية على علم بنشاط أية فئة مشتركة بالعمل وباسماء كافة العناصر التي تتألف منها كل فئة.

 

 

والثورة عند غسان ليست نموذجاً يعمم على كافة المناطق وفي كل الأزمنة فلكل منطقة خصوصيتها ولكل ظرف تعاطي يختلف عن الآخر، فما يصح في فيتنام خلال الستينات ليس من الضروري ان يصح في بوليفيا في الوقت نفسه او أي وقت آخر لان المعطيات الذاتية والموضوعية للثورة تتبدل. فالعوامل الأساسية والتي تكون رافعة فاعلة للثورة تحكمها المؤثرات الداخلية والخارجية على الواقع الذي ينتج الثورة او يحبطها. ففي "خطة النجاح" يصر غسان جديد على هذا المبدأ من خلال قوله "يبني الاعداد على أساس مراحل تعد المرحلة منها بحيث تجعل ممكناً مواجهة ما قد يطرأ من حالات تحتم اجراء خاصاً سريعاً، حالات تنتج عن تصرفات الخصم او عن قيام أوضاع دولية مناسبة". فيستدرك هذه المرحلة ويضع لها بديلة يسميها "مرحلة الطوارئ"، يقول عنها "مرحلة تشير الى نوع من الاعداد يستهدف البقاء باستمرار على أهبة الاستعداد لمقابلة تطورات معينة بإجراءات سريعة معاكسة".

 

 

ولا يغيب عن باله، في جميع خططه التي رسمها او ساهم في رسمها، موضوعان اساسيان الا وهما الدعاية والمال. فالدعاية والاعلام كما المال ركائز أساسية لا يمكن البدء بالثورة دونهما ودن تنظيمهما. فالمال هو عصب الحياة، وبالتالي عصب التنظيم والتجهيز والاعداد. فمن خلاله يتسع هامش الحيطة والعمل وتكبر حرية المناورة. اما الدعاية والاعلام فهي المرحلة التمهيدية المباشرة والمرافقة لكافة مراحل الثورة حتى استغلال النصر، فلها وقع التمهيد المدفعي في الهجوم الكلاسيكي اذا لم نقل اكثر. فتهيئة الرأي العام إذا كانت الدعاية لا تستهدف اشراكه، فعلى الأقل وضعه في حالة تقبل افضل لتغيير الواقع المعاشي.

 

 

والثورة اما ان تكون سريعة تعتمد على الداخل بشكل أساسي واما بطيئة تحضر بعناصر داخلية في الخارج والداخل سوية، الا انها في كلا الحالتين مرحلة متصاعدة وكلامنا على النوع السريع ينطبق بشكل أساسي على حالات الانقلاب العسكري اما النوع البطيء فتتدرج بدء بحرب العصابات. كأعمال النسف والتدمير وإقامة الكمائن والقيام بإغارات وصولاً الى تهيئة جيش تحرير شعبي يترافق بناؤه مع البدء بالعمليات التي تزعزع الداخل ليبدأ بأخذ دوره حسب الأماكن المناسبة. وعند إتمام التحرير يتجه الى تحقيق جيش نظامي يكفل عدم قيام ثورة مضادة كما يحمي حدود الوطن من اعتداء خارجي.

 

 

هذه هي بالواقع الخطوط العريضة لتفكير غسان جديد الثوري، ولعلها مستمدة من تجربته المباشرة في هذا الحقل، خاصة اننا استندنا في مقالتنا هذه على خطط غسان جديد العسكرية وليس على أبحاث عسكرية صرفة كتبها بنفسه. ولكن مهما يكن من امر هذا الواقع يبقى ان غسان جديد بطل من بلادنا من أعز ما أعطت بلادنا من ابطال. اعتنق مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وجعلها نبراساً يسير بهديها الى النصر فأعطته الطريق القويم واعطاها دمه وحياته.

 
التاريخ: 1985-02-23
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: مجلة البناء - صباح الخير، 471 بتاريخ 23/02/1985
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro