مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
كوابيس الأمة النائمة
 
كفروني، يوسف
 

 

29 أيار 1453 هو تاريخ فتح القسطنطينية وانتصار العثمانيين.

 

من نتائج هذا الفتح هجرة العلماء البيزنطيين إلى أوروبا الغربية مما أدى لبدء الدراسات الإغريقية الكلاسيكية وبداية النهضة في أوروبا. لذلك ينظر المؤرخون الى هذا التاريخ باعتباره فاصلا بين عصرين: عصرالقرون الوسطى وعصر النهضة الاوروبية.

 

بعد أكثر من نصف قرن على هذا الحدث بقليل،خضعت سورية الطبيعية والعالم العربي الى الحكم العثماني الذي ألغى حكم المماليك، واعتبرالأمر امتدادا لحكم أجنبي استمر الخضوع له والقبول به باسم الدين.

 

في ظل السيطرة والهيمنة العثمانية التي دامت حوالي الأربعة قرون ازداد التخلف على حالة القرون الوسطى ولم نحتك ولم نتفاعل مع التغيرات الكبرى التي شهدتها أوروبا في ما عرف بعصر النهضة الذي أسّس لقيام الدول العصرية على أساس التطورات العلمية والتكنولوجية والفلسفية والقانونية والسياسية التي شهدتها أوروبا منذ فتح القسطنطينية.

 

استمر التدهور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي تحت الحكم العثماني باتجاه الحالات المغلقة والبدائية. وتمّ إجهاض محاولة النهوض التي حاول القيام بها فخر الدين الثاني. كما ضرب المشروع الكبير للنهوض الذي قام به محمد علي في مصر.

 

وفيما شعوب العالم تنهض لتثبت وجودها ومكانتها بين الأمم، كانت الشعوب العربية غارقة في سباتها،ما سهّل للاستعمار الغربي اختراقها والتغلغل في مفاصلها وتقطيع أوصالها ورسم حدود دويلاتها واستعمارها واسستتباعها في ظل الاستقلالات الوهمية لمعظمها.

 

لم تنعدم محاولات النهوض في ظل الاستعمار المباشر وفي ظل الأنظمة الملحقة به من خلال حركات المقاومة المعبّرة عن روح الأمة الحيّة.

 

وقامت حركات وتيارات برعاية ودعم أجنبيين تحمل شعارات النهضة والاستقلال والحرية وغير ذلك من الشعارات الجميلة والجاذبة ،ولكن الهدف المضمر لها هوتنفيذ مخططات الأجنبي والوقوف في وجه حركات النهوض الحقيقي وإجهاضها.

 

النهضة الحقيقية هي التي تقف في وجه المحتل وتقاوم مشاريعه ومخططاته. ولا يمكن لأحد أن يتخيل إمكانية النهوض بدعم هذا المحتّل.

 

ما يسمى بالمجتمع الدولي هو في الأساس تعبير عن الدول الغربية المهيمنة على الوضع الدولي والمسؤولة عن ويلات معظم الشعوب.

 

يوجد منظومة غربية واحدة ،الكيان الصهيوني هو جزء منها ،تتزعّمها الولايات المتحدة الأميركية.

 

منتهى خداع الشعب والاستهزاء بأمانيه،هو اتفاق حركات سياسية بالسر أو بالعلن مع أميركا وتصوير ذلك تحريرا ونهوضا للشعب. ومنتهى الغباء من يصدق أن حركات النهضة والحرية لشعوبنا،يمكن أن يقوم بها التابعون لسفارات الغرب ودوائره،أو أن تكون بمباركة هذا الغرب ودعمه.

 

النهوض الحقيقي والتحرر الحقيقي لا يكون الا بمواجهة هذا الغرب ومقاومة مشاريعه التي تستهدف مصالحنا وتهدّد وجودنا.

 

هذا هو المعيار الحقيقي للتمييز بين العملة الصحيحة والعملة المزيّفة.

 

تابعوا تاريخ كل المواقف السياسية الفعلية ولا تنظروا الى الشعارات المزيفة التي ترفع. واسألوا من هي الشخصيات والحركات السياسية، المقاومة بالفعل لا بالقول، للاغتصاب الصهيوني والاحتلال الأميركي لبلادنا؟ومن هي الشخصيات والحركات التي وصلت الى الحكم بالتعاون معهما؟

 

عندما أحرقوا المسجد الأقصى سنة 1969 قالت رئيسة الوزراء الاسرائيلية غولدامائير:

 

"لم انم ليلتها وأنا أتخيل العرب سيدخلون اسرائيل أفواجا من كل صوب، لكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت ان باستطاعتنا فعل ما نشاء فهذه أمة نائمة"

 

يجري توظيف الدين لتخدير الناس وتنويمهم والهائهم بالقشور والشكليات، بدل توظيفه للارتقاء بالحياة  واعلاء  حرية وكرامة الانسان.

 

 بدل مواجهة الظلم والظالمين على قواعد العلم والعقل والحق والايمان،يجري توظيف الدين في الفتنة والاستكانة عن مظالم المحتل وأطماعه.

 

تابعوا الحركات الدينية التي وصلت الى الحكم في تونس وليبيا ومصر، وتلك التي تسعى الى السلطة في سائر البلدان كلها تحمل يافطات النهضة والحرية والعدالة والتنمية.

 

ما هي برامجها للتنمية وللنهضة وما مفهومها للعدالة والمواطنة؟ وأين شعاراتها السابقة من كامب دايفيد وحصار غزة؟ ولماذا يختنق صوتها وتكتم أنفاسها عندما يتعلق الأمر بإدانة أميركا .....

 

ظن كثيرون أن الثورات العربية تحمل أحلاما وردية وربيعا مزهرا ونهضة للشعوب ، ولكن الوقائع والنتائج أظهرت عكس ذلك.

 

أحلام الشعب النائم انقلبت كوابيس رهيبة لم تنتج الا الفظائع والتخلف والانحطاط والتغني بمجد ضائع أنتجته نفوس حرة ومستقلة لا نفوس تابعة وضعيفة، تبحث عن خرافات و تعيش في الأوهام.

 

 بعد دراسة الثورات العربية ونتائجها، توصلت مجموعة من الباحثين الاوروبيين،الى أن الربيع العربي الذي تتغنى به أمريكا لم يعالج الظواهر السلبية الاجتماعية، ولم يضع حلولا للاقتصاد المتدهور، والاداء السياسي والاداري يدلانّ على العجز والفشل ،والديمقراطية التي تتحدث عنها أميركاهي ديكتاتورية برداء اسلامي.

 

ماهي النتيجة التي يمكن توخّيها لو صرفت جهود وطاقات وامكانات الشعوب العربية في الاتجاه الصحيح ضد العدو الحقيقي؟

 

كم هي المليارات التي صرفت خدمة للمشاريع الأميركية والصهيونية؟

 

كم عدد القتلى في ما يسمى الثورات العربية،ولماذا لا تصرف هذه الطاقة القتالية في فلسطين وضد الغزوة الأميركية  ؟

 

من المستفيد من الخسائر في البنى التحتية ومن قتل وتهجير النخب العلمية والفكرية .....؟

 

هل اتفاق الحركات الاسلامية مع الأميركي،سيضمن سلطتهم أم أنها ستنتهي بانتهاء وظيفتهم، حيث ينتهي أجلهم كمن سبقهم من الأنظمة التي اتكأت على دعم الأميركي وليس على شعوبها.

 

لن تكون نهضة ولا ربيع ولا ديمقراطية مع تنظيمات دينية ومذهبية.

 

 الانظمة الديكتاتورية مولّدة للفساد بطبيعتها وهي لا يمكن أن تستمر مع تطور وعي المجتمع،ولكنها في بعض الحالات والمراحل التاريخية إذا أتيح لها قيادة وطنية واعية ورشيدة بإمكانها أن تلعب دورا توحيديا لمجتمع مفكّك ومتخلّف،ويمكن أن تسهم في النهوض بشكل فاعل والأمثلة التاريخية على ذلك كثيرة.

 

أما الانظمة المذهبية التكفيرية فهي مولّدة لفساد أكبر وأشد خطرا، لأنها تعطيل للعقل، ومشروع فتنة دائمة. انها جاهليات متجدّدة،تقدم الى الوراء، وكوابيس مزعجة.

 

 
التاريخ: 2012-09-26
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro