مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
الأمل
 
النزق، زكية سكاف
 

 

 

أروع ما في الحياة هو الأمل بغدٍ زاهر أجمل وأفضل. الأمل هو اعتراف بأن الآفاق ناصعة وفسيحة لنا مهما تلبّدت بالغيوم، وإقرار بأن الدروب رحبة ومنفرجة أمامنا مهما تكاثرت العوائق. هو اليقظة التي تنبّهنا لاستجماع مداركنا وتوحيد إرادتنا، فيحثنا على الخلق والإبداع لنكتشف ما لدينا من تصورات ذهنية وإمكانيات تقودنا للوصول إلى ما نصبو إليه مهما اعترضتنا أبواب موصدة. فالأمل هو ذاك الشعور الذي يغذي الروح، يحفّز الهمم، ويفسح المجال لعقولنا كي تخطط لمستقبل أبهى، ولطموحاتنا كي تتوق لعالم أرقى.

 

الأمل يزوّدنا بالتفاؤل، ويصقل مواهبنا مهما تكاثرت المصائب وتعثرت الدروب، فيمدّنا بالقدرة على تحقيق الأهداف. وهو القوة الفاعلة التي تدفعنا إلى تضافر جهودنا كي نسعى إلى تنفيذ خططنا، ونواظب في إنجاز أعمالنا موظّفين خبراتنا وقدراتنا ومتجاوزين نقاط ضعفنا. فالأمل هو المحفّز الذي يبعث فينا النشاط والحيوية لنكون دؤوبين في تحدّي الظروف بعقلية ناضجة وعزيمة صلبة.

 

الأمل هو الطاقة التي تحمينا من الشعور بالاكتئاب والإحباط اللذين يؤثران سلبياً على طريقة تفكيرنا ونظرتنا إلى المستقبل، ويمنعاننا من الاستمتاع بجمال الحياة الراقية ومباهجها. كما إنهما يحولان قوتنا إلى ضعف وشجاعتنا إلى جبن يعرقل مساراتنا ويذلّل أقدامنا فنسقط على حافتي الطريق. وهذا ليس مبتغانا نحن أبناء الحياة لأننا نرفض العيش بذلٍ وهوان والسقوط على جوانب المسالك. كما قال المفكر أنطون سعاده: "إنّ طريقنا طويلة لأنها طريق الحياة، إنها الطريق التي لا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة. أما الأموات وطالبو الموت فيسقطون على جانبها."[1]

 

نحن أبناء النهضة القومية الإجتماعية مؤمنون بقضية تساوي وجودنا ومقتنعون بحقنا بأن نحيا حياة عز وكرامة، نأبى أن يتسلل اليأس والقنوط إلى قلوبنا وعقولنا ويشوهان مشاعرنا ويشتّتان أفكارنا، فنرزح تحت وطأة الفشل والضياع، كما نعجز عن الاستمرار في مسيرتنا النضالية.

 

إن معرفتنا لجوهر حقيقتنا وتمسكنا بمناقبنا السامية، وقيمنا الإنسانية تُعزز في نفوسنا الطموحات العقلانية التي تذيب بلهبها جليد الغيبية والقدرية المستندتين إلى الأوهام والأحلام، فلا تغرينا الشعارات الرنانة ولا الأقوال المضللة. فنحن مشاركون في ركب النهضة معتمدون على صحة العقيدة المستندة إلى أحكام العقل وحقائق العلم ووضوح الفهم والرؤية. فنعمل بعقلٍ نيرٍ ومعرفةٍ هادية وتخطيط منظّم حتى نصل إلى أهدافنا محققين مرامينا وغايتنا، فلا نساير العواطف والتقاليد، كما وأننا لا نجاري الآمال والأماني المتناقضة مع المنطق والاثباتات.

 

إن أمتنا الآن في مهب عاصفة طائفية وعصبية وأزمة معيشية هوجاء تعصف بأبناء شعبنا، فتحرمهم من أدنى حقوقهم الإنسانية ومن تأمين الدواء والمواد الأولية الضرورية لهم، وحتى تلوّث نقاء هوائهم. كما أنها تنثر الكرب والخنوع في كل الاتجاهات لتبعثر شدّة بأسهم، تزعزع انضباط صفوفهم، وتعكّر صفاء حياتهم. لكننا على يقين أن شعبنا العظيم الواعي سيتجاوز هذه المحن العصيبة كما وسبق له أن تخطى الأزمات الجسيمة التي مرّت عليه على مر العصور.

 

إن شعبنا المقاوم والمناضل أثبت أنه يستحق الحياة الكريمة العزيزة، وبالتالي ستعجز كل الضغوطات، مهما قست عليه، من القضاء على قوة المعنويات التي يختزنها في نفوس أبنائه، ومن الحؤول بينهم وبين بلوغ ذروة المجد والنصر. كما يؤكد سعاده: " نحن أمة كم من تنين قد قتلت في الـماضي ولن يعجزها أن تقتل هذا التنين الـجديد".[2]

 


 [1] - أنطون سعاده، الأعمال الكاملة، الجزء الثاني، خطاب الزعيم في الكورة، (صيف1937) 

 [2] - أنطون سعاده، الأعمال الكاملة، المجلد الثامن، 1948-1949، خطاب الزعيم في البقاع الأوسط

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: موقع حرمون
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro