مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
أنطون سعادة وتطور الفكر الأوروبي 2 من 4
 
السبعلي، ميلاد
 

جان جاك روسو (1712 - 1788):
هو فيلسوف وكاتب ومحلل سياسي سويسري أثرت أفكاره السياسية في الثورة الفرنسية وفي تطوير الاشتراكية ونمو القومية. ومن أهم مؤلفاته كتاب "العقد الاجتماعي".

 

وقد آمن روسو بان المؤسسات الحكومية تُدمر حياة الإنسان، وبأن الجنس البشري سينحط مع مرور الزمن إذا لم يرجع الناس الى الطبيعة ويطبقون أسسها على نظم الحياة الاجتماعية. وهو كذلك يؤمن بان فضائل الإنسان العادي تميزه على الطبقات العليا التي أفسدها الثراء البالغ والترف المدقع.

 

وأتاح تمجيد روسو للوجدان تحرراً للغرائز المكبوتة، والعاطفة المكظومة، والأفراد والطبقات المظلومة. ولا يعني هذا أن روسو رفض العقل، فهو على العكس وصفه بأنه عطية إلهية، وقبله حكماً نهائياً، ولكنه أحس أن نوره البارد في حاجة إلى دفء القلب ليلهم العمل والعظمة والفضيلة.

 

وانتقد عجز العقل في زعمه عن تعليم الفضيلة للناس. فالعقل يبدو أنه بغير حس أخلاقي، وهو يناضل للدفاع عن أي رغبة مهما كانت فاسدة إذن فالحاجة إلى شيء آخر- إلى وعي فطري بالصواب والخطأ، حتى هذا الوعي لا بد من أن يدفئه الوجدان إن أريد منه أن يولد الفضيلة، وأن ينجب رجلاً فاضلاً لا آلة حسابية ماهرة. وحاول بالنتيجة الجمع بين العقل والرُّوح والجسد.

 

كان لروسو قراء من الطبقتين الوسطى والدنيا أكثر بكثير مما لفولتير. فهو وحده الذي لقح الفرنسيين بعقيدة سيادة الشعب... وكان كتابه "العقد الاجتماعي" يقرأ ويعلق عليه في الشوارع العامة، فيقابله السامعون المتحمسون بالتصفيق. وقد استشهد الخطباء في طول فرنسا وعرضها بأقوال روسو في التبشير بسيادة الشعب؛ وبعض الفضل في استطاعة الثورة أن تعيش عقداً من الزمان رغم خصومها وشططها راجع إلى الترحيب العارم الذي لقيته هذه العقيدة.

 

فهو لم يخاطب المثقفين والكبار فقط بالمنطق والحجة، بل تكلم إلى الشعب كله بشعور وحماسة في لغة يستطيعون فهمها، وكانت حرارة بيانه، في السياسة كما في الأدب، أقوى من سلطان قلم فولتير.

 

أكد روسو أنَّه يجبُ علينا الجمعُ بين الحرية والمساواة، إلاَّ أن هذين المفهومين متضادان في الفلسفة السياسية، فالحرية هي أنْ تتركَ الإنسان يفعلُ ما يشاء، والمساواة تهمُّ الجماعة. كما عارض روسو ممارسة النّاس للسّيادة من خلال جمعيّة تمثيليّة أو وكلاء، وهاجم الملكيّة الخاصّة بشكل كبير، وكان يرى أنّ من أهداف الحكومة ضرورة ضمان المساواة والحريات للنّاس جميعاً في الدولة بغض النّظر عن رأي وإرادة الأغلبيّة.

 

فالدولة هي تجلي الإرادة العامَّة ولا يمكنُ للدولة أن تكونَ متسلِّطة عند توظيفها للسلطة، وتسعى الإرادة العامة في الغالب إلى تحقيقِ المصلحة العامة، وهذا ما جعله يضحِّي بحرية الفرد، وبالتالي تصبح للإرادة العامة خاصيتان: تكونُ فوق الجميع - تكونُ ممثلة للجميع.

 

ودعا إلى نظام سياسي مبني على العقد الاجتماعي، حيث يتنازل الأفراد عن حريّاتهم ويتخلوا عن حقوقهم لصالح الإرادة العامَّة. ويربطُ هذا التنازل عن الحقوق بالاتحاد والوحدة، أي كلَّما تنازلت أكثر قويت الجماعة أكثر. لذلك يعتبر الكثير من الباحثين أن توماس هوبز وجان جاك روسو قد شكّكا بقيمة الحرية الفردية وقدَّما مبررات تشجع الحكم الشمولي.

 

سعادة وروسو:
وذهب سعادة مذهب جان جاك روسو في التركيز على الوجدان، إضافة الى سيادة العقل، وتحدث كثيراً عن المواهب والإبداع، وربطها بالفضيلة من خلال ابتكار ما أسماه العقلية الأخلاقية الجديدة. وبناء على ذلك، حدد سعادة أن الأجيال الجديدة المتعلمة يجب أن تتمتع بمزيتي التخصص الفني والوجدان الاجتماعي. ومثل روسو، لم يخاطب سعادة "المثقفين والكبار فقط بالمنطق والحجة، بل تكلم إلى الشعب كله بشعور وحماسة في لغة يستطيعون فهمها"، فيها حرارة البيان، في السياسة والاجتماع والأدب.

 

والتقى سعادة مع روسو على التركيز على الإرادة العامَّة، التي تسعى في الغالب إلى تحقيقِ المصلحة العامة، وحدد حرية الفرد بهذه المصلحة. كما ركز على ضرورة ضمان تمثيل مؤسسات الدولة للإرادة العامة في المجتمع.

 

ويعتبر سعادة أن النّظرة الفردية للاجتماع الّتي يجدها الدّارس في "العقد الاجتماعي" لروسو هي مستمدّة من حالة المجتمع بعد ظهور الفرد عاملاً فيه، وقبل ذلك لا اختيار للفرد في الاجتماع والمجموع. ويعتبر سعادة أن الفرد مجرد إمكانية في المجتمع، حيث تزداد حيوية المجتمع مع قوة الابداع والخلق عند الأفراد من ضمن الإرادة العامة، لكنه في هذا الإطار الاجتماعي يعطي أهمية كبرى للحرية والصراع والتقدم، فيما يذهب روسو الى أن تنازل الأفراد عن حريّاتهم وحقوقهم لصالح الإرادة العامَّة يؤدي الى تقوية المجتمع. وشدد سعادة أن الديمقراطية الحقيقة الفعالة يجب أن تعبر عن الإرادة العامة لا أن تمثلها فقط.

 

إيمانويل كانط (1724 – 1804):
فيلسوف ألماني وأحد رموز التنوير الكبار. ومن أشهر كتبه «الدين في حدود العقل فقط» (1793). كان متحمساً للثورة الفرنسية ومبادئها (الحرية والإخاء والمساواة) رغم أن حماسه قد فتر مع التحولات الدموية التي جرّت الثورة نفسها إليها وراحت تأكل بنيها. إلا أنه بقي وفيّاً للقيم التي كان مؤمنا بها مع فلاسفة الثورة فولتير وروسو وديدرو الذين كان متواصلا معهم بشكل كبير. وكتب عن الثورة قائلاً "مثل هذه الظاهرة لا يمكن أن تنسى، إذ هي كشفت في الطبيعة الإنسانية عن استعداد للعمل لما هو أفضل لأن هذا الحادث هو من العظمة ومن الارتباط الوثيق بمصالح الإنسانية ومن سعة التأثير في العالم بكل أجزائه، إلى حد أنه ينبغي أن تذكّر به الشعوب في الظروف المناسبة، وعند المحاولات الجديدة من هذا النوع".

 

كان يرى ضرورة الفصل الكامل بين الفلسفة والدين وبين العلم والدين ويرى أن المشكلات تظهر حين يحاول أحد منهم التدخل في الآخر وإخضاعه له، وأن قوانين ومبادئ العقل هي التي تكشف للإنسان ما يجب أن يؤمن به ويسلك بموجبه تجاه نفسه وتجاه الآخرين وتجاه الكائن الأسمى أيضا، مع الاحتفاظ الكامل بعقلانيته وحريته.

 

وكان كانط رافضاً بشكل كامل لسلطة رجال الدين.

 

سعادة وكانط:
والتقى سعادة مع ايمانويل كانط على الفصل بين الفلسفة والدين وبين العلم والدين، ووافقه "أن قوانين ومبادئ العقل هي التي تكشف للإنسان ما يجب أن يؤمن به"، وعلى أفضلية العقل وحرية الاختيار في تعامل الفرد مع معتقداته الدينية. وفيما كان كانط رافضاً بشكل كامل لسلطة رجال الدين، دعا سعادة الى حصر سلطتهم في الشؤون الروحية والدينية ودعا الى منع تدخلهم في السياسة والقضاء.

 

فخته (1762 – 1814):
فيلسوف ألماني شهد نتائج الانتصارات العسكرية البونابرتية الاليمة على بلاده، وكان أول من حاول، في خطابه للامة الألمانية الصادر في عام 1808 التأكيد على بدء عصر جديد تكون السيطرة فيه للعلم العقلاني الذي يجب الاعداد له عن طريق اصلاح النظام التربوي. فالتربية، برأيه، هي القادرة على تحقيق حرية الامة الألمانية. وهذه الأمة لها مواصفات خاصة، ورسالة معينة تحملها للعالم أجمع. فهي أمة تتحدد بلغتها قبل كل شيء. وبمواصفاتها النوعية، وبقدراتها الروحية الكبرى التي يجب أن تستجمعها إذا ما أرادت تحمل مسؤوليتها التاريخية في تمدين العالم وتحضيره.

 

وقد علمت الحرب فخته بان ليس هناك قانون أو حق بين الدول باستثناء حق الأقوى. وأنه كي يصبح الشعب الألماني أمة حقيقية، فان عليه الخضوع لإرادة مربٍ وطني حازم لأن الارغام بحد ذاته هو أحد اشكال التربية. وعلى كل المفاهيم الاخرى كالأغلبية الديموقراطية، والحس العام الاختفاء أمام هذا المربي لأن لا أحد يمتلك أي حق امام العقل، ولأن الذي يتمتع بطاقة كبرى على فهم واستيعاب المسائل الاساسية له وحده الحق بإجبار كل الناس على اتباع تحليلاته ومواقفه.

 

سعادة وفيخته:
ومثل فيخته أعطى سعادة أهمية كبرى للتربية، واعتبرها مثله "قادرة على تحقيق حرية الامة". كما التقى معه أن الأمة لها مواصفات خاصة تميزها عن غيرها من الأمم، وتمكنها من حمل رسالة معينة للعالم أجمع. لكن سعادة اختلف عن فيخته في كيفية تحديد الأمة ولم يعتبر أن اللغة أو العرق هي المحددات الأساسية. ومع أن سعادة اعتبر الأمة السورية لها مواصفات نوعية وقدرات روحية متميزة، إلا أنه لم يذهب مذهب فيخته المتطرف، الذي قال بتفوق العرق الآري للأمة الألمانية، مما يحملها مسؤولية تاريخية في تمدين العالم وتحضيره، بل تحدث سعادة عن مساهمة الامة السورية في ترقية الإنسانية والاشتراك في انتاج ثقافة إنسانية عامة لونها لون الشعوب المشاركة فيها.

 

والتقى مع فخته بأن القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره في معرض صراع الأمم. وقال سعاده إنّ الحرب هي حرب مصالح في الخارج وحرب مبادىء في الداخل. فالمبادىء هي لتنظيم المجتمع الخاص تنظيماً يكفل له أعظم مقدار من الفلاح الروحي ـ المادي. أما بين الأمم فالمصالح هي التي تنظم العلاقات.

 

كما وافق سعادة فيخته بأنه كي يصبح الشعب السوري أمة حقيقية، فان عليه الخضوع لإرادة مربٍ وطني حازم، وتمثل ذلك في سلطة الزعامة.

 

هيغل (1770 - 1831):
هيغل جاء ليثني على أفكار فخته وليؤكد أقواله حول تفوق الامة الألمانية. ففي كتابه "فلسفة التاريخ"، المنشور في عام 1837، كرر هيغل القول بان مهمة الشعب الإلماني هي قيادة العالم أجمع نحو المرحلة التي لا تكون فيها الحرية إمتيازاً لشخص أو لطبقة محددة، وإنما من حق كل اولئك الذين يشكلون الجسم الاجتماعي.

 

طور هيغل المنهج الجدلي الذي أثبت من خلاله أن سير التاريخ والأفكار يتم بوجود الأطروحة (These) ثم نقيضها (Anti-these) ثم التوليف بينهما (Syntheses). وكان هيغل آخر بناة "المشاريع الفلسفية الكبرى" في العصر الحديث. كان لفلسفته أثر عميق على معظم الفلسفات المعاصرة.

 

سعادة وهيغل:
وكما مع فيخته كذلك مع هيغل، أكد سعادة على تفوق الامة السورية ولكنه لم يسبغ على الشعب السوري مهمة قيادة العالم أجمع. لكنه أكد على ضرورة ثقة المجتمع أن له مواصفات كل مجتمع مدرك. وقدم اطروحات مثل المدرحية والديمقراطية التعبيرية اعتبر أنها تقدم حلولاً للعالم أجمع. ونرى في مقاربات سعادة للكثير من المسائل الاجتماعية تبنيه لمنهج هيغل الجدلي الذي يحدد الأطروحة (These) ونقيضها (Anti-these) والتوليف بينهما (Syntheses).

 
التاريخ: 2021-05-14
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro