مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
مرياح الغنم
 
غصوب، مكرم
 

 

إذا بتسألو إمّي عن طفولتي، أوّل شي بتقلكن ياه "مكرم ما كان في أهنى منّو... كنت قَعدُه ساعات عكرسي لساعد بيو بالدبح وإرجع أشطف الملحمه وما كان يحرّ او يحكي.. كلّ الوقت عم يتأمل.." هيدا بعد ما تخبّركن إنّه مكرم خلق بعيد الربّ يوم 6 آب 1978، بعمليه قيصريه، خلق بين الجرحى والقتلى، بليله من أكتر الليالي دمويه بحرب لبنان الطائفيه، وبعد ما تأخّرت إيام عالولاده وخيّر الطبيب بيي، بين الطفل والإمّ، وأكيد بيي اختار الإمّ، وما كان فيه يبقى معها بالمستشفى بسبب ظروف الحرب، ولما سمع جرس الكنيسة عم يدّق حزن وما عم يوقف، ركض يستفسر ويسأل "مين اللي مات؟!"، ولمّا خبروه إنّه " الحَبر الأعظم" بهاليوم الحزين تركنا، أخد بطحة العرق ونزل عالمستشفى، وهونيك اكتشف إنه مرته خلّصت بسلام، وإبنّه أصر ّيخلق ويشوف نور الشمس... ولمّا يكبر يشوف نور "الحِبر الأعظم". على فكره، لمّا كبرت وحصلت على عدد جريدة النهار، اكتشفت إنّه جراس الكنايس اندقت ب 7 آب...بس إمّي بعدها مصرّه إنّي خلقت على عيد الربّ. 

 

فعلاً كنت اقعد عهيدا الكرسي الحديد العالي متل كراسي البار وإتأمل العيون... كانت عيون البقر والغنم تحكيني كتير. ما ينسى كيف كانت البقرة تطلع فيي قبل الدبح كأنّ بدها تحكي كتير اشيا بس فات الآوان... وكنت غمّض عيوني لمّا ينحطّ السكين عرقبتها وبعدين لمّا ينشال راسها عجنب وينحط بالزاوية تضلّها تطلّع فيي بذات النظرة وذات العتب وذات السر... غريب كيف كانت هيي وميته عيونها بتحكي! وما بنسى عيون الخواريف اللي كانو يشوفو بعضهن عم يندبحو واحد ورا التاني.. يمعقو أوقات بس التمعيق ما يقدر يعبّر عن الحرقه والخوف والعجز.. عيونهن كانت تعبّر. وكنت إتأمل بعيون الناس اللي كلّها شراهه هيي وعم تتأمل اللحمة وتنقي... وبعدني لليوم ما بعرف شي من تسميات اللحمه اللي ما كانت تهمّني ولا تعنيني.. ما كنت إسمع كلامهن.. كنت إتأمل وأقرا عيونهن... والأبشع إنّه لما كبرت شوي ولما عرفو أصحابي بالمدرسة انه بيي لحّام، كانو أهاليهن يجيبوهن لعندي ليتفرجو عالدبح! انا كنت أنطرهن بالبيت، قاعد انا وعيون بسينتي اللي فيها أسرار.. كأن العيون مرايات أرواح. منها أرواح عتيقه بهالوجود، متجزره وعميقه ومنها مرايات أرواح جديده ما عرفت من هالوجود إلاّ العيش... بعد ما بلّشِت تفتّش عمعنى الحياة. وبعدني لليوم لمّا بدّي أطلّع بأي بشري أو حيوان أوّل شي بطلّع بعيونه وبجرّب شوف المعنى.

 

لمّا بلّشت إكتب بالجريده، بال 2009، كنت صرت شوف بعيون بيي اللحام اللي كنت شوفه بعيون البقر والغنم.. كل المعاني وكل الحسره وهيداك السؤال عن العداله.. وبيوم قررت أعمل تجربه، لمّا كانو إمّي وبيي قاعدين يشربو قهوه تحت العريشه، جبت دفتري وقلمي، قررت إكتب هنّي وعم يحكو، سألت بيي عن أكتر شي تركه وزعل عليه لمّا تهجّرنا.. نحنا اللي انجبرنا بالحرب نترك البيت بليله ما فيها ضو قمر، بعد ما أخدو قرار بتصفية بيي، لأنّه ما كان معهن.. لأنه رفض يكون طائفي. واللي مش معهن اعتبروه ضدهن. وانجبرنا يبيع الغنمات والبقرات والسياره بنفس النهار لنهاجر واقفين بباخرة شحن... لما سألت بيي وبدي بلّش إكتب...صفن... اطلعت بعيونه... قلّي: "مرياح الغنم"... سألته مستغرب شو هيدا "مرياح الغنم" واللي كمان عرفت بسموه "مرياع الغنم" قلّي هيدا خروف أبو دنب، يعني لحمه رخيص مش متل خواريف لابو ليّه، كنت مربيه متل ما منربي الكلب، كان كتير وفي وغنوج. وكنت لما روح عالزريبه  لنقي الخواريف للدبح، يسوق الخواريف قدامي عالملحمه، ينطر ليندبحو ويرجع يقعد يحرس الزريبه. ساعتها ضحكت، قلّي شو باك؟ قلتله يا بيي، كل القهر والعتب اللي بعيونك على اللي ساقو اللبنانيي عالدبح... شو بيفرقو هودي الناس عن مرياح الغنم؟!...وبعدني لليوم مستغرب كيف لما كنت زغير ما شفت هالمرياح ولا شفت عيونه... يمكن ما كان إله عيون!

 

بعد ما مات بيي بال 2011، كتبت هالسكريبت لفيلم قصير، عن مرياح الغنم، فيلم صامت في قصة عيلتنا والعيل اللبنانيه بالحرب...

 

 

 

سيناريو "مرياح (مرياع) الغنم"

تأليف مكرم غصوب (2011)

(الموسيقى دائرة السكون)

 

****الى روح "الآدمي" ميشال غصوب***

 

المشهد الأول:

 

بحيرة ماء صافية...حجر يرمى في البحيرة ليرسم دوائر...دائرة في قلب دائرة في قلب دائرة...

 

المشهد الثاني:

 

راعي الغنم (رامي الحجر في البحيرة)، الجالس تحت سنديانة عتيقةـ يتناول منجيرته ليلعب لحن "الغياب في العدم"...

 

المشهد الثالث:

 

بحيرة الماء والراعي يستمر في العزف... وحقول شاسعة من حواليه خالية من أي قطيع أغنام...

       (wide angle 1+2)

 

المشهد الرابع:

 

العزف يتوقف فجأة... بحيرة ماء صافية...حجر يرمى في البحيرة ليرسم دوائر...دائرة في قلب دائرة في قلب دائرة...

 

المشهد الخامس:

 

خراف (أبو لية) تتحرك بشكل دائري داخل الزريبة...

 

المشهد السادس:

 

مرياح الغنم (الخروف "أبو ذنب" الوحيد في الزريبة) الجرس حول رقبته، يخترق جموع الخراف ويتجه نحو باب الزريبة.

 

المشهد السابع:

 

باب الزريبة يفتح...اللحام (الجزار) يدخل...يغنّج مرياح الغنم الواقف على باب الزريبة...

 

المشهد الثامن:

 

اللحام يختار الخراف السمينة للذبح...

 

المشهد التاسع:

 

اللحام يخرج الخراف المختارة واحداً تلو الأخر من الزريبة حيث يحرسها المرياح...

 

المشهد العاشر:

 

المرياح يقود الخراف المختارة الى الذبح (المسلخ والملحمة) واللحام يمشي وراءها

 

 المشهد الحادي عشر:

 

جرس الكنيسة يدّق...صفوف من المؤمنين يدخلون الكنيسة...

 

المشهد الثاني عشر:

 

في الجامع الشيخ يؤذن والشعب يصلّي

 

المشهد الثالث عشر:

 

الكاهن في الكنيسة ينهي قراءة الإنجيل، يقبّله...ويترك مكانه للمسؤؤل الحزبي (الحزب المسيحي) لإلقاء العظة...المسؤول الحزبي يضع المسدس على الانجيل قبل البدء!

 

المشهد الرابع عشر:

 

المسؤول الحزبي في "الحزب الإسلامي" يعظ المحتشدين في الجامع

 

المشهد الخامس عشر:

 

 المسؤؤل الحزبي المسيحي يكمل الخطاب الثوري داخل الكنيسة...

 

المشهد السادس عشر:

 

رجل (اللاطائفي) في الكنيسة يومئ برأسه لزوجته الجالسة في الجهة المقابلة من اجل المغادرة...تخرج الزوجة والأولاد ويلحق بهم الرجل...

 

المشهد السابع عشر:

 

ينظر اليهم المسؤول الحزبي نظرة إشمئزاز وغضب ويكمل وعظته (من ليس معنا يكون ضدنا...)

 

المشهد الثامن عشر:

 

ينظر الرجل اللاطائفي الى زاوية الكنيسة جيث يجلس صديقه الراهب القدّيس منحني الرأس، فيعاتبه اللاطائفي بنظرة ويمضي.

 

المشهد التاسع عشر:

 

المسؤول الحزبي المسلم يكمل عظته الثورية في الجامع مع إشمئزاز بعض الوجودين من الخطاب الطائفي...

 

المشهد العشرون:

 

ذبح الخراف تحت أنظار المرياح. رمي المياه على بقع الدماء لشطفها...

 

المشهد الحادي والعشرون:

 

بعد إشرافه على عملية الذبح، المرياح يعود كعادته الى الزريبة...

 

المشهد الثاني والعشرون:

 

اللحام يسلخ اللحمة المعلّقة ويقصّبها...وصول المسؤولين الحزبيين تباعاً (المسلم والمسيحي) ... تحية وترحيب... وصول رجلي الدين سوياً (المسلم والمسيحي) ... تحية وترحيب

 

المشهد الثالث والعشرون:

 

يجتمع الخمسة (القصّاب، رجلا الدين، المسؤولان الحزبيان) حول طاولة مستديرة...ضحك ومرح...رجل الدين المسلم "يكسر" العرق في إبريق...

 

المشهد الرابع والعشرون:

 

بحيرة ماء صافية...حجر يرمى في البحيرة ليرسم دوائر...دائرة في قلب دائرة في قلب دائرة...

 

المشهد الخامس والعشرون:

 

راعي الغنم (رامي الحجر في البحيرة)، الجالس تحت سنديانة عتيقةـ، يتناول منجيرته ليلعب لحن "الغياب في العدم"...

 

المشهد السادس والعشرون:

 

بحيرة الماء والراعي يستمر في العزف...وحقول شاسعة من حواليه خالية من أي قطيع أغنام...

       (wide angle 1+2)

 

المشهد السابع والعشرون:

 

شاشة سوداء...مكتوب عليها:

 

"تعددت مراييح الغنم...إنما القطيع فواحد."

 

 
التاريخ: 2022-01-16
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro