مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
هيك بلّشت الحكايه... 1
 
من كتاب "تحت العريشة - حكايات بالمحكية"
غصوب، مكرم
 

 

 

"تحت العريشه" سطيحه جانبيه ببيتنا القديم اللي عمرو أكتر من 100 سنه...هالبيت القرميد بحجارو المقصّبه عمّرو جدّي براس الضيعه، فريكة أمين الريحاني، مع سطيحه كبيره مطلّي عوادي الفريكه والبحر وجبل صنين، بهالبيت العتيق في سطيحه جانبيه بتطلّ عالجنينه، كانت تابعه لغرفة جدّي قديماً اللي صارت غرفة بيي واليوم صارت غرفتي...كنت استحلي قعدة الختيار المعمّر على هالسطيحه تحت عريشة العنب وقعدة بيي عليها حدّ كركة العرق واليوم بعد ما ماتو جدّي وبيي وعريشة العنب، عربشت ياسمينه على خيمة السطيحه وعربيشه خضرا بتعمل زهور حمر بالصيف بحومو عليها كلّ نحلات المنطقه وبالشتي بتفكرها يابسه وعودانها الخضرا متشابكه باليابسه متل تشابك الموت بالحياة وزرعت عالسطيحه أنواع كتيره من الزهور الملوّنه بجدّدها كلّ سنه ومع كل هبّة نسيم بتشم ريحة العطر والكاردينيا والياسمين والصعتر والحبق والخزامى والورد الجوري والقصعين والمردكوش والفلّ والنعنع وروحو والنرجس والمنثور والبخور...وكل ما يهبّ الهوا بتسمع سمفونية "موسيقى الصمت" بعد ما حوّلت العريشه لمبعد الإله "إنليل" إله الريح عند السومريين وعلّقت عخيمتها "حرطيقات" من قصب وتنك وصَدَف وبيناتهم علّقت قفاص بوابها مفتّحه تكلّ ما تمرق رياح بتحسّها أرواح محررّه ومهاجره  وعملت طاوله من خشب قديم حفرت عليها جمل من كتاب "الطارق" بالحبّ لونتها حبيبتي، وحطيتها بنصّ السطيحه وحدّها في مرجوحه وكرسي هزاز وكراسي قش قديمة وعهلسطيحه كلّ يوم الصبح قبل كلّ شي، بشرب فنجان قهوة أنا وإمّي.. والغرفه حوّلتها لمكتبه متنوّعه صار فيها اليوم أكتر من 3000 كتاب بين قانون ولغات وفلسفه وعلم نفس وشعر وروايات وأدب ونقد وتاريخ وميثولوجيا ودين وسياسه... وسميّت المكان "تحت العريشه"...و"تحت العريشه" الخَيال بيتجدد والسؤال بولّد أسئله والأفكار بتتحوّل وبتتغيّر والقصص العاديه بتصير نصوص أدبيه...

 

بيتنا العتيق، تعمّر بالعونه، بس ما اندبك عسقفه لينرّص التراب، لأنّ سقفه قرميد أحمر حانن عبعضه، ياما عشعشو فيه الدواري وعاشو قصص حبّ. حجار بيتنا مقصّبه متل ما قصّب، السؤال والخيال، براسي، الصور والذكريات والأحلام والأفكار والمعاني، وبالعونه قبل العاصفه وقبل ما يدلف الوحل، عمّرو هالكتاب حجر فوق حجر، ودبكو وغنّو "ع الدلعونه" مع العاطفه والعقل، الكتف عالكتف، بلكي بينرصّ سقف التراب بالنار والهوا والميّ... وكلّهم بهالبيت بالحبّ والدفا بعيشو سوى، مع اللي نامو ع بكّير واللي رح يوعو بعد شويّ... 

 

"تحت العريشه" تعلّمت الحياة من الحياة، وتأكدت من عدم صحة النظريه اللي بتعتبر الابداع سببه ألم أو حزن أو مرض نفسي، واللي كتار بجربو يروجولها... الألم والحزن والمرض النفسي فيهم بمطارح وبأوقات يحفزو البشري عالابداع بس أكيد مش هنّي سببه وفيهن كمان يسببو أذيّه للمجتمع ولو صاحبهم مبدع. "تحت العريشه" تعلّمت إنّه سبب الابداع، الخيال والسؤال. الألم لازم يتعالج سببه ليزول والحزن كمان والمرض النفسي بحاجه لمعالج نفسي عشرط ما يكون المعالج كمان مريض نفسي.. ضروري البشري يرتقي للسعاده وللعقل السليم ولو من خلال الحزن والألم ليصير إنسان...

 

"تحت العريشه"، هالسرديات بالمحكيّه اللبنانيّه، ما بتتعارض مع عشقي للّغه العربيّه، وإصراري على المحافظه عليها وتجديدها، بس حسيّت إنّه صار ضروري نكتب للناس اللي بِعدو عن القرايه، بلغتهم الدارجه، ورفع طريقة تعبيرهم لمستوى الأدب، بعد ما صار في هوّه بينهم وبين اللغّه العربيّه، ولأنّ المحكيّه اللبنانيّه من أقرب المحكيّات للفصحى حافظت بطريقة الكتابه، عقدر الإمكان، على شكل وتركيبة الكلمات، بلكي بتكون محاوله لردم الهوّه، وإعادة بناء جسر بين الناس ولغتهم الرسميّه. وبالوقت نفسه كتبت نصوص بالفصحى (رح انشرها بجزء تاني)، خلقت من رحم العريشه، العريشه ذاتها، لمّا سألتها إذا أنا بفكّر بلغه معيّنه؟

 

 

الصفحة الأخيرة:

 

علّمتني العريشه، إنه باللغه منعبّر لنُعبُر....

 

يتبع

        

بياعة اللبن

 
التاريخ: 2022-01-06
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro