مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
25 كانون الأول ميلاد النور
 
كفروني، يوسف
 

 

 

يبلغ الظلام أقصى مداه في الإنقلاب الشتوي،21 كانون الأول، يتوقّف قليلا في هذا المدى، ثم يبدا في التراجع. يتقدّم النور، في25 كانون الأول، إنه يوم ميلاده. ويوما بعد يوم يكبر ويزداد إشراقا وانتشارا.

 

هذا هو اليوم الذي اختارته الشعوب الحضارية التي أتقنت علوم الفلك والحساب، ورصدت حركة الأرض ودورانها حول نفسها وحول شمسها. فاختارته عيدا مجيدا لميلاد النور، وبه ارتبط ميلاد أدونيس وحورس وميثرا، ورسخته الكنيسة فيما بعد موعدا لميلاد يسوع، تجاوبا ًمع مطالب الشعب من جهة، ولأن دلالات النور ورموزه هي أكثر تطابقا وانسجاما ًمع يسوع رسالة وحياة وشهادة.

 

ليس المهم أن تكون الولادة في هذا التاريخ، قبله أو بعده، فالارتباط رمزي. إنه ميلاد النور فمن هو الأجدر بهذه الرمزية؟

 

النور عدو الظلام، وبينهما صراع دائم.

 

يرتبط بالظلام، الظلم وكل عناصر الشر والفساد.

 

ويرتبط بالنور الحق وكل عناصر الخير والجماد.

 

النور هو الذي يعطي الغنى والخير وهو الذي يضيء الجمال. فلا غنى ولا خير ولا جمال ولا حق ولا حقيقة خارج النور.

 

النور ليس بحاجة أن يولد في قصر ولا أن يبيت في مكان.

 

لذلك ولد يسوع في مغارة في مزود، ولم يكن له في حياته مكان يبيت فيه.

 

لم يحمل تيجانا مرصّعة ولم يلبس ثيابا مذهّبة.

 

دعا في رسالته إلى تحرير العقل من جمود الشرع وإلى الإرتقاء الأخلاقي والمناقبي ورفض الإنغلاق والتقوقع، ودعا الى الإنفتاح على الجميع دون أي تمييز من أي شكل كان.

 

كان ثورة على الظلم والطغيان، وكان ثورة أخلاقية سامية ضد الانحطاط الأخلاقي المتجسّد في القيم المادية الرومانية والقيم اليهودية الفريسية. فقد أعلت الأولى كثيرا من قيم اللذة المادية ومن الفردية الطاغية بعيداً عن القيم الاجتماعية والأخلاقية، وغرقت الثانية في نزعتها العنصرية وفي إنغلاقها وعدوانها تجاه كل من هو غير يهودي.

 

كان يسوع ثورة على التحجّر والإنعزال، فقتله تحالف ظلم رومة وجبروتها مع تحجّر اليهود وانعزالهم وخوفهم المرضي.

 

أين حاملو اسمه من رسالته وجوهر تعاليمه؟

 

في هذا اليوم أنظر إلى نور يسوع وأراني طفلا يمسك يده، جائعا يطعمه، عطشانا ًيرويه، مريضاً يشفيه، حزيناً يعزّيه، فقيراً يغنيه، عاجزاً يسنده وضالاً يرشده... وأراه في الكافرين بالظلم والاستعباد، المقاومين للطغيان والفساد، الحاملين هموم الشعب بصدق وإخلاص.

 

وأراه في كل مناضل حامل روحه على كفّه، وفي كل مجاهد حاضر لتقديم دمائه قرباناً، لتكون للآخرين حياة أفضل.

 

وأرى في كثير من حاملي اسمه تزويراً لحقيقته. فكنزهم حيث يكون قلبهم، إنه في الإهتمامات المادية وفي مظاهر العظمة الفارغة والمجد الباطل.

 

أرى حنانيا وقيافا، في لابسي الحرائر والطيالس والتيجان المرصّعة، وفي الوجوه الصفراء تتصدر المجالس وترتدي الأقنعة.

 

نور تعاليمك يا يسوع باق، فمهما طغى البعد المادي وقست قلوب الناس، سيبقى الأمل والرجاء بازدياد النور وانتشاره. وستبقى حاجة الناس والمجتمع إلى المحبة والرحمة دافعاً لسلوك درب النور، فالانتصار الحقيقي على الظلم والظلام هو انتصار القيم النفسية الراقية.

 

المسيحية الحقيقية هي مسيحية المحبة والرحمة والانفتاح، هي القيم الإنسانية الكونية والتسامي الأخلاقي دون تمييز بين انسان وآخر مهما كان لونه وجنسه ودينه وأصله. وهذه المسيحية لن تلتقي أبدا مع حاملي وناشري أمراض التعصب والإنغلاق والحقد والخوف، لأنها مظاهر اليهودية المتحجّرة التي جاءت رسالة يسوع ردّا عليها ونقضا لها.

 

المؤمن بالنور لا يسير في الظلمة، ولا يخفي نوره، بل يضيء به على الجميع.

 

 
التاريخ: 2021-12-26
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro