مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
تقدم الأمة وشروط نجاحها
 
ملحم، ادمون
 

 

لم تحقق الأمم المتقدمة ما وصلت إليه من مراتب الرقي الحضاري والتقدم العلمي والصناعي والتكنولوجي بما لديها من ثروات وموارد طبيعية فقط بل بإعتمادها ايضاً على قدرات شعوبها ومواهبهم وبالإستعانة بمؤسسات صالحة للنهوض والإرتقاء وبإعتناقها مبادىء صحيحة مكّنتها من الصعود إلى مرتبة الأمم العظيمة. "إنّ الأمم الكبيرة لم تكن كبيرة في الأصل"، يقول سعاده، "بل كبرت باعتناقها المبادىء الصحيحة التي تفتح أمامها سبل التقدم والارتقاء والفلاح."[1]

 

والتاريح مليء بالأمثال عن أمم، كإنكلترا وألمانية وفرنسة وغيرها، ارتفعت "من درجة الصغر إلى مرتبة الكبر بتوخيها العقيدة الصالحة لكيانها. كذلك هبطت أمم من مرتبة الكبر إلى درك الصغر بعدولها عن عقائدها الصحيحة إلى عقائد غير صالحة لكيانها وتقدمها."[2]

 

وأمتنا السورية كانت في الماضي أمة كبيرة، عظيمة، يحسب لها حساب  وقد بسطت سلطانها وسؤددها "على ثلاثة أرباع المنطقة التي كان لها شأن تاريخي في العالم المعروف، وكان لأساطيلنا البحرية من الصولة والقوة ما لأساطيل بريطانية وأميركانية اليوم."[3] ولكنها ضعفت وسقطت بعامل الفتوحات البربرية المتعددة. "فتفكك نظامنا وعمّت فينا الفوضى وشاعت فينا المذاهب الفاسدة والنظرات الغريبة عن مصالحنا فصرنا أمة صغيرة بعد أن كنا أمة كبيرة عظيمة."[4]

 

إن خروجنا من أوضاع الإنحطاط ومفاسد السياسة والاجتماع والاقتصاد ومن كل الحالة الزرية، التعيسة، التي نحن فيها وإستعادة سؤددنا وعظمتنا ليس بالأمر المستحيل. فنحن شعب غني بمواهبه العقلية ويتمتع بنفسية صراعية قادرة على التغلب على ما يعترضها من معوقات وفيها كل إمكانيات الخلق والإبداع والتفوق والإنتصار في معترك الحياة.

 

والشرط الأول لتحقيق إمكانية النهوض هو اعتناقنا للعقيدة الصحيحة الجامعة التي تدفعنا إلى التآخي والاتحاد والتضامن والتعاون بإخلاص لننقذ أنفسنا من الأخطار الخارجية و"من الحزبيات الدينية، من الطائفيات، من تأثير الدول على هذه الحزبيات والطائفيات، من الأحقاد المتغلغلة في الصدور.."[5] ولنكون شعباً واحداً، وإرادة واحدة، سائرين إلى المجد.

 

والشرط الثاني لتحقيق إمكانية النهوض هو اعتمادنا على المؤسسات القومية الصالحة للأعمال الإنشائية العظيمة التي تهتم في شؤوننا ومصالحنا وتساهم في ترقية هذه المصالح وبناء الحياة القومية الاجتماعية الجديدة.

 

 ونحن لنا إيمان لا يتزعزع بأننا قادرين على النهوض والإستقلال وإستعادة حيوية الأمة وقوتها وإنشاء عظمة وسؤدد جديدين بفضل النهضة القومية الإجتماعية القائمة على عقيدة صحيحة، متينة، تعبِّرُ عن جوهر نفسيتنا الخيّرة وعن تطلعاتها وطموحاتها الكبرى في الحياة.

 

إن أهمية نهضتنا العظيمة تكمن في أمرين: أولاً، في قوة المبادىء الصحيحة القائمة عليها والضرورية لوحدتنا ولحياتنا. وثانياً، في المؤسسات القومية الجديدة الصالحة للنهوض بحياتنا وصيانة مصالحنا القومية والمؤهلة لحمل مبادىء الحياة الجديدة وحفظ مطاليبها العليا وخططها الأساسية"[6]. بتوفر هذين الشرطين: العقيدة الصحيحة والمؤسسات القومية الجديدة، نستطيع ان نحطّم الحواجز المصطنعة ونحرِّرَ النفوس من الأغلال الإقتصادية والروحية ونشقَّ طريق الحياة الجديدة للأمة ونقودها "إلى مراكز المجد، إلى الخير، إلى البحبوحة، إلى العظمة، إلى إعطاء العالم من إنتاجها العظيم."[7]

 

نحن حسمنا خيارنا وقررنا بكل عزم وإيمان ان نكون أبناء نهضة قومية إجتماعية، عظيمة، وجماعة نهوض قومي وعز وحرية للأمة. نحن لسنا جماعة أقاويل وشعارات.. بل جماعة عمل منظّم تؤمن بمبدأ القوة المنظمة وبالعقل شرعاً أعلى وبالصراع المستمر من أجل حرية الأمة وتقدمها..

 

ونحن لسنا جماعةَ أحلام وتمنيات.. بل جماعةٌ مدركةٌ، واعيةٌ، تعتمد على أفعالها. نحن حركة صراع وقتال ضد الباطل والإستعباد والظلم والشر والفساد.. حركة صراع بالمبادىء والقيم السامية التي نحمل وحركة قتال بدمائنا وأرواحانا و"لو لم نكن حركة صراع"، يقول سعاده، "لما كنا حركة على الإطلاق، لا تكون الحياة بدون صراع"[8]. ومن يرفض الصراع يرفض الحرية ولا ينال إلا الذل والعبودية.

 

نحن نرفض حياة الذل وثقافة الهزيمة والتخاذل والإستسلام ونعشق حياة العز وثقافة العمل والبناء والإنتاج لأننا نفهم الحياة حقاً وخيراً وجمالاً وإبداعاً..

 

نحن نؤمن بالبطولة المؤمنة والتضحية بإخلاص ونؤمن بثقافة المقاومة لأعداء الوطن والشعب لأننا أبناء الحياة الجديدة، أبناء النهضة القومية الخلاّقة التي "تحارب في جميع الجهات، لأن حربها هي حرب عز لهذه الأمة."[9]

 

نحن في حالة حرب غايتنا فيها بلوغ الغايات الإنسانية الأخلاقية الأعلى: الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية. "إنها حرب مميتة بين نهضة العز ونهضة الذل!.. إنها حرب مميتة نسير فيها إلى نهايتها فإما عز لهذه الأمة، واما ذل لها!"[10]

 

 

 


[1] خطاب الزعيم في خونين، 31/01/1943، الزوبعة، بيونس آيرس، العدد 61، 15/06/1943.

[2] المرجع ذاته.

[3] المرجع ذاته.

[4] المرجع ذاته.

[5] خطاب الزعيم في بيت مري، 19/10/1947، الشمس، بيروت، العدد 299، 19/10/1947.

[6]  سعاده في أول آذار 1956، ص 47.

[7] خطاب الزعيم في بيت مري.

[8] سعاده في أول آذار، ص 99.

[9] سعاده في أول آذار، ص 94.

[10] المرجع ذاته، ص 94-95.

 
التاريخ: 2021-09-23
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro