عندما صار يشعر بدعوته نحو إنهاض الأمة كان يجد في هذه الدعوة دعوة نبوية. ووجد فيها شعباً يريد الخلاص وأمة تريد أن تحيا ووجد في نفسه أنه المدعو إلى هذا العمل، يقول: "في كل هذه المدة الطويلة، وبعد كل هذه المحن العظيمة لم يضعف إيماننا بل قوي ـ إيمانكم بي وإيماني بكم. آمنتم بي معلماً، وهادياً للأمة والناس، ومخططاً وبانياً للمجتمع الجديد، وقائداً للقوات الجديدة الناهضة الزاحفة بالتعاليم والمثل العليا إلى النصر. وآمنت بكم أمة مثالية معلمة وهادية للأمم، بناءة للمجتمع الإنساني الجديد، قائدة لقوات التجدُّد الإنساني بروح التعاليم الجديدة التي تحملون حرارتها المحيية وضياءها المنير إلى الأمم جميعها، داعية الأمم إلى ترك عقيدة تفسير التطور الإنساني بالمبدأ الروحي وحده وعقيدة تفسيره من الجهة الأخرى بالمبدأ المادي وحده.." 

وجد [سعاده] ان هناك دفق منه نحو الناس يتخطاه فعندما كان يتكلم كان يعيش حالة من الحب لشعبه يتفجّر عنها كلمات وأحاسيس ومشاريع يعود إليها نفسه فيجدها أنها مهمة للناس والأمة، يقول: "إن خطبي ومقالاتي ضرورية لكل قومي، وكل من يريد درس حقيقة النهضة القومية وفلسفتها، فهي دائماً جديدة"

إن الزعيم يعيش نوعاً من الاتصال الداخلي بينه وبين أفكاره والآخرون مهيئين لأن ينهلوا منه لا أن يشتركوا معه لأنه هو ذاته يشعر وكأنه يعيش دعوة تلبسه لبساً. وكأنه فعلاً صاحب دين. يقول: "إنّ العالم قد شهد في هذه البلاد أدياناً تهبط إلى الأرض من السماء أما اليوم فيرى ديناً جديداً من الأرض رافعاً النفوس بزوبعة حمراء إلى السماء"

د. ميشال سبع، السورية القومية وصراع الدم - أنطون سعاده الارتوذكسي، الطبعة الأولى، شباط 1999، بيروت، ، ص 59-60.