مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
اللقاء السنوي الثامن مع سعاده 2016 - تحية إلى سعيد تقي الدين وزكي ناصيف
 
ضهور الشوير - العرزال
إعداد: مؤسسة سعاده للثقافة
 

 

 

 

أحيت مؤسسة سعاده للثقافة في ساحة النصب التذكاري، العرزال في ضهور الشوير اللقاء الثامن مع سعاده، وكانت التحية الى الأديب النهضوي سعيد تقي الدين وللموسيقي زكي ناصيف في مئوية ولادته، وغصت القاعة والمدرج بالحضور تقدمهم ممثل الحزب  السوري الأمين نجيب خنيصر ورئيس المجلس الأعلى محمود عبد الخالق والوزير السابق بشارة مرهج وغيرهم، بداية كلمة رئيس مؤسسة سعاده للثقافة  حليم فياض القتها سمر حسان، وقالت :

 

 

 

 

 

 

 

 

كلمة رئيس مؤسسة سعاده للثقافة

 

حليم فياض

 

 

ألقتها سمر حسان

 

 

ها نحن في مؤسسة سعاده للثقافة نطل عليكم اليوم بلقائنا السنوي الثامن مع سعاده في ظلال الشوير والعرزال وفي النهار ما قبل الأخير من شهر تموز شهر التضحية والفداء والاستشهاد.

 

نحن باقون يا حضرة الزعيم، المبادىء والعقيدة والقيم القومية الإجتماعية باقية على العهد وهي نهضته تعم بالخير والحق والجمال على الأمة . فهي مرسخة فينا كترسخ هذا الصنوبر الأبي في عمق الأرض.

 

تأسست مؤسسة سعاده للثقافة في العام 1999 وهدفها الأسمى نشر فكر سعاده ومبادئه لتعم المعرفة وتكون النهضة المنشودة وعلى مدى أثنتي عشرة سنة الأخيرة عملنا على عقد ندوات وإقامة محاضرات تجاوز عددها المئة أشرنا اليها في هذا الكتيب وأهمها استرداد القطع الأثرية الفلسطينية التي تجرأ موشي دايان وأهداها لأصدقائه موقعاً عليها بكل وقاحة أسمه وهي ملك الأمة وعادت اليها. كذلك كما استحدثنا نشاطين مميزيين سنويين في الجامعة الأميركية في بيروت :

 

الأول جائزة أنطون سعاده لأفضل بحث حول "الاإصلاح السياسي في العالم العربي" والثاني " سلسلة محاضرات في الموضوع عينه . كذلك قامت المؤسسة بتوثيق طبع ونشر الأعمال الكاملة ليكن فكر سعاده مرجعاً للجميع . ودرجنا تقليداً ان نحتفل بلقاء سنوي مع سعاده منذ العام 2008 بعد أن قمنا النصب التذكاري ونضيء الشعلة سنوياً.

 

مكرمين في هذا اللقاء اعلاميين وأدباء وكتّاب وأصحاب فكر حملوا انطون سعاده ولم يهابوا المخاطر آنذاك من ملاحقات أمنية وخطورات على أرواحهم وعائلاتهم، فافتتحنا بتحية الى زكي ناصيف ثم تحية الى القدس وتحية الى توفيق الباشا والوليد غلمية وفؤاد سليمان في مئويته. كذلك كان لنا تحية تكريم ووفاء للأمينة الأولى جولييت المير سعاده ومحمد بعلبكي واليوم ها نحن أمام سعيد تقي الدين ومهما قلنا عن الأديب سعيد تقي الدين نبقى مقصرين حول خفة دمه وسلاسة قلمه .

 

فأهلاً وسهلاً بكم آملين ان تستمتعوا معنا

 

 

كلمة الأستاذ سليمان بختي

 

 

ثم رحب سليمان بختي بالحضور وقال :

 

عاش سعيد تقي الدين الأديب والمسرحي النهضوي (1904- 1960) على هذه الارض 56 عاماً وها نحن بعد 56 عاماً على وفاته نؤدي له التحية مثل الأمس واليوم وغداً. ولم يزل في تمامه، ولم يزل بيته في رأس الضيعة في الأدب والسياسة كما كان يقول شيخ النقاد مارون عبود. والسؤال كيف نقترب من سعيد تقي الدين القيمة المضافة والظاهرة الماثلة والمتنوع الموهبة والإنتاج الأدبي من القصة القصيرة الى المقالة الى المسرح الى  الخطاب الى الرسالة الى رفة جناح وقد بلغت الآثار التي تركها 24 كتاباً 13 منها أنجزها في حياته  و 11 أصدرها الباحث جان دايه، وعلى الطريق كتاب جديد بعنوان " سقط سهواً". وسعيد تقي الدين لا يزال ينتج فلا غياب ولا من يحزنون. وفي زمانه طارت له شهرة في لبنان والعالم العربي حتى كتب عنه الناقد المصري أنور المعداوي " سعيد تقي الدين أعظم أديب فنان في المهجر، شيء واحد أريد أن أقوله لقراء العربية في كل مكان وهو ان يقرأوا كتاب " حفنة ريح" .

 

هاجر سعيد تقي الدين الى  الغربة ومنها وأشتغل في كل شيء، أشتغل في التجارة والأعمال لكي يعيش ويبدع في الشعر والرواية والمسرح ويتحرر في وقفاته ومواقفه وأحلامه. كان جريئاً وكريماً وصريحاً وواضحاً. كان واحد من هؤلاء الذين أذا مروا في الحياة أخذوا معهم الشهب والصدى والرذاذ والهالة والأثر.  أي مهمة كانت تلقى على عاتقه كانت مهمته الكبرى. وأي دور يحفظ له فكان دور البطولة الأولى. وأي قضية كان يؤمن بها كانت قضية حياته. نتذكره يصرخ : " كل مواطن خفير" . أو "لا يمكن ان يكون المواطن صالحاً الا اذا توفرت فيه ثلاثة شروط : أخلاق رفيعة، وثقافة واسعة، واختصاص عالٍ".  او" ليس المهم ان تصرع التنين المهم ان تصارعه". او في " لبنان ثلاث دروب سياسية : طريق الحكومة وطريق المعارضة والصراط المستقيم". هذا الكلام عمره من عمر الجمهورية ولا يزال واقع الحال مقيم.

 

نتذكره في مكتبه في رأس بيروت، كما روى لي الروائي الراحل يوسف سلامة، وفي الغرفة مكتبين: مكتب للجهاد والنضال والقضايا القومية، ومكتب للشؤون الحياتية والمهنية والتجارية. فلا خلط ولا مزج بين الشخصي والعام، ولا بين المادي والمعنوي، ولا بين الدين والدولة. وعرفنا ما أصابنا جراء ذاك الخلط الفظيع الذي أوصلنا الى الفوضى والهدر والفساد والتشبيح. وسعيد ابن بيئته ولطالما تغزل ببعقلين مثلما يتغزل العاشق بمعشوقته. "بعقلين عاصمة الدنيا" او " الجامعة الأميركية في بعقلين".

 

كتب سعيد تقي الدين غير مرة الى شقيقه بهيج وهو يخوض الإنتخابات النيابية " تذكر يا بهيج، والدك شو كان يقول ما تنام حدي وايديك موسخين". أحب سعيداً والدته حباً جماً، ولعل عودته الى لبنان لم تكن الا لأجلها هي، أمه التي كتب لها إهداء في احد كتبه من الفليبين: " الى بعض الله الذي انشطرت عنه ولا أزال منه ..... الى أمي، الى التي أحيت ارضاً بوراً في السفح المطل على قريتنا فزرعتها وهي في السبعين سندياناً لن ترى هي ولن أرى أنا أغصانه، الى أمي هذه الصحائف".  لكننا نحن رأينا السنديانات وقرأنا الصحائف ولمسنا الحب العظيم.

 

قوة سعيد تقي الدين في انه كان أكبر من نفسه، أكبر من صورة اللحم والدم. في مسرحية "المنبوذ" يضع على لسان شخصية رفيق هذا الكلام: " نعم كنز. لقيت كنزاً. لقيت نفسي. كنت قطرة في مياه لا تروي، تتبخر، ولا شأن لها، عندما كنت وحدي. قفزت الى النهر، فلم أعد ذرة من مياه. أنا بعض هذا النهر. أنا النهر. النهر الغائر الهائج الواضح الهدف، الجارف ما يعترضه، المعلن بهديره ودويه عن وجوده وثروته وعطائه، وعن البحر الذي يقصد اليه".

 

ورد سعيد تقي الدين قبلنا صفاء الماء ودعا الجميع الى الوليمة ولم يستثنِ  أحد. نتذكره ونسأل لماذا أنتمى الى صفوف النهضة بعدما صنع أسمه ومجده الأدبي، وعادة يحدث العكس؟ في ظني لأنه كان صادقاً وأراد خلاصاً مجتمعياً لا فردياً، أراد نهضة بلاده، أراد عقلنة الحضارة وعلمنة المجتمع، أراد للقيم والمبادىء ان تكون سياسة. أراد الوفاء الحقيقي لباعث النهضة.

 

سعيد تقي الدين ذلك القادم الينا من منازل الحقيقة ليثبت ان حكاية الانسان على هذه الأرض هي حكايته مع الكلمة، وان للمناقبية والمبادىء حصة المعنى في الحياة وفي ضمير الناس. لذلك كلما قرأناه يجعلنا نردد: الله الله ما أشمخ العقل على العمر ... الله الله ما أهزل الأيام على الذكاء".

 

وبعد، أعطانا سعيد تقي الدين هبة من يتمتعون بالضحك على هذا العالم والسخرية منه وهم يعلمون ان المتعة ينبوع لا ينضب. هبة من يعانون لكنهم مصممون على هزيمة المعاناة وتجاوزها واختراع الأمل واطلاق الأسهم المضيئة لبتديد الظلمة .

 

سعيد تقي الدين نتذكره اليوم وكل يوم ونحتاجه ونكتب على رسله وننسج من عباءته، ونراه ينهض كالقلعة ويمشي كالجبل، وينظر كطائر حكيم، فاذا الرياح تهب في شراعه كأخضر الرجاء، أمل يحيي الأمل، ويدلنا بلا هوادة الى رؤية جديدة وقيم جديدة وانسان جديد وبلاد جديدة .

 

 

كلمة الدكتور غالب غانم

 

 

وبعنوان "سعيد تقي الدين وأدب النهضتين "  قال الدكتور غالب غانم : يُتاحُ لي، في هذا المقام، استذكارُ حقبةٍ منوّرة من حَقَباتِ تاريخنا الحديث، ودخولٌ إلى مَغانٍ تطمئنُّ نفسي كلَّما حللتُ في رَحَباتها. دخولٌ إلى شطرةٍ من شطراتِ القرنِ المنصرم كان للفكر فيها أرائكُ عاليةٌ وصدارات. وكان الأدب بيادرَ وواحاتٍ وخزائنَ مرمريّةً، وعاصفةً وجسداً بروح، وحاملَ أحلامٍ وحارسَ قضايا، ومصهر ثقافاتٍ وأساليب، وقبضاتٍ تدقُّ على صدر الحريّة، وبحراً خضمّاً تتهادى فيه حوريّاتُ اللّغة.

 

سعيد تقي الدين هو من ربابنةِ هذا الأدب، وعواصفهِ، وأحرارهِ، ومطوّريه وطليعةِ نهضويّيه.

 

بل قُلْ إنّه ابنُ البيئتين: أريافُ العُلى وضفافُ المغامرة... وابنُ الرافدين: رافدُ الحريّةِ ورافدُ الالتزام. وابنُ النهضتين: النهضةُ الأدبيّةُ التي غذّاها بثمارِ قلمِهِ وأجاجينِ مائه، والنهضةُ الإجتماعية التي تغذّى بها وجاهر في حمل لوائها وغرَف من ينابيعها الدائمة التدفّق.

 

***

 

أجلْ... هو ابنُ الحريّةِ وابنُ الإلتزام في آن.

 

من قال إنّه محظورٌ على الأديب الملتزم أن يتنشّق نسيمَ الحريّة العليل، وأن يُقيمَ بينَهُ وبين الجمال أسترةً، وأنْ يئدِ لطائفَ اللّغة وغرابيلها الضوئية؟ لقاءُ الحريّة والإلتزام هو أن يظلَّ لفواحِ زهركَ عبقٌ خاص في مواسم التفتّق، وأنْ تكونَ شُرفةً في أمّتك وشرفاً لها، وأن تكونَ رؤياك على قدرِ أحلامك وعلى قدرِ أحلامها في آن.

 

ولقاء الإلتزام والإبداع هو ثمرة من ثمار اللقاء الأوّل. ويبقى أنّ الإلتزام والإبداع في الأدب كالنار والنور في ظواهر الطبيعة. من مضارّ النّار أنّها قد تتعدّى الإشعال إلى الإحراق. ومن مضارّ النّور أنّه قد يقف عند حدود البهاء يوم نكون بحاجة إلى الاشتعال.

 

يومَ أتى عبدالله القبرصي إلى سعيد تقي الدين يستحثُّه على الإنتماء إلى العقيدة القومية الإجتماعية كان صاحبُنا في أعلى ذُرى التهيّؤ للإنتظام في صفوفها. ومع ذلك، قال لزائره:

 

"غير أنّني قبلَ أن أنتظم أريدُ أن أتثبّت من أمور أوّلها أنّ الحزب لا يحاول هدمَ لبنان. فإنّ الذي قال:

 

إذا قيلَ لبنانُ قُلْ موطني إلهي فصلِّ لهُ واسجُدِ... هو عمّي أخو أبي وقد أفصح عن الكثير ممّا في نفسي نحو لبنان... ومنها أن لا أؤمَرَ بكتابةِ شيء أو الكفِّ عن شيء."

 

وحين طمأنه الأستاذ قبرصي عن أنّ لبنان هو "بعض دمنا وبعضُ بلادنا"، أضاف:"وأمّا الكتابة فلكَ أن تكتب ما تشاء أو أن تُهملَ كتابة ما تشاء. غير أنّني أتنبّأ لكِ بثروةٍ أدبيّة تجنيها من تفاعل العقيدةِ في نفسك، (سعيد تقي الدين، المجموعة الكاملة، المقالات السياسية، ص201).

 

الثروةُ الأدبيّة المجتناة من تفاعل العقيدة في النفس هي لقاءُ الحريّة والإلتزام، ولقاء الإبداع والإلتزام. وهي لباقةُ عبدالله القبرصي في الإيحاء بأنّ الأدب- وهو فنٌ جميل- سيزدادُ ألقاً وغنى بالإلتزام. وهي أخيراً ادب سعيد تقي الدين الذي غدا، بعد انتمائه، قلعةً من قلاعِ النّضال، ومغنىً من مغاني الجمال.

 

***

 

وسعيد تقي الدين، إلى ذلك، هو ابنُ وطنِهِ وابنُ أمّتهِ في آن.

 

كنتُ بالغَ الغبطة حينَ وقعت عيناي في إحدى مقالاته على هذه العبارة:

 

"ويتّهمون أصحاب عقيدتنا بالتنكّر للبنان. أيُّ منطقٍ هذا! من يزعم أنّ من يريد خدمة أمّته هو بحكم الطبيعة متنكّر لأمِّهِ؟ (المقالات السياسية، ص72).

 

أجَلَ، كنتُ بالغَ الغبطة، إذ تذكّرت، حين قرأتُ هذه القولة المعبّرة، كلاماً لي وموقفاً أطلقتُهما عبرَ احتفالٍ أُقيم عام 1995 إحياءً لذكرى المربّي الشاعر أديب صعيبي الذي تقاسم فؤادَهُ لبنانُ والعروبة. قلتُ آنذاك:

 

وهو على "وطنيّةٍ لا زيغَ فيها ولا اعوجاج. لا عُقدَ ولا أحابيل. تُغنّي لبنان كما غنّاه الشعراءُ العنادِل. وتندفعُ مع العرب أمّةً كما اندفع معها النهضويّون الأوائل. إنّه في الحقيقة نموذجٌ مثال من الوطنيين الذين يُمكن أن يُخبّئ محبّو لبنان قصائدهم في الصدور، وأنْ يُخبّئها أيضاً محبّو العربيّة والعروبة. وأظنُّهُ كان يَعْجَبُ ممّن يعجبُ بموقفه هذا. ذلك أنّ الإنتماء إلى الوالد القريب الذي هو لبنان لا يمنعُ، بعُرفه، انتماءً إلى الجدّ البعيد الذي هو العرب. وذلك أنّه لمن الجحود، في المقابل، أن تُنكرَ الوالد بحجّةِ انتمائكَ إلى الجدّ".

 

(أبعد من المنبر، لصاحب هذه الكلمة، الجزء الأوّل، ص198)

 

كان أدبُهُ مرآة عكست شجون "الأمّ"، وآمال الأمّة. وكان، مرّة أخرى، أديبَ النهضتين، وحبيبَ الوطنيين!.

 

***

 

من العصيّ، في لحظاتٍ عجلى، إيفاء هذه الدارةِ الأدبيّة الفيحاء – دارة سعيد تقي الدين - حقوقها الكثيرة علينا.

 

يومَ كانت أبوابها مشرّعةً على كلّ أفق وعلى كلّ جهةٍ، حلّت في ظهرانيها جيوشٌ من الأفكار والصور والمواقف والأحداث والحالات والمشاهد والعلائق والغضبات والأحلام وطوالِع النّور وتوجيه القلم إلى التصدّي لكلّ قهر وانغلاق وظلامٍ وخنوعٍ وقهقرى.

 

يعودُ إلى بيروت، بعد غربةٍ مديدة، وبه – كما يقول - تحرُّق لعمل شيء، وفي نفسه من القوّة ومن بخار الكهرباء ما لو قذَفَ جبلاً لأوصله إلى المرّيخ". (المجموعة الكاملة، المقالات الأدبية، ص91).

 

"كان من نفسهِ الكبيرة في جيشٍ..." وفقَ ما قاله شاعرٌ في رثاء المتنبي... وكان من قلمِهِ على أهبةٍ لخوضِ الغمراتِ بكرةً وعشيّا، يُمنةً ويُسرةً، واقعاً وتصوّراً. كانت الواقعيّةُ السّمةَ الأبرز من سماتِ أدبه، وأمامها وحدها أتوقّف نظراً لمقتضى المقام.

 

الأدباء الواقعيّون قد يكونون أقربَ إلى حقيقةِ المُثُل من أقرانهم المثاليين أو الخياليين. الواقعيّون يخيطون أثواب المثاليّة من هموم الناس وعرق الأرض و جراح المجتمع وتوقِ الأمم إلى التغيير والترقّي. أمّا المثاليون فقد ينسجون في الطبقات العُليا من تصوّرهم ما يُشبه خيوط العنكبوت أو قصورَ الوهم.

 

كانت واقعيّتُهُ مغلّفةً بغلالةٍ من السخرية الذكيّة التي تقع عند القارئ موقعاً حسناً، فيستساغ النقد، وتُستحبُّ النقمة، وتتطاير من الأحرف شرارات لا تحرُقُ وإنْ كَوَت، ولا تنطفئُ وإنْ سكبَ المعنيّون عليها تحفظاتهم المشروعة.

 

عن عنفوان الزحليين وتشاوفهم المحبّب المفرط هذه المقتطفات من مقال "حقائق جديدة عن زحلة" (المجموعة الكاملة، المقالات الأدبيّة، ص222).

 

 "في وزارة  الداخلية اليوم أزمة تشكيلات سببها أنّ جنرالاً في الدرك يطلب الترقية بأن يعيّنوه شاويشاً في زحلة...

 

"حين أبديت استغرابي لتاجر حديد في زحلة أن يكون في مخزنه عشرون ألف برميل مسامير وأن لا تكون عنده مطرقة واحدة برسم البيع أجابني: هنا حين يريدون أن يدقّوا المسمار في الحائط ينفخون عليه...

 

"أمّا مدير شركة الطيران في بيروت فقد أوضح الأمر بشكل آخر إذ صرّح: "أوّل طائرة أرسلناها وصلت إلى علو عشرة آلاف قدم فوق زحلة فارتطمت برأس زحلاوي وتحطّمت في الجو".

 

وتلبس هذه الواقعيّة لبوسَ الغضب الكبير عندما تطأ عتبة السياسة، فينقضُّ الكاتب على الحكام والمحكومين، على أصحاب الزّمام وعشّاق الكراسي، كما على تُبّاعهم المستسلمين. فالكراسي، بعُرفه، هي مصيبة لبنان. "والكرسي جانية لأنّ مقتعِدَها يدير ظهره بحكم الجلوس لأناس كثيرين وأمور كثيرة..." (المقالات الأدبيّة، ص230). وما من ديمقراطية حقّ في بلادنا بوجود "الشعب الخانع، الشعب الممتثل لنفوذ السلطة، المستكين للعنف، بائع المصلحة الكبرى بالمصلحة الصغرى، المقايض بالمال حق التصويت المقدّس، المُقاد بالجهل وبالتعصّب وبالخوف، الضارب بالسيف عنف كلّ من علا رأسُهُ على أكتاف القطيع..." (أنا والتنّين، ص 79).

 

كنّا نعتقد أنّ السياسة التقليديّة تُصابُ بالرّعب كلّما لمَعَ اسمٌ من خارج ناديها ومن خارج إرادتها، فتروح تضعُ العصيّ في دواليب عربتِهِ، وتذمّ علمه وتكيل الشتائم لصفاتِهِ الحميدة، وتستميت حتى لا يُشارك في سلطةٍ تظنُّها إرثاً عن أسلافها وأطيافها وشياطينها المكشوفة والمستورة. كنّا نعتقد ذلك... وقد زاد صاحبنا على هذا الإعتقاد أنّ الشعب مسؤولٌ عمّا يحدث لأنّه لم يهزهز الكراسي ولم يرفضِ الهوان وشارك في لجم الطاقات والإستخفاف بالعبقريات!. أفما آن أوان الرّفض أيُّها السيّدات والسّادة، أيّها الشباب، أيّتُها النخبة، أيّها الشعب المسلوبة إرادتَهُ، المهيضَ جَناحُهُ، المُنشِدَ لجلّاديه أناشيد النّصر والفخر وأبي زيدٍ الهلالي وسائر العنتريّات؟

 

وتتصدّى واقعيّته لأشدّ أمراض المجتمع فتكاً: ومنها الطائفية، والذهنيّة الذكوريّة المتخلّفة:

 

"ومن الغلوّ والأساطير قولُنا إنّ لبنان بلد الرقيّ. كيف ندّعي الرقيّ وهيكل حكومتنا بنيناه على الطائفية..." (المقالات الأدبيّة، ص245)

 

 وتبلغ به الشفافية والجراءة حدّاً طرح عبره مسألة الشهوة الجنسية في بلاد المشرق، وحقوق المرأة في هذا الميدان:

 

"من أسباب احتقارنا للمرأة في بلادنا، وبالتالي تحقير بلادنا، أنّنا نحسب الجماع عمليّة افتراس..." ومن "حقوق المرأة أن تصبح العلاقة الجنسية منادمة قلبين تهاتفا، وسكرةَ غرام منسجم، وذروة عناق روحي موسيقي، فإذا الجسدان إمّا التصقا أو افتراقا، توحّدا وتواحدا، فإذا هما منشدان وكانت أغنية." (المقالات الأدبية، ص21).

 

 إنّه مع الجنس النشيد لا مع الجنس الإفتراس. مع الجنس الحقّ للطرفين لا مع الجنس الإغتصاب من طرف واحد. مع الجنس الجسد والروح لا مع الجنس السلطة أو السّلعة. مع الجنس الفرح الباقي لا معَ الجنس النّشوة المسلوبة.

 

لا مواربة، ولا رياء، ولا إختفاءَ وراء الحدث، ولا تردّد، ولا إستكانة، ولا سُكنى في الغياهب والأوهام...

 

هذا كاتبٌ لا كالكتّاب. هذا قلمٌ واقعي وقلم ناريّ وقلمٌ حضاري وقلمٌ نهضويّ...

 

***

 

في يوم سعيد تقي الدين، ومن على مِنبر الثقافة والحياة هذا، أنحني أمامكِ أيّتها الأقلامُ النهضويّة!. أعيدينا إلى عهودِكِ وبيادركِ وبيارقكِ والمطيّبِ من منثوركِ والمنظوم، والرائي من فكركِ والنّازِّ عنفواناً ومعاندةً ومقاومةً من حِبرِك... أعدنا إلى هذا الزمان يا سعيد تقي الدين... أما ترى أنّه كادَ أن يصرعَنا التنّين؟!.

 

 

كلمة الدكتورة إكرام الأشقر

 

 

ثم كانت المداخلة الثانية في اللقاء حول سعيد تقي الدين من الدكتورة إكرام الأشقر وكانت بعنوان " مقاربة في أعمال سعيد تقي الدين المسرحية " وقالت :

 

ننبهر بالغرب وبثقافة الغرب وبحضارة الغرب  فنستورد أفكاره وأنماط وأساليب حياته ونتناسى اننا نملك في مخزوننا الثقافي الكثير من الأسماء اللامعة التي نبغت وسطعت في سماء العالم وساهمت بإغناء وتطور العلم والمعرفة والأدب العالمي .

 

لذا علينا ان نحس بالفخر والمسؤولية والواجب اتجاه  ادبائنا ومفكرينا ومبدعينا لتخليدهم في ذاكرة الوطن،  من هنا كان الرصد والتصميم لننطلق وندخل عالم سعيد تقي الدين، هذا الرجل الذي تصدّر المشهد الثقافي وترك بصمة مميزة في سجل التاريخ المسرحي لما يملك من الثراء الفكري والفني وذلك لتسليط الضوء على أبرز المحطات الفنية في تراثه المسرحي لتكون مادة حية قيّمة غنية يستفيد منها الطلاب والباحثون .

 

سنتحدث عن  هذا  الرائد الذي  امتلك ثروة أدبية طموحة مجاذفة مغامرة ساخرة  ناقدة  بحيث تعددت الميادين التي تناولها فلم يترك حقلاً سياسياً او اجتماعياً أو اعلامياً إلا ولمع به، وندر ان اجتمع في رجل واحد ما جمعه سعيد تقي الدين باحثاً دارساً محللاً ومسرحياً وأديباً لتقترن الموهبة الأدبية بالأصالة الإنسانية اذ أنه هو مدرسة قائمة بذاتها علماً ومعرفة وتضحيات . 

 

لقد تميز سعيد تقي الدين بإدراك عميق لشروط البيئة التي عاش فيها وذهنية الجمهور الذي توجه النصوص اليه، فأتى مسرحه ليطرح الكثير من الإشكاليات والأسئلة ويلامس قضايا وظروفاً لا نزال نعايشها حتى اليوم لذا واسوة بأسلوبه المتميز جعلت من هذه الدراسة بناءً علمياً متماسكاً.

 

عاصر سعيد تقي الدين الحكم العثماني والإنتداب الفرنسي الإستقلال وما بعد الإستقلال وعاش احداثاً وحروباً بدءاً بالحرب العالمية الأولى مع ما رافقها من أهوال ومجاعة مروراً بالحرب العالمية الثانية التي عاشها في المهجر وفي الفلبين تحديداً كما عايش الثورات العالمية، كل هذه التطورات والأحداث وجميع هذه العوامل شكّلت لدى سعيد تقي الدين صورة  إجتماعية متكاملة اختار منها ما يحتاج اليه من مواد لإغناء مسرحياته.

 

فلم يعرّب تقي الدين ولم  يقتبس عن المسرح الغربي اذ انه اعتمد في مسرحياته على مرئياته وتجربته الحياتية فقد اخذ مواضيعها من المجتمع والعصر ومعطيات الحياة الإجتماعية والسياسية  والإقتصادية .

 

كما وضع للمسرحية العربية أصولا جديدة استوحاها من حياة الناس وعواطفهم وآمالهم وضمنها الأبعاد الإنسانية وطوّرَ ما رآه وما سمعه .

 

من ناحية اخرى اختبر سعيد تقي الدين الحياة في القرية وفي المدينة فالتقط العادات والتقاليد والقيم والأفكار التي كانت سائدة في مجتمع تلك الحقبة.

 

لذا جاء أدبه المسرحي ليعكس كل جوانب حياتنا الإجتماعية حيث عبرت مسرحياته عن الحياة بكل ما تحمله من صراع بين الخير والشر وعن الإنسان بكل ما يحمله من تناقضات بين الفضيلة والخطيئة  وما بين محاربة قوة الشر وإظهار قوة الخير .

 

كتب سعيد تقي الدين مسرحيات عدة ولكنه كان يتوجها بمقدماته، لذا استعرض في مقدماته كل ما يعرف عن الدراما والتمثيل والإخراج والنقد واللغة المسرحية، و نظّر في المسرح وأعاد النظر في معنى المسرح والدراما وأظهر العلاقة بين الجمهور والعرض ونوع العلاقة بين خشبة المسرح والجمهور وهو يقول ان المسرحية تكتب لتمثل لا لتقرأ  ولا يحكم عليها إلا بعد التمثيل  .

 

مسرحياته عالجت قضايا الحياة حيث ناصر قيم الحق والعدالة وسلّطَ الضوء على أهمية الأخلاق التي يجب ان يتمتع بها المحامي في مسرحية  " لولا المحامي"  حيث  تناول الشأن السياسي والإجتماعي والإقتصادي  وعالج مضمونها إدانة الفساد والاقطاع والطبقية وكتب عن مجتمع مستغل من نظام اقطاعي  كما صوّرَ حياة القرية بما فيها من العصبيات والتعصب والأحقاد وتسلط  الإقطاعيين بعدما قوي نفوذهم خلال الحرب  وأبرز المؤامرات التي ينسجها أهل السلطة وكيف يتعاطون مع هموم الناس الذين تصغر طموحاتهم وتكبر أحقادهم كما يقول المؤلف.

 

كما وضع شخصية الإقطاعي والشيخ والبيك وفي المقابل الفلاح والفقير وحاول تأجيج الصراع القائم بين هاتين الفئتين ومن ضمن معالجة القضايا الإجتماعية وحيث ينتصر الخير على الشر والظالم يلقى عقابه.

 

أما في مسرحية " نخب العدو "  فاستشرف  المستقبل المليء بالحروب  والإنقسامات  اذ أتى موضوعها حول الإقتتال الطائفي بين عائلتي الحمصي والحموي  فسلّطَ الضوء على النزاعات والصراعات العائلية والعشائرية والقبلية التي هي من القضايا المتجذّرة في المجتمع اللبناني ويعبر عنها على لسان  أم وسيم احدى شخصيات المسرحية التي تردد قائلة: ان هذه الضيعة حبلى بالبارود وكلنا نلعب بالكبريت ونحن جالسون على فوهة بركان .

 

كما يقول المؤلف عن مسرحية " نخب العدو ": ولدت أشخاصها أجنة وكبروا وعايشتهم وفي مقدرتي ان أقص لكم سيرهم ولو كنت رساماً لرسمتهم، فصنفها بأنها فوارة الحيوية طريفة الحوادث سهلة الإخراج .

 

أما مسرحية "حفنة ريح" فهي مجموعة من المواقف الساخرة الناقدة لعيوب المجتمع وللذهنية البائدة، وقدمت نماذج عن الشرائح الإجتماعية المختلفة كالتاجر والأستاذ والمحامي والمثقف وتناقضاته وضعفه وتزلفه ورفضه للواقع، فجاء الصراع في هذه المسرحية بين ميول فنية وفكرية وصرف المؤلف كل جهده في التردد والدوران والتأرجح ويقول على لسان الشيخ نسيب "اذا كان في بلادنا رأي عام" و يسأل "اين هو؟ انا لا آراه " فيرد وجيه الشخصية الأخرى" خطر الرأي العام في انه لا يرى شبه الرصاصة، شبه الرصاصة لا تراها حتى ولو خرقت رأسك." المسرحية هي صورة كاريكاتورية عن حياة الشباب المكافح وتتناول نماذج تقول الواقع الظاهري والباطني .

 

أما المصدر السياسي العقائدي والذي كان نقطة تحول كبرى في حياة تقي الدين فهو مسرحية "المنبوذ" التي عرض فيها حالة التصادم بين الفرد المسحوق والمقموع  وبين مجتمع مليء بالفساد، فدرسَ التوازن بين الفرد وسلوكه ضمن مجتمعه، فكان بطل تقي الدين إنساناً يائساً بائساً صامتاً لديه ثورة على المجتمع يطرح قيم الحرية والعدل فيصل الى الإدانة ولا يصل الى اليأس، وهو يردد في مسرحيته: كل ما في الكون مترابط يسوده نظام التعاون، النيزك الذي ينفلت عن النجم يحترق ويفنى، وجواد الصافي فشل لأنه انشطر عن الجماعة، وقال في معرض آخر عندما أنشد نشيداً ألفه لفلسطين : "هي أرضي هي عرضي هي حبات دمي لا يساوي حفنة من  ترابها جوهر الدنيا ووهج الذهب." 

 

اما موضوع الهجرة التي هي مأساة شعبنا اليوم وهي حاصلة بفعل تعاقد جهنمي بين التمزق الإجتماعي من ناحية والتخلف الاقتصادي من ناحية اخرى، لقد عانى سعيد تقي الدين من الغربة فوصف دروبها بالدروب الموحشة، اذ أثرت الغربة في روحه وفجرت كوامن القدرة عنده.

 

انه رجل لا يتخطاه الزمن انه رحيل مستمر في اتجاه الأعماق تعيش في عوالمه الصاخبة ووسط حشد شخصياته التي نجدها واقعية موجودة بيننا فنتفاعل معها وظروفها الإجتماعية حيث يقول في هذا الإطار: أنا لم أعمد إلى مخيلتي فأستوحيها قصة خيالية بل رجعت الى الحوادث من حولي وأخذت منها ما يوافقني ثم نسقتها وزدت عليها. وهنا يكمن الفرق بين شخصياته الواقعية وشخصيات النص المقتبس التي تأتي من الخارج، والتي تفتعل الحدث .

 

لقد اختار شخصيات تؤمن بالمثالية المليئة بالخير والعدالة والأخلاق، ويقول مارون عبود بشأن شخصيات سعيد تقي الدين انها نماذج عايشها ورآها بعيني رأسه فهو في "لولا المحامي" مثله في "نخب العدو" و"حفنة ريح" يمثل اشخاصاً عايشها وآكلها وشاربها وتأمل حركاتها وسكناتها.

 

فهو لم يبدعها كلها ولكنه جلاها وصقلها جميعاً حتى لاءمت مذهبه الفني كما يردد في مجال آخر ان هذه المسرحيات هي تحف فنية نادرة ويقول عصام محفوظ انه أدخل شرارة الحياة الى المسرح اللبناني ويقول خليل مطران في مقدمة مسرحية "لولا المحامي": "هي جديرة بإسم الرواية على النحو الذي وصفه أئمة الفن". 

 

لقد كتب سعيد بلغة مسرحية متميزة وتعد اللغة عنده ظاهرة من ظواهر الحياة الإجتماعية التي تتفاعل مع غيرها من الظواهر، فتتأثر بها ولغته مستوحاة من روح الموقف وطبيعته حيث يقول  انها تسير وفق مستويين:

 

- مستوى أدبي فصيح في السرد

 

- مستوى موغل في العامية في الحوار

 

ان نصوص تقي الدين منسوجة بأسلوب يحاول تكثيف الواقع في صيغة علائقية حيث ينهال على المجتمع نقداً وتجريحاً وسخرية  ينصب مرآته التي تقدم ملخصاً وتكثيفاً أعيد تنظيمه كصورة ذات قدرة عالية على تفصيل السمات والملامح، فإذا ما أتيح لها بعض اللمسات الإخراجية التحديثية فقد تحقق نجاحاً مهماً، لأن ما كتبه وما أنتجه من مؤلفاته المسرحية والنقدية ومن أفكاره المتوهجة وقلقه الدائم في جوهر القضايا التي شغلته  في مسرحياته من نقد للذهنية اللبنانية وما يحويه المجتمع اللبناني من تناقضات ونقائص وعيوب لا تزال كما هي حتى اليوم .

 

 

التحية لزكي ناصيف

 

 

وفي القسم الثاني من برنامج اللقاء كانت التحية لزكي ناصيف من فرقة أماكن بقيادة المايسترو اندريه الحاج وغناء لورين الحاج، وبدأتها بمعزوفة تحية الى سعيد وزكي .

 

وقدمت الفرقة أغنيات ومعزوفات بينها: عاشقة الورد، وطلوا حبابنا، وأهواك، وأشتقنا كتير، وعابالي، وختمت بأغنية يا بلادنا مهما نسينا....

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
التاريخ: 2016-07-30
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro