مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
كَتَبَ هِشام شَرابي في "الجمرِ والرماد"
 
غصوب، مكرم
 

"رَكِبَ سيَّارةَ صُبحي فَرحات بِرفقَةِ سَمير خوري وأَمَرَ صُبحي أنْ يَسيرَ بالسيّارةِ جَنوباً. أَخبَرَني سَمير فيما بَعد بِتفاصيلِ الرحلةِ. قالَ إنَّ سَعاده لم يَنْبِسْ بِكلمةٍ إلى أن وَصَلت السيّارةُ الى مشارفِ دَرعا فقالَ لصُبحي:


- عٌدّ الى دِمشق."

 

كنتُ صَغيراً حينَ سألتُ والدي لِما عادَ؟
رَفَضتُ أنْ يُهانَ... لم أُدرِكْ يَومَها أَنّهُ عَادَ ليُعيدَ الكَرامةَ الى الكَرامةِ.
كَرِهتُ أنْ يُخانَ...لم أُدرِكْ يَومَها أَنّهُ عَادَ ليُعلِّمَ الخِيانةَ معنى الوَفاءِ.
خِفتُ أنْ يُقتَلَ...لم أُدرِكْ يَومَها أَنّهُ عَادَ ليَقْهَرَ الموتَ بِوَقفةٍ وابتسامة.
خَشيتُ أنْ يُهزَمَ...لم أُدرِكْ يَومَها أَنّهُ عَاَد لينتَصِرَ لِسَعاده "الزعيم" بِقَسَمِهِ وبِصُدقِهِ،
لأنَّ أصعبَ التحديات الصدقُ مع الذات،
ولأنَّهُ رُبَما الوَحيدُ في تَاريخِ البَشَريةِ الذي كان مِثالياً في مواجَهَةِ الموتْ كما كان مثالياً في بَعثِ الحياة.

 

ولَكِن، في الأَمسِ واليَومِ،
شَتَّانَ بينَ مِثاليةِ سَعاده وخُبثِ دُيوكِ الطائِفيةِ الذين كَدَّسوا النُفاياتِ مَزابلَ، مَنابرَ لِصياحِهمِ المَسْمومِ.
لَوَّثوا الهَواءَ، المَاءَ، الْتُرابَ، العُقولَ بِوَهمِ بَيضِ دَجَاجَاتِهمِ المُذَهَّبِ.
دُيوكُ الظَلامِ الذينَ سَرقوا ضَوْءَ الكَهرباءِ لِيُلوِّنوا رِيشَهُم المَنفوشْ، قَتَلوا أبناءَ النُورِ في صِراعَاتِهِم العَبَثية،
ولِمُصَادَرةِ الفَجرِ يُبشِّرونَنَا اليومَ بِإِفلاسِ الدَولةِ هُم المُفلِسونَ وَطَنياً مُنذُ تَرَبُّعِهِم على مَزابِلِهِم الطائِفِيةِ.
الفَجرُ لا يُوقِظُهُ دِيكُ مِزبَلةٍ بِصِياحٍ عَقيمٍ، إِنَما نُسورُ فِكرٍ وانتِماءْ، نُسورُ عِزٍّ أَرضُهُم سَماءْ، نُسورُ زَوبَعة،
أبطالٌ وشُهداءْ دِماؤُهُم الطاهِرةُ كَفيلةٌ بِتَنقيةِ التُرابْ والمَاءْ والهَواءْ والعُقولِ المُلوّثَة.

 

شَتَّانَ بَينَ مِثاليَةِ سَعَاده ودَولةِ الفَسادْ،
دَولةِ السَماسِرةِ في الإِداراتِ الرَسمّيةِ بِرُتَبٍ عُليا ورُتَبٍ دُنيا،
الخُبراءِ بالالتِفافِ على القَانونِ والعَقلِ وتَشريعِ الرَشوَةِ وبَيعِ الضَمائِرِ، وتَشويهِ المعاني الكَبيرةِ والقَيَمِ الرَفيعةِ، تِلكَ التي بَدَلَ أَن يَرتقوا إليَها أَنزَلوها، حَوَّروها، مَسَخوها لِتُصبِحَ بِمُتَنَاوَلِ نُفوسِهم الصَّغيرةْ.
الإِصْلاحُ في الدَولةِ والمُجتَمَعِ لا تصنَعُهُ قَحباءُ تُحاضِرُ بالعفَّةِ (على حدِّ قَوْلِ سعيد تَقيَّ الدين)
إِنَّمَا مَنْ تَرَبّى على الانتِماءِ الحِقيقي وآمَنَ بأَنَّ الدِماءَ التي تَجري في عُروقِهِ هِيَ وَديعةُ الأُمَّةِ مَتَى طَلبَتْها وَجَدَتْها، وأَدرَكَ أَنَّ قِيمَةَ الحَقِّ والحَقيقةِ والخَيرِ والْجَمال لَيست مادِّيةً، بِأنَّها نفسيةٌ إنسَانِيةٌ، بِأنَّها قِيمَةٌ اجتِماعيةٌ.

 

شَتَّانَ بَينَ مِثاليةِ سَعادَه وتَبَعيةِ سِياسيينَ مُعلَّبينَ بِتَوَاريخِ انتهاءٍ للصلاحيةِ تُحدِدُها سَفاراتُ الدُوَلِ الغَريبَةِ،
شَتَّانَ بَينَ مِثاليِةِ سَعَاده وجَشَعِ الرأسماليينَ الجُدُدِ المُتَحدِرينَ من سُلالةِ الْجَراد،
شَتَّانَ بَينَ مِثاليِةِ سَعَاده ورُضُوخِ الْجَمَاهير المُستَهلِكة المُستَهلَكة.
الثَورةُ الحَقيقيةُ بِحاجَةٍ إلى شَعبٍ يَثورُ مِن أَجلِ واجِباتِهِ كَما يَثورُ من أَجلِ حُقوقِهِ،
يَقضي على الخِيانةِ الحَرباء أَيْنَما وُجِدَت، يَقطَعُ رأسَ المالِ متى كان رأساً للحيّةِ.
شَعبٌ العَقلُ شَرعُه الأَعلى، المَعرِفَةُ قُوَّتُهُ وشَريعتُهُ فَلسفَةُ "الإنسان-المجتمع".

 

عَادَ سَعاده ليرحَلَ.. كَي يَبقى...
كَي يَبقى حاضراً في مَساحاتِ الغِيابِ الشاسِعةِ نوراً مُلهِماً لأُمّةِ الحَضارةِ والإِنسان.
كَي يَبقى خَالداً كما كِلكامشَ وديموزي وبَعل ويَسوع السّوري، في فكرِهِ إكسيُر الحَياة.
فلنَعُدّْ إلى سَعَاده، الفِكرِ المُتَجدِدِ والقَسمِ الثابِتِ والصُدقِ الصَادِقِ والمِثاليةِ في الأَخلاقِ والإنسَانيةِ،
لأَنَّهُ سبيلُنا الوَحيدْ الى الانتِصارِ بالأرضِ والارتقاءِ بالإنسانِ الى معنى الحياةْ يا ابناءَ الحياةْ.

 
التاريخ: 2021-05-25
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro