مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
اللقاء السنوي الرابع مع سعاده 2011 - تحية إلى وليد غلمية
 
ضهور الشوير - العرزال
 

 

بدعوة من "مؤسسة سعاده للثقافة" ضمن برنامجها " اللقاء السنوي الرابع مع سعاده" بعنوان "تحية الى الوليد غلمية"  الذي أقيم في 6 آب 2011 في ضهور الشوير – استراحة المطل.

 

 

كلمة الأمينة هيام محسن

 

 

بداية رحبت رئيسة المؤسسة الأمينة هيام محسن بالحضور وقالت :

 

أيها الأصدقاء

 

مرةً أخرى نجتمع هنا في اللقاء السنوي لمؤسسة سعاده للثقافة، لنحتفي معاً بصاحب المشروع النهضوي – الأوّل والوحيد –  الشامل لكلّ أوجه الحياة في بلادنا.

 

هو إحتفاء بسعاده وليس موعداً معه، فموعدنا معه يوميّ لا ينقطع.

 

فلمن اعتنق فكر سعاده  وجعل هذا الفكر إيماناً له ولعائلته وشعاراً لبيته، يغدو الموعد فعل ممارسة يومية حياتية تلقائية.

 

ففكر سعاده نهج حياة متكامل لا يتجزّأ،

 

هو فكرٌ شموليّ بمعنى أنه يلامس كلّ شؤون حياتنا: من العائلة، النواة الأولى للمجتمع، إلى نظرتنا للمرأة ودورها الرائد المساوي تماما لدور الرجل، إذ لم يفرّق سعاده بين امرأة ورجل، بل وجّه دعوته إلى الانسان في بلادنا، وما تركيزه على العائلة إلاّ تأكيداً على أهميّة دور المرأة منشئةً للأجيال إضافة إلى دورها في المجتمع .

 

إلى الثقافة وما تشتمل عليه من فنّ وأدب وموسيقى، وكان لنظرة سعاده النهضوية في هذا الشأن الأثر الكبير على جيل كامل من الأدباء والشعراء والمسرحيين والموسيقيين وسواهم من المبدعين، الّذين أسسوا لمدارس في هذه المجالات.

 

 

أيها الأصدقاء

 

إنّ فكر سعاده  كما ذكرت سابقاً ، كلٌّ لا يتجزّأ. من هنا لا يمكننا الفصل بين الثقافة والاقتصاد أو بين العقيدة القومية ووحدة المجتمع، ولا بين وحدة الأمة وحقّ وواجب الصراع (في كافة أشكاله من دبلوماسية إلى عسكرية) من أجل تحرير كامل فلسطين واسترجاع كيليكيا والإسكندرون والأهواز.

 

ليس هذا الكلام بكلام سياسة، لا، حذار الخلط بين الشأن السياسي والشأن القومي!

 

فما السياسة كما عرّفها سعاده إلاّ فنّ بلوغ الغايات القومية. فنحن عندما نتحدّث في شؤون وشجون أمتنا إنما نتحدّث بالشأن القومي. أمّا إذا تحدّثنا عن السبل لتحقيق غاياتنا فنكون قد دخلنا في السياسة.

 

فما تتعرّض له أمتنا الآن من العراق إلى فلسطين مروراً بلبنان والشام، هو شأن قوميّ بامتياز.

 

عندما تحترب في العراق المذاهب والطوائف والأثنيات، فهذا شأنٌ قوميّ، وعندما يذبح علماؤه وكتّابه وفنّانوه ويهجّر الباقي، فهذا شأن قوميّ. عندما تعود بلاد الرافدين قروناً إلى الوراء بعد أن أصبحت منارة للعلم والثقافة والفنون، فهذا شأن قوميّ. عندما يهجّر ما يسمّى خطأً " أقليّات" ويضطرّ الآشوري والكلداني والسرياني إلى إثبات هويته العراقيّة، فهذا شأنٌ قوميّ.

 

عندما ينفجر العنف الدموي في الشام من أقصاها إلى أقصاها، وتختلط الأمور بين رافضٍ للنظام ومجرمٍ بحق الوطن، وبين موالٍ للنظام ومستفيدٍ منه متملّق له، ثمّ يتساوى الطرفان في نحر الوطن، فهذا شأنٌ قوميّ.

 

عندما يصبح لبنان كانتونات مذهبية غير معلنة وتصبح فيه العمالة وجهة نظر، وعندما يحكمه ملوك الطوائف ومصّاصوا دم الشعب، ويتقاسمون الدولة ووظائفها العامة كقالب جبنة وتصبح السيادة مسألة نسبية، فهذا شأن قوميّ. عندما يرفع عنوان " التوطين" كقميص عثمان لحجب أبسط الحقوق المدنية للفلسطينيين في مخيمات لبنان من عمل وبناء وإعمار وتوريث وضمان وغيرها، من أجل دفعهم دفعاً للهجرة إلى أصقاع الدنيا الأربعة ليوطّنوا هناك ، بدعم أوروبي أميركي أممي، فهذا شأن قومي من الطراز الأول.

 

عندما يكون في الضفة والقطاع حكومتين متناحرتين، وعندما يستشري الفساد فيهما، ويكون لدى كلّ حكومة معتقلين فلسطينيين موالين للحكومة الأخرى، وعندما يصبح كلّ شيء قابل للتفاوض بما فيه حقّ العودة، وعندما تعتبر رئاسة السلطة الفلسطينية أن وضع فلسطين المحتلة عام 48 أمر لا يعنيها، وتمنح الكيان الإسرائيلي بكل بساطة الإعتراف بيهوديته، كتحصيل حاصل عبر التصريح بأن ما تطلقه "إسرائيل" على نفسها من هوية أو إسم لا يعنيها، فهذا شأن قومي .

 

لا يملك أحد لا الآن ولا مستقبلاً حق التنازل عن ذرّة تراب واحدة في فلسطين.

 

فالأرض ملك للأجيال المتعاقبة، وهي أمانة يسلّمها جيلٌ إلى جيل.

 

ليس الوطن عقاراً للبيع أو للمقايضة! بل ملك الأجداد والأحفاد، ملك الأحرار والشهداء!

 

القضية الفلسطينية ليست نزاعاً سياسياً يحتمل التأويل، إنّه شأن قوميّ قوميّ قوميّ!

 

أيها السيدات والسادة

 

أيّها الأصدقاء

 

إنه لمن السهل جدّاً أن نقول ونكون محقّين أنه لو أخذ أبناء الأمة بفكر سعاده ومبادئه الإصلاحيّة لما وصلنا إلى ما نحن عليه الآن. ولكن الصدق مع الذات يحتّم علينا الإعتراف بأن الكثير مّمن حمل لواء عقيدة سعاده من أفراد ومسؤولين مقصّر بحقّ العقيدة والأمّة.

 

إنّ وقفةً صادقةّ مع الذات تحتّم علينا الإعتراف بأنّنا تخلّينا عن كوننا رسالة، فالرسالة أيها الأحبّاء فعل تبشير وممارسة يوميين. لقد انهمك المؤمنون بسعاده بأمور كثيرة ليس الآن مجال ذكرها، والمطلوب واحد!

 

إنّنا في مؤسسة سعاده للثقافة، لسنا جمعية مغلقة، ولا نادٍ للمتقاعدين... فالإنتماء إلى فكر سعاده، كما الأمومة والأبوة ،لا تقاعد منه!

 

إنّنا أخذنا على أنفسنا ضخّ دم جديد في جسد متعب!

 

توخّينا من هذه المؤسسة استقطاب كلّ المؤمنين بفكر سعاده وطروحاته على كافة المستويات، ليكونوا دماً جديداً فعّالاً منتجاً !

 

نحن ندعو جيل الشباب إلى الانخراط في مؤسستنا لكي يرفدوا هذا المجتمع بنشاطهم وإبداعاتهم ووعيهم، ويعيدوا جذوة الإيمان الأوّل!

 

إنّنا ندعو كافةَ بنات وأبناء هذا المجتمع، المؤمنين بفكر سعاده النهضوي الريادي، إلى ممارسة العمل القومي، بما هو وعياً لأمراضنا: من المذهبية والطائفية والعشائرية، إلى اللاعدالة الإجتماعية، إلى الكيانية الضيّقة البغيضة، إلى وباء الفردية المستشري، إلى الروح الإنهزامية المنكفئة على ذاتها، الفاقدة الثّقة بالوطن، وهي ذاتها روح الإستعلاء عالى الوطن والمواطن على حدّ سواء.

 

 إذا كان في الفرد منّا خير فليغدق منه على الوطن.

 

إن بلادنا بأمسّ الحاجة الآن إلى كلّ ذرّة من الوعي الحرّ الخلاّق.

 

أيها الأحبّاء

 

سعاده ليس فكراً نظريّاً، ومكانه ليس بين دفّتي كتاب!

 

ما إرث سعاده المكتوب إلاّ دليلآ لنا لنهوض داخليّ، وخطة عمل ومواجهة لمشروع إستيطاني إقتلاعيّ ما برح ينهش في جسد الأمة !

 

فنحن في هذه اللحظة من التاريخ، نواجه مشروعين أحكما القبضة على أمتنا.

 

أوّلاً، المشروع الإستيطاني الصهيوني اليهودي على أرض فلسطين، وهو مشروع إلغائي لوجودنا كأمة، ولن يقف عند الحدود المصطنعة بين فلسطين وسائر الكيانات. فبينما قبلت كياناتنا التقسيم  ما زالت حدود "إسرائيل" من النيل إلى الفرات.

 

ثانياً ، المشروع الموازي له في الداخل، مشروع الإقتتال المذهبي وتفتيت الكيانات المقّسمة سابقاً على يدي السيّئيّ الذكر سايكس وبيكو، إلى دويلات عرقية مذهبية! وها نحن نشهد إنتقال هذا المشروع من العراق، بعد أن أمعن فيه وما زال اقتتالاً مذهبياً دمويّاً، إلى الشام حيث تستعر الآن حرب القوى الظلامية على المجتمع، ممتطيةً حركة إصلاحية مطلبية تحرّرية محقّة!

 

وها قد بدأ أبناء سعاده بدفع ضريبة وقوفهم لحقن الدماء، بدمائهم هم.

 

أيّها الأصدقاء

 

ليس من خلاص لهذه الأمة إلاّ بفكر سعاده.

 

والزمن لا ينتظر، والتاريخ لا يرحم!

 

فلنعد جميعاً إلى الإتّقاد الّذي بثّه سعاده في شرايين الأمة!

 

وعلى وقع الصوت القدسي الآن الآن وليس غداً أجراس النهضة فلتقرع.

 

 

 

                                                                                                           

كلمة السيد سليمان بختي

 

 

أهلاً وسهلاً بكم في اللقاء السنوي الرابع مع انطون سعاده في المحاضرة التي سيلقيها الأمين مسعد حجل بعنوان " أنطون سعاده – ذكريات ووجدان". والأنسب ان نقول انها حديث من القلب الى القلب عن رمز وقضية 

 

ولكن بداية أرجو ان تسمحوا لي بالتعبير عن غبطتي وسروري أمام هذه اللحظة. أن أقدم علم من وزن مسعد حجل فهذا حمل على كاهلي أنوء به كمن يجد نفسه بين أهله ومحبيه ويريد ان يقدم كبيرهم. وهذا أمر يدعو للإضطراب، وهذا أمر أعتز به حتى آخر يوم من عمري.

 

أود ان أقول كلمة وقع في ظني أنك تؤثرها برعاية منك. وهي أني لم أجد فصلاً في حياتك بين البيت والنهضة، بين الحياة والنضال، بين الواقع وما تسعى الى تحقيقه من أحلام. لم يسع الأمين مسعد حجل في حياته كلها الى المناصب والرئاسات بل هي سعت اليه لتحتمي بنقائه وشفافيته ومناقبيته من فتنة وشرذمة وانقسام. كلما هبت واختلفوا يأتي مسعد حجل ويتصدى للأمر بصدره ليطفىء رياح الفرقة، وليبث روح العقل، ويشعل جذوة النهضة.

 

رافق انطون سعاده منذ البدايات. أقسم اليمين في بستان تحت الأشجار وفي ضوء القنديل. حكاية وصورة كأنها أسطورة ورسالة.

 

عندما عاد الزعيم من المهجر في العام 1947 وشرع باعادة الحزب الى القواعد الأصلية للعقيدة السورية القومية الإجتماعية سأله الأمين مسعد حجل مستوضحاً عن مغزى بعض الإجراءات، فأجاب: "أكاد أوشك ان أعيد تأسيس الحزب" ولا يزال الأمين مسعد حجل يردد هذا القول كأنه نزل في قلبه حفراً وتنزيلاً.

 

ظل ينظر الى الزعيم نظرته الى الأمل في الحضور وفي الغياب ولم تتبدل النظرة بل ازدادت مع الأيام عمقاً وصفاء ورسوخاً وتقديراً.

 

في الهجرة جعل في فكره القومي الاجتماعي منهاجاً للنجاح، وجعل من الحنين فاكهة، ومن الألم لما يجري على أرض الوطن وصاله السري الأثير.

 

يذهلك الأمين مسعد حجل بكل هذا الود وكل هذا اللطف وكل هذا الدفء ومعه كل الصلابة والمبدأية وعناد الحق. ومن فرط قوة رادار ضميره يكاد يعتذر من الذين فصلهم او طردهم من الحزب، ويكاد يعتذر من الذين أدخلهم في الحزب ايضاً. وفي الأثنين هو طالب حريات وطالب التزامات.

 

أود ان اروي بعض الصور والمشاهد التي عرفتها عن كثب وتبدأ ب لو تعرفون.

 

لو تعرفون مثلاً كيف يّدلع الأمين مسعد حجل حفيدته " تحيا سورية جدو تحيا سوريا، يحيا سعاده".

 

لو تعرفون حين سأله أحد رؤساء الدوائر في الإدارة الرسمية عن سر هذا العمر المديد اطال الله عمره أجابه " كون قومي بتعيش كتير وبتشوف كتير". ولكن ما أراد قوله حقاً هو ان الشباب الصحيح هو شباب الفكر ليس إلا.

 

لو تعرفون اننا حين نجتمع في "مؤسسة سعاده للثقافة" كل أربعاء ويحضر الأمين مسعد حجل والأمين علي غندور والأمينة هيام محسن فأحسب انها جلسه تاريخية. شيء واحد نستطيع الإفتتان به في تلك اللحظة انه ما زال المكان في مكانه، وما زال الإيمان في أول نضارته، وما زال الفكر في أوج اصالته، وما زالت صورة سعاده تشرق كل يوم في عيونهم وقلوبهم وضمائرهم.

 

كلما رأيناك يا أمين مسعد صدقنا انك رمح في غابة الأسنة، وانك ابن الحياة الحر وابن النهضة البار، والمدافع عن المبدأ، والمنافح عن القيمة كمن يدافع عن استمرار النوع الإنساني .

 

ايها العالي لفرط ما انحنيت امام السنبلة، ولكثرة ما نظرت حزيناً لما آل اليه الحلم. لك ان تخبرنا اليوم ذكرياتك الاثيرة مع انطون سعاده – وجدان وذكريات" في اللقاء السنوي الرابع مع سعاده فانت منذ التقيته ذات يوم أدمنت النظر الى الأبعد والأعلى والأعمق والأجمل. أدمنت صناعة الأمل. صناعة الحياة الجديدة كما تستحق ان تعاش.

 

"ولنا ان نقول لك شكراً لأنك انت من انت. وبكل اعتزاز وحب وتقدير تمنحك "مؤسسة  سعاده للثقافة" درعها التكريمي في تحية وتقدير ووفاء وإكبار".

 

 

 

كلمة للأمين مسعد حجل

 

بعنوان

 

 

ذكريات مع أنطون سعاده – فكر ووجدان

 

 

في باحة النصب حيث قدم له درعاً تكريميا بهذه المناسبة لوفائه وعطائه وقال:

 

 

 

أيها السيدات والسادة،

 

ليس لنا في أمرنا خيار، فإما ان نكون من أبناء الحياة، كما أرتضينا بإرادتنا وقناعتنا واستعدادنا، أو نبقى قطعاناً في سباق الإستمرارية القائمة راهناً، التي تقودنا الى التخلف والخور والضياع والعدم.

 

فعندما دلنّا باعث النهضة، ومشى أمامنا، على طريق الحق والعدل، تظللها أفياء الجمال، لتحقيق قيم الخير،

 

سرنا طوعاً، لتجسيد المثل العليا والفضائل الكبرى والقيم السامية المقدسة،

 

وتعود بي الذاكرة، الى زمن الطفولة، عندما كان ينبرني أخي الأكبر ميشال، إذا لمست شيئاً من أغراضه الخاصة، أو فتشت في أوراقه السرية، أو قادني الفضول الى فلفشة تلك الخرقات الملّونة وكانها علم عليه صورة (دولاب الهوا)، الذي كنا نصنعه أو نشتريه للعب والمرح والسباق بين الأتراب... لأني لا زلت صغيراً.

 

وكم كان شوقي شديداً لمعرفة ماذا يدور في تلك "الخلوات" السرية بين هؤلاء الفتية الذين يزورون أخي، ويدخلون معه، الى غرفته ويوصدون الباب، فأتسلل لأسترق السمع من خلف الحاجب، أو النظر من خلال فتحة الغال،

 

لكن أخي، بالرغم من غضبه من الفضول والحشرية المزعجين، كان يكلفني ببعض المهمات فأتحمس لها ببراءة الطفولة وأنفذ ما يطلبه مني... الى ان كان الذي كان.. وشرّع القدر مصراعيه أمام مستقبل لم يكن يخطر ببالي، وأنا اليافع الملتزم بحرفية النص، وإذ بي أقسم يمين الانتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، في مديرية الحزب الأولى، في بلدتي جل الديب، يوم الأول من آذار سنة 1937،

 

وراحت السنوات تمر وتزيد على عمري سنين، كنت مستعجلاً لبلوغها، كما أخذت وراحت المسؤوليات الحزبية تكبر مع تقدمي في فهم العقيدة والتمكن من فكر الحركة ومعرفتي بفقه فلسفتها،

 

الى ان كلفني الزعيم، بمسؤولية منفذ عام لمنفذية المتن العامة، التي كانت تشمل حينها وتضم مناطق المتن الشمالي والمتن الأعلى والمتن الجنوبي  وكنت الوحيد، في منطقتنا، من يملك وسيلة نقل، فاستعملت دراجتي النارية للتنقل بين الواحدات الحزبية، وتفقدها، تلك التي كانت تتكاثر كالطحالب والفطريات، من الساحل عموما حتى أعالي المتنين، بسكتنا وكفرسلوان.

 

ولكم تعرضنا الى حوادث على تلك الدراجة، كذلك الحادث الذي أفتعله الشيوعيون من أبناء حارة الغوارنة، يوم اعترضوني وكان ورائي "العميد" فايز الصايغ وأوسعونا ضرباً بالعصي، وغيرها، محاولين قتلنا، أو مثل حادثة، يوم وعد بلفور، أثناء مرورنا في شارع المعرض، في بيروت، وانقضاضهم علينا في محاولة لإنتزاع العلم عن الدراجة، وجرى ذلك الإشتباك الكبير الذي ذهب ضحيته الشهيد ابراهيم منتش، وأصبح بيتنا في جل الديب، مركزاً للحزب ومقراً للزعيم ومكتباً للقيادة المركزية.

 

وتخرجت مهندساً زراعياً من الجامعة الأميركانية، وتعينت مسؤولاً زراعياً عن مشاتل محافظة الجنوب، من صيدا الى جزين حتى حدود فلسطين المحتلة، بوساطة من النائب والوزير آنذاك، المرحوم إميل لحود، وكنت كلما زرعت إخضراراً في الحقول، أزرع بذور الفكر القومي في عقول الناس، ومع كل غرسة كانت تنبت في بستان، كان مواطن ينتسب الى الحركة القومية الاجتماعية، حتى أصبح عدد الوحدات الحزبية التي أنشأت وأسست، ما يزيد على ثلاثة وثلاثين، مع ناديين في كل من بيت شباب وبيت مري،

 

وخلال سنةة 1948، إستدعاني الزعيم من صور، لدراسة مشروع إنتاجي، على قطعة الأرض، خاصته في ضهور الشوير، وأثناء الحديث، صرح لي بأنه يكاد يعيد تأسيس الحزب، كان ذلك بعيد أزمة نعمة تابت ومأمون إياس وفايز الصايغ وغسان تويني...

 

ثم حلّت الكارثة الكبرى، جراء إستشهاد الزعيم عام 1949، مما أضطرني الى الذهاب حتى الجزيرة السورية في ديريك، على الحدود العراقية، في مجال العمل الزراعي،

 

ومع همّ الإنشغال بتأسيس المشاريع الزراعية، كان الإهتمام أيضاً، بتأسيس فروع حزبية، يتماشى مع ذلك الإنهماك، وكان أول المنتسبين، أحدهم، غبرو غوربيس، وكان يعمل سائقا على الجّرار الزراعي، ومن خلاله، ومعه، وفي فترة وجيزة جداً، أنشأنا أول مديرية من خمسة وعشرين عضواًوهكذا نما العمل الحزبي في تلك المنطقةوانتقلت بعدها لإنشاء مشروع زراعي في حلب...

 

وحصل الزلزال الأعظم، عندما أغتيل العقيد المالكي، فاضطررت الى ترك كل شيء ورائي: مشاريعي وطموحاتي وآمالي، ورفقائي أيضاً، والمجيء الى لبنان، ومنه سافرت الى الكاميرون في إفريقيا الغربية، لأعمل مع شقيقي جان وميشال.

 

فانصرفت الى الأعمال التجارية والاإتمام بتأمين حاضر ومستقبل عائلتي، مع رفيقة حياتي وعمري وولديّ معوض وسوسن.

 

على ان ذلك لم يصرفني عن أداء واجبي الحزبي، فأنشأت مفوضية مركزية مع الرفقاء القليلين، المتواجدين في تلك الجمهورية ومنهم، يوسف زينون وعارف وحليم نويهض وغيرهم، وسرعان ما تحولت المفوضية الى مديرية مستقلة، بعيد الحركة الانقلابية التي فشلت في بيروت 1961-1962، لتوافد عدد من الرفقاء، ولإنتساب عدد آخر من المغتربين، أبناء الجالية.

 

ودخلت القيادة الحزبية الى السجن في لبنان، وكانت القيادات الحزبية الأخرى، لا تزال تقبع في مضافة السراج، في المزة، في الشاموتشكلت حينها قيادة مؤقتة من المسؤولين غير المعتقلين كانت بدءاً في عمان – الاردن، ومن بعد في دمشق، بعد إطلاق سراح القوميين هناك سنة 1963.

 

وكان قلقي يكبر على واقع الحزب ومصير الرفقاء، وبدأت الأزمات الداخلية تعصف، وتشد المفكرين القوميين تارة الى اليمين وأخرى الى اليسار.

 

في زحمة ذلك الإعصار، وبعد حرب النكسة في فلسطين 1967، طلبتني القيادة للمجيء الى لبنان لضرورة العمل الحزبي، فتركت كل شيء ورائي، وجئت لتسلم مسؤولية مركزية عليا.

 

وكان اهتمامي مثلث التوجهات: البناء الحزبي الداخلي، الإنتخابات النيابية في لبنان، إخراج القوميين من السجون في بيروت.

 

وأضفت الى ذلك هماً هاماً جداً في حياة الحزب وتاريخه: ألا وهو إنهاء الإنقسام بين جناحي الحزب: المركز – والإنتفاضة، بقيادة جورج عبد المسيح.

 

لله ما أعظمك أيها الزعيم سعاده، لأنك خلقت من أبناء شعبك، أبطالاً ميامين يتعالون على الموت وعلى الألم وعلى السجن وعلى الإضطهاد،

 

وها هم القوميون الإجتماعيون كخلايا النحل، يعملون ليل نهار، دون حث ولا ملاحقة ولا تذكير، وتشكلت اللجان الإذاعية، لتغطية العمل الطلابي، بهمة الرفقاء هنيبعل عطية وأنطون خوري ويوسف سالم وغسان وحسن عز الدين وغيرهم، فكانوا، كما أرادهم سعاده، يزدادون نمواً وحركة  وصلابة  وإيمانا، كلما ازداد الضغط عليهم...

 

ولجهة الإنتخابات النيابية، قررنا يومها عدم خوضها برفقاء لنا، إنما نؤيد مرشحين يعملون على استصدار عفو عام، من السلطة التشريعية، عن القوميين الإجتماعيين المساجين، وكان لنا ما أردنا.

 

وأود إخباركم بمعلومة للتاريخ، ولإراحة وجداني القومي، عما جرى، قبيل الإنتخابات، بين المرحوم موريس الجميّل وبيني، عندما طلب موعداً للإلتقاء بي، في أحد الأديرة – في مار روكز في جديدة المتن،

 

وبعد التعارف، أسرً لي أنّ عليه للزعيم سعاده ديناً معنوياً وأخلاقياً، يعود الى ثلاثينيات القرن الماضي، عندما أعفاه الزعيم وحلّه من قسمه الحزبي كونه انتسب على يده الى الحزب السوري القومي الاجتماعي عندما كان سرياً، ويعود ذلك الى حسم الخلاف العائلي الذي استجد بين المرحومين موريس الجميل وإبن عمه بيار، رئيس حزب الكتائب اللبنانية، وهو، أي موريس، يريد أن يفي هذا الدين تجاه الحزب القومي، بطلبه العفو عن المساجين القوميين، في حال نجح في الإنتخابات.

 

ونجح في الإنتخابات سنة 1968، ووفى بوعده، كما غيره من النواب، وخرج القوميون "المدنيون" من السجون، وعملنا على استصدار عفو آخر لإخراج العسكريين، الذين بقي منهم أثنان : النقيبان فؤاد عوض وشوقي خيرالله، وقد خرجا لاحقاً،

 

بقي الهم الأكبر، والمهمة الأخرى، التي أتخذتها على عاتقي، والمتعلقة بوحدة الحزب، فمن ثقتي بنفسي وبالمسؤولين، وحبي واحترامي لرئيس الإنتفاضة "جورج عبد المسيح"، إنطلاقاً من علاقتي الحزبية التاريخية معه، التي تعود الى أواخر الثلاثينيات واستمرت حتى أواسط الخمسينيات، وكنت أعتقد ان ذلك متبادل بيننا،

 

ويعد ان أستحصلت على تفويض من كلا السلطتين في المركز، التشريعية (المجلس الأعلى)، والتنفيذية (مجلس العمد)، بدون قيد او شرط، إتصلت بالأمين محمد يوسف حمود، الذي كان منظراً للإنتفاضة وأحد أعمدتها الأساسية، الى جانب عبد المسيح، وأطلعته على عزمي ونيتي وتصميمي لتوحيد الحزب، فأعلن إستعداده للمساعدة، وتحمس للفكرة.

 

وتعين موعد في منزل آل نويهض في رأس المتن، مع مسؤولي قيادة الإنتفاضة، التي كان منهم إبراهيم يموت وإسكندر شاوي وبديع حمال وأنطوان ابي حيدر وجورج عبد المسيح ومحمد يوسف حمود، وكنت وحيداً أمثل مسؤولي المركز.

 

ودام الإجتماع عدة ساعات، حملت المواضيع كلها، هموم الحزب.

 

وسجل عبد المسيح كل الأحاديث والأفكار والإقتراحات، على آلة كانت هناك، ووصل بنا الوجدان القومي الى ان أعد عبد المسيح، عند إعلان وحدة الحزب، ان أعينه رئيساً لمجلس العمد الجديد يكون كل أعضائه من "قوميي الإنتفاضة"، ووعدني عبد المسيح بدراسة الطروحات والأفكار وايداعي الجواب بعد اسبوع ٍ من ذلك التاريخ، على ان يبقى موضوع هذا الإجتماع سرياً، حتى إعلان الخبر السعيد.

 

ومضى الأسبوع الأول، ومضى الشهر الأول، ولم اتلقَ جواباً أو خبراً من (العم).

 

الى ان إلتقاني ذات يوم، أحد الرفقاء من الإنتفاضة، فشكرني على مدحي لها وتأييدي لمنحاها، كونه استمع الى تسجيل بثّه عبد المسيح  مقتطعاً ومجتزاً مما دار في الإجتماع السري،

 

فثارت ثائرتي وقصدت الأمين محمد، لأخبره بما جرى وأسأله إذا كان على علم ٍ بذلك، فاستمهلني يوماً كاملاً واحداً، وفي صبيحة اليوم التالي، تراني أتفاجأ بمقال، كتب في جريدة "النهار" البيروتية، بتوقيع الأمين حمود، يعلن فيه تبرؤه من جماعة الإنتفاضة والتزامه بالمؤسسات المركزية، مما دعاني الى أن أعلن، في خطاب الثامن من تموز 1968، في مهرجان ضهور الشوير، عن أن الحزب الذي أردناه حزباً واحداً أصبح، من جراء خداع وتعنت البعض وأنانيتهم، أصبح حزبين وتنظيمين، يحملان نفس الأسم، ويرفعان نفس الشعارات، ويؤمنان بذات المبادىء ويستظلان علم الزوبعة الحمراء.

 

وعدت الى الكاميرون، الى تجارتي وعملي، وفي نفسي غصة فشل التوحيد، وهناك على المقلب الآخر، وفي عمق القارة السمراء، إستدعاني رئيس مجلس الوزراء الدكتور سيمون بيار تشونغي، ورغب الي ان أترأس لجنة تعمل على تأسيس فرع للصليب الأحمر، وكانت الدولة الفتية، بحاجة الى تلك المؤسسة الإنسانية، وقبلت فكرة التأسيس، ورفضت الرئاسة فكان هو رئيس اللجنة وأنا نائبه.

 

وتوفي الدكتور تشونغي وتعين كاميروني آخر، وبقيت نائبه.

 

وكانت الجالية تشترك في أسبوع الصليب الأحمر الكاميروني، وتقدم ربع مبيع المنتوجات اللبنانية – السورية، الى صندوق تلك المؤسسة، وتشترك في إحياء السهرة السنوية الخاصة بها، واستقدمنا مرة فرقة طيران الشرق الأوسط للرقص الشعبي، أحيت عدة حفلات لصالح الصليب الأحمر، مما دفع برئيس جمهورية الكاميرون في خطابه الرسمي الى القول: انه يصح ان نطلق هذه السنة تسمية "أسبوع اللبنانيين في الكاميرون".

 

وأنشأت المديرية المستقلة مدرسة مجانية لتعليم "اللغة العربية"، كان يؤمها اولاد المغتربين العرب من كافة الجنسيات، كما تعلم فيها رئيس مجلس النواب الكاميروني.

كما أنشأت، بالتعاون مع أبناء الجالية هناك، نادياً رياضياً ثقافياً إجتماعياً هو نادي النهضة.

 

وكانت علاقتنا الشخصية والعامة، جيدة جداً مع رئيس الجمهورية في الكاميرون، ومع كافة المسؤولين.

 

ونتيجة للخدمات الجلي التي كنت أقدمها، ومن خلال علاقتي الراقية الشفافة مع الجميع، قلدني فخامته أعلى الأوسمة، وطوبني الصليب الأحمر، الذي كنت أمثله في مجمل المؤتمرات الدولية، نائباً للرئيس مدى الحياة،

 

كما عينتني الإدارة المركزية في جنيف، مندوباً على كافة بلدان القارة الأفريقية.

 

ومن جديد، إستدعتني القيادة الحزبية، أواسط السبعينيات، الى تسلم السلطة العليا في رئاسة الحزب، إثر التصادم الكبير بين أركان الحزب، جراء عصف الرياح الفكرية المغايرة لمفاهيم النهضة القومية الإجتماعية.

 

ولبيت الواجب، وأوقفت الإنجرار نحو اليسار ونحو اليمين، وانتصر آنذاك التيار القومي الاجتماعي السائر على هدي المعلم الفادي.

 

وذرت الحرب الأهلية قرنها، إثر الحادثة المشؤومة، في عين الرمانة 1975 وتعينت منفذاً عاماً لمنفذية المتن الشمالي.

 

وبدأت المناكفات والتحديات والتعديات، من قبل مجموع الأحزاب الإنعزالية، على مراكزنا وعلى رفقائنا.

 

وكان همنا الأول تحييد المنطقة عن الصراعات الدموية.

 

عقد إجتماع لهذا الغرض، حضره رئيس إقليم المتن الكتائبي آنذاك الرئيس أمين الجميل، وحضرته بصفتي منفذاً عاماً للحزب السوري القومي الاجتماعيولم يفض الإجتماع الى المتوخى.

 

ودخلت المنطقة، كما دخل لبنان، في جحيم الحرب الأهلية المعروفة، وانتقلت المنفذية الى ضهور الشوير، بعد ان سقطت مواقعنا فيما كان يسمى  المنطقة "الشرقية"، فبرزت أمامنا معضلة مزدوجة: المهجّرون والطلاب، وأستأجرنا للعائلات بيوتاً، واشتريت لي بيتاً في بولونيا، كان معروضاً للبيع، حيث أني لم ارض السكن في منزل  مصادر  أو محتل،

 

أما موضوع الطلبة، فقد عالجناه بإفتتاح مدرسة في دير مار يوسف في المتين، إحتضنت الطلاب القوميين، وكذلك أبناء المواطنين من غير القوميين، وبقيت ( الجذور) تعمل لعدة سنوات ، بتمويل  شخصي.

 

وأسرد على مسامعكم، للذكرى، حادثة جرت، عندما سقط الإتفاق الثلاثي بعد الإنقلاب عليه، من قبل جعجع والجميل، عندما فر الثلاثي ميشال المر وميشال سماحه، وإيلي حبيقة، الى بتغرين والخنشارة.

 

وكانت هاتان البلدتان في عهدة وحماية القوى القومية التابعة لمنفذية المتن الشمالي التي كنت أرأس هيئتها.

 

كان المذكورون قبل فرارهم يشغلون مراكز عليا في القوات اللبنانية وفي حزب الكتائب، وربما يكونون مسؤولين عن كثير من التنكيل والإضطهاد اللذين لحقا برفقائنا في مناطقهمووقعوا في قبضة أحد الحواجز القومية، عندما حاولوا اللجوء الى أحد الأديرة، واتصل بي رئيس الموقع يعلمني بالامر، وأتى بهم الى مركز المنفذية وهم بحالة زرية من الخوف والرهبة والانهيار، فاستقبلتهم بأخلاقية المسؤول القومي الاجتماعي، وهدأت من روعهم، وأعلمتهم انهم في عهدتنا ولا خوف عليهم.

 

علماً ان عائلتي السيدين المر وسماحه كانتا طيلة الوقت في عناية وحراسة القوميين الاجتماعيين في وقت كانت فيه القوات والكتائب "والمجلس الحربي" يقتلعون القوميين من ممتلكاتهم ومن أرزاقهم ويعتقلون من يريدون ويقتلون من يشاؤون، وينسفون بيوت وسيارات رفقائنا.

 

وهذا هو الفرق الكبير، بين تدني هؤلاء من جراء عوامل البغض والغضب والكيدية، وبين ترفع المحبة القومية الاجتماعية والمناقبية والأخلاقية، التي بناها وعلمنا إياها الزعيم أنطون سعاده.

 

وانتهت الحرب الأهلية ووضعت أوزارها، وعادت الحياة الى طبيعتها.

 

وأتت الإنتخابات النيابية، مطلع التسعينات، وطلب مني رئيس الحزب آنذاك، الأمين يوسف الأشقر، بتقديم طلب ترشحي عن المقعد الأرثوذكسي في المتن، كما طلب من الأمين غسان الأشقر تقديم طلبه عن المقعد الماروني.

 

وتدخلت المصالح السياسية، والضغوطات المحلية والاإليمية، مما حدا برئيس الحزب الطلب مني لسحب ترشحي، بالرغم من الفوز المؤكد الذي كنت ضامناً له، فلبيت الأمر الحزبي وألقيت التحية وانسحبت من المعركة.

 

هذه هي بعض نقاط بارزة في حياتي الحزبية مرت في تاريخي النضالي الطويل.

 

أما بعد،

 

فقد أصبحت من العمر عتياً، وخلت في عقدي التاسع،

 

أتمنى ان يكمل رفقائي حملهم لمشعل النهضة التي خلقت منا الشواذ على القواعد الأخرى، اذ أصبحنا في مجموعنا القومي الإجتماعي، الهيئة الإجتماعية الموحدة والمؤلفة من مختلف النسيج الإجتماعي لشعبنا، في وقت يتراكض الآخرون الى حالات الإنقسام والتشرذم والتعصب الطائفي.

 

أقول لكم، من أماني الكبيرة، ان أرى الحزب موحداً، قبل ان القي عليكم تحية الوداع الأخيرة، مستذكراً دائماً كلمات أخي، التي لا يزال رنينها يدوّي في مسامعي:

فهل لا زلنا صغاراً في كنف النهضة.

 

فلتحي النهضة

 

 

 

كلمة السيد نبيل رحال

 

 

 

هل تابعتم يوماً بزوغ الشمس من وراء صنين وقد راحت ترسل أشعتها الذهبية على الكون لتبعث في عروق الأرض والعباد دفئاً وطمأنينة؟

 

أو هل راقبتم غروب الشمس عند الشاطىء وهي تنساب رويداً باتجاه البحر قبل ان تغطس في مياهه وترسل طيفها القرمزي على صفحة البحر وعلى امتداد الأفق؟

 

أم هل راقبتم في ليلة صفا أديمها القمر البدر يسامر النجيمات اللعوبات وهي يحمن حوله غامزات طوراً وطوراً بارقات؟

 

وهل استندتم يوماً الى جذع شجرة حوور عند ضفة نهر واستمعتم الى النسيم العليل يدوزن أوراقها ويشنف الآذان بموسيقى ربانية من عالم الروح.

 

أو هل جلستم في كنف جبل في مساء ربيعي عابق بالعطر والألوان واستمتعتم بساقية تناجي الباري اذ تنساب رقراقة كأنها لحن ملائكي هابط  من السماء؟

 

وهل نهضتم يوما مع تباشير خيوط الفجر واستمعتم الى العصافير الناهضة من وكناتها تسّبح الخالق وتملأ الكون زقزقة سيمفونية تحبس الأنفاس وتخلب الألباب؟

 

إنكم ان مررتم بهذه التجارب أو ببعضها بالعين والأذن معاً فقد عرفتم وليد غلمية دون ان تدروا، ذاك العبقري المترهب للموسيقى بصمتٍ، المتعبد للجمال، المؤلف الخلاق والمايسترو المبدع الذي أغنى المكتبة الموسيقية في لبنان ودنيا العرب بأجمل الألحان وأروع السيمفونيات.

 

فيا وليد نجلى من عليائك وقدنا على أجنحة، هيولية  الى فجر النهضة ولتنضيء الشعلة.

 

 

 

 

وختم اللفاء باحتفالية موسيقية  قدمها الفنان ناصر مخول وفرقته الموسيقية تلاها العشاء السنوي للمؤسسة في استراحة المطل.

 

 
التاريخ: 2011-08-06
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro