مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
الخطة الإستراتيجية عند سعاده
 
محاضرة ألقيت في اللقاء السنوي الثاني في ضهور الشوير - تموز 2009
المهتار، أسامة عجاج
 

 

 

تمهيد

في شهر تمّوز 2009، أصدرت مؤسسة سعادة للثقافة كتاب "إدارة الإستراتيجية في المؤسسة العقائدية: أنطون سعادة نموذجًا، الحزب السوري القومي الاجتماعي"، للباحث القومي أسامة عجاج المهتار. وبالمناسبة دعت المؤلف لإلقاء محاضرة عن موضوع الكتاب في نهاية شهر تموز من السنة ذاتها في "ضهور الشوير" – لبنان.

 

تركت المحاضرة أثرًا كبيرًا في أوساط الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي بعض الأوساط الأكاديمية، ما حدا بأكثر من جهة لدعوة مؤلف الكتاب لتقديم المحاضرة نفسها في أكثر من مكان. وهكذا القيت المحاضرة في مدينة دمشق بدعوة من "الأكاديمية السورية الدولية للتدريب والتطوير" وذلك في 3 كانون أول، 2009. وفي نادي خريجي الجامعة الأميركية في بيروت، بدعوة من مؤسسة سعادة للثقافة في 25 شباط، 2010. وكذلك في مدينة مرمريتا بدعوة من منفذية الحصن في الحزب السوري القومي الاجتماعي في 5 آذار من السنة نفسها.

 

استعان المؤلف بعدد من الشرائح في تقديم عرض غير مكتوب. وقد سجلت المحاضرة، ومن ثم أعيدت صياغتها، مع الشرائح نفسها التي قدمت في العرض من أجل هذا الكتاب.

 

إن جميع الإشارات إلى نصوص أخرى التي ترد في هذه المحاضرة مسنودة إلى مراجعها الأساسية في نسخة الكتاب الأصلية.

 

 

 

أتوجه بالشكر أولا لمؤسسة سعادة على هذا النشاط السنوي الراقي، كما أشكرها على استضافتي، وعلى تبني فكرة الكتاب[1] ونشره.

 

وأتمنى، بعد نهاية هذه المحاضرة، أن لا تبقى في أذهاننا غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي وكأنها حلماً جميلاً مستحيلا نأخذه ونتعذب به. بل أن نحوّل هذه النظرة الراقية التي على أساسها بنى سعادة حزبه إلى مشاريع تنفذ وتحقق خطوة تلو خطوة ولبنة فوق لبنة إلى أن نصل إلى بعض القمم التي أرادها لنا.

 

كما أود أن أوجه تحية شكر وإكبار لجميع الفنانين الموجودين معنا من موسيقيين ورسامين وأود أن أهديهم عبارة لسعادة توجه بها إلى الفنانين خ

صوصاً. يقول: "الفنان المبدع والفيلسوف هما اللذان لهما القدرة على الانفلات من قيود المكان والزمان وتخطيط حياة جديدة ورسم مثل عليا بديعة لأمة بأسرها." هذا ما رآه سعادة في الفنانين وهذا ما نتمنى على الفنانين أن يساهموا به فيرسموا لنا من جمالهم وإبداعهم مثلا عليا جميلة لامتنا الحبيبة.

محاضرتي من ثلاثة أقسام: ماهية التخطيط الاستراتيجي. فالخطة الإستراتيجية عند سعادة، ومن ثم العقبة الكبرى التي واجهت سعادة وتواجه حزبه اليوم.


 

ما هو التخطيط الاستراتيجي

 

التخطيط الاستراتيجي في أحد تعريفاته هو نظام العمليات الذي تختاره المؤسسة لوضع أساسها الاستراتيجي وخطتها الإستراتيجية وإطار إدارة الإستراتيجية لديها.

الأساس الاستراتيجي يتضمن:

 

1- نظرة المؤسسة أو رؤيتها: Vision. تسمعون هذه الكلمة كثيرا خاصة الذين يعملون في الخارج. سعادة استعمل كلمة نظرة.

2- الغاية البعض يسميها الرسالة وهيMission Statement

3- القيم

4- "موضع التميز الاستراتيجي" عبارة ليست متداولة كثيرًا، ولكننا سنشرحها.

 

أما إطار إدارة الإستراتيجية فهو الآلية التي تضبط حركة المؤسسة أثناء تنفيذها الخطة الإستراتيجية. يحاول التخطيط الاستراتيجي الإجابة عن أربعة أسئلة:

 

 

 

ولكل من هذه الأسئلة الأربعة هناك آلية للوصول إلى الجواب.

 

السؤال الأول: أين نحن؟ نجيب عنه عبر ما نسميه "مسح البيئة" Environment scan  أو تحليل نقاط القوة والضعف والفرص والأخطار.

 

السؤال الثاني: إلى أين نريد أن نصل؟ أي ما هي نظرتنا العليا وما هي غايتنا.

 

السؤال الثالث: كيف نصل إلى هناك؟ أي ما هي المواضيع ولأهداف الإستراتيجية الناجمة عن من تفكيك غاية المؤسسة وما هي المبادرات والمشاريع الضرورية لتحقيق هذه المواضيع والأهداف الإستراتيجية، وبالتالي تحقيق غاية المؤسسة؟

 

السؤال الرابع: ما هي المقاييس المعتمدة لمعرفة ما إذا كنا نتقدم أم لا؟

 

 

الأساس الإستراتيجي

 

النظرة عبارة مكثفة جدا. مثلا، لمؤسسة مثل "أطباء بلا حدود"  يمكن أن تكون النظرة: "عالم بلا أمراض." أي إننا نسعى إلى عالم بلا أمراض.

 

الغاية عبارة أكثر ومتانة أكثر صلابة من النظرة. إنها تعرّف ما هي المؤسسة وما هو عملها ولكنها لا تعيّن بالضرورة "المواضيع" أو الغايات الإستراتيجية، والتي غالبًا ما نستخرجها من عبارة الغاية لدى تفكيك مضمونها. ومن كل موضوع استراتيجي أو غاية إستراتيجية نفكك ونستخرج الأهداف ومن ثم المشاريع.

 

 

الشكل أعلاه هو الذي تتبعه المؤسسات أثناء وضع هيكليتها الإستراتيجية. نلاحظ أن الاتجاه متراص من أسفل البنيان إلى أعلاه في خدمة الهدف نظرة المؤسسة وغايتها.

 

لا يجوز أن يبقى هناك أهداف نسميها بالأهداف اليتيمة أو مشاريع يتيمة. المشروع اليتيم هو المشروع الذي لا يخدم هدفًا مرتبطًا بغاية المؤسسة فيستهلكون من ميزانية المؤسسة وجهد أعضائها دون إفادة استراتيجية. بالتالي فعندما تقوم المؤسسة بمراجعة لخطتها الإستراتيجية تلغى هكذا مشاريع لأنها لا تخدم قضيتها. عكساً، قد يكون هناك هدف استراتيجي ولكن ليس له ميزانية ومشاريع لتحقيقه فيسمى هدف يتيم.

 

المؤسسة التي تكثر فيها الأهداف الإستراتيجية دون مشاريع تخدم هذه الأهداف وتحققها تستبدل الواقع بالوهم وتعيش عليه. من هنا فإن

 

المراجعة الإستراتيجية ضرورية باستمرار كي نتأكد أن التراصف قائم من أسفل الهرم إلى أعلاه فلا نحيد عن أهداف المؤسسة العليا أو غايتها، ولكي لا يكون لدينا أهداف أو مشاريع يتيمة. سوف نتكلم عن القيم وموضع التميز الإستراتيجي حين التكلم عن خطة سعادة.

 

كانت هذه مقدمة موجزة عن علم التخطيط الإستراتيجي. ننتقل الآن إلى الخطة الإستراتيجية عند سعادة.

 

 

 

الخطة الإستراتيجية عند سعادة

 

تكلمنا عن مسح البيئة، كما تكلمنا عن الأساس الاستراتيجي والخطة الإستراتيجية. هل كان عند سعادة أي من هذه الأشياء؟ الجواب نعم.

 

مسح البيئة: في رسالته إلى حميد فرنجية يقول سعادة: "ولما كانت دروسي الاجتماعية والسياسية والاقتصادية قد أوصلتني...." لاحظوا هذه التعابير التي يستعملها الزعيم. مسح البيئة هدفه أن يدرس البيئة. أول ثلاث كلمات تفيد الدراسة والمسح العام. نتابع: "إلى تعيين أمتي تعيناً مضبوطاً بالعلوم المتقدمة وغيرها وهو حجر الزاوية للبناء القومي والى تعيين مصلحة أمتي الاجتماعية والسياسية من حيث حالاتها الداخلية ومشاكلها الداخلية والخارجية وجدت انه لا بد لي من إيجاد وسائل.... الخ". إذا سعادة قبل أن يؤسس الحزب قام بعملية مسح للبيئة ودرس نقاط القوة والضعف التي ترافق الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ذلك الوقت. أما تاريخ رسالته فهو مطلع سنة 1936.

 

مسح البيئة ينتج عنه معوقات ومحفزات. حين نجمع نقاط القوة الداخلية مع الفرص الخارجية نسميها محفزات، وحين نجمع نقاط الضعف الداخلية مع الأخطار الخارجية نسميها معوقات. لقد اختصرت ما رأيته المعوقات والمحفزات بنتيجة مسح البيئة الذي وضعه سعادة من قراءات متعددة المصادر كما يلي:

 

نقاط القوة: "امة غير عادية"، والكلام لسعادة. "امة ممتازة بمواهبها، متفوقة بمقدرتها، غنية بخصائصها، امة لا ترضى القبر مكاناً لها تحت الشمس." إذا هناك نقاط قوة مادية ومعنوية. يمكننا إضافة "تأسيس حركة تُخرج الأمة من محنتها" كنقطة قوة – وإن تكن هذه الحركة كانت في طور التأسيس.

 

نقاط الضعف والكلام لسعادة: "فقدان السيادة، عدم وضوح فكرة الأمة، خلو المجتمع من تقاليد قومية واستكانته إلى الأوهام والعقائد المهترئة، وفقدان الثقة بالنفس، والخضوع للإرادات الأجنبية."

 

الفرص: تضارب المصالح الدولية في ذلك الوقت. كان سعادة يرى أن العالم مقبل على حرب جديدة وقد كتب وتكلم عنها بين 1934-1936 فرأى أن هناك فرصة أن نستطيع أن ننفذ عبر تضارب المصالح الدولية لنؤمن لأنفسنا مكانا أفضل.

 

الأخطار: التزاحم الاستعماري على سوريا من القوى الكبرى، وطبعا من الهجمة الصهيونية.

 

 

إذا هذه هي المحفزات والمعوقات التي رآها ومنها ننطلق إلى الأساس الاستراتيجي الذي وضعه سعادة.

 

النظرة: ربما مر بعضكم بتجربة مررت بها. تقرأ عبارة لسعادة تستثير سؤالا أم أكثر. مثلا عبارة "إن لنا نظرة إلى الحياة والكون والفن" والتي تتكرر في أكثر من مكان من كتاباته. سألت نفسي يومًا، ما هي نظرة سعادة إلى الحياة والكون والفن؟ لم يكن لدي جواب، فدستور الحزب يتضمن "غاية" الحزب ولكن ليس "نظرته".

 

عدت إلى سعادة وقرأت ودرست إلى أن وصلت إلى قناعة أن ثمة عبارتان تتزاحمان على تبوء مركز النظرة. الأولى مرت في محاضرة ألقاها في العروة الوثقى قبل انكشاف الحزب يقول فيها: إن في الحياة السورية مثالا أعلى هو العمل للخير العام في ظل السلام والحرية. عبارة رائعة، عبارة تصلح فعلاً أن تكون نظرة راقية جدا وإن تكن مشروطة.

 

أما العبارة الثانية والتي اعتمدها سعادة فهي: طلب الحقيقة الأساسية الكبرى لحياة أجود في عالم أجمل وقيم أعلى. ووصفها في الصراع الفكري في الأدب السوري بأنها "القاعدة الذهبية التي لا يصلح غيرها للنهوض بالأدب والحياة".

 

كونها لاحقة على العبارة الأولى وكونها اشمل منها رأيت أنها هي العبارة الأفضل. والجدير ذكره أن سعادة اعتبر أن الحزب تأسس بسبب هذه النظرة.

 

غاية الحزب: غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي بعث نهضة سوريَّة قوميَّة اجتماعيَّة تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمَّة السوريَّة حيويَّتها وقوَّتها، وتنظيم حركة تؤدِّي إلى استقلال الأمَّة السوريَّة استقلالاً تامًّا وتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمِّن مصالحها ويرفع مستوى حياتها والسعي لإنشاء جبهة عربيَّة.

 

"بعث نهضة"، "تنظيم حركة"، "إقامة نظام جديد" و"السعي إلى إنشاء جبهة عربية". عندما نقوم بالتخطيط الاستراتيجي، نضع لكل عبارة من النظرة أو الغاية أو المواضيع الإستراتيجية أو الأهداف الإستراتيجية عبارة مرادفة نسميها "عبارة النتيجة". وعبارة النتيجة هي العبارة التي تصف ما يجب أن يكون الوضع عليه لكي يمكننا القول إننا حققنا هدفنا. في الفقرة أعلاه وضعنا خطًا تحت كل موضوع استراتيجي، ووضعنا عبارة النتيجة بالحرف الأسود.

 

لاحظوا كيف وضع سعادة الفعل المطلوب والنتيجة المطلوبة في العبارة نفسها. "بعث نهضة سورية قومية اجتماعية" هذا هو المطلوب. ما هي النتيجة الإستراتيجية من هذا الشق من الغاية؟ "تكفل تحقيق مبادئه وتعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها."

 

"تنظيم حركة". الجواب - النتيجة المطلوبة: "تؤدي إلى استقلال الأمة السورية استقلالا تاما وتثبيت سيادتها."

 

"إقامة نظام جديد." النتيجة المطلوبة: "يؤمن مصالحها ويرفع مستوى حياتها."

 

"السعي لإنشاء جبهة عربية." النتيجة المطلوبة؟ لم يضع سعادة عبارة النتيجة لهذا القسم من غاية الحزب في عبارة الغاية لسبب واضح.

 

نلاحظ الفرق بين أول ثلاثة أفعال يستخدمها سعادة والرابع منها. الثلاث الأول هي: بعث، تنظيم، إقامة، أما الرابع فهو السعي. وذلك لأن إقامة جبهة ليس وقفا علينا فقط. هناك شركاء آخرون نحتاج إلى موافقتهم لقيام جبهة عربية.

 

القيم: نعرّف القيم أنها أسمى ما في نفسية أعضاء المؤسسة والدعائم التي يقوم عليها بنيان المؤسسة وما يدافع عنه العاملون بكل قواهم.

 

من مراجعتنا أيضا لكل ما كتبه سعادة حول موضوع القيم وما سماه "الدعائم التي يقوم عليها بنيان النهضة" نستطيع أن نضع الحق والخير والجمال كقيم على المستوى الإنساني الأعلى، والحرية والواجب والنظام والقوة كقيم - دعائم لبنيان النهضة وبناء المجتمع الجديد.

 

نأتي إلى موضع التميز الاستراتيجي وهذه كلمة تستخدمها الشركات الكبرى لكي تعيّن ما يميزها من سواها لناحية الجودة. نعطي مثلا على ذلك.

 

ما هي الصفة - من كلمة واحدة - التي تتبادر إلى الذهن إذا قلنا مثلا سيارة Volvo. الجواب هو الأمان. موضع التميز الاستراتيجي إذا لشركة فولفو هو الأمان. والشركة تدفع ملايين الدولارات وأكثر لكي توحد جميع أنشطة المؤسسة باتجاه هذه الصفة التي تصبح مرادفة لاسمها، وعنوانا لجودة منتجاتها.

 

سعادة تكلم عن شيء سمّاه "العقلية الأخلاقية الجديدة"، وأنا أقول إن العقلية الأخلاقية الجديدة هي ما يجب أن يكون موضع التميز الاستراتيجي للحزب. في خطاب الأول من آذار سنة 1938، استفاض سعادة في وصف عقلية ونفسية الأمة أثناء تأسيس النهضة: "النفسية العامة في الأمة نفسية خوف وجبن وتهيب وتهرّب وترجرج في المناقب والأخلاق. ومن صفات هذه النفسية العامة الخداع والكذب والرياء والسخرية والاحتيال والنميمة والوشاية والخيانة وبلوغ الأغراض الأنانية ولو كان عن طريق الضرر بالقريب وعضو المجتمع." اختصر سعادة كل هذا الكلام في المحاضرة العاشرة بثلاث عبارات: "السياسة والدبلوماسية وعدم التصارح." أي أن تتكلم مع ابن وطنك ولا تعرف ما إذا كان يكذب عليك أم لا.

 

بالتالي أرى أن موضع التميز الاستراتيجي الذي هو أيضا الكلمة الواحدة التي تصف العقلية الأخلاقية الجديدة عنده سعادة هي الصدق.

 

يرى بعض الأشخاص أن كلمة الصدق وحدها لا تؤدي بالهدف. يقول المعجم: الصدق ضد الكذب. صدق في الوعد، أنفذه. صدقه النصيحة اخلص بها. الصَدِق الكامل في كل شيء. رجل صدق، وصديق صدق أي صادق في الرجولية، لا يخون. صَدَقَ القتال تصلّب فيه واشتد. المصدق، شجاع صادق الحملة. الصداقة المحبة بالصدق. الصديق كثير الصدق الذي يصدق قوله بالعمل.

 

لهذه الأسباب رأيت فعلا أن كلمة صدق تختصر نظرة سعادة إلى ماهية العقلية الأخلاقية الجديدة.

 

من كل ما سبق نستطيع بناء الأساس الاستراتيجي للحزب كما يلي في الشكل أدناه، مع الملاحظة أن العبارات الأربع التي فصلنا غاية الحزب إليها: بعث نهضة، وتنظيم حركة، وإقامة نظام جديد، والسعي لإنشاء جبهة عربية، هي المواضيع الإستراتيجية العليا، ومع عبارة النتيجة الإستراتيجية لتحقيق كل من نظرة وغاية الحزب.

 

 

والآن سوف نفصّل بعض الأهداف الإستراتيجية التي نستطيع أن نستشفها من المواضيع الإستراتيجية التي وضعناها.

 

الموضوع الاستراتيجي رقم واحد هو بعث نهضة. الأهداف التي تنطوي تحته مباشرة هي: تأسيس فكرة الأمة وترسيخ فكرة الأمة وتأمين حياة الأمة. والكلام لسعادة.

 

الموضوع الاستراتيجي رقم 2: تنظيم حركة. الأهداف الإستراتيجية هي تحريك عناصر القوة القومية، التغلب على الصعوبات الداخلية، نشر العقلية الأخلاقية الجديدة، التحرر من الإرادات الأجنبية بهذا التسلسل أو في بعض الأحيان بالتزامن. مثلا يقول سعادة، لا نستطيع التخلص من الإرادات الأجنبية قبل التغلب على المصاعب الداخلية. هي إذا شرط ضروري. وهو اوجد طريقة التغلب على الصعاب الداخلية التي أكبرها الطائفية والولاءات الجزئية التي تكلم عنها د.عادل ضاهر في محاضرة الأمس.

 

الموضوع الاستراتيجي رقم 3، إقامة نظام جديد. وينطوي تحته تنمية الوحدة المجتمعية وتعميم العدالة الاجتماعية ونشر الرخاء الاقتصادي وحماية الأمة والمجتمع وتطوير مؤسسات النظام الجديد.

 

الموضوع الاستراتيجي رقم 4، السعي لإنشاء جبهة عربية: إحياء قوة سورية وحيويتها لكي تستطيع أن تساهم في العالم العربي. وجدير بالذكر أن سعادة حذّر سنة 1936 انه إذا لم تنهض سوريا فسوف تنساق في تيارات العالم العربي كما نحن منساقون اليوم بين مصر والسعودية. نضيف كأهداف تنطوي تحت هذا الموضوع، تشجيع العمل الثقافي المشترك وتطوير العمل العربي المشترك عبر المؤتمرات.. الخ.

 

سوف نضع كل ما سبق فيما نسميه الخارطة الإستراتيجية التي تبين المواضيع والأهداف والعلاقة السببية بين كل من مكوناتها بدءًا من خارطة غاية الحزب.

 

 

إذا تحققت غاية الحزب نعمت سوريا بالسلام والحرية واستطاعت العمل للخير العام، واستطاعت، على سبيل المثال، أن تقدم للعالم فلسفتها المدرحية كمخرج للصراع المفني بين القيم المادية فقط القيم الروحية فقط. عندها نستطيع القول هناك مساهمة سورية في حياة أجود في عالم أجمل وفي قيم أعلى، وأن نظرة الحزب قد تحققت.

 

 

أختتم هذا القسم بالإشارة إلى أن أول مره انتبهت فيها أن هناك خطة إستراتيجية عند سعادة كانت حين انتبهت أن المحاضرة العاشرة تشرح ليس فقط غاية الحزب كما كنت أظن، بل خطته كذلك. هذا الأمر دفعني إلى إعادة مئات أن لم يكن الآف الصفحات من تراث سعادة من زاوية جديدة قبل أن وضعت هذا  الكتاب.

 

 

إطار إدارة الإستراتيجية عند سعادة

 

نبدأ هذا القسم من المحاضرة ببعض الأسئلة. هل وضع سعادة هذه الأفكار وتركها حبرًا على ورق كما يفعل كثير من المؤسسات؟ هل أسس سعادة أكاديمية متحجرة كما أتهمه غسان تويني، أو كتلة عقائدية متحجرة كما اتهمه آخرون لا تفقه في السياسة؟

 

قبل الجواب اسمحوا لي أن أشارككم بتجربة. عندما يقرأ الإنسان يقرأ حسب السؤال الذي يشغل ذهنه. هذا ما استنتجته أثناء كتابة هذا الكتاب. هناك عبارات قرأتها مرات عديدة ولكني لم أرَ النتائج الخطيرة التي تنجم عنها إلى أن قرأتها من خلفية التخطيط الإستراتيجي. من هذه العبارات: الإدارة والسياسة والحرب.

 

كنت في حديث مع احد الأمناء قبل طباعة الكتاب فسألني عن موضوعه. أجبت بأنه عن التخطيط الاستراتيجي عند سعادة وعن إطار إدارة الإستراتيجية الذي اعتمده. استوضح عن مفهوم "الإطار" فقلت له، "إن سعادة وضع إطارا لإدارة الإستراتيجية، هو الإدارة والسياسة والحرب." قال، "لم يمر معي شيء من هذا القبيل." ذكّرته برسالة من سعادة إلى غسان تويني يقول "لقد توخيت إنشاء منظمة عقائدية تعمل... " فأكمل الأمين العبارة: "في السياسة والإدارة والحرب لتحقيق أهدافه" قلت له، "بالضبط. هذا هو إطار الإستراتيجية الذي وضعه سعادة". إذًا نحن نحفظ عبارات معينة ولكننا لا نستوعب أبعادها إلا إذا وضعت في إطارها الصحيح.

 

أول مرة انتبهت لهذه الكلمات الثلاث كان من حوالي الخمس عشرة سنة أثناء قراءة رسائل الزعيم. أخذت ملاحظة بها ورأيت انه لا غنى عن العودة إليها. حين بدأت بكتابة هذا الكتاب استرجعت هذه الكلمات، وعدت إلى تراث سعادة وقرأته من جديد لا سيما السنوات 1932-  1938وذهلت بما وجدت.

 

 

 

يبين الشكل أعلاه إطار إدارة الإستراتيجية عند سعادة كما نستنتجه من قراءة تاريخ الحزب منذ تأسيسه ولغاية خروج سعادة من الوطن سنة 1938. ويتضمن المبادئ الأساسية التي وضعها مباشرة أو نستشفها من تراثه. ويتضمن كذلك غاية الحزب الأولية (وليس النهائية) كما وصفها في مستهل دفاعه في المحاكمة الأولى بعد انكشاف أمر الحزب. ومن ثم العلاقة بين مكونات الإطار. فالإدارة والسياسة هي لمنع الحرب. والإدارة والحرب في خدمة السياسة، والثلاثة معًا لدفع الحزب باتجاه تحقيق أهدافه، وتحقيق غايته الأولية، أي أن يصل ليكون حركة الشعب العامة.

 

المبدأ العام في السياسة: من رسالة إلى القوميين سنة 1936 يقول "إن مبدأنا العام في السياسة هو عدم تجاهل الأمر الواقع حين معالجة القضايا السياسية وعدم الخروج على هدفنا ومبادئنا." لاحظ التوازن الذي يقيمه هذا المبدأ. ليس هناك من وزن يعطى للقسم الأول منه أكثر من الثاني أو العكس. ليس هناك من فصل بين مكوناته. عدم تجاهل الأمر الواقع وعدم الخروج على المبدأ والهدف.

 

المبدأ العام في الحرب: المبدأ العام عند سعادة في الحرب هو الهجوم. إنه يدرك أن لا مجال للنصر من موقع الدفاع، وبالتالي فهو لا يعرف سياسة غير الهجوم. لا يعرف سياسة الدفاع إطلاقا، الأوصاف التي كتبها عن سياسة الهجوم عديدة جداً وقد استعنا بالكثير منها في كتابنا الذي بين يديكم.

 

في الإدارة: التي هي الأساس. من دراسة تراث سعادة نستخرج ثلاثة محاور في الإدارة. أولا، إنها إدارة دستورية. صفحات وصفحات كتب سعادة في شرح دستورية الإدارة بدءًا من قَسَم الزعامة، إلى قَسَم العضوية إلى  قَسَم المسؤولية، إلى الشكل الذي بنى عليه الحزب. إنها إدارة دستورية ولا يمكن أن تكون إلا إدارة دستورية. ثانياً، إنها إدارة عصرية. وهذا لا يعني أنها كانت إدارة عصرية في أيام سعادة وتبطل أن تكون إدارة عصرية اليوم. العصرنة هي شيء مستمر. هي تجاوز الذات بشكل مستمر. ثالثًا: هي إدارة شفافة. داخليا وخارجيا. فعند تأسيس الحزب، وقبل وضع الدستور، حين رأى سعادة أن اثنين من أصل خمسة أشخاص اتصل بهم كانا غير صالحين للمضي في حزبه، حلّ ذلك التشكيل، لأنه لم يكن لديه الأداة الدستورية لطردهم. ولكنه حين ووجه بمسألة شارل سعد وبطرس سماحة، وكان قد وضع دستور الحزب، عقد محكمة دستورية وحاكمهم وطردهم بناء على حكمها.

 

كان سعادة شفافًا داخليًا وخارجيًا. فقراراته كلها مكتوبة. قراراته ملزمة. لم يسمح لنفسه أن يصرف من خزينة الحزب أكثر من خمسين ليرة سورية وبصورة استثنائية. وهي إدارة شفافة مع الغير أيضا. فبيانات الحزب تبقي الشعب على بينة مما يحدث حتى داخل الحزب. إنه يُعلم الناس بالحقيقة حين يُهزم في مسألة معينة أو حين تنكسر الأمة في مسألة معينة. هو يعلن ذلك ويخبر الشعب بنجاح للفرنسيين هنا أو في إخفاق للحزب هناك. فحين رفض ما يزيد عن مائتي عضو الالتزام بقرار الحزب في انتخابات 1937 أعلن سعادة ذلك في جريدة النهضة معلنًا أن ذلك دليل على تراخٍ داخل الحزب، وعلى نجاح أعداء الحزب في اختراقه.

 

نعود إلى الشكل أعلاه، والعبارة التي تُتََوجه: "أن غاية الحزب الأولية أن يكون حركة الشعب السوري العامة." أين قيل هذا الكلام؟ في المحكمة الفرنسية بعد انكشاف الحزب مباشرة. إنه يقول للفرنسيين أن غاية الحزب الأولية Primary Objective   أن يكون حركة الشعب العامة.

 

ماذا قصد سعادة بحركة الشعب العامة؟ من النصوص العديدة التي قرأناها نتبين أن سعادة توخى أن يكون حزبه كتلة عقائدية متينة تضم بين صفوفها عددًا كبيرًا ووازنا من السوريين من مختلف المناطق والفئات الاجتماعية تنتزع من الدول المنتدبة اعترافًا بحقوق سورية القومية فيما تعمل على تحقيق مبادئ الحزب الأساسية والإصلاحية.

 

كيف حرّك سعادة هذا الإطار لكي يصل إلى ذلك الهدف؟

 

أولا عمل في الإدارة وبشكل سري. ففي ثلاث سنين بنى حزبًا يضم حوالي ألفًا وخمسمائة عضو من رفيقات ورفقاء منضبطين، ومن مختلف المناطق والفئات الاجتماعية، من فلسطين إلى شمال الشام. حين انكشف الحزب انتقل فورا إلى الهجوم، إلى الحرب على الفرنسيين والإقطاعيين المتعاونين معهم، مدركًا أن الهجوم هو الطريق الوحيد لاستقطاب دائرة أوسع من الأعضاء لا سيما من معارضي الانتداب والحكومات التابعة له. فيما يلي نماذج عن سياسة الهجوم عند سعادة.

 

معظمكم سمع بأيام الحزب: يوم عمّاطور، يوم بكفيا، يوم صافيتا، إلخ... إنها من أيام الحزب التاريخية. والذي عاصروها أرّخوا لعَظَمَتها. ولكننا سمعنا عنها كأحداث متقطعة لا رابط بينها.

 

أثناء الإعداد للكتاب موضوع محاضرتنا اليوم، وضعت جدولا بنشاطات الحزب من 1935 إلى 1938، أي تاريخ انكشاف الحزب حتى مغادرة سعادة الوطن.  لفت نظري أن أيام الحزب الثلاثة الأول تمت خلال ثلاثة أشهر ونيف فقط. فمهرجان صافيتا وهو مهرجان كبير أقامه الحزب بعد خروج سعادة من السجن الثاني، تلاه مباشرة وبعد شهر تمامًا، مهرجان عمّاطور الشوف، وبعد ذلك بشهر ونيف مسيرة ومهرجان بكفيا، ويدخل السجن بعده بثمانية أيام.

 

وقفت عند هذه التواريخ. هل يعقل أن يقيم سعادة ثلاثة مهرجانات بهذا الحجم من صافيتا إلى عمّاطور إلى بكفيا خلال ثلاثة أشهر؟ إذا نحن حيال سياسة هجوم سريع وصاعق. كم يتواضع الإنسان أما سعادة حين يرى عظمة إنجازاته! انكشف الحزب عام 1935. دخل سعادة إلى السجن لمدة ستة أشهر. خرج وبقي حرًا لمدة شهرين ثم أعيد إلى السجن لمدة أربعة أشهر ونصف. وفور خروجه من السجن الثاني يقيم مهرجانا في صافيتا وبعده بشهر مهرجانًا في عمّاطور وبعد شهر في بكفيا، ناهيك عن بقية أعماله الحزبية.

 

على من كان الهجوم؟ صافيتا في ذاك الوقت كانت مركز الإقطاع في الساحل الغربي من سوريا. في أوراق الأمين الراحل عجاج المهتار أن سعادة كان يخطط ليوم صافيتا أثناء السجن الأول، فيطلب المعلومات عن الإقطاعيين فيها وعلاقتهم بالانتداب الفرنسي وبحكومة الكتلة الوطنية في دمشق. استعمل الأمين عجاج المهتار عبارة "أراد الزعيم أن يعرف كم نملة يوجد على بيدر كل إقطاعي." والقوميين لبوا. جاءته التقارير من صافيتا عن كل إقطاعي. والذي يقرأ خطاب صافيتا للزعيم يرى كيف استخدم كل هذه المعلومات. إذا هو هجم على الفرنسيين عبر عملائهم والمتحالفين معهم في صافيتا.

 

ينتقل بعد شهر إلى عمّاطور. لماذا عمّاطور؟ أين عمّاطور؟ ما هي اقرب بلدة لعمّاطور؟ إنها المختارة، معقل آل جبنلاط التاريخي. أين كان آل جنبلاط سياسيا سنة 1936؟ كانوا مع الفرنسيين. إذا سعادة يهجم على عقر دار الإقطاع الجنبلاطي المتحالف مع الفرنسيين بعد شهر تماما من يوم صافيتا. وينتقل بعد شهر إلى بكفيا. يقول الرفيق جميل قيامة في مذكراته أن الزعيم طلب منه تنظيم مظاهرة في بكفيا، فسأله إن كان يجهل أن بكفيا هي مركز الجزويت والكتائب والقمصان السود وأن فرع الحزب فيها ضعيف؟" فأجابه سعادة: "لهذه الأسباب كلها أريد مظاهرة في بكفيا." سياسة الهجوم إذا من المحكمة الأولى حيث قلب الطاولة على القاضي الفرنسي ووضعه في موقع الدفاع، إلى ثلاثة أيام تاريخية، دخل بعدها إلى السجن. ماذا حدث فور خروجه من السجن؟ بدأ مفاوضات مع الفرنسيين بناء على طلبهم، ووفق أهداف وضعها كل طرف على الطاولة. ما كانت هذه الأهداف وما هي النتيجة التي حصلت؟

 

أهداف سعادة من المفاوضات مع السلطات الفرنسية والحكومات المحلية كما نستنتج من كتابات سعادة وكتابات الأمين الراحل جبران جريج أو الأمين الراحل عبدالله قبرصي هي:

 

1) حرية العمل الحزبي. النتيجة: نال وعدا بالسماح للحزب في العمل ولكن دون علم وخبر رسمي. رُفع الختم بالشمع الأحمر عن مركز الحزب وأعيد استخدامه.

 

2) إصدار جريدة تكون لسان حال الحزب. النتيجة: نال وعدا بذلك وفعلا تأسست صحيفة النهضة وصدر أول عدد منها في تاريخ 14/10/1937.

 

3) طلب جواز سفر ليتمكن من السفر حيثما يشاء. النتيجة: حصل على ذلك. ونحن نعرف من رسائله لإدفيك شيبوب انه كان يخطط لجولة في المغتربات لجمع المال.

 

4) منح العفو عن كل الدعاوى القضائية بحق الحزب. النتيجة: أوقفت الدعاوى ولكن بقي القضاء سلاحا مسلطا فوق رأس الحزب.

 

ماذا أراد الفرنسيون من سعادة؟ كان الفرنسيون والدولة  اللبنانية يريدون شيئين: أن يعترف باستقلال لبنان وان يدعم الحكومة في الانتخابات سنة 1937. بالنسبة إلى الاعتراف باستقلال لبنان كتب سعادة رسالة يتعهد فيها بعدم العمل لهدم الكيان اللبناني وهذا نصها: "أنا أنطون سعادة أؤكد أن المبادئ القومية هي عقيدة علمية تعمل في سبيل تحقيق وحدة المجتمع ولا تعمل على هدم الكيان اللبناني." ليس في هذه العبارة أي شيء اسمه اعتراف باستقلال لبنان. هو يقول أنا لا أعمل لهدم الكيان اللبناني. طبعاً فسر المندوب الفرنسي برسالة إلى المفوضية والى الخارجية الفرنسية أن سعادة اعترف باستقلال لبنان. كلام ليس بصحيح لكنها ليست مشكلة سعادة.

 

بالنسبة لدعم الحزب للحكومة، لم يبت سعادة في الموضوع فورا بل استمرت المفاوضات حتى أكتوبر، حيث أخذ قرارًا بدعم الحكومة. في عدد من رسائله إلى إدفيك شيبوب يقول لها إنه بحاجة إلى هدنة لترميم الحزب نتيجة المعارك التي خاضها، كما يأمل أن يصل إلى البرلمان أصدقاء للحزب.

 

بالعودة إلى الشكل أعلاه إذًا نرى أنه يهجم على الخصم حتى ينهكه ويجبره على طلب هدنة ليرمم ويهيئ لجولة جديدة من الصراع. والدليل على ما نقول أنه فور صدور النهضة كتب سعادة فيها أحد عشر مقالا بعد الانتخابات وبعد أن دعم الحكومة، تحت عنوان "الأحزاب الببغائية". إنها مقالات رائعة في الأدب السياسي الساخر. كما كتب ردًا على خطاب للبطرك عريضة هاجمه فيه ليضع قاعدة جديدة في التعامل: إن البطريرك أي رجل دين ليس فوق النقد إذا تدخل في السياسية، أو في مواضيع خارجة عن اختصاصه.

 

خلاصة القسم: وضع سعادة أساسا استراتيجيا متيناً للحزب وضع له خطة إستراتيجية وإطارًا لإدارة الإستراتيجية نجح عبره بين 1932-1938 في تحقيق مجموعة من الأهداف التي أراد أن يحققها، والتي يشعر الباحث أنها المرحلة الوحيدة في تاريخ قيادة للحزب حيث كان سعادة فعلا ممسكًا هو بزمام الأمور.

 

سنة 1938 غادر سعادة إلى المهجر حيث بقي ممنوعًا من العودة لمدة تسع سنوات. حين عاد واجه عددًا من المشاكل المصيرية. وجد ما عرف "بالواقع اللبناني" الذي كان قد استفحل في الحزب. كما فرضت عليه فورا معركة مع الدولة اللبنانية ناهيك عن وضع فلسطين المشرف على الانهيار سنة 1947 ومطلع 1948.

 

بالرغم من الهجوم الكثيف الذي قام به في أكثر من اتجاه عبر المقالات والخطب، فإني اعتقد أنه كان إجمالا في موقع الدفاع، هو لم يكن يرتاح في موقع الدفاع.  انتهت المعركة سنة 1949 باستشهاده.

 

ملاحظة أخيرة على هذا القسم. دون الدخول في التفاصيل استنتج أن سعادة الذي كان يخطط لكل معركة قبل أشهر كما رأينا في التخطيط لأيام الحزب لا يمكن أن يكون قد خطط لثورة حزيران - تموز 1949. برأي لقد خدع وجُر إلى تلك الأحداث. لا يمكن لإنسان بدأ التخطيط من قبل الثلاثينات بهذه الدقة والهندسة ونجح هذا النجاح بين 1932 و1938، في الوقت الذي كان باستطاعة الفرنسيين إعدامه، أن يكون قد خطط لما حصل في صيف 1949.

 

نأتي الآن إلى القسم الثالث والأخطر في بحثنا ألا وهو العقبة الكبرى التي واجهت سعادة وتواجهنا اليوم، وهي غاية الحزب بين الانحراف والإهمال، بين الاستسهال والاستنساب، وماهية الثغرة الدستورية والنظامية التي تسمح بذلك.

 

أهمية الغاية. أولا يجب أن نفهم أهمية الغاية ليس فقط عند سعادة ولكن في جميع المؤسسات. لنرجع إلى الشكل الذي وضعناه في بداية البحث.

 

سبق وذكرنا أن الغاية هي الجسر الذي يربط بين النظرة المثالية العليا وبين جميع أنشطة المؤسسة. إنها في الوسط. يقول سعادة: "كل عقيدة عظيمة تضع على أتباعها المهمة الأساسية الطبيعية الأولى التي هي انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها كل ما دون ذلك باطل وكل عقيدة يصيبها الإخفاق في هذه المهمة تزول ويتبدد أتباعها."

 

إذا سعادة لم يكن يرى أهمية الغاية فحسب، بل وضع لنا تحذيرًا تاريخيًا: إذا فشلتم في تحقيق غايتكم تبددتم.

 

النظام الحزبي: النظام الحزبي كما سنرى سلاح خطير جدا.

 

حين عاد سعادة إلى الوطن سنة 1947 استغرب قبول القوميين بالخروج على العقيدة باسم النظام إبان أزمة "الواقع اللبناني". لماذا؟ لأنه كان قد علّمهم سنة 1936، أن النظام بلا قضية يخدمها لا يفيد شيء ذا قيمة في الحياة عموما وفي الحياة القومية خصوصا." نحن لا نعمل نظام من اجل النظام. ليس النظام هدفا بحد ذاته، النظام إذا لا يخدم قضية هو شيء غير ذي قيمة. هناك ما أهو أهم. يقول سعادة: "إن سر المحافظة على النظام والتقيد به هو في العقيدة التي وراءه والهدف الذي أمامه." ليس هناك إذًا شيء إذًا اسمه النظام في المطلق. في الساعة التي يتم فيها الطلاق بين النظام وعقيدته والغاية التي وضع من أجلها يفقد قيمته بل ربما تحول إلى أداة للقمع.

 

ونضيف هذه العبارة لاستكمال الصورة: "إن انتصار الحزب وتغلبه على المصاعب ليس عائدا إلى نظامه بقدر ما هو عائد إلى غايته. وليس يدل على مجرد تفوق النظام بل على تفوق الوجدان القومي والعقيدة القومية… الوجدان القومي والعقيدة القومية هي ما حفظت الحزب من المصاعب التي واجهته والأخطار وليس النظام."

 

هذا الكلام لسعادة ويعود إلى سنة 1936. فلننتقل الآن إلى عبارة وردت في مذكرات الأمين الراحل عبدالله القبرصي. حين يكتب عن “الواقع اللبناني” في مذكراته سنة 1982، يقول: "نظامنا المركزي الصارم كان يحمي القيادة ويحميها حتى اليوم – أي سنة1982  - مما يمكن أن ترتكب من أخطاء." واستطرادا نقول هذا الأمر لا يزال سائدًا حتى اليوم. الأمين عبدالله قبرصي يقول إن النظام هو الذي حمى المسؤولين إبان "الواقع اللبناني". الأمين عجاج المهتار له رسالة إلى الزعيم بعنوان "إفلاس" نشرنا بعض فقرات منها في هذا الكتاب يتكلم كيف استخدم النظام لمنع القوميين من قول "تحيى سورية" ومنع القوميين من ذكر الزعيم وذكر سعادة باسم النظام ومن عمدة الداخلية. هذا الشيء موثق في تاريخ الحزب.

 

ذكرنا أن الخطر الكبير على الحزب هو بين الانحراف عن غايته أو إهمالها. في الشكل السابق ركّزنا على أهمية الغاية ومركزيتها في شد كل أنشطة المؤسسة مثل أشرعة السفينة. ماذا يحدث إذا انحرف الحزب وراء غايات مستترة؟ انظر الشكل أدناه:

 

 

في أسفل الشكل هناك غالبية أعضاء المؤسسة. وهناك الرابط الوجداني الذي تكلم عنه سعادة، والذي يشد القوميين إلى الغاية الأساسية التي من اجلها انتموا إلى هذه المؤسسة. في الزاوية العليا إلى اليمين يوجد غاية مستترة اسمها مثلا "الواقع اللبناني" أو أي واقع آخر مرّ في تاريخ هذا الحزب، وقد مرّ في تاريخه عدد من الوقائع. ماذا يحدث في مثل هذه الحالة؟ كل المواضيع الإستراتيجية تنشد إلى الغاية المستترة فيما الأعضاء مشدودين إلى غاية حزبهم. يبدأ الأعضاء بالتساؤل: ماذا يحدث؟ لماذا نتكلم اليوم بالعروبة أو بالاشتراكية؟ لماذا نتكلم عن الواقع باللبناني؟ هنا، يحاول أصحاب الغايات الخصوصية كسب هؤلاء المتسائلين إلى صفهم، أو التخلص منهم. فإذا نجحوا في ذلك، كما حصل أثناء غياب الزعيم إبان "الواقع اللبناني"، طُرد العديد من أبطال الحزب أو همشوا أو أهملوا. الشهيد عسّاف كرم كان احد المطرودين من الحزب إلى أن عاد الزعيم وأعاده ومنحه رتبة "الصدر". أما إذا تمكّن أصحاب القضية من طرد المفاسد من وسطهم فإنهم يمسكون بزمام الأمور وينقذون قضيتهم.

 

هذه إحدى الحالات أي حالة الانحراف عن غاية الحزب.

 

أما الحالة الثانية وهي لا تقل خطرا عن الأولى، فهي حالة إهمال غاية الحزب. ماذا يحدث عندها؟ لاحظوا الشكل أدناه:

 

ليس هناك من غاية. لاحظوا كيف تبخّرت القوة التي كانت تشد كل أنشطة المؤسسة مثل أشرعة السفينة المشدودة على زاوية معينة من اتجاه الريح فتدفع السفينة إلى الأمام. في هذا الشكل يبدو وكأن حبال الأشرعة قد قطعت فراحت تلوّح في الهواء، ما يمنع السفينة من التقدم بل يهددها بالغرق.

 

لماذا تنحرف حركة من هذا النوع؟ لقد درست “الواقع اللبناني” بتفاصيله في العمق. هناك عوامل مثل الإرهاق والمغريات: الرفقاء والمسؤولون أرهقوا... الأمين الراحل عبدالله قبرصي وضع وصفًا ممتازًا في مذكراته لمراحل الواقع اللبناني دخل فيه إلى العمق. إنه عمل يستحق الثناء إذ أنه يدين نفسه ويدين الذين كانوا موجودين في قيادة الحزب. إنه يتغاضى عن بعض الأشياء. لا بأس. ولكن قراءته مهمة جدا.

 

كيف يتكون الانحراف؟ إنه يبدأ بالضعف ويكبر بالمغريات. هناك مغريات. يقول الأمين عجاج المهتار في رسالته "إفلاس" أن أسماء المسؤولين أصبحوا في سجل التشريفات في المفوضية الفرنسية وفي السفارات. هذا إغراء. ولا بد انه كان هناك مغريات كبيرة إلى درجة دفعت هذا العدد الكبير من أعضاء مجلس العمد وأعضاء المجلس الأعلى لكي ينحرفوا عن سابق تصور وتصميم. ولا نصدق أنهم لم يعرفوا ما كانوا يفعلون. فمع أن الأمين الراحل عبدالله قبرصي في مذكراته يتحجج بداية "بعدم المعرفة" أو "بقلة الخبرة"، أو "بعدم التعمق في العقيدة"، إلا أنه يعترف بعد صفحات قليلة من تلك المذكرات نفسها انه كان هناك من عرف حجم خطر "الواقع اللبناني"، وأن هذا الموضوع أثير في المجلس الأعلى وصار هناك خلاف كبير حوله، ناهيك عمن كانوا عارفين بالخطر لدرجة أنهم كتبوا إلى الزعيم بهذا الخصوص.

 

إذا الانحراف وراءه مغريات أو ضغوط أو الاثنين معاً. وطبعا المستعمر والحكومات المتحالفة معه سوف تستخدم السلاحين معا. العصا والجزرة. براعة سعادة كانت انه تمكن عبر الإطار آنف الذكر، أن يناور ولكن دائمًا مبقيًا الهدف الأساس نصب عينيه. إنه يناور ولكنه لا يهادن في الأمور الأساسية ولا يساوم ولا يقبل.

 

لقد خاض القوميون معركة كبيرة ضد "الواقع اللبناني وضد الواقع العروبي وضد الواقع الاشتراكي وضد كل الوقائع التي مرت في تاريخ الحزب وصولا إلى الواقع الحالي. القوميون دائما يخوضون المعركة وسلاحهم الوجدان القومي والمعرفة القومية أي معرفتهم بعقيدتهم وغاية حزبهم. أما أصحاب المصالح الخصوصية فسلاحهم سلاح وحيد اسمه "النظام. باسم النظام أنا أطردك، باسم النظام أنا أفصلك، باسم النظام أنا أأمرك. هل فهمنا لماذا أستغرب سعادة كيف قبل القوميون الخروج على العقيدة باسم النظام؟ النظام بلا قضية في النهاية لا شيء. هذه أهمية هذه المسائل، وأهمية فهمها استعدادا لمرحلة قادمة. لأنه وكما قلنا في بدء محاضرتنا لن نقبل بعد اليوم أن لا يكون هناك أفق أمامنا لتحقيق غايتنا بحيث نتمكن من القول مثلا، "بعد خمس سنوات سوف نكون قد أنجزنا ما يلي من المواضيع الإستراتيجية المنبثقة من غاية هذه الحزب."

 

هل يعقل أن حركة مثل هذه الحركة بعد سبع وسبعين سنة من تأسيسها لم تحقق غايتها وليس أمامها أفق لما هو قيد التحقيق أو قيد التنفيذ؟ نعم، هناك بعض المشاريع، كأن نقيم احتفالا كبيرا في الأول من آذار. ممتاز. بماذا يرتبط هذا المشروع؟ بأي هدف؟ بأي موضوع استراتيجي؟ لا نعرف. نعمل عشاء لأسر الشهداء. عظيم. هذا شيء مهم وضروري وجليل جدا. ولكننا لا نسأل أحدا من المسؤولين داخل الحزب لماذا سقط لنا في حلبا أحد عشر شهيدًا ولم يقدم أي مسؤول استقالته، أو يتحمل أحد تلك المسؤولية. سيظل يسقط لنا شهداء كالنعاج ولا يتحمل احد مسؤولية. بعد ذلك نعمل عشاء لكي نعيل عائلات الشهداء. نعم إنه واجب علينا أن نقوم بحاجات عائلات شهدائنا، لكن واجبنا الأكبر أن لا يسقط لنا شهداء بالمجان. وهذا هو الواجب الأكبر وهذا كله يرتبط بالنظرة العليا لحياة أجود. كلنا مستعدون أن نستشهد في سبيل سوريا ولكن أجمل كثيرا أن نحي في سبيل سوريا.

 

 

الثغرة الدستورية

 

هي الثغرة التي اكتشفها سعادة وحاول أن يتداركها قبل استشهاده وهي آخر ما سأتكلم عنه. عند تأسيس الحزب هذا ما كان عليه شكل الإدارة الحزبية.

 

 

الزعيم هو مصدر السلطتين التنفيذية والتشريعية. وهو القائد الأعلى لقوات الحزب. في إحدى رسائله لغسان تويني يقول إن هناك ضمانات لاستمرار الحزب هي: العقيدة والتعاليم، الزعيم، والدستور، والمجلس الأعلى.

 

من المؤكد أن سعادة كان يعرف أنه لن يكون موجودا مدى الحياة. كان لديه ثقة كبيرة بمؤسسة المجلس الأعلى ولكنها تزعزعت بعد "الواقع اللبناني". في أحد مقالاته التي يشرح فيها أهمية صلاحيات الزعيم المطلقة يقول إنه لولا تلك الصلاحيات لكان من الممكن أن يتفتت الحزب وإن بقيت العقيدة. أي تبقى العقيدة كمادة مكتوبة وموجودة في المكتبات والكتب ولكن دون حزب يعمل على تحقيق مبادئها.

 

السؤال - الهاجس الذي تملكني أثناء وضع الكتاب هو التالي: إذا كان سعادة أدرك انه بعد "الواقع اللبناني" ليس هناك من مجال للثقة بالمجلس الأعلى كضامن للحزب، وإذا كان يدرك انه ليس أبديا بجسده، وإذا كان يدرك أن خطر تفتت الحزب قائم وإن بقيت العقيدة، فهل فكر في ضمانة ما، أو هل وضع ضمانة ما لسد ثغرة فساد المجلس الأعلى ومجلس العمد بالتكافل والتضامن؟

 

الجواب هو نعم، وهو موجود فيما عرف "بالكتاب الأبيض" أو كتاب "قضية الحزب القومي"الذي نشرته الدولة اللبنانية بعد اغتيال سعادة. يتضمن ذلك الكتاب مرسومًا من الزعيم بتأسيس المحكمة المركزية أو المحكمة الحزبية العليا. والغرض من هذه المحكمة هو الفصل في الخلافات والمخالفات. وقد أعدنا نشر هذا المرسوم في الكتاب، كما أن الأمين جزيل الاحترام هنري حاماتي كان قد نشره هو الآخر في احد كتبه.

 

أهمية هذه المحكمة أنها هي التي تستطيع أن تقول للمجلس الأعلى أو للسلطة التنفيذية: "لقد  خرجت عقائديا." أو "هذا التشريع مخالف للنص الدستوري رقم كذا. أو هذا التشريع مخالف لمقدمة الدستور preamble،" وهي شيء أهم من الدستور لأنها تضع أساس التعاقد بين القوميين وبين الزعيم إفراديا.

 

المحكمة الحزبية التي تستطيع أن تقول للمجلس الأعلى أو للسلطة الحزبية التنفيذية، "لقد خرجت على الدستور"، وتأخذ حكمًا بذلك وعلى القوميين والمسؤولين إطاعة حكمها. أعتقد أن هذه كانت الثغرة الدستورية التي نفذ منها أصحاب انحراف "الواقع اللبناني" وغيره من الانحرافات، حين كانت تتضامن السلطة التنفيذية والتشريعية على الخروج والانحراف، أو تختلفان على موضوع معين في غياب السلطة الثالثة فلا يبقى من مجال سوى أن ينشق الحزب.

 

لقد اغتيل سعادة قبل أن يصبح هذا المرسوم قيد التداول أو قيد العمل داخل الحزب. واليوم هناك أشكال من المحاكم في الحزب ولكن الطريف انه على المجلس الأعلى أن يصادق على أحكامها، ما يخضعها، عمليًا، لسلطة المجلس الأعلى ويلغي دورها.

 

سعادة قال لا يحق حتى للزعيم التدخل. أحكام المحكمة مبرمة. الشيء الوحيد الذي سمح به سعادة لنفسه أن يطلب من المحكمة أن تعيد النظر بالحكم. فتشكل هيئة محكمة جديدة تعيد المحاكمة إذا كان من ضرورة. ولكنه لم يسمح لنفسه كسلطتين تنفيذية وتشريعية مجتمعتين أن يغير في قرار المحكمة الحزبية.

 

إذا لكي نسد هذه الثغرة الهائلة يجب أن تقوم هناك في الحزب مؤسسة قضائية مستقلة تنظر في الخلافات بين القوميين وبين القوميين وناس آخرين خارج الحزب، والاهم تنظر وتبت في المخالفات الحزبية والخروج على الدستور.

 

 

خلاصة

 

أسس سعادة منظمة عقيدية لها أساس استراتيجي يقوم على نظرة واضحة إلى الحياة والكون والفن، وعلى غاية واضحة، ومجموعة من المواضيع والأهداف الإستراتيجية، تسعى لتحقيقها وفق إطار واضح لإدارة الإستراتيجية يقوم على الإدارة والسياسة والحرب. وقد نجح في استخدامه بين تأسيس الحزب وسنة 1938 وحقق بواسطته تقدما عظيمًا للحزب.

 

أثناء غيابه عن الوطن خرج الحزب عن غايته وعقيدته ما أضطر سعادة إلى خوض معركة داخل الحزب لتطهيره وإعادة شرح المفاهيم الأساس التي قام عليها. وما من شك أن هذه المعركة بالرغم من أنها أغنت التراث الفكري الذي وضعه الزعيم، إلا أنها صرفته عن الكثير من الشؤون الأخرى وتركت الحزب مكشوفًا لمؤامرات الدولة اللبنانية وغيرها من الدول والمنظمات.

 

وتكرر الخروج في تاريخ الحزب أكثر من مرة بعد استشهاد سعادة ما أدى إلى أكثر من انشقاق في تاريخه.

 

لكي يتمكن الحزب من تحقيق غايته لا بد من وضعها في صميم عمل القوميين وشرحها وشرح أهميتها بالإضافة إلى استكمال مؤسسات الحزب ولا سيما مؤسسة المحكمة المستقلة.

 

دعونا لا نتبدد.

 

 تحيا سورية.

 

 

اضغط هنا لحضور فيديو الندوة

 

 

[1]  كتاب "إدارة الاستراتيجية في المنظمة العقائدية" للمحاضر، والذي تزامن تاريخ صدوره مع المحاضرة.

 
التاريخ: 2009-07-31
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro