مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
منبر النواب ... والنوائب
 
الدبس، ربيع
 

 

 

ما أرقى أن ينوب أعضاء البرلمان عن شعبهم، أي أن يمثلوا رأيه ووجدانه وطموحاته، في التشريع، في الرقابة على السلطة التنفيذية، وفي التعبير الحيّ عن الإرادة العامة، أي في صناعة الخير العام رؤيوياً ومعيارياً. فهل هذه هي حالنا في "سويسرا الشرق" التي ليس لها من سويسرا الأوروبية إلا الخواء والإدّعاء؟

 

رُبَّ قائلٍ إن الشعب هو الذي انتخب المجلس النيابي، الحالي والسابق والأسبق، فلْيتحمّلْ إذاً أوزار اختياره... وهذا القول قد يصحّ في الواقع المجرد، أما في الواقع الموضوعي فمسألة فيها نظر. والنظر ينْصَبّ أولاً على قانون الإقتراع الأعوج الذي كرّس الصوتُ التفضيلي اليتيم مذهبيةَ نتائجه الوخيمة بعدما عبثت الطائفية بالنصاب السياسي والحياة الوطنية والنظام المدني الذي لا نظام مستقبلياً إلّاه.

 

 

لقد عرف لبنان نموذجاً نيابياً فذاً من رجال الدولة الذين أثبتوا - حتى في هيكلية النظام الطائفي الرديء - أنهم من معدن الكبار الذين يفتقر إليهم المجلس النيابي ويَحِنّ إلى وزناتهم. نَذْكر على سبيل الأمثلة غير الحصرية: ريمون إده، كمال جنبلاط، جان عزيز، حسن الرفاعي، نصري المعلوف، نقولا فتوش. وما من شك في أن أية دورة برلمانية لا يُنتَخَب فيها أمثال أولئك الساسة المُشَرّعين، المجبولين بإكسير القانون، ستكون دورة هزيلة باهتة يُمضي فيها نواب الصدفة مدتهم الدستورية من غير أن تُحركهم حوافز الإنقاذ ومن غير أن يعنيهم دستورٌ ولا جمهور.

 

 

والعجيب أن انطباع الناخبين عن بعض مَنِ انتخبوهم هو انطباعُ مَنْ يداخله الشك بثقافة النائب السياسية وأهليته التشريعية، أو بشهاداته الأكاديمية، أو بتداولات خطيرة تمسّ الصدقية والسمعة المالية والأخلاقية، أو بمدى استيفائه شروط الترشح للندوة البرلمانية ذات المستوى المحوري الرفيع في حياة الدول القديمة فكيف بها في الدول الحديثة، التي لا يملّ مسؤولوها مُسَلَّمة الإحتكام إلى القانون بدلَ الإستسلام إلى معزوفة التغنّي بالأحلام والأوهام؟

 

 

في رفّة من رَفّات أجنحته الحارقة، يقول الكاتب النهضوي سعيد تقيّ الدين: "لو أن اللعنة تُشْعل ناراً لأمْسَى بعض القصور رماداً"... وقد يكون هذا الرفيف "السّعَتْقيّ" قاسياً إذا عُمِّم، لكنه قصد به جماعة "النوفوريش" مِنْ حديثي النعمة والحظوة الآكلين قُوتَ الأيتام، كما قصد به المتزعمين مِمَّنْ تلاحقهم يومياً لعناتُ المساكين الذين تمنى أحدهم أمامي، بصدقٍ مُبْكٍ، لو كان كلباً حتى يتمكن من إشباع بطنه باللحوم التي تُرمى لكلاب زعيمه، فلا يجوع ولا يُذِلّه العَوَز!

 

مسكينٌ لبنان الذي هو نحن، قبل العمران الحجري المادي لأن العمران البشري هو المقياس الحضاري الأرقى، على ما ذهب إليه ابن خلدون... مسكين لبنان لأن الشعور بالمسؤولية الذي يجب أن يلازم أي متنطح للمسؤولية وأي حاصل عليها هو شعور تترجمه الممارسة ولا يستغرقه  الإدّعاء... مسكين هذا اللبنان المنكوب بالديموقراطية الطائفية، المضروب بعصبيات محلية عمادها العائلة والجُبّ، والفخذ القَبَلي، والولاء المذهبي، والشّردوقة الطائفية التي لم يشْفَ لبنان من نوباتها، ولن يشفى طالما بقي "عقده الإجتماعي" انفراطاً للميثاق اللامجتمعي الذي لم يكن مُطلقاً في مرتبة العقد الإجتماعي، وطالما كان بعض ممثليه أقرب إلى #النوائب الحقيقية منهم إلى النواب الإفتراضيين.

 
التاريخ: 2021-06-11
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: النهار، 11-06-2021
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro