مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
الأمينة الأولى والدرس البليغ
 
الدبس، ربيع
 

 

 

ٍ

 

 

 

 

 

قابضةٌ على الوجدان الحيّ، تلك الطرابُلْسية الشويرية العاشقة لدمشق، المقدودة من عنفوانَيْن: ذاتها الصلبة كالفولاذ، وذات القرِين الفذّ الذي عاهدتْه يمينُها على قضيةٍ نذرَا لها زهرة الشباب وضَوْع الوجود.

 

على أن العَيْن تغشاها الرَّفّةُ، والقلب تحرقه الغصة لمجردِ أن تُستعاد بالذاكرة مسيرتُها الملحمية الصامتة منذ مؤامرَتَيْ 1949 و1955 الخبيثتين، وحتى رحيلها في مثل هذا اليوم من عام 1976. ولولا مذكراتُها، المدوّية بالخطّ والتوقيع والوقائع، لاعْترانا الذهول من هذه الشخصية الواضحة كالشمس، الغامضة غموضَ الآلام الكبيرة التي كابَدَتها من الداخل والخارج. وهنا مكمنُ المسؤوليةِ التاريخية على حزب النهضة تجاه معاناتها وتجاه كريماتها الثلاث إليسار وصوفيا وراغدة.

 

في إحدى رسائله الرفيعة إلى «ضياء» كما كان يحلو له أن يسمّيها، دعا سعاده خطيبته إلى عدم الكتابة إليه بالإنكليزية قائلاً: «إنّ استعمال لغةٍ أجنبية بيننا نحن الإثنين ونحن قوميان، يجرح شعور العزّة القومية ويجعل عواطف حبنا مرتكزة على تعابير أجنبية تجعل لغتنا القومية خارجة عن هذا الأساس الروحي وتقلّل ارتباطنا بها، وهذا يُحدِث فراغاً روحياً في حياتنا وعواطفنا القومية التي يجب أن تتجلّى في كلّ مظهر روحيّ من مظاهر حياتنا»… وكان لهذه الدعوة أثرُها العميق في نفْسِ جولييت المير التي غَدَتْ في ما بعد رمزاً آسِراً للإلتزام والصدقية والوفاء.

 

ومع سعاده، العبقريّ المؤسِّس، تكتسي الألفاظ من الدلالات النهضوية ما لم يُعطَ لآخَرين إكساؤها… معه نتلمّس فقهاً جَمْعِيّاً: في الحُبّ والعمل والإرادة والذهنية والنفسية والرؤيا… الحب لديه يجسّد تلاقِي عقولٍ مدركة ونفوسٍ صلبة رانيةٍ نحو حياةٍ سامية. ولذا كانت التجربة الثنائية الجمالية فكرياً وشعورياً دائمة الإشعاع والإكتناز. فيها تناصَرَتِ الأدلة، وعليها قامت صادقاتُ الشواهد. وإذا كان الزعيم سعاده والأمينة جولييت قدِ اعتليا عرش مجدٍ ما فلأنّ ذاك المجد المعنويّ جاء على سُلّمٍ مديد من المواجع والتضحيات الجِسام. فهما إذاً ليسا من الداخلين على تعب الآخَرين وصراعهم. إنهما ليسا كالشمعة تحترق، ولا كالفراشة تحطّ على اللهب… إنهما أمثولة إيثار ليس أبْلَغ منها، بل هما قبَسٌ لا ينطفئ، وينبوع لا يجفّ، ونضارةٌ لا تَذوي، ورايةٌ مستدامٌ خفْقُها، وزوبعةٌ على الزمان السرمديّ مداها

 

 

 

 


 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro