مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
حسن زين لم ينسَ ما حدّثه به مؤسس القومي في لقاءاته معه _عودتي إلى لبنان لتطهير الحزب .. وتابت والأشقر حاولا تأخيرها
 
ذبيان، كمال
 

 

 

 

 

«قبل أن ينسى»، كتب حسن زين قليلاً من مذكراته، التي حصرها بساعتين من اللقاء مع أنطون سعاده مؤسس وزعيم الحزب السوري القومي الإجتماعي، إلى بعض جوانب حياته العائلية ودراسته.

 

فصاحب الكتاب، من مدينة صور انتمى إلى الحزب القومي مطلع الأربعينات عن عمر 16 عاماً، وهو من عائلة متواضعة متدينة، كما يقول، دخل إلى السجن عام 1942، في زمن الإنتداب الفرنسي للبنان، لكنه لم يبق إلا لأيام قليلة، والتهمة الموجهة إليه، كما لرفقائه، عن علاقة تربط الحزب بالنازية، لكنها سقطت مع التحقيق وأفرج عن حسن، بعد إخلاء سبيل رفقائه.

 

إلا إن أبرز وأهم ما دوّنه حسن زين قبل أن ينسى، وهو عنوان كتابه «قبل أن أنسى»، هو اللقاء الصدفة، مع سعاده في القارة التي ذهب إليها ليدرس في جامعة فؤاد الأول في فرع الفلسفة وعلم النفس في كلية الآداب، وكان هو مع أربعة قوميين سافروا إلى مصر للدراسة من صور وهم: عصام العرب وإحسان أبو خليل (أمين عام مجلس النواب لاحقاً ووالد الدكتور أسعد أبو خليل)، وتسجلا في كلية الحقوق، وعلي توفيق حلاوي في كلية الزراعة، إضافة إلى قومي من الأردن غاب إسمه عن ذاكرة حسن، وبلغ من العمر 97 عاماً، لكنه لم ينس اللقاءات الثلاث مع سعاده، فكان يدوّنها ويرويها باستمرار، إلى أن أصبحت كتاباً، عاونه فيه الدكتور بلال بو ضرغم الذي التقاه صدفة، وبعد وتعرف عليه، وعلم أنه قومي إجتماعي، قام بلال وبعد أن وضع حسن بين يديه كل ما دوّنه من أوراق وكراريس، كثير منها يحكي اللقاءات مع سعاده، بتدقيق المعلومات وتنظيمها وتصفيف نصها، دون المساس بالمحتوى الذي صيغ بأسلوب أدبي فريد، كما يشير بلال في مقدمة الكتاب، وساعده والده الدكتور نسيب أبو ضرغم في التدقيق، وأيضاً الصحافي والباحث أحمد أصفهاني، وهؤلاء توجه إليهم الكاتب حسن زين بالشكر.

 

أما عن اللقاء ـ الصدفة مع سعاده في القاهرة، فيروي زين، بأنه في أحد الأيام إنتقل من حرم الجامعة، في أحدى الحافلات فيروي ما حصل: راحت الحافلة تتهادى بين المحلات الضخمة التي ترصّع واجهاتها بالرصيفين اللذين يعجان بالمارة، ولما اقتربت من محلات شيكوربل، رأيت رأسا يطفو على سبيل المشاة، حدقت به، ولم أصدق، أعدت التجربة، ولم أجد نفسي إلا وكأن قوة خفية قذفتني من مقعدي، واندفعت نحو المخرج وألقيت بنفسي على الرصيف، ليطالعني الوجه الذي كان يسير صاحبه بعكس سير الحافلة، وتتضح معالمه لي، وتأكدت أنه الرئيس نعمة ثابت، وانطلقت راكضاً نحوه أصرخ لاهثاً: حضرة الرئيس، حضرة الرئيس (كان ثابت رئيساً للحزب القومي أثناء وجود سعاده في مغتربه القسري)، والتفت الرئيس وراءه ليراني، ووقف مشدوهاً قائلا: الرفيق حسن؟ أية صدفة هذه؟

 

ويتابع كاتب المذكرات: مدّ الرئيس ثابت يده لي التي تلقفتها بشغف، ومضت ثوان قبل أن أرى أنه لم يكن وحده، والتفت إلى رفيقه أصافحه على عجل، وعدت إلى الرئيس مركزاً عليه إهتمامي، فوجدته وقد لاحظ سرعة تخلصي من السلام على رفيقه، فبدا على وجهه حرج شديد، إحترت في تأويله، وأخيراً قال لي: «أراك لم تعرف من هو رفيقي؟»، والتفت إلى صاحبه اتفحصه، رويداً رويداً، كأنه فيلم يدور ببطء. فلمحت الشعر المكزبر، والإبتسامة التي تنير وجهه، ملامح الأسطورة التي تعودت منذ عشر سنوات على حبها وإحترامها، إن الصاحب كان سعاده، أنطون سعاده، حضرة الزعيم، واقتربت منه، ورفعت يدي دون حرج وتحسست براحتها، برفق شديد، واجهة جاكيتته، كما لو كنت أود التأكد من مادية من ضمنت، وبينما كانت يدي تؤكد لي هذا الوجود المادي، سمعتني أتمتم: حضرة الزعيم؟ ويضيف حسن زين: لا شك إني كنت في حالة ثانية، وإني كنت بحاجة إلى إغاثة عاجلة، وإذ بالزعيم يقترب مني ويحيط بساعده كتفي، ويخاطبني بكل بساطة، متعمداً تجاهل الدوامة التي أنا فيها: إني «مسرور جداً بلقائك يا رفيق حسن». وتوجه إلى الرئيس نعمة ثابت قائلا: «ما رأيك في الغاء المشوار الذي نحن بصدده، ونعود مصطحبين حسن معنا لزيارة الرفيق أسد الأشقر». ثم التفت نحوي ليقول: «إنه مريض بانفلونزا حادة». قلت بكل سرور حضرة الزعيم.

 

ويسرد زين، في مذكراته، بأن الزعيم سأله عن دراسته وأخبره حسن، بأنه يدرس مع خمسة من الرفقاء «أسسنا رمزياً مديرية»، لمواصلة العمل الحزبي، ثم روى عن لقاء الزعيم بأسد الأشقر، الذي تمنى له الشفاء، ثم طلب مني الزعيم أن أرافقه إلى فندق «شيبرد».

 

وتحدث زين عن الغداء الذي جمعه بسعاده في الفندق، ليعود فيلتقي به السابعة مساء ويخبر رفقاءه عن لقاء به، وهذا ما فعله عندما عاد إلى سكنه في شارع فؤاد الأول، ولكن الذهول أصابهم مما سمعوه، لا سيما عندما أبلغهم بأن سعاده سيلتقيهم غداً، بعد أن يلتقيه مساء، وقد بدأت التساؤلات تدور في رأس حسن، عن السبب الذي دفع بالزعيم، ليلتقي به منفرداً قبل القوميين الآخرين، إلى أن كان اللقاء في الفندق، الذي وصل إليه الملك فاروق، الذي هب النزلاء للسلام عليه إلا الزعيم الذي بقي جالسا يرتشف القهوة، ومنعني من أن أفعل ما يفعله الآخرون وقال لي: «إن العالم العربي مريض كيف لا، وعلى رأسه رجل مستهتر كفاروق».

 

وهنا يبدأ زين يروي ما حصل في اللقاء مع سعاده الذي بادره بالقول: «إنني أقدر حرجك وأعرف أنه من الصعب على القومي اإاجتماعي المنضبط أن يتعدى حدوده، إلا إني أعيد عليك سؤالي بصياغة مباشرة، هل لديك مأخذ على الممارسة الحزبية، كما عشتها في الأشهر الأخيرة؟

 

لقد تلقيتم مبادىء صريحة وأقسمتم على الولاء لها، فهل في فترة من الفترات خالجتك فكرة أن بعض السلوك الحزبي يتنافى مع هذه المبادىء، أو تعرض لتقليم طفيف ليتلاءم مع تأويل جديد لها؟

 

إستجمع حسن أفكاره، ورد على سؤال الزعيم، بملاحظتين الأولى وهي أهمها: الواقع اللبناني (كان طرحه ثابت والأشقر ومأمون إياس)، أو الكيان اللبناني لقد فوجىء الكثيرون بادىء الأمر بأن يتقلص الواقع على الكيان السوري وينكمش في جزء من سوريا، لبنان لقد قالوا لنا أنها استراتيجية جديدة إعتمدها المجلس الأعلى لفك الحصار الذي تفرضه السلطة على الحزب، الذي كان ممنوعاً، وقادته في السجون.

 

ويكشف صاحب المذكرات كيف روى أمام الزعيم، عن تغيير السلطة اللبنانية لسلوكها مع الحزب، بعد الإعلان عن الواقع اللبناني، إذ تم إفراغ السجون والمعتقلات من القوميين، وألغيت مذكرات الجلب، وانتهت المطاردات، واختفى كل تلفيق، وعادت الإجتماعات والنشاطات العلنية.

 

ويخبر حسن زين للزعيم، بأن «الإنضباط كان أهم دعائم سلوك السوري القومي الإجتماعي يلجم في نفوسنا حوافز الظن والشك ويمنعها من الوصول إلى شفاهنا كنا نكتفي أحيانا بتبادل نظرات لا تلبث أن تظهر خوفنا من هذا التبدل كانت ثقتنا بقيادتنا لا حد لها شاملة نهائية».

 

وبعد أن يعرض زين الوضع في تلك المرحلة يتوجه إلى الزعيم قائلا: المشكلة ان شبه الضياع الذي نحن فيه كان مصدره الرئيس نعمة ثابت والعميد فايز صايغ.

 

أما الملاحظة الثانية التي أوردها زين في كتابه وقالها للزعيم تتعلق بالذهاب إلى ديك المحدي لمشاركة الرفيق أسد الأشقر بوفاة شقيقه المونسنيور إذ أتت وفود من كل المناطق وألقى فيها الأمين عبدالله قبرصي كلمة الحزب التي كانت عزاؤنا الوحيد وان المأتم كان أشبه بمهرجان سياسي - إنتخابي على ما أستنتج حسن وقال للزعيم ما كان يتم تداوله آنذاك.

 

وينقل حسن في كتابه عن الزعيم ورده على الملاحظتين اللتين أبداهما له فقال: «لقد كنت أولاً بأول على علم بتطور هذا الورم الذي زرعوه في العقيدة القومية لعلهم فعلوا هذا دون قصد الخروج عن المبادئ أو بنية التغيير الجذري إلا أن هذا لا يشكل لهم أي عذر أو يحميهم من الحساب أن جهلك للقانون لا يسوغ لك الخروج عليه.

 

وبعد أن يستعرض الزعيم المفاهيم العقائدية يقول لحسن زين: يجب على القوميين المخلصين الذين لم يتلوثوا بهذه البدع أن يتهيأوا لمواجهة زلزال يعصف بكل هذه التأويلات ومن تولاها. إن وضع الحزب الذي نذرت نفسي له لن يستيعد عافيته بعلاج ترقيعي وإنما هو بحاجة ماسة إلى مبضع جراح يجتز من جسده الإنحراف الخطر الذي يسري فيه أني عدت لأنظف البيت ولأعيد له خلقته الأولى .

 

ويجري صاحب المذكرات ما دار في اللقاء الذي جمع الرفقاء الخمسة بالزعيم في اليوم التالي حيث إستمع إليهم بإهتمام وعرض كل وأحد منهم ما عنده وما يفكر به.

 

ويكشف زين في كتابه من أن تابت و الأشقر حاولا إقناع الزعيم بتأخير عودته إلى لبنان لتدبير الأمر مع السلطة اللبنانية لدواع أمنية وأخرى تتعلق بإستراتيجية الحزب مع الحكم وإن الخلاصة من وجهة نظرهما بحسب ما نقل زين عن سعاده أن الظروف غير مؤاتية وغير مناسبة لعودتي.

 

ويقول سعاده: إنهما تابت والأشقر لم يألوا جهدا بسرد أكوام من البراهين والعلل التي تؤكد أن عودتي ستشكل خطراً عليّ ومن ثم على الحزب إن الأمر أولا وأخرا عائد إليّ وقد قررت العودة فوراً لأنني وأنا أستمع إليهما أحسست في أعماقي وفي وجداني أن الحزب في خطر، وأن من واجبي أن أستبق الزلزال الذي إن لم يحطم الحزب فعلى الأقل سيوشوهه حتماً ويميّع مراميه ومقاصده.

 

أما اللقاء الثاني فتم بين سعاده وزين في ضهور الشوير إثر مقال كتبه الأخير في جريدة النهار رداً على بيان لنعمة ثابت بعد طرده من الحزب فاستدعى الزعيم حسن في 29 تموز 1947 إلى ضهور الشوير للقائه والتنويه بما كتبه حيث يذكر الكاتب عن اللقاء الذي تم في فندق قاصوف في ضهور الشوير بالرغم من مذكرة التوقيف الصادرة بحق سعاده إلا أنه أصرَّ على أن يلتقيه يقول حسن بعد أن زاره في أحد المنازل في الشوير وحضرت الأمينة الأولى جولييت المير زوجة الزعيم وفي حضنها إبنتها أليسار.

 

في أثناء الجلسة المطلة على صنين يحضر أحد الضباط ويبلغ سعاده بأن دورية ستداهم المكان لإلقاء القبض عليه وبأنه يمكنه أن يغادر وهذا ما حصل.

إنه كتاب من الحجم الوسط بعدد صفحات 151 صدر عن دار الفرات - بيروت وهو يكشف من خلال مؤلفة حسن زين عن مرحلة خطيرة من تاريخ الحزب السوري القومي الإجتماعي بعد عودة سعاده إلى لبنان من القاهرة إلى بيروت والمؤامرة المدبّرة على زعيم الحزب القومي عاد إلى الوطن لتطهير الحزب.

 

 

 
التاريخ: 2021-05-08
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro