مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
الدولة القومية الإجتماعية
 
ملحم، ادمون
 

 

 

الدولة هي المظهر السياسي للمجتمع القومي لا بل هي شخصيته وصورته. والدولة القومية الإجتماعية الديمقراطية الحديثة التي يعمل القوميون الإجتماعيون على تأسيسها لها مواصفات نختصرها بالتالي:

 

أولاً، الدولة الحديثة، برأي سعاده، لا تتأسس على الدين بل تقوم على مبدأين متجانسين هما: الأساس القومي أي الوحدة القومية والديمقراطية أي حكم الشعب لنفسه. فلا قومية حقيقية بدون ديمقراطية ولا ديمقراطية حقيقية بدون قومية." وهذه الحقيقة يختصرها سعاده بقوله بأن "الدولة الديمقراطية هي دولة قومية حتماً."

 

ثانياً، جوهر الدولة القومية الديمقراطية أنها دولة الشعب الواحد بكل أجياله وليست دولة الاقطاع السياسي والديني والمافيات اللصوصية المرتبطة بالإرادات الأجنبية. يقول سعاده ان الدولة هي "مؤسسة الشعب الكبرى" أي ان كل فرد من أفراد الشعب هو عضو فيها ومسؤول عن مصيرها وترقيتها.

 

ثالثاً، في الدولة القومية الشعب هو مصدر السيادة والسلطات فالشعب لم يوجد للدولة بل الدولة للشعب أي للأمة ولرعاية مصالحها الحيوية وحيث لا أمة لا دولة، وحيث لا دولة لا سيادة ولا استقلال. فالدولة هي أداة في خدمة الشعب، تسيّر أعماله وترتّب علاقاته وتخدم مصالحه المادية والنفسية وتعبِّر عن إرادته الناتجة عن الشعور بالاشتراك في حياة إجتماعية اقتصادية واحدة.

 

الدولة القومية تؤمن بالتسامح والآخاء القوميين وترفض ان تكون الأديان احزاباً متصارعةٌ في المجتمع فإقتتالَنا على السماءِ أفقدَنا الأرض"، يقول زعيمُ الأمة. وهي ترفض ان يكون رجال الدين سياسيين واقتصاديين بل تريدهم ان يعملوا بالروج الدينية فقط التي يحتاجها الشعب لحياة السماء، لذلك فهي تعتمد مبدأ الفصل بين الدين والدولة تأميناً للوحدة القومية وصوناً لوحدة المصالح والحقوق التي تتولّد بنتيجتها وحدة الواجبات ووحدة الإرادة القومية.

 

والدولة القومية الإجتماعية تحترم الأديان وقيمها الأخلاقيّة ولا تحارب أفكارها اللاهوتية ولكنها لا تسمح لرجال الدين بإستغلال سلطتهم الدينية التي ادعوها لأنفسهم من اجل مصالح طائفية لذلك فهي تمنعهم من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين" وتقول بوحدة الشرع التي تجعل جميع أعضاء الدولة متساوين أمام القانون المدني الواحد.

 

والدولة القومية الإجتماعية تؤمن بالتعاون والتساهل والإنفتاح وترفض الحواجز الإجتماعية- الحقوقية القائمة بين أبناء المجتمع الواحد والمعطِّلة للوحدة الاجتماعية لذلك فهي تقول "بإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب" حرصاً على الوحدة الروحية والأخوة القومية والمساواة بين جميع المواطنين.

 

والدولة القومية الإجتماعية تأتي بنظام إقتصادي جديد قاعدته وحدة المجتمع المدني وغايته خير الأمة ورفاهيتها، نظام يرسي الإقتصاد القومي على أساس العمل والإنتاج لتتحول الأمة كلها إلى أمة العاملين المبدعين المنتجين علماً وفكراً وصناعة وغلالا لأنه بدون توفير الإنتاج وزيادته لا يمكننا التفكير برفاهية الشعب. وهذا النظام الإقتصادي القومي الجديد الذي أساسه العدل الإجتماعي والإقتصادي يقول بإلغاء الإقطاع، أولاً، لإزالة الحيف والظلم عن أبناء أمتنا من الفلاحين الذين يرزحون تحت سيطرة الاقطاعيين المستبدين، وثانياً، لتحرير الإقطاعيين أنفسهم من نفسية الإستعلاء والظلم والإستبداد لتحل بين الجميع روح الأخوة القومية والتعاون الإجتماعي. ويقول النظام الإقتصادي الجديد بإنصاف العمل وتوزيع الإنتاج توزيعاً عادلاً لضمان حقوق العمال المنتجين لثروة الأمة وبنائي مجدها.

 

والدولة القومية الإجتماعية هي حتماً دولة مقاومة لأنها حريصة ان تتخذ كل التدابير والإجراءات اللازمة لصيانة السلام الإجتماعي الداخلي ولحماية سيادة الأمة وحقوقها وثرواتها القومية وللدفاع عنها من أي عدوان خارجي. لذلك فهي تقول بإعداد جيش قوي مجهّز بالوسائل الحربية ويكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن. فمبدأ الأمة المسلحة، يقول سعاده، "هو المبدأ الوحيد الذي يجب ان تتمسك به كل أمة لا تريد الإضمحلال."[1]

 

وبإختصار، نقول ان الدولة القومية الديمقراطية الحديثة هي حتماً:

 

دولة المؤسسات القومية الصالحة التي تعالج قضايا المجتمع وتنهض بأوضاع الشعب من كافة النواحي وتوفِّرُ له رغد العيش وهناء الحياة.

 

وهي دولة التسامح والحق والعدل والقانون والتساوي في الحقوق والواجبات المدنية والسياسية والاجتماعية..

 

وهي دولة المواطنية الصحيحة التي تؤمن بحق التفكير والتعبير والإعتقاد والتي تحترم الإنسان وحقوقه وتصون حريته وتنمي مواهبه وتجعل منه إمكانية مبدعة وفاعلة في الحياة.

 

وهي دولة متنورة تؤمن بالعقلنة والعلم والإختصاص والمعرفة الفاضلة وتستثمر في التربية والفنون والإبداع والإنتاج الصناعي والزراعي والمعارف العلمية وتحقق نهضة الأمة وعز المجتمع بثروة بشرية تتميز بإبداعاتها ومؤهلاتها العلمية وبكفاءاتها العالية وخبراتها المميزة..

 

هذه هي مميزات الدولة القومية الديمقراطية الحديثة.. الـدولة السليـمة القوية المعبِّرة عن إرادة الأمـة والساهرة على صيانة حقوقها وسيادتها على نفسها والحريصة على تحقيق مصالحهاالحيوية التي تعني الخيـر والبحبـوحة والعز والتقدم والازدهار لجـميع ابنائها.

 

 

 الآثار الكاملة، الجزء الثالث 1937، ص 140.[1]

 
التاريخ: 2021-05-31
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro