مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
رؤيا في صور 12 (الحلقة الأخيرة) - سعادة الرجل التقدمي
 
سعاده، صفية
 

 

 

كان سعادة متحرراً كلياً من الأدوار الجندرية التقليدية في بلاده، لذلك لم يأبه لوجوده في المنزل بينما زوجته تعمل، ورحّب بالاعتناء بابنته البكر حين ولدت لأنه يحب الأطفال، فاعتنى بها وقدّم لها هدية لا تُقدّر بثمن، ألا وهي تربيتها بطريقة عصرية فاقت في تحررها ما كان سائداً آنذاك، فلا فرق بينها وبين طفل ذكر، ولا حدود لأحلامها إلا ما تخطّه هي بنفسها، ولم يفرض عليها شيئاً كـ«دوغما»، بل حافظ على طفولتها وبراءتها وحمى خصوصيتها، وترك لها الحرية في اختيار ما تريد حين تكبر.

 

وهو لعب دوراً كبير الأهمية في بلاد الشام بالنسبة إلى تعليم المرأة ومساهمتها في المجتمع، إذ إنه شجّع المرأة على الخوض في مضمار الشأن العام، فانضم العديد من النساء إلى الحزب، لكنهن تركنه بعد استشهاد سعادة بسبب الممارسات الذكورية التقليدية في المشرق العربي، ورفضها تبوّؤ المرأة المثقفة والمتمكنة المجالس العليا، واقتصر الأمر على اختيار امرأة واحدة تزين هذه المجالس تماماً كما يفعل الرجل الأبيض في الولايات المتحدة الأميركية حين ينصّب رجلاً أسود اللون.  يكفي أن نقارن بين الصور التي تُظهر بشكل واضح كيف كان سعادة محاطاً بالنساء، وبانخراطهن في المديريات بكثافة، وصور القوميين واجتماعاتهم في ما بعد، حيث بالكاد نجد وجهاً أنثوياً.

 

حارب سعادة من أجل حقوق المرأة على الصعد كافة، وكان صراعه عنيفاً في مواجهة المجتمع، خاصة حين تم الاستيلاء على إرث الكاتبة والأديبة الشهيرة مي زيادة من قبل عمها بعد وفاة والدها، بحجة اختلال قدراتها العقلية، وارغامها على دخول مصح للأمراض العقلية، في مكان كان ينعته المجتمع اللبناني بـ«مستشفى المجانين».

 

تدخّل سعادة وهدّد باستعمال القوة، واستطاع إخراجها من المصح. («الأعمال الكاملة»، الجزء الرابع: 320-332).

 

مثّل سعادة قدوة للكثيرين المنضوين في الحزب، خاصة أولئك الآتين من بيئات محافظة دأبت على منع المرأة من التعلم، فكانوا من الأوائل الذين بعثوا ببناتهم إلى المدارس.

 

كان سعادة يبني نهضة تستطيع الدفاع عن وطنها وتجابه المستعمر، لكنه وجد نفسه يحارب وحيداً وقد تألّبت عليه كل القوى المتواطئة مع الغرب، وكل من اعتبر نفسه خاسراً في حال نجاح مشروع هذا الرجل. استطاعوا إلغاءه من الوجود بعد سنتين من عودته من المغترب، لكنهم لم يستطيعوا إلغاء إيمانه الراسخ بشعبه، ولا استطاعوا إلغاء فكره وصوابية مشروعه الذي أخذ المجتمع السوراقي بتنفيذه، سواء قرأ أنطون سعادة أم لم يقرأه، فهو استشرف الطريق قبل أن يخطّها المقاومون بأرجلهم، إذ أكّد أنه يعمل «لأجيال لم تولد بعد»، فكان القضاء والقدر: قضاء استشهاده، وقدر انتصار أمته الآتي.

 

راجع الحلقة 11

 

 

 
التاريخ: 2025-11-18
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2025 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro