مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
صراع من أجل الحياة الجديدة
 
ملحم، ادمون
 

 

نحن معشر القوميين الاجتماعيين، ننشد حياة جميلة لأمتنا، حياة راقية تسودها القيم السامية من حق وعدل وإخاء ومساواة، وينعم فيها الإنسان بالحرية والطمأنينة والأمن والسلام. هذه الحياة التي ننشدها لا تتحقق بالأقاويل والتمنيات بل بالأعمال والصراع والتضحيات، لذلك نحن حركة صراع مستمر. يقول سعاده: «لو لم نكن حركة صراع لما كنا حركة على الإطلاق، لا تكون الحياة من دون صراع.»[1] ومن يرفض الصراع يرفض الحرية ولا ينال إلا الذل والعبودية.

 

عقيدة مناقبية:

حركتنا القومية تقوم على عقيدة مناقبية ترمي إلى تحقيق وحدة المجتمع وبعث نهضته وصون حقوقه وضمان مصلحته العليا، وتطهيره من عوامل التخلف والفساد، وكل المسببات التي تسمح لفئات من شعبنا بالانحراف والعمالة والارتباط بدعوات سلفية، تدعو إلى التطرف والإرهاب وتهديد سلم المجتمع وأمنه. وفي طليعة هذه المسببات نرى انعدام الوعي القومي وانتشار الحزبيات الدينية العمياء، التي ولدت الأحقاد والضغائن وثقافة التعصب والتطرف والتقوقع والانعزال.

 

معركتنا هي كما يصفها سعاده العظيم: «معركة بين حياة جديدة وحياة عتيقة، معركة بين سمو وانحطاط…»[2]. ونتساءل: أليس ما نشاهده اليوم هو الانحطاط بعينه؟ ألسنا في زمن الفساد والضعف والتراجع والانحلال والاضمحلال؟

 

تحصين المجتمع:

برأينا، لا أمل لهذه الأمة من مصير الانحلال والاضمحلال، إلا بتجهيز مجتمعنا بعناصر القوة والمناعة، وبتحصينه بسلاح الوعي القومي لحقيقة اشتراكنا في الحياة الواحدة، ولضرورة تكاتفنا في سبيل حماية مجتمعنا من الأخطار. وما الوعي القومي إلا الوجدان الحي لقوميتنا، لعصبيتنا الروحية الجامعة التي تربطنا في وحدة حياة ووحدة مصير، والتي تدفعنا إلى الانصهار، إلى الإخاء والتسامح والوئام، وإلى المحبة القومية الصافية التي تولد التعاون فيما بيننا لترقية حياتنا المشتركة وصونها.


إن تحصين المجتمع يبدأ بتحريره من أمراضه النفسية ومن آفاته الاجتماعية، ومن كل الثقافات اللاقومية المدمرة لحياته، كثقافة الاستسلام والانهزام، وثقافة الانعزال والكراهية، وثقافة المحسوبيات والفوضى والفساد والتكاذب والاستهتار والاتكالية واللامبالاة.

 

وتحصين المجتمع يكون بإصلاح أحواله وبعث فضائله واستنهاض قواه، ليتحول إلى مجتمع قوي ومتماسك، مجتمع منتج ومتفوق ومحصّن من الاحتياج والتبعية، مجتمع يحيا فيه المواطن بحرية وكرامة ورفاهية وهناء، ويعمل لخيره وتطوره لا لإضعافه وتدميره.

 

إن تحصين المجتمع يتم في التربية الصحيحة النبيلة وبناء الإنسان بناءً نفسياً ومدنياً وإثراء وجدانه وتنمية طاقاته الخلاقة. فالتربية عملية إعداد ثقافي ونفسي واجتماعي، وهي الأساس في تكوين الأجيال الصالحة وبناء مجتمع العدل والمساواة والاستقرار. وهل يكون بناء الأجيال وإعدادها بغير القيم المثالية والتفكير العقلي العلمي والعقيدة المناقبية الخالية من الأوهام - عقيدة السلام التي تشكل السبيل الوحيد لانتشال الأمة من مستنقع العنف والانقسامات والنهوض بها إلى مراقي الحياة القومية الدافئة، حياة المجتمع الواحد القوي بوحدة أبنائه المنتجين غلالاً وصناعة وفكراً والمتحصنة إرادتهم الواحدة في الحياة؟

 

ثقافة قومية جديدة:

نقدم ثقافة قومية جديدة ترفض العصبيات المذهبية والتأويلات الدينية البغيضة، ولا نقبل بأن تكون الأديان أحزاباً متصارعة في المجتمع. "الوصول إلى السماء يقتضي ارتقاءً لا انحطاطاً... وإن اقتتالنا على السماء أفقدنا الأرض"، كما قال زعيم النهضة.[3]

 

وثقافتنا القومية تدعونا إلى إيقاظ فعالية العقل فينا وإلى فهم الحقائق بعيداً عن التعصب الناتج عن الجهل والإيمان الغيبي. كما تدعونا إلى دراسة مكامن الضعف والقوة في حياتنا الاجتماعية وإلى التعمق بمعرفة عدوّنا الاستراتيجي وأهدافه العدوانية. فبالمعرفة اليقينية الفاضلة نبدّد الظلمات ونواجه الصعوبات ونخرج من البلبلة والشك إلى الوضوح واليقين، إلى أنوار النهضة المشعة لنرتقي قمم المجد والعز والانتصار.

 

دولة قومية ديمقراطية عصرية:

الفكر القومي الاجتماعي يقدم برنامجاً إصلاحياً حقيقياً لقيام دولة قومية ديمقراطية عصرية، تعتمد العلمنة والعقلنة والعلم والتخطيط، ويتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات. دولة تسودها الحرية والعدالة الاجتماعية، ويسودها القانون المدني، وتسيّرها المؤسسات الجديدة التي تصون الإنسان وحقوقه، وتؤمن له الرفاهية والهناء. فلا سلام أهلياً في المجتمع من دون حرية، ولا سلام أهلياً من دون عدالة اجتماعية، ولا سلام أهلياً من دون مساواة.

 

إن صراعنا غايته عز الأمة وانتصارها؛ لأنه لا معنى للحياة إن لم تكن حياة عز وحرية وحياة شرف وكرامة. لذلك يقول سعاده: "نشأنا نبحث عن القتال ولا يبحث عنا القتال أبداً، نشأنا، وفي نشأتنا عز هو كل معنى وجودنا ولسنا بمتنازلين عن معنى وجودنا لشيء في العالم."[4]

 


[1] سعاده في أول آذار، ص 99.

[2] سعاده، النظام الجديد (15)، شباط 1951، ص 35.

[3] أنطون سعاده، الأعمال الكاملة، المجلد الثامن 1948-1949، اقتتالنا على المساء أفقدنا الأرض، كل شيء، بيروت، العدد 108، 22/4/1949.

[4] سعاده في أول آذار، ص 94.

 
التاريخ: 2025-10-27
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2025 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro