مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
قراءة في كتاب نزار سلوم البحث عن زيوسودرا
 
البحث في مشروع أنطون سعاده
كفروني، يوسف
 

 

اضغط هنا لحضور ندوة مناقشة كتاب نزار سلّوم

 

 

 

صدر كتاب الأمين نزار سلّوم: " البحث عن زيوسودرا عن مشروع أنطون سعاده ومصير سورية" ربيع 2023 عن مركز سيرجيل للثقافة والفنون والإعلام.

 

يقدم هذا الكتاب مراجعة فكرية نقدية لمشروع أنطون سعاده والحزب الذي يدّعي حمل هذا المشروع مع كل الخيبات والإخفاقات المتتالية والانقسامات والتشرذم.

 

يتضمّن الكتاب مقدمة وستة عناوين وخاتمة:

 

أزمة أم علّة بنيوية

 

أي سعاده

 

النهضة وحاملها الحزب

 

العلّة البنيوية

 

لماذا لم تنتصر قضية الحزب بوجود سعاده

 

مشروع سعاده ومصير سورية

 

البحث عن زيوسودرا

 

 

يستشهد في خاتمة الكتاب (البحث عن زيوسودرا)، بأسطورة الطوفان السومرية المتكرّرة في الأساطير الأكادية مع أترحسيس، والبابلية مع أوتانبشتم، هذه الأساطير المكتوبة قبل أكثر من ألفي عام قبل الميلاد، لتنتقل أخيرا قبل الميلاد ببضعة قرون إلى الأسطورة التوراتية بطوفان نوح. 

 

تقول الأسطورة أن الآلهة غضبت على البشر وقررت إبادة الحياة بطوفان ماء، ولكن إله الحكمة أشار إلى زيوسودرا الحكيم والورع ببناء سفينة لإنقاذ الحياة.

 

سورية حسب الكاتب مهدّدة بالموت، جاءها مشروع خلاص مع سعاده فجرى اغتياله، والحزب الذي أسسه لحمل مشروعه النهضوي وقع في التيه، وتحول الى حزب عادي مدمّر مدمن على التفتت والانشقاق وملتحق بقوى الأمر الواقع وسكان الأقفاص الطائفية.

 

تبقى عقيدة سعاده هي طريق الخلاص للأمة وتحريرها من السرديات الدينية وعصبياتها القاتلة.

 

يطرح العودة إلى سعاده وفق منطقه وفلسفته، ويعتبر أن الإشكالية الكبرى  هي بتحويل نص سعاده من نص مرجعي إلى نص رسالي نهائي، فالنص المرجعي يقود إلى الفكر الإبداعي الخلّاق بينما النص النهائي يقع في مصيدة النص الديني ويخرج من الشرط التاريخي ومقتضياته. (سلّوم، 2023، صفحة 20و23)

 

ويرى أن مشروع سعاده يرتكز على مبادئ راسخة مفتوحة للتعالي والامتلاء في سياق حركة التاريخ وأحداثه، ويستند إلى القوانين العلمية والحقائق التاريخية. ويعتبر أن كتاب نشوء الأمم رغم طابعه العلمي إلا أنه محمّل بفلسفة التاريخ. (سلّوم، 2023، الصفحات 24-26)

 

ولكن سعاده في كتاب نشوء الأمم يتجنّب كل أشكال النظريات الفلسفية والتاريخية. ويقول بهذا الخصوص:

 

" إنّ نشوء الأمم كتاب اجتماعيّ علميّ بحت تجنّبت فيه التّأويلات والاستنتاجات النّظريّة وسائر فروع الفلسفة، ما وجدت إلى ذلك سبيلاً. وقد أسندت حقائقه إلى مصادرها الموثوقة. واجتهدت الاجتهاد الكليّ في الوقوف على أحذث الحقائق الفنيّة الّتي تنير داخليّةً المظاهر الاجتماعيّة وتمنع من إجراء الأحكام الاعتباطيّة عليها."

 


 ويدعو إلى العودة إلى الواقع الاجتماعي ودراسته في أطواره وظروفه وطبيعته. ولا تخلو أمّة من الدّروس الاجتماعيّة العلميّة إلا وتقع في فوضى العقائد وبلبلة الأفكار.
(سعادة ، الأعمال الكاملة 3، 2001، الصفحات 5-6)

 

يقول الأمين نزار سلّوم في نهاية بحثه: "هذا المشروع، الذي في عمقه هو العقيدة السورية القومية الاجتماعية، ووجهتها العملية هي غاية الحزب، ليس موضوعا لحزب سياسي عادي، بل لحزب غير عادي وفق تسمية سعاده. هذه العقيدة بحاجة إلى حامل قادر على وضع مشروعها الذي وحده سينقذ سورية.

 

إذا فلنبحث عن زيوسودرا." (سلّوم، 2023، صفحة 144)

 

ولكن الباحث يترك لنا المسألة حول زيوسودرا مفتوحة بدون جواب. من يمكن أن يكون هذا الآتي الحامل مشروع الخلاص؟ هل هو شخص أو مؤسسة وهل يمكن أن يأتي ومن أين؟

 

 

وصف حالة الحزب

 

الحزب كما يصفه سلّوم هو حطام تنظيمات مدمرة، حزب متعثّر ومثقل بأزماته (سلّوم، 2023، صفحة 7)

 

وهو يواجه معاندة لدعوته نتيجة العصبيات المتنوعة طائفيا وعرقيا والبنى السياسية التقليدية، واستسلم لسكان الأقفاص الطائفية والتحق بفلكها متحالفا ومؤازرا لقوى الأمر الواقع. (سلّوم، 2023، صفحة 8)، الحزب غريب عن نفسه ومعناه وغايته وهو في متاهة تنظيمية تتكاثر انشقاقاته.  (سلّوم، 2023، صفحة 9)

 

  حزب مأزوم دائما ولا جدوى للبحث عن مخرج لمتاهته. (سلّوم، 2023، صفحة 11)

 

رغم هذا الواقع، فقد سجل الحزب برأيه نجاحات باهرة ومميّزة في ميادين مختلفة خصوصا في الحقل الثقافي، وفي حقل الصراع مع المشروع الإسرائيلي، ولكنه افتقد دائما للاستراتيجية القادرة على تطويره. (سلّوم، 2023، صفحة 10)

 

 

 

التمييز بين الحزب السياسي الاعتيادي والحزب غير الاعتيادي

 

يقسم مرحلة الحزب منذ تأسيسه حتى اليوم إلى مرحلتين:

 

المرحلة الأولى: منذ التأسيس حتى استشهاد سعاده (1932-1949)، ويسمي الحزب في هذه المرحلة، الحزب غير الاعتيادي الذي جرى اختطافه من قادة الواقع اللبناني (1944-1947)، الذين حولوه إلى حزب سياسي عادي، ثم جرى استرداده بعد عودة سعاده من الاغتراب القسري وتطهير الحزب من الانحراف العقائدي والسياسي، ليعود حزبا غير اعتيادي.

 

ويربط هذه المرحلة بما يسميه العلّة البنيوية. التي تعود برأيه إلى سبب رئيسي بنيوي يوجد في الأساس، في الأصل ابتداء من التأسيس 1932

 

المرحلة الثانية: منذ استشهاد سعاده ولا تزال مستمرة، ويسمي الحزب في هذه المرحلة بالحزب السياسي العادي، ويربط هذه المرحلة بما يسميه الأزمة البنيوية، التي بدأت بعد غياب سعاده وتعود لأسباب عارضة.

 

ويجد أن سمة الحزب هي التطبيع مع الواقع القائم، وخلال مسيرته لم يكن حزبا غير اعتيادي كما أراده المؤسس، وبالتالي هو في حالة قطيعة مع حزب سعاده. (سلّوم، 2023، صفحة 41) هو حزب سياسي مهدد دائما بالتفكك والتآكل الذاتي)، آفاقه لا تتجاوز الواقع السياسي الذي ينخرط فيه. (سلّوم، 2023، صفحة 61)

 

,يعتبر أنّ سعاده يقزّم مفهوم الحزب السياسي مستهدفا تقزيم أطروحة الواقع اللبناني وإيضاح الرسالة فوق السياسية لدعوته. (سلّوم، 2023، صفحة 36)

 

 

الأحزاب السياسية

 

الأحزاب السياسية بالمعنى الحديث نشأت في أوروبا في دول حققت وحدتها القومية وكان الصراع بين الجماعات حول طريقة صياغة حياتها وعلاقاتها وحجم تدخل الدولة في شؤون الأفراد والجماعات، وكان للعديد من الأحزاب رؤيته الفلسفية والاجتماعية من اشتراكية وليبرالية على أنواعها. 

 

  بالنسبة لتعريف الأحزاب السياسية التي نشأت مع ظهور الدولة الحديثة في الغرب استند العلماء إلى واقع نشأة وتشكّل هذه الأحزاب. والأحزاب تختلف في عقائدها وبنيتها حسب مشكلات مجتمعها وتطلعات وأهداف مؤسسيها. وبالتالي فإنّ واقع المجتمع السوري كان مختلفا بشكل كبير عن واقع المجتمعات الغربية الناهضة والمتقدمة والمحقّقة لسيادتها واستقلالها.

 

المجتمع السوري مفكّك تتآكله الحزبيات الدينية والاتنية والعشائرية والإقطاع الديني والإقطاع السياسي ويواجه تهديدا وجوديا من الاستعمار الغربي والمشروع الصهيوني.

 

هذا المجتمع لا ينفعه حزب سياسي عادي يتناول قضايا جزئية. لذلك جاء سعاده بمشروع نهضوي يحمل قضية كلّية، فأسّس حزبا سياسيا غير اعتيادي. وهذا الحزب السياسي غير الاعتيادي يلزمه نساء ورجال غير اعتياديين، محصّنين بالمعرفة والوجدان القومي والأخلاق والمناقب القومية بعيدا عن الانتهازية والمصالح الشخصية والنزعة الفردية.

 

الحزب السياسي الاعتيادي والحزب غير الاعتيادي

 

كل كتابات سعاده عن حزبه منذ التأسيس هي كلام  عن حزب غير اعتيادي حزب نهضوي، بعث النهضة وتحقيق استقلال وسيادة الأمة في صلب غاية الحزب. أي إن سعاده لم يستخدم مصطلح الحزب غير الاعتيادي للرد على قادة الواقع اللبناني لتقزيم أطروحتهم.

 

في رسالته إلى حميد فرنجية من سجن الرمل 1935 يبيّن سعاده اختلاف موقفه بالنسبة إلى موقف المتزعمين السياسيين بأن موقفه مبني على الأساس القومي، بينما موقف السياسيين الآخرين كان ولم يزل على الأساس السياسي. والسياسة من أجل السياسة لا يمكن أن تكون عملاً قومياً. والعمل القومي الشامل المتناول مسألة السيادة القومية ومعنى الأمة لا يمكن أن يكون عملاً خالياً من السياسة (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 32)

 

كتب سعاده في جريدة الزوبعة 1944

 

"الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حركة تجديدية في المناقب والأخلاق، كما فى النظريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فهو ليس حزباً اعتياديًّا غرضه إكثار عدد أعضائه، وربح معركة انتخابية، وتحقيق منافع لكبرائه، وبعض المطاليب المحدودة التي لا تغيّر حالة الأمة ووجهة سيرها. ". (سعادة ، الأعمال الكاملة 7، 2001، صفحة 51)

 

مفهوم سعاده للحزب غير الاعتيادي لا ينفي قيام أحزاب سياسية أخرى، فهو دعا

في برنامج الحزب النيابي 1947 إلى قيام أحزاب سياسية على الأساس القومي غير الطائفي، "إيجاد التمثيل المسؤول لمصالح الشعب بواسطة الأحزاب ذات الأهداف القومية والمناهج الشعبية العامة. (سعادة ، الأعمال الكاملة 7، 2001، صفحة 251)

 

 

العلّة البنيوية والأزمة البنيوية

 

يصف الأمين نزار سلّوم ما يحصل في الحزب بعد استشهاد سعاده بالأزمة البنيوية، يسميها أزمة لأنها عارضة، غير أن كلمة عارضة تحمل التباسا، بمعنى أنها عرضت بعد غياب المؤسس، وقد تعني أنها غير ثابتة سرعان ما تزول. طبعا يقصد المؤلّف المعنى الأول لأنه يرى أنها منذ خمسة وسبعين عاما ولا تزال مستمرّة ولا خروج من المتاهة. لذلك يقتضي توضيح المصطلح تجنبا للالتباس. أما تسميتها بالأزمة البنيوية فهذا يعني أنها تتعلق ببنية التنظيم وليس بشخص محدّد بحيث إذا تمت إزاحته تستقيم الأمور وتزول الأزمة.

 

ويحدّد العلّة البنيوية التي بدأت حسب رأيه مع التأسيس، بأنها تعود لسببين:

 

1-استخدام سعاده مصطلح الحزب غير الاعتيادي   وهذا ما يتجاوز تعريف الحزب السياسي ويبتعد عنه تماما. ويتساءل ما هي الضمانات القادرة على حماية هذه اللااعتيادية وتأمين رسوخها وعدم تعرضها للاهتزاز. (سلّوم، 2023، صفحة 46)

 

2-المؤسسات بنظامها المركزي التسلسلي لم تمنع الإدارات العليا من الاستقلال بخططها وسياساتها، دون أن يكون للوحدات الحزبية إلا أحد خيارين: التنفيذ والانضباط والالتزام أو الاعتراض بما يسمح به النظام وهو حق يمارس فرديا ولا يكون مؤثرا إلا على نحو محدود، أو التمرد والانشقاق، والذي عادة ما يتوسل العنف اللفظي والفيزيائي.

 (سلّوم، 2023، صفحة 47)

 

أعتقد أن مصطلح العلّة البنيوية لمرحلة سعاده بحاجة إلى مراجعة، فما هي العلاقة بين كون الحزب غير اعتيادي وانحراف قادة الواقع اللبناني العقائدي والسياسي بدوافع شخصية؟وما العلاقة بين مصطلح العلّة  وقبول القوميين بحكم النظام، علما أنهم حديثو

الانتماء، لايمتلكون الوعي اللازم بالعقيدة وتاريخ الحزب؟  

 

ما حصل في مرحلة سعاده من انحراف عقائدي وسياسي كان بسبب اغتراب سعاده القسري وعدم القدرة على التواصل وحداثة الحزب وعدم نضج المسؤولين المعينين وعدم فهمهم العميق للعقيدة وفلسفتها إضافة إلى المطامح الشخصية لدى البعض.

 

 

ضمانات الحفاظ على العقيدة والمؤسسات معا

 

يتساءل ما هو هذا النظام\المؤسسات الذي يتمكن من معارضة العقيدة التي جاء بالأصل ليكون حاملا لها؟ وأين هي الضمانات الكفيلة بالحفاظ على العقيدة والنهضة من جهة وعلى المؤسسات كبنى عضوية من جهة مقابلة؟ (سلّوم، 2023، الصفحات 47-48)

 

ويعطي أمثلة عن العقائد والمذاهب السياسية والدينية، وكيف تنزاح المؤسسات عن نص العقيدة التي أنشئت لأجل تحقيقها في الواقع. وبالتالي المؤسسة أو الحزب (الحامل) أقوى في الواقع من المحمول الذي هو النص أو العقيدة.

 

ويسأل أين نجد الضمانات القادرة على ضبط المؤسسات من الانسلاخ بعيداعن نص العقيدة.  (سلّوم، 2023، الصفحات 51-53)

 

ويعتبر أن السلطة غير المحدودة للزعيم هي الضمان الوحيد لسلامة الحزب، وأن لا فرد ولا مؤسسات يمكن أن تحل مكان سعاده، والدستور الذي وضعه سعاده مرتبط عضويا بوجوده، بميزاته الشخصية وبصفته الزعيم، ومع غيابه سيصبح الدستور في حالة عدم توازن، وفجوة غياب سعاده فيه ستبقى فارغة حيث عجز الفكر الدستوري القومي الاجتماعي عن ملئها. (سلّوم، 2023، الصفحات 57-59)

 

 

العلاقة بين الدعوة والبيئة قائم باستمرار مهما كانت طبيعة الدعوة.

 

في القضايا الدينية كانت انقسامات المؤسسة حاملة الدعوة مصدرا لحروب كبيرة، وطبيعة السلطة السائدة في المجتمع هي سلطة أبوية لا تناقش وتطلب من الأتباع الخضوع التام، وهذا النمط من السلطة سائد في كل القطاعات الاجتماعية والدينية والسياسية.

 

في القضايا السياسية لا مجال للانقسام في الأنظمة الشمولية،لذلك تكثر التصفيات والانقلابات. وفي الدول الديمقراطية كان الانقسام يتم بهدوء والمنقسم يختار اسما جديدا ويقدم أطروحات جديدة ومتميزة عن الأصل الذي انشق عنه.

 

المشكلة في التنظيمات التي تحمل اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنها تصر على حمل الاسم والشعارات والمزايدة في من هو أكثر انتماء لسعاده، ومن هو الشرعي وخلافاتها شخصية.

 

 

النظام الفردي امتياز لسعاده فقط لكنه مستمر بدون ضوابط

 

الفردية في النظام في مرحلة سعاده، لها أسبابها وهي ليست نظاما دائما بل هي امتياز لسعاده فقط والاتجاه الديمقراطي واضح لجهة فصل السلطات والمحاكمة العلنية وحقوق العضو واحترام وتقدير الفرد.

 

في  رسالته الى وليم بحليس، يقول سعاده: "أنّ امتياز الـحكم الفردي في الـحزب، هو فقط لصاحب الرسالة ومؤسس القضية وليس نظاماً أساسياً دائماً. والاتـجاه الديـموقراطي في نظامه صريح ولا يرفضه عقل صحيح." (سعادة ، الأعمال الكاملة 10، 2001، صفحة 147)

يظهر الاتجاه الديمقراطي في المواد الانتقالية:

 

المادة الحادية عشرة: يجتمع المجلس الأعلى بناءً على دعوة من رئيسه في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ حيلولة أي مانع طبيعي دائم دون ممارسة الزعيم سلطاته لانتخاب خلف له.

 

المادة الثانية عشرة: يكون للرئيس المنتخب السلطة التنفيذية فقط وتحصر السلطة التشريعية من دستورية وغير دستورية بالمجلس الأعلى.

 

المادة الثالثة عشرة: إنّ مدة ولاية الرئيس المنتخب وطريقة انتخابه وطريقة انتقاء أعضاء المجلس الأعلى ونظامه الداخلي تحدد فيما بعد بمرسوم يصدره الزعيم على حدة ويكون له صفة المراسيم الدستورية. (سعادة ، الأعمال الكاملة 2، 2001، صفحة 80)

 

لم يصدر هذا المرسوم بسبب اغتيال سعاده، ولكن يمكن البناء على على قول سعاده أن امتياز الحكم الفردي ليس نظاما أساسيا دائما، ولكن ما جرى منذ استشهاده حتى اليوم هو اتجاه الحكم الفردي المعلن أو المبطّن. أحيانا يأتي رئيس الحزب صورة شكلية للحاكم الفردي الفعلي الذي يقف خلفه.

 

ومنذ غياب الزعيم تمّ تهميش المجلس الأعلى، وتمّ استخدام رتبة الأمانة بعد تشويهها، في لعبة السلطة، من خلال المانح المستفيد. وتم تغييب المحاكمة العلنية ودور السلطة القضائية الفعلي.

 

وتم تهميش دور الثقافة والدراسات والأبحاث، وتراجعت القيم الأخلاقية والمناقبية وزاد العنف المعنوي والمادي الذي بدأ بعد استشهاد سعاده دون أي محاسبة. وتم استبعاد القوميين من عملية التثقيف والتربية، ومن إشراكهم في انتخاب السلطة التي تقرر مصيرهم.

 

 

التربية وتوجيه الفرد

 

في معرض نقد سعاده للتصويت الشعبي في لبنان يقول:

 

 

"إنّ من ضروريات ممارسة السيادة، بواسطة التصويت الشعبي العام أن يكون المجتمع حاصلاً على تربية قومية صحيحة توجه الفرد نحو النظر في مصلحة المجموع دائماً، وتضع في ضميره مبادئ أساسية لا يحيد عنها، وتكون هي هدفه الأخير." (سعادة ، الأعمال الكاملة 2، 2001، صفحة 193)

لم تمارس السلطة الحزبية هذه المهمة التربوية مع المقبلين على الدعوة ولم تكن مثالا وقدوة صالحة بل انعكست خلافاتها على الصف. ولم تهتم بتعليم العقيدة ولا بالبناء عليها ولا بدراسة الواقع الاجتماعي لمعرفة حاجات ومتطلبات القضية والمشكلات التي تواجهها وقضايا الأمة ومشاكلها العامة والمستجدّة.

 

 

أين المحاكمة العلنية؟

 

يقول سعاده: "في الحزب السوري القومي الاجتماعي شرع يضمن لكل فرد حقه كفرد في النظام والعمل والرأي، ولكل فرد يحسب نفسه مظلوماً في أمر أن يطلب المحاكمة العلنية إذا لم تجرِ محاكمة علنية لأغلاطه. فيكون أميناً على أنّ قضيته لا يُبتّ فيها بالخفاء بطرق لا يقرها المجموع."  (سعاده ، الأعمال الكاملة 6، 2001، صفحة 514)

 

 

أين احترام وتقدير كرامة الفرد؟

 

 

في رسالته إلى الياس فاخوري يذكر سعاده حادثة حصلت بين المنفذة العامة وناموسة المنفذية.

هذه الحادثة استدعت استجواب المنفّذة العامة في اجتماع عمومي وإقالتها من وظيفتها.

 

المنفّذة العامة قالت للناموسة سؤالك بدون معنى.
(سعاده ، الأعمال الكاملة 10، 2001، صفحة 203)

 

أين نحن من الالتزام بالأخلاق القومية والروحية القومية؟ وأين محاسبة المخلّين بهذا الالتزام؟

وأين الدور الفعلي والفاعل للمجلس الأعلى؟

 

 

المجلس الأعلى

 

يحدّد سعاده في رسالته إلى رئيس المجلس الأعلى فخري المعلوف،

صلاحيات الـمجلس الأعلى، فيقول: "أوافق على اجتهاد الـمجلس في تعييـن صلاحياته التطبيقية. أما الإبهام في الـمرجع التنفيذي الأعلى عندما لا يـمكن الاتصال بالزعيم فلا يـمكن أن يكون هنالك ما يدعو إليه، لأنّ التنفيذ يكون تنفيذ سياسة وتنفيذ تشريع وهو من صلاحية مجلس وكلاء العمد، ويكون من صلاحية الـمجلس الأعلى تقرير السياسة وتقرير التشريع واتخاذ التدابير اللازمة لـمراقبة التنفيذ والتثبت من صحته عملياً." (سعادة ، الأعمال الكاملة 9، 2001، صفحة 41)

 

 

وفي رسالته إلى غسان تويني حول قضية فايز صايغ يقول:

 

"ألا يكون من حق عضو الـمجلس الأعلى، أن يشعر أنه أكثر مسؤولية في الـمنظمة عن العمل للقيم العليا من أي عميد معيّـن للثقافة أو في مثل مسؤوليته على الأقل؟ ألا يطالب الرفيق صايغ، في حالة كونه عضواً في الـمجلس الأعلى، بالإشراف على أعمال عميد الثقافة ومحاسبته على كيفية عمله للغاية الـموكل إليه تـحقيقها وعلى كيفية تطبيقه للمبادىء العامة؟"

 

(سعادة ، الأعمال الكاملة 11، 2001، صفحة 204)

 

 

إن حصر عضوية المجلس الأعلى بالحصول على رتبة الأمانة يعني ضرورة حيازة المرشحين للسلطة العليا على مؤهلات عالية في المعرفة والفهم والحنكة والنضال والإخلاص والشجاعة والتضحية وتجاوز النزعة الفردية. وما يحصل هو غير ذلك إذ تحوّلت الرتبة إلى أداة بيد الساطة القائمة لتعزيز وتثبيت سلطتها، مما يؤدي إلى انقسامات تأخذ الطابع الانقلابي الذي يتوسّل كل الوسائل المناقضة للأخلاق القومية بما فيها الكذب والخداع والعنف.

 

وإذا كان سعاده قد حصر عضوية المجلس الأعلى بحمل رتبة الأمانة، لكن حصر الترشح بمواصفات وشروط معينة تعتبر ضرورية، لا يقتضي حتما حصر هذه المواصفات والشروط ذاتها بالناخبين. ولا يعني استبعاد القوميين من عملية الانتخاب وانبثاق السلطة.

 

 

 لكن قبل الكلام عن الدستور وانبثاق السلطة ومصدرها يجب العمل على تدريس العقيدة أولا والعمل على التربية وتوجيه القوميين لأن هذا هو الأساس.

 

 

مواجهة الانحراف

 

يعتبر سعاده أن قبول الانحراف هومسألة خطيرة ما كان ليحصل لولا جهل العقيدة وإهمال تاريخ الحزب. وجهل العقيدة لم يكن على مستوى الصف الحزبي فقط وإنما في القيادات العليا.

 "ولكن قبول هذا الخروج العقدي، وإن يكن في الظاهر فقط، يكون مسألة من المسائل الخطيرة. وإنّ مجرّد الإقدام على الخروج المذكور لم يكن ممكناً إلا بعامل إهمال تاريخ الحزب وإغفال درس عقيدته ونظرته إلى الحياة والكون والفن." (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 5)

 

 

إنّ المبادىء هي مكتنزات الفكر والقوى، هي قواعد انطلاق الفكر، وليست المبادىء إلا مراكز انطلاق في اتجاه واضح إذا لم نفهمها صعب علينا أخيراً أن نفهم حقيقة ما تعني لنا [و] كيف نؤسس بها حياة جديدة أفضل من الحياة التي لا تزال قائمة خارج نطاق نهضتنا. (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 4)

 

 

المبادئ تمثل شخصية الأمة وقضيتها ومصالحها فهي الأساس الثابت الذي يبنى عليه للتقدم والانطلاق.

 

 

يشدّد سعاده على الأساس أي فكرة الحزب، الفكرة هي التي تقود الحركة وهنا تتلازم الفكرة مع الحركة. فالحركة بدون فكرة واضحة لا تحرز أي تقدم وكذلك الفكرة بدون حركة.

 

 

"ليست فكرة التنظيم هي التي تقود الحزب السوري القومي، بل فكرة الحزب هي التي بعثت النظام وهي التي تقود النظام وتفعل التنظيم. إنّ انتصار الحزب السوري القومي وتقدمه، على الرغم من الحملة الشديدة التي وجّهتها إليه الرجعة، ليس عائداً إلى نظامه بقدر ما هو عائد إلى غايته. وليس يدل على مجرّد تفوّق النظام بل على تفوّق الوجدان القومي والعقيدة القومية." (سعادة ، الأعمال الكاملة 2، 2001، صفحة 67)


 

ويؤكّد على نشأة الحزب الاستقلالية التي تجعله حراً غير مقيد. (سعادة ، الأعمال الكاملة 4، 2001، صفحة 6)


إنّ نظامنا لم يوضع على قواعد تراكمية؟ إننا لا نجمع أعضاء كيفما اتفق.

 

ولذلك عندما أوضحت بالمقاييس المحصورة هذه القوة قلت إنها قوة السواعد الحرة، قوة القلوب، قوة الشعور، قوة الإحساس المرهف، قوة الأدمغة، قوة التفكير والتوليد والإبداع والتصور، لا قوة المكانة المتراكمة.

 

المكانة الاجتماعية تمثل قوة تراكمية مع الزمن اكتسبت نفوذاً وصار هذا النفوذ يستمر ويتراكم ويقوى بمساعدة العادة ومرور الزمن.

 (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 27)

 

 

 

القواعد الأخلاقية

 

 

في الأفراد فقط تلعب المفاسد. ولا يمكن لهؤلاء أن يصموا المجتمع كله بالمفاسد التي في أنفسهم. (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 9)

 

 

إنّ من أهم مسائل النهوض القومي بعد تأسيس فكرة الأمة وبعد تعيين المقاصد الكبرى، هي مسألة الأخلاق. هي مسألة العقلية الأخلاقية. هي مسألة الروحية الحقة التي يمكن أن تفعل في الجماعة، في المجتمع(سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 134)

 

 

إن الوجدان القومي هو أعظم ظاهرة اجتماعيّة في عصرنا، وهي الظّاهرة الّتي يصطبغ بها هذا العصر على هذه الدّرجة العالية من التّمدن. ولقد كان ظهور شخصيّة الفرد حادثاً عظيماً في ارتقاء النّفسيّة البشريّة وتطوّر الاجتماع الإنسانيّ. أمّا ظهور شخصيّة الجماعة فأعظم حوادث التّطوّر البشريّ شأناً وأبعدها نتيجة وأكثرها دقةً ولطافةً وأشدّها تعقّداً، إذ إنّ هذه الشّخصيّة مركّب اجتماعي ـــــ اقتصاديّ ـــــ نفسانيّ يتطلّب من الفرد أن يضيف إلى شعوره بشخصيّته شعوره بشخصيّة جماعته، أمّته، وأن يزيد على إحساسه بحاجاته إحساسه بحاجات مجتمعه وأن يجمع إلى فهمه نفسه فهمه نفسّية متّحده الاجتماعيّ وأن يربط مصالحه بمصالح قومه وأن يشعر مع ابن مجتمعه ويهتمّ به ويودّ خيره، كما يودّ الخير لنفسه.  (سعادة ، الأعمال الكاملة 3، 2001، صفحة 5)

 

لم يتغلّب الحزب السوري القومي على جميع الاضطهادات التي وُجِّهت إليه بمجرّد النظام، سرالمحافظة على النظام والتقيّد به ليس في النظام نفسه بل في العقيدة التي وراءه وفي الهدف الذي أمامه. فقد تفكّك نظام الحزب في بعض الأوقات ثم لم يلبث أن عاد الاتصال إلى النظام.   (سعادة ، الأعمال الكاملة 2، 2001، الصفحات 66-68)

 

 

 

لسنا قطعانا

 

خطاب حزيران 1935

 

أصبحنا أمة بعد أن كنا قطعاناً بشرية (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 15)

 

تفرّدت السلطة بقرارات مصيرية أدت إلى كوارث لا علم للقوميين بها ولا رأي.

 

 إنّ استبعاد القوميين عن المشاركة الفعلية في مصير الحزب، يعني تحويلهم إلى قطعان، لا تفكّر ولا تناقش ولا يسمع صوتها بل تخضع وتنفّذ الأوامر العليا بدون اعتراض ولو قادوها إلى الجحيم كما حصل في دورات متكرّرة من تاريخ الحزب .

 

 

يشدّد سعاده على تعليم العقيدة، إنه المهمة الأولى والشرط الأول ويأتي بعد ذلك الأخلاق والمناقب.

 

نظام الفكر ثم نظام النهج وأخيرا نظام الشكل.

 

"إنّ أول خطوة كان يجب على الحركة السورية القومية الاجتماعية القيام بها لتتقدم، هي تعليم العقيدة السورية القومية الاجتماعية والغاية الرامية إليها، لأنها هي الحقيقة الأساسية التي بها نوجد شعباً وأمة ولها نعمل. كل عمل آخر من سياسة وتنظيم لا فائدة منه بدونها ولا يجدي القيام به إن لم يكن متفرعاً عنها وعائداً إليها. إنها محور الحياة والفكر الأساسي، فكل عمل يجب أن يدور عليها، ولذلك كان الغرض الأساسي من الحركة السورية القومية الاجتماعية جعلها عامة ومنتصرة في الأمة السورية وحيثما أمكن تحقيق رسالتها الاجتماعية وفلسفتها المدرحية. (سعادة ، الأعمال الكاملة 8، 2001، صفحة 229)

 

 
التاريخ: 2024-02-03
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro