مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
تكريم الأمين الدكتور حيدر حاج اسماعيل
 
حاج إسماعيل، حيدر
إعداد: مؤسسة سعاده للثقافة
 

 

 

كلمة الأمين الدكتور ادمون ملحم

 

 

تحيا سورية وأهلاً بكم في رحابِ مؤسسةِ سعاده للثقافة وفي برنامج "مشاعل النهضة". هذا البرنامج المميّز هو واحدٌ من البرامجِ الأساسيةِ التي تعدّها مؤسسة سعاده للثقافة بغايةِ نشرِ فكرِ سعاده ومناقبِ النهضةِ القومية الاجتماعية، التي تَفيضُ بها نفوسُ المصارعينَ المؤمنين الذين لا يرضَون إلا حياةَ الأحرار. وهذا البرنامجُ تحديداً يسعى لتكريمِ مشاعلَ نهضويةً تميّزت بإنجازاتِها وعطاءاتِها وإبداعاتها في ميادينِ الفكرِ والأدبِ والشعرِ والتاريخِ والفن.

 

لقاؤنا اليوم هو لقاءٌ تكريميٌ مُفعمٌ بالحبِ والاعتزاز.. والتكريمُ هو فعلٌ حضاري يُعبِّرُ عن الوفاءِ والتقديرِ لجهودٍ نهضويةٍ بُذلت

 

. وهو إكبارٌ لعطاءاتٍ فكرية مميّزة فيها رِفعةٌ تُكسبنا علماً ووعياً ورقياً.

 

اليوم، ونحن في زمنِ الآلامِ والإبادةِ الجماعيةِ في غزة، هو يومُ الوفاءِ والاعترافِ بفضلِ قامةٍ نهضويةٍ كبيرةٍ مشهودٍ لها بنضالِها وعلمِها وعمقِ ثقافتِها وابداعاتِها الفكرية، قامةٍ فكريةٍ مفعمةٍ بالقيم الثقافية والأخلاقية حملت في أعماقها آلاما وأوجاعاً.. آلامَ النزوحِ من فلسطين الحبيبة وأوجاعَ الوطنِ الجريح الذي قطّعوا أوصاله وعاثوا فيه شراً وظلماً وفساداً، فحوَّلوه إلى ما هو عليه من دمارٍ وخراب وحزن وبؤس، وارتكبوا بأبنائِه أبشعَ المجازر، وما زالوا يحاولون تدمير ما تبقى منه.

 

هذه القامةُ النهضويةُ الفكرية الشامخة، التي عرفناها، أولاً، باسم عبود عبود ومن ثم باسمها الحقيقي حيدر عيسى حاج اسماعيل، آمنت بعقيدةِ سعاده عقيدةَ نهوضٍ وإنقاذٍ ودعوةٍ إلى الصراعِ القومي في سبيلِ سيادةِ الأمةِ واستقلالِها وتقدمها.. هذه الهامةُ الثقافيةُ – التربويةُ التي علَّمَت أجيالاً وثقَّفتها، وناضلت بالفكرِ والعملِ وبالكلمةِ المضيئة لبناءِ الإنسانِ الجديد والمجتمعِ الحضاري، ولانتصارِ المثلِ العليا والغاياتِ السامية، لم تطلب جاهاً أو شهرةً، ولم تُغْرِها المظاهرُ بل مشت في طريقِ الحقِ والثباتِ والعزم والإرادة والبناء وخطّت لنفسها مسيرةً نضاليةً حافلةً بالعطاءاتِ والتضحياتِ والإنجازاتِ النوعية، فكانت مثالاً بإيمانِها وصدقِ التزامِها وإخلاصِها، وبثباتِها وعزيمتها وتفانيها في سبيلِ انتصارِ النهضةِ وبناءِ الحياةِ القوميةِ الجميلة، الراقية.

 

الأمين الدكتور حيدر حاج إسماعيل هو رجلُ علمٍ وفلسفة، معروفٌ بثقافتِه العاليةِ ومعرفته العميقةِ وبلاغتِهِ اللغوية وأسلوبِهِ الرفيعِ في الكتابةِ والشرحِ والتحليل. ونحن عرفناه عن كثب في مغتربنا الأسترالي الذي أمضى فيه ستة عشر عاماً، متولياً مسؤوليةَ المعتمدِ المركزي ونابضاً بحرارةِ القضيةِ القوميةِ الاجتماعية وناطقاً بصوتها.

 

عرفناه كاتباً ومحاضراً وناقداً وشاعراً ومترجماً وأستاذا جامعياً، وبكل هذه النعوت، كان المؤمنَ إيماناً راسخاً بعقيدةِ سعاده والملتزمَ بها بامتياز.

 

كنا نفرح بزياراتِهِ لمدينة ملبورن واللقاءِ به والاستماعِ إلى شروحاتِهِ حول موضوعاتٍ عقديةٍ وفلسفيةٍ وأدبية. وكنا أسبوعيا ننتظرُ بتشوّقٍ صدورَ جريدةِ النهضة التي أسسها في سيدني لنقرأَ تحليلاتِهِ المنهجيةَ ومحاضراتِهِ القيّمةَ وقراءاتِهِ النقديةَ ل "مدرحيات" بعض التلاميذِ والمفكرين القوميين الاجتماعيين.

 

لن أطيلَ الكلامَ عن الأمين عبود الذي نكنُّ له كلَّ المحبةِ والتقدير، وهو الذي كرّسَ حياتَهُ في خدمةِ النهضةِ القوميةِ الاجتماعيةِ في ميادينَ متعدّدة، والذي عُرف بمواقفِهِ الواضحةِ القاطعةِ الجريئة، وبحضوره الكبيرِ والمؤثرِ في المشهدِ الثقافي القومي الاجتماعي. أكتفي بالقول إني تعلمت كثيراً من أسلوبِهِ ومنهجيتِهِ وكتاباتِه القيّمة. وقد ذكرتُ في ندوةٍ سابقة أن شروحاتِهِ عن زينون الرواقي كانت حافزاً لي لوضع كتابي: "الفلسفة الرواقية: من زينون إلى سعاده."

 

باسمِ مؤسسةِ سعاده للثقافة، أرحبُ بكم جميعاً وأشكرُ كل المتكلمين في هذه الندوة، كما أشكرُ الرفيق فادي خوري للمساهمة في إعدادِها، وأشكر ايضاً الرفيقة منى الأحدب زوجة الأمين عبود لتعاونِها معنا في توفيرِ معلوماتٍ وصورٍ لإغناء موادِها، ولعنايتها الدائمة بالأمين عبود ونتمنى لها ولحضرته الصحةَ وطولَ العمر. وشكراً.

 

 

 

 

 

كلمة الرفيق فادي خوري

 

 

 

 

من منا لم يقرأ كتابًا أو مقالةً أو دراسةً أو ترجمةً للأمين الدكتور حيدر حاج إسماعيل، وهو الذي أغنى المكتبةَ القوميةَ الاجتماعيةَ، على وجه الخصوص، ومكاتب العالمِ العربي عمومًا.

 

هو واحدٌ من القلّةِ الذين فتحوا أبواب الفكر والفلسفةِ في العملِ النهضوي على مصراعيها، فولجنا جميعًا نعب من ذلك المعين.

 

أذكر في عملنا في كندا ومديرية أوتاوا، تحديدًا، أننا كنا على منافسةٍ وديةٍ وعفويةٍ مع أستراليا، دون أن تدري أي من الوحدات أو المنفذيات في كلا البلدين بذلك، فكانت المشاريع في أوتاوا أيضًا، والتي أدارها وأشرف عليها مجموعة من القوميين الأنقياء فكرًا ونهجًا، كما في أستراليا، فصدرت هنا مجلة النهضة، التي أشرف على تحرير قسطٍ كبير من أعدادها، الأمين (الرفيق يومها) هنري حاماتي، وكانت مدرسة اللغة العربية للناشئة، والمخيمات الصيفية للأشبال، وفرق الدبكة، وبرامج الإذاعة والتلفزيون، والمؤسسات الاقتصادية... و...و

 

هكذا يكون الحزب والمؤسسات الحزبية، حين يقوم على إدارتها الكبار الواعون لسعاده، يسجلون حيث يحلّون النجاحات والإنجازات.

 

كلّنا يعلم للأسف، مصير الحزب، حين يتسلّم زمامَ الأمور فيه من هم دون ذلك المستوى في القدوة والرؤية الواضحة. علّنا بتكريم هذه المشاعل البرّاقة نسترجع بعضًا من ذلك الزخم وتلك العزيمة فنسير معًا نحو النصر.

 

لقد جمعنا في مؤسسة سعاده للثقافة معلومات عن الأمين عبود في فيديو مدته قرابة العشر دقائق، وكلّها من مصادر موثوقٍ بها، اللهم إلّا إذا وقعنا من دون قصد في هفوات هنا وهنالك. نعتذر مسبقًا عن ذلك. فلنشاهد معًا.

 

 

 

 

كلمة الرفيق الشاعر شريف ابراهيم

 

 

 

إذا اردت ان اتحدث عن الأمين عبود عبود لاحتجت الى كتاب كامل لذلك سأتكلم باختصار.

 

 هو علم من اعلام النهضة السورية القومية الاجتماعية، ورائد من روادها.

 

عرفه الحزب السوري القومي الاجتماعي مناضلا ومسؤولا وقائدا، وباحثا مرموقا وكاتبا فذا ومفكرا مبدعا.

 

غاص في بحر العقيدة السورية القومية الاجتماعية وفلسفتها يستخرج دررها وجواهرها شارحا ومفسرا فجاءت كلماته نهضوية موزونة بميزان ذهب الفكر الذي امن به وانتمى اليه، وواضحة جلية وضوح عقيدة الحزب ومبادئه.

 

عندما وصل الى بيروت كنت مسؤولا مركزيا انشط في عمدة الاذاعة وكيلا مع العميد الامين حبيب كبروز قبل استشهاده، وفي عمدة الثقافة مع العميد الأمين ميشال نبعة. وكانت صباح الخير البناء فكر من مسؤوليتي ادارة وتحريرا.

 

طلب مني ان اتابع معه في كلية سعاده، وزار الوحدات الحزبية ومراكزها في مناطقها ليتسنى لأكثرية القوميين حضورها.

 

كان استاذا فذا في الشرح   والتفصيل والتبسيط البليغ.... فتسابق الرفقاء على الحضور كعطاشى للماء البارد..

 

عرفت فيما بعد انه ترك بيروت عائدا من حيث اتى??!

 

عرفته محبا لوحدة الحزب ولكن على اساس الفهم الواضح والجلي لمبادىء الحزب وبعيدا عن الأنانيات الفردية والمصالح الشخصية التي حذر منها سعاده.

 

التقينا بعدها في عاصمة المكسيك في لقاء حزبي فكري للبحث في اسباب الانشقاقات الحزبية..  حيث جمع ممثلا عن كل قارة من القارات الخمس، فمثلت البرازيل في اميركا اللاتينية.

 

قبل معرفتي الشخصية بالأمين عبود وقبل معرفتي بأنه سيترك استراليا قادما الى بيروت

كتبت له نصا بعنوان (الموت الثاني لغاليليو).

 

صدق حدسي وأصاب لأن شخصية حزبية كالأمين عبود يؤمن بكروية الأرض لا يمكن ان يقتنع معه اصحاب الرؤوس المستديرة والادمغة والمسطحة.

 

في الختام ارى ان تكريم الدكتور الأمين حيدر حاج اسماعيل تكون بالوحدة التي تتحقق بعودة الحزب من مغتربه القسري بسبب الانشقاقات. ومرارة الانقسام الذي يجعل منه لاجئا سياسيا هنا وهناك

 

 

 

 

كلمة الأمين لبيب ناصيف

 

 

عرفته باسم حيدر عيسى عندما لمع نجمه في فترة انتظامه مع ما يسمى آنذاك "تنظيم عبد المسيح"، عُرف بسويّته العقائدية اللافتة وتألقه في فترة توليه العمل الحزبي في الضفة الغربية من فلسطين، وكان من أولى نشاطاته خطابه اللافت في المأتم الشعبي الحاشد للأمين مصطفى ارشيد. بعدها غادر الى لبنان وانتظم في الحزب المركزي. وتميز تعامل القوميين الاجتماعيين معه بكثير من المحبة، مُكبرين فيه ثقافته القومية الاجتماعية الرفيعة.

 

اذكر انه عاد معه في تلك الفترة الرفيق العزيز ياسين عبد الرحيم، وكلاهما شاركا في مخيم "صنين".

 

الأول مسؤولاً عن المحاضرات الفكرية والثاني عن المخيم التدريبي. هذا المخيم تحدثنا عنه في السابق وصدر فيه كتيب باسم "المخيم".

 

منذ ذلك الوقت وعلاقتي بالرفيق حيدر عيسى مميّزة، واستمرت مع انتخابه عضواً في المجلس الأعلى، ومن ثَمَّ اختياره من قِبل رئيس الحزب آنذاك الأمين مسعد حجل للتوجه الى أستراليا في مسؤولية معتمد مركزي حيث أمضى هناك زهاء ستة عشر عامًا، وكنت وقتها في مسؤولية عميد عبر الحدود، وكانت ترد الاخبار المفرحة عن نمو الحزب في استراليا على أكثر من صعيد:

 

- الإداري، وقد تحولت استراليا الى عدد من المنفذيات والمديريات المستقلة،

 

- والثقافي عبر تأسيس المدارس والحلقات الثقافية والصف الإذاعي.

 

كانت معتمدية استراليا تشهد حضوراً حزبياً لافتاً. وانعكس ذلك في انتظام المراسلات وتدفق الواردات المالية إضافة الى ما شهدته من تفوق في المضمارين الثقافي والإذاعي.

 

في تلك الآونة اقتضت الظروف الحزبية ان يتوجه وفد حزبي الى استراليا للاطلاع على الأوضاع فيها، وذلك بعد ان وصلت الى مركز الحزب اخبار عن ممارسات تقتضي التدقيق. كان الأمين عصام المحايري رئيساً للحزب وكنت كعميد شؤون عبر الحدود عضوا في الوفد.

 

قضينا في استراليا ما يقارب الثلاثة أشهر، قمنا خلالها بجولات حزبية على منفذيات ملبورن وسدني وآدلايد، واطلعنا فيها على مجريات العمل الحزبي، كما شاركنا في العديد من المهرجانات والمناسبات الحزبية، خاصة في نادي أستراليا والشرق الأوسط، الذي يعتبر من مفاخر الإنجازات لمعتمدية استراليا.

 

اضطر الأمين عصام الى العودة الى الوطن طالباً مني البقاء في استراليا للتدقيق في السجلات المالية العائدة لكل من المعتمدية والنادي الأسترالي.

 

وبالفعل انصرفت الى التدقيق في السجلات والحسابات وعندما عدت الى الوطن رفعت النتائج التي توصلت إليها الى قيادة الحزب والمجلس الأعلى.

وهنا اسمحوا لي أن أسجل ملاحظة على هامش الموضوع إذ انه من المؤسف أننا عادة لا نتعاطى مع مسؤولينا في الحزب ضمن أطر المحبة والأصول، إنما، (ويعتبرها البعض شطارة) نتناولهم دون عناء التدقيق، كأن همَّ بعضنا أن يجلد الآخر وان يبرز ما يعتبره أخطاء، عوضاً عن ان تكون مسؤوليتنا منصبّةً في البحث والتحقق والحرص على ما هو حقيقي.

 

بالنسبة لي تعاطيت مع جميع الرفقاء في أستراليا، وتحديداً مع الأمين حيدر، ضمن اصول الحزب وما اعتدته من تشبث بأخلاق النهضة.

 

أستطيع القول إني لم أجد أية جرائم أو موبقات في تعاطي المعتمدية والمنفذيات، إنما مجرد أخطاء اعتدنا عليها في كل اعمالنا الحزبية. في تقريري سجلت تقصير قيادة الحزب بعدم الإسراع في زيارة أستراليا في الوقت المناسب، ومن جملة ما ذكرته ان الحزب تمكن من تحقيق الكثير من الإنجازات ومن النمو ومن رفع الحضور القومي الاجتماعي الى مستويات عليا، واقترحت إعادة الأمين حيدر الى الوطن متولياً مسؤولية مركزية (اختير الأمين عبود لمسؤولية عميد الثقافة).

 

ما أقوله عن الأمين عبود هو انه إمكانية فكرية عز نظيرها في الحزب. فهو يملك من الكفاءات الحزبية العقائدية الفكرية الثقافية ما ينظر إليها بفرح وتقدير.

 

ليسوا كُثرًا من هم بمستوى الأمين عبود. أقول ذلك من معرفة وطيدة به، ويجدر بنا ان نفرح بمن هم أمثاله ونرجو له مزيداً من العمر عساه يتمكن من إغناء المكتبة الثقافية بمزيد من المؤلفات.

 

إني إذ أسطر محبتي الى الأمين حيدر الحاج إسماعيل وكثيراً من التقدير الى عقيلته الرفيقة منى أرجو أن يحظى جميع القوميين الاجتماعيين بما يجعلهم احباء لبعضهم البعض ليرتفعوا بالمحبة القومية الاجتماعية الى آفاق جديدة.

 

 

 

كلمة الأمين فهد الباشا

 

 

 

 

 

تحيّةً ومثلَها الى كلا مُكرَّمٍ وإلى هيئةٍ تُكرِّم، والى كلِّ من كرّمَ ذا موهِبةٍ، أنتجتْ فكراً أنتج، بدوره، فكراً أنتج صناعةً وغلالاً. تحيّةً ومثلَها أيضًا الى كلّ من أحيا ذكرى كبيرٍ وفى نذره للحياة بأنْ ردّ لها، للمجتمع، بعضاً من جميل ما جادت به الحياةُ عليه من مواهبَ وقُدُرات. أوَليستْ هذه هي المناسبة اليوم؟ أوَلسنا نحن الرافعين لنا بوصلةَ هدىً ونور مبدأنا القائل: "تستمدّ النهضةُ روحَها من مواهب الأمة، من تاريخها السياسي الثقافي القوميّ؟" من شرفة مبدئنا الأساسيّ السابع هذا أُطلّ على المبدئي الأمين الدكتور حيدر الحاج إسماعيل (عبود) أطلُّ شاهداً. فأسمعني وانا في سبيلي الى الإدلاء بشهادتي سائلاً نفسي، قبل سواي: ما عسايَ أقول شهادةً بالمُكرَّم حيدر بعدما شهدت أعمالُه الشهادة الأوفى له؟

 

كلمتي، اذاً، ليست بشهادةٍ أكثرَ ممّا هي محاولةٌ للإضاءة على ما تركه الأمين حيدر من أثرٍ في تصانيفه وآثاره الكتابية والعمليّة في مسيرتِه النهضويّة الطويلة. لقد اغنى الأمين المجاهد في غير حقلٍ وساح المكتبةَ القوميةَ الاجتماعيّة بوافر من عطاء. وهو العطاء الذي طالما وفّرَ لغير راغبٍ في السير النور المزيدَ من محطّات الإنارة. أخص بالإشارة، هنا، سلسلتَه العشريّة َ المختصّة بالتعريف بفكر سعاده مباشرةً ومقارنةً.

 

حضرة المحترَمات والمحترَمين. لقد عرفتُ المحتفى به من بعيد، ومن زمن بعيد. عرفتُه عبّوداً قبل أن اعرفَه باسمه الحقيقي حيدر الحاج إسماعيل. وكنتُ، وفي اسمَيه معاً، دائمَ الإعجاب به لغزارة قلمه على رصانة علمه عمقاً واتّساعاً. وفي سنة 2008 وما بعدها، تسنّى لي وأنا، وقتَها، عميدٌ للثقافة، أن اعرفَه مثابرًا على الحضور الى العمدة واضعاً نفسه متطوِّعاً للعمل الثقافي. وكان من حصيلةِ هاتيك الأيام، قاموسُ المفاهيم.

 

لقد تأكّد لي بالتجربة أن حضرة الأمين المعروف باسمَيه العلَمَين هو، في رحاب النهضة والثقافة، اسمٌ عَلَمٌ. والعَلَميّةُ فيه متأتِّيةٌ، لا من اتّساع اَفاقِه وحسب، بل، وعلى الأخصّ، من انفتاحه الدائم على مزيدٍ من الآفاق المعرفيّة. عَلَميّتُه هي في هذا النهج العلمي الصارم، وفي وفائه لما أقسم عليه عاملاً مثابراً، ثابتاً على الإيمان بصحّة عقيدةٍ تُعنَى بقضيّةٍ تساوي وجودَه. وما كانت صلابتُه هذه لمجرّدِ تعنّتٍ فكريّ، كما يحلو لبعض الطارئين على الفكر، أن يتّهموا المؤمنين في عمق إيمانهم. صلابتُه انّه المؤمنُ بعقيدة /حقيقةٍ، هي الكفيلةُ، دون سواها، بإخراج الأمّةِ من قبر التاريخ الى نور مجدها.

 

وبعدُ، وفي إشارةٍ عابرة لمن يعنيهم امرُ الإشارات العابرة، سؤالٌ يقطع الدرب على مجيدي السباحة في الوحول وعلى رماة الحجارة على الشجرة المثقلَة بالثمار: أوَ يضيرُ الفارسَ المقدامَ أن كبا جوادُه كبوةً في الميدان؟ وبعدُ وبعدُ. لو تأتّى للأمين حيدر أن يقولَ كلمتَه في مناسبة تكريمه هذه، هل كان ليقول، في سرِّه، شبيهَ ما قاله الأخطلُ الصغيرُ، في جهرِه، بمناسبة تكريمه وهو على شفا المقلب الآخر، مطلع ستيّنات القرن الماضي:

 

أيومَ أصبحتُ لا شمسي ولا قمري! من ذا يُغنّي على عودٍ بلا وترِ؟

 

يقيني أنّ عبوداً ما كان، لطبيعة ثقافته، أن يقولَ، في تكريمه، شبيها لما قاله الأخطل الصغير. فعبود / الأمين حيدر الذي انصهر في وجدانه أن كلّ ما فينا هو من الأمّة ولها يعرف يقينًا أن تكريمَه الحقيقي هو في تعميمه إرثاً ثقافياً معرفيّاً يفيدُ منه المقبلون على الدعوة والمسؤولون عنها وفيها.

 

ومن قبلُ ومن بعدُ، التحيّة، مع الشكر والتنويهِ عالياً لمن وفّر للأمين عبود الأمان العميق في تحقيق أمانيه ومراميه، التحية لحارسة المرمى، لرفيقة دربه والعمر، لزوجتِه الرفيقة منى، والتحيّة الدائمة مرفوعة على الدوام لكل العاملين لتحي سورية.

 

 

 

 

 

كلمة عميد المالية الرفيق نصير رماح

 

 

 

 

اعتذرُ وأتأسفُ على عدم تمكني من المشاركة في هذه الندوة اليوم بسبب ارتباطٍ بموعدٍ مفاجئٍ خارجَ الكيان اللبناني، خصوصا ان هذه النُدوةَ تضيء على محطةٍ مهمة من محطات تاريخ مسيرة النهضة القومية، من خلال تكريم مفكر ومناضل كبير كالأمين حيدر حاج اسماعيل.

 

تعرفت على الأمين حيدر او الأمين عبود عبود، عام 1988، على ما اعتقد، وذلك إثرَ اغتيال أحد رموز الحزب في تلك الفترة الصعبة وهو عميد الاذاعة والاعلام الأمين حبيب كيروز.

 

في تلك الفترة كان الحزب يعاني من أزمةِ انقسام بين ما عرف بالطوارئ والمجلس الأعلى، وحينها كنت عضوا في منفذية الطلبة الجامعيين ضمن إطار تنظيم الطوارئ الذي كان يقوده ظاهريا الأمين الراحل عصام المحايري وفعليا يقوده احد الذين طردوا من الحزب مؤخرا ...

 

 وبحكم وجود مكتب منفذية الطلبة في نفس مبنى مركز الحزب الرئيسي في منطقة رأس بيروت، تعرفت هناك على الأمين عبود عبود بعد عودته من استراليا، واستقراره في منطقة رأس بيروت، واصبحت اللقاءات معه يومية، بعد ان عين عميدا للإذاعة والاعلام والثقافة، وكان يولي اهتماما كبيرا بالطلبة الذين كانوا في تلك الفترة المشؤومة، لولب الحركة ضمن إطار تنظيم الطوارئ، ومن هذا المنطلق خلال اللقاءات الدورية مع الأمين عبود تعرفت على شخصيته عن قرب وتعرفت على عائلته، زوجته الرفيقة منى وابنتهما رولا،

 

فكان كل اهتمامُه منصبا على كيفية بناء الحزب، ولهذا السبب، كما سبق ان قلت، كان يركز على الطلبة فأقام الندوات واللقاءات الاذاعية - الثقافية المتعددة، حيث كان اللقاء معه يمتد احيانا الى ما بعد منتصف الليل، وأكثر ما كان يركز عليه هو صورةُ الحزب - المؤسسة وليس صورةُ الشخص، لأنه كما كان يقول لنا أخطر شيء ان نتعلق بالأفراد لان هؤلاء ذاهبون والباقي الوحيد هو المؤسسة الحزبية.

 

خلال اللقاءات الدورية معه سمعت منه شخصيا انه عندما استدعي من استراليا كان مطلوبا منه ان يأتي ليكون رئيسا للحزب وليس عميدا ولكن بعد عودته وتعرفه على واقع الحزب وجد انه لا يمكنه تولي رئاسة الحزب، لأن من كان سيتولى القيادة كان عليه سلوكُ دروبٍ لا يمكنه سلوكَها، وهي ان يكونَ على وئامٍ تام مع اجهزةِ مخابراتٍ كانت فاعلة في تلك الفترة. وهو لا يقبل كرئيس ان يمارس هذا الدور فتمت إزاحتُه عن هذه المهمة، وتابع عملَه في إطار العمل الاذاعي الثقافي، حيث أطلق كلية سعاده التي جال فيها على معظم مناطق الكيانين اللبناني والشامي، دون أن يعرف الراحة، متنقلا من مكان الى اخر ملقيا المحاضرات مركزا على وحدة الحزب الضرورية لوحدة الامة.

 

عام 1989  كنت ناموسا مساعدا في عمدات العمل والتربية والخارجية التي كان عميدها نائب رئيس الطوارئ الأمين نصري خوري، فطلب مني الأمين عبود ان اتولى  مسؤولية ناموس عمدة الثقافة، وعينت حينها ناموسا واصبحت ملازما له في معظم اللقاءات والجولات وتعلمت منه الكثير، خصوصا في الادارة الحزبية، حيث كان يركز على ضرورة ان تكونَ كلُ اعمالنا موثقةً خطيا، فكان يكلمني عبر الهاتف طالبا مني القيام بأمر معين، وبنفس الوقت يرسل لي ما طلبه خطيا، مشددا على ضرورةِ توثيقِ كل الأعمال، لأن الطلبَ الشفهي قابلٌ للنسيان او للنقض لاحقا، اما الكتابُ الخطي فهو باق، وهو جزءٌ من محفوظات مسيرة النهضة نتركها لمن سيأتي بعدنا.

 

من خلال عملي مع الأمين عبود في عمدة الثقافة تعلمت الكثير وتعرفت على كثيرين من الرفقاء والمسؤولين ولكن بالحقيقة مع كل الاحترام والتقدير للجميع لم أجد بين كل الذين تعرفت عليهم واحدا يتمتع بسلوكية ومناقبية وحسن ادارة الأمين عبود، فاذا قلنا عنه انه أحد مشاعل النهضة فهو كذلك عن حق.

 

شكرا لكم على هذه اللفتة الهامة في الإضاءة على رمز من رموز مسيرة الحزب وألف شكر للأمين عبود الذي علمنا الكثير الكثير وما احوجنا الى امثاله في مسيرتنا الحزبية الطويلة والشاقة.

 

 

 

 

كلمة الأمين نزار سلّوم

 

 

ساحر الإذاعة

 

عبود عبود: هل لديك كعكة؟

 

 

 

ينتمي حيدر حاج إسماعيل إلى ذلك الجيل الذي هجر المجتمع العتيق عابراً ودون تردد ليقيم في مجتمع النهضة، بعد أن ارتقت دماء سعادة صبيحة الثامن من تموز 1949 مِنصَّة ملحميّة ملهمة خيال التغيير وموقدة شعلة العقل وبصيرته ودافعة إرادة القوة نحو رؤية سورية أمّة سيدة حرّة مبدعة ورائدة في عالم محكوم بقانون الصراع الذي لا يتيح فرصة الحياة إلّا للمجتمعات القادرة على إعادة صياغة نفسها بما يمكّنها من خوض هذا الصراع والانتصار فيه.

 

دماء سعادة أتاحت تلك الفرصة الاستثنائيّة التي اجتازت العقيدة فيها حواجز الخصومات والعداوات واكتسحت سدود الأوهام والأكاذيب التي تم نصبها لتعيق حركة النهضة نحو شعبها.

 

كان حيدر حاج إسماعيل من بين تلك الكتيبة الإذاعية الضاربة التي جالت العديد من مدن سورية وبلداتها وعلّمت في مدارس النهضة وهي تنقل للأجيال تلك المبادئ والتعاليم التي ستشكّل النظام العظيم للوجود السوري المأمول.

 

مقتل العقيد عدنان المالكي في نيسان 1955، أحدث انقلاباً كاملاً على (فرصة النهضة الذهبيّة). ضُربت النهضة على نحو مقصود منه موتها وتبدد أتباعها. دخل القوميون ليقيموا في السجون وتتشرد عائلاتهم، وانتعش بالمقابل المجتمع القديم بأحزابه الوهميّة والطائفيّة والمذهبيّة، ليخبو حلم التغيير متراجعاً أمام قوى الأمر الواقع الموظفة في مقتضيات الاستراتيجيّات الخارجيّة.

 

ابتداءً من هذه اللحظة الكابوسيّة، ستتغير تقنيات الإذاعة الحزبيّة، وسيظهر جيل من المذيعين (الاسطوريين) الذين سيتكفلون بالقيام بتلك المهمات الخاصة، المهمات التي ستؤكد أنَّ النهضة لا تزال على قيد الحياة. لم تكن هذه المهمات سوى (بناء الجسور بين النهضة والشعب) بعد أن تم تدميرها في مناسبتين مؤلمتين: مقتل المالكي 1955، والمحاولة الانقلابيّة 1961.

 

حيدر حاج إسماعيل، مع اسمه السري - العلني: عبود عبود كان واحداً من المذيعين الاستثنائيين، غير النمطيين، الذي احترف بناء الجسور النهضوية بين الفوالق التي كادت أن تعزل النهضة عزلاً تاماً.

 

لم يشتغل عبود عبود بالسياسة الاعتياديّة، كان غريباً عنها، كما لم يشتغل بالقضايا الفلسفيّة المجرّدة، وهو لو شاء لكان قدّم في هذا الحقل الكثير. إيمانه العميق بالعقيدة كرّسه كشارح استثنائي لمضمونها وكمسهب بارز في التقاط تداعياتها. كتيبه عن الفلسفة المدرحيّة، وكتابه "العامل الثقافي في الاعلام العربي" ومقالاته كانت سلاحاً فعّالاً لجيل من المذيعين الجدد الذين نزلوا إلى ساحة الصراع الفكري أوائل السبعينيات بالسلاح الأبيض وحسب... (سلاحهم) بعض ما حفظوه وفهموه من الفلسفة القوميّة الاجتماعيّة التي توفرت لهم من نسخ معدودة لكتب سعادة الممنوعة من الظهور خصوصاً في الشام.

 

نظر عبود إلى نشر العقيدة والدعوة إليها كمهمة وحيدة رسوليّة لا شريك لها، فجاء إنتاجه في هذا المنحى، ولم يحمل اجتهادات قابلة للتأويل ويمكن الاختلاف حولها. لم تأخذه نرجسيات المفكرين ... اكتفى بأن يكون مبدعاً في فن إذاعة مضمون العقيدة، وفي اختراع مطلق الكيفيات التي تمكّنه من مواصلة بناء الجسور التي سيعبر عليها المجتمع العتيق نحو عالم النهضة.

 

يُحكى أنّه ذات مرة، مضى عليه الوقت ولم يحظ بأحدٍ كي يوصل له ما يؤمن به... هذه حالة تسبب له التعاسة.. هي أشبه بالإصابة بالمرض... مرض الصمت – عطالة الإذاعة... لابدَّ من الشفاء سريعاً منه... خرج من البيت، عبر أحد شوارع دمشق... التقى أول رجل صادفه... قرر أن يفكّ صيامه الإذاعي معه.. تقدم منه معترضاً سبيله بهذا السؤال العجيب: هل لديك كعكة؟

 

كانت الكعكة غير الموجودة مع الرجل اللَبِنَة الأولى في جسر وصوله إلى النهضة. الساحر لم يدعه يكمل دربه في العالم العتيق المهلك.

 

يا ساحر الإذاعة... الشباب والرجال والنساء هائمون في شوارع مدننا المهدمة...هل من يريد أن يبرأ من مرضه وعطالته فيسألهم إنْ كان لديهم الكعك؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 
التاريخ: 2024-01-13
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro