مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
أثر التعديلات الدستورية في الحزب الحلول المقدمة
 
الناشف، حنا
 

 

أولاً تمهيد وتكييف

لا يمكن أن يكون هناك دولة بالمعنى الحقيقي دون دستور. فالدستور هو القانون الأساسي الذي ينظم حياة المجتمع بخطوطها الرئيسية. ومنه تنبع كل القوانين، باعتباره أساس البناء الذي تبنى عليه الدولة وسلطاتها. والدستور يتمتع بهيبة كبيرة تجعله مهيمناً على سائر القوانين. لا يدخل التبديل أو التعديل عليه، إلا بموجب طرق وأساليب وقواعد خاصة، وتحيط به هذه الضمانات الخاصة لتحول دون العبث في أحكامه. وهكذا لم يعد السلطان في العهد الدستوري، آلة تكيفها مشيئة الحاكم وفقاً لرغباته وأهوائه، بل أصبح مقيداً بقانون أساسي، لا يجوز له مخالفته أو تجاهله، وذلك تحت طائلة إبطال أعماله أو تصرفاته وتحميله مسؤولية مخالفة الدستور، سنداً لقرار المحكمة المؤسسة لحماية الدستور. والتي يطلق عليها في غالبية الأحوال "إسم المحكمة الدستورية" ولا مجال هنا لبسط تطور الدساتير وتطور النظرة إليها وإلى حمايتها عبر تاريخ الشعوب، لأنه يخرج عن موضوع بحثنا. لأنتقل مباشرة إلى البحث في عنوان لقائنا هذا.

 

وعى سعادة لهذا الواقع منذ تأسيسه الحزب، لا سيما وأنه كان يتطلع ليس فقط إلى وضع دستور للحزب، بل إلى وضع أسس دستور دولة الأمة منطلقاً من آساسيات دستور الحزب. وذلك انطلاقاً من مبادئه بأن الحزب هو الأمة مصغرة. فأرسى في مقدمة الدستور مبدأ التعاقد بينه كصاحب الدعوة إلى القومية السورية الإجتماعية، وبين المقبلين عليها. والتعاقد يعني عرضاً من صاحب الدعوة يوضح فيه موضوع العرض، ويعني قولاً من المعروض عليه، ويعني المعرفة معرفة ما يتعاقد عليه، ويعني الموافقة الواعية على ما يتعاقد عليه، ويعني الإلتزام بتنفيذ ما يتعاقد عليه. ويعني عدم النكول عما أقسم عليه والتزم به، أو الإنفكاك منه بإرادة منفردة. وقد تضمن العرض من جهته:

1 أنه هو الشارع (أي واضع العقيدة والدستور والقوانين والأنظمة، وأسس النهضة السورية القومية الإجتماعية).

2 وأنه سيكون زعيماً للحزب مدى حياته.

 وقد تضمن قبول المقبلين على دعوته:

1 الموافقة على ما عرضه عليهم وبالتالي أن يكونوا اعضاء في حزبه

2 أن يدافعوا عن قضيته...

3 أن يؤيدوه تأييداً مطلقاً في كل تشريعاته وإدارته الدستورية.

 

 وبناء على ذلك أدى قسمه بأنه وقف نفسه على أمته السورية، كما سيؤدي المقبل تبعاً لذلك على الدعوة قسمه أيضاَ.

 

وبصفته الشارع أوضح أن مبادىء الحزب تنقسم إلى قسمين (العقيدة وهي المبادىء الأساسية، والمبادىء الإصلاحية التي تختص برفع مستوى الأمة) وهما يؤلفان معاً قضية الأمة السورية وسيادتها واستقلالها وارتقائها.

 

وأجزم أن أي سوري قومي اجتماعي يرفع يده اليمن لقسم يمين انتمائه للحزب يعي هذه القضية ومبادئها، ويصمم على الإلتزام بها وبتنفيذها. ويالتالي لا أجد سبباً لتفصيلها. لأنتقل إلى ما أكده سعادة في المادة الرابعة من الدستور:

 

" إن زعيم الحزب هو مصدر السطلتين التشريعية والتنفيذية" وفي هذا تأكيد لما ورد في

مقدمة الدستور أنه سيكون زعيماً للحزب مدى حياته أي قائده ومصدر قراراته، ومشرعه، وملهمه، وقدوته.

 

وهو الذي يولي السلطات سلطاتها، ولكن وفق أحكام الدستور، والقوانين النافذة.

 

وأثناء حياة الزعيم، لم يكن تولية السلطات التنفيذية والتشريعية للبعض، موضوعاً خلافياً، فالجميع كان يسلمَّ عملاً بتعاقده ويمينه وبقناعاته بسلطات الزعيم وبقيادته بما يسنه من تشريعات. وكان كل من يخالف تعاقده وقسمه عرضة للحساب والمحاسبة. ومن ثم للمحاكمة.

 

إلا أن استشهاد الزعيم غدراً، وبصورة مفاجئة وفاجعة، بعد تعثر الثورة القومية الأولى، دون أن يكون قد تصدى لطريقة انبثاق السلطات بعد غيابه، نتيجة الظروف المعاكسة التي لم تترك له حيزاً من الوقت بما فيها الشؤون الحزبية المتداعية عقائدياً واخلاقياً وسياسياً أثناء غيابه القسرى عن الوطن، والتي وضع يده عليها بعد عودته الى الوطن  وأعلن انحرافها وحاكمها وأدانها. هذا الإستشهاد أوجد الاشكالية الأولى الأساسية بين الأمناء المختارين من الزعيم، وكان عددهم 18 أميناً.

 

وفرض عليهم السؤال نفسه: كيف يختارون سلطات الحزب التنفيذية والتشريعية بعد سعادة؟

 

وكان سعادة في المادة 12 من الدستور قد انشأ السلطتين التشريعية والتنفيذية فأعطى السلطة التشريعية للمجلس الأعلى والسلطة التنفيذية لرئيس الحزب، والجدير بالذكر أنه كان في سنة 1949 قد أصدر مرسوماً بالمحكمة الحزبية المركزية. وهكذا كانت سلطات الحزب قد تحددت للعمل أثناء غيابه بسلطة تشريعية وسلطة تنفيذية، وسلطة قضائية. ولكن بقى السؤال فارضاً  نفسه: من يعين أو من يختار، أو من ينتخب هذه السلطات؟

 

قياساً واستقراءاً لما قام به سعادة قبل استشهاده، إذ أقال المجلس الأعلى لآنه تضمن في عداد أعضائه أحد الرفقاء الذي لم يكن حائزاً على رتبة الأمانة. وبالتالي أصبح من المؤكد أن المجلس الأعلى يجب أن يتشكل من الأمناء فقط. ولكن يبقى الجواب على السؤال نفسه دون جواب. كيف يتشكل المجلس الأعلى ومن يشكله، وكيف يتم اختيار رئيس الحزب، وبعد ذلك كيف يتم اختيار الأمناء وأعضاء المحكمة الحزبية العليا؟

 

وللإجابة على كل ذلك، كان يقتضي العودة إلى ما قرره سعادة نفسه من خلال مواقفه بهذا الصدد، إلا أن هذا الأمر كما يبدو لم يحصل.

 

من الثابت أن سعادة في كل مواقفه وكتاباته وخطاباته، كان يعتبر أن الديموقراطية التمثيلية أصبحت في طور الشيخوخة، والعالم ينتظر تفكيراً جديداً، وهو أتى بهذا التفكير الجديد الذي ينقذ المجتمعات من اشكالياتها وآفاتها واوضاعها الفاسدة واقطاعياتها وعشائرياتها وطائفياتها، والذي تجد فيه الإرادة العامة تعبيراً واضحاً في فكرة جديدة وقيادة صالحة.

 

" فالإرادة العامة إذا لم تجد التعبير الصحيح في فكرة واضحة وقيادة صالحة تصبح عرضة لأن تقع فريسة للمطامع والمآرب التمثيلية. فالتمثيل هو أهون دائماً من التعبير، لآن التمثيل شيء جاحد يتعلق بما حصل، أما التعبير، فغرضه الإنشاء وإدراك شيء جديد." (خطاب سعادة في سانتياغو 25/5/1940) وكان سعادة قد أكد  ذلك أيضاً في خطابه المنهاجي عام 1935 فأعتبر أن سلطات الدولة تكون في حالة الديموقراطية التمثيلية أسيرة للقوى الإقطاعية والطائفية والمالية ولمطامع ذوي النزعة الفردية المسيطرة على الإفراد في المجتمع، والتي لا تريد تغييره أو تطويره أو تطوير نظامه، فيتعطل فيها فعل الإنشاء والتعبير والتقدم، أما الديموقراطية التعبيرية فيعتبرها سعادة" هبة سوريا للبشرية" فإنها تحمل حلولاً لكل مشاكل سوريا وللإنسانية، فالسلطات فيها تتألف من أصحاب المؤهلات والخبرات العلمية ومن أصحاب العقلية الإخلاقية والمناقبية ومن أصحاب المؤهلات والخبرات العسكرية والدفاعية والتنظيمية ومن أصحاب الرؤى والإستشراف واستقراء مصلحة الشعب وآماله، فتساهم في تكييف المجتمع. ويرفق ذلك برأيه بضرورة قيام المتنورين بواجبهم تجاه شعوبهم" لأن الطبقة الراقية هي عقل الشعب وقوته التفكيرية فمنها يجب أن تصدر الأفكار النيرة والآراء الصائبة." وإن سياسة الحزب الداخلية تتجه إلى الإعتماد على القوة الحقيقية قوة السواعد والقلوب والأدمغة،" أي تعتمد على القوة الجسدية والمادية التي تحافظ على سلامة الحزب وحمايته وعلى طاقاته الإنتاجية وعلى  الإيمان الذي يملأ القلوب صدقاً واخلاصاً وتضحية واقداماً وصراعاً وعلى العقول التي تقدم الأفكار والحلول والخطط والمناهج للنهوض بالحزب وبسوريا. لا على المكانة العائلية أو الإجتماعية أو السياسية أو العشائرية (محاضرته في الندوة الثقافية في 18/1/1948) وبذلك يكون سعادة قد حدد بشكل مباشر وغير مباشر كيفية اختيار المسؤول ومواصفاته ليعبر على إرادة القوميين، مستبعداً الإنتخاب التمثيلي. إلا أن هذا لا يجب أن يعطي امتيازاً لرفيق على آخر، لآن : الآمة والدولة لا تعرفان إلا أعضاء متساوين في الحقوق والواجبات."

 

وكثير من هذه الأفكار أوردها الزعيم في مناسبات متعددة (لطفاً أنظر سعادة وثوابت الفكر الدستوري طه غدار الكتاب القومي 41 وما يليها)

 

ثانياً أثر التعديلات الدستورية على بنيان الحزب.

لم يضع الأمناء سنة 1951 هذه المبادىء قيد الإعتبار، فاعتمدوا الديموقراطية التمثلية في انتخاب مجلس الأمناء ثم انتخبوا رئيسه انتخاباً، وكما انتخبوا رئيساً للحزب إنتخاباً مع الملاحظة أن خلافاً وتباعداً حصل بين الامناء نتيجة هذا الإنتخاب، امتد ولا يزال حتى تاريخه. ويكونون بذلك قد انحازوا للديمقراطية التمثيلية وليس للديمقراطية التعبيرية التي اعتبرها الزعيم منقدة للأمة وللحزب هدية من الأمة السورية للعالم. وتعاقبت الأمور على هذا المنوال، وبعد معاناة طويلة ومؤتمرات عامة عديدة فانتقلت الإنتخابات التمثيلية من المجالس العليا إلى الوحدات الحزبية في المناطق عن طريق إنشاء مجلس قومي تمثيلي وتجميد أو الغاء للمرسوم الرابع الذي أصدره الزعيم بشأن لجنة المديرية، ومجلس المنفذية، وألغي وبالتالي دورهما الإجتماعي والإقتصادي والسياسي في المتحدات واكتفي بإعطائهما دوراً في الإنتخابات التمثيلية فقط. وتفننت التشريعات في تحديد حق الإنتخاب وحقوق المنتخبين وكيفية الإنتخاب بدءاً من الوحدات الحزبية وانتهاء بالمجالس العليا وفي رئاسة الحزب. حتى أن القوانين الصادرة والمعدلة أصبحت مناقضة لفكر سعادة ومناقضة لما قرره بشأن الديمقراطية التعبيرية. وهذا كان ولا يزال سبباً رئيساً في انهيار مؤسسات الحزب وفي انهيار القيم والمثل، واتباع الأهواء والمصالح الفردية، والجري وراء جميع المؤيدين والمصفقين.

 

إذا أن المثالب الإنتخابية التمثيلية المتمثلة بالنزعة الفردية، ومحاولة كسب المؤيدين وتجميع الأصوات، وفي بعض الأحيان إغراء المنتخبين بالوعود وبالخدمات وبالمراكز الحزبية، وبالوظائف وغيرها، إضافة إلى النزاع الفردي على السلطة وعلى الرغبة  في الظهور على حساب الحزب وعلى التسابق والتنازع على المراكز والمسؤوليات الحزبية، وعلى تعيين الأتباع في مراكز القرار أو العمل على انتخاب المؤيدين في المجالس العليا، أو على منح غير المستحقين لرتبة الأمانة الذين سيكونون لهم صوتاً في الإنتخابات. وثم الخضوع لإغراء لعب بعض الأدوار السياسية الصغيرة في الكيانات السورية، وفي الإبتعاد عن التفكير الشامل في مصالح الأمة وفي الدعوة لوحدتها وفي التنكب لمسألة محاربة التفكير الكياني الدخيل عليها وفي الدخول ببعض المحاور السياسية أو الإقليمية ضد بعض المحاور الأخرى، وفي اعتماد قرارات سياسية غير مدروسة أدت لشق الحزب أكثر من مرة ولظهور انتفاضات، ومحاور داخل الحزب، وخارجه، ولبلبلة الصف الحزبي بأفكار هجينة، ونهج بعيد عن فكر سعادة ومبادئه، كما أدت إلى تدهور في العقلية الأخلاقية، وإلى تردِ في القيم الحزبية القائمة على الإخلاق والحرية والنظام والواجب والقوة وعلى تأييد القرارات الحزبية وتنفيذها واحترام المسؤولين وأصحاب الرتب الحزبية، وإلى تبعية في الحياة السياسية على مستوى الكيانات وإلى نزاع دائم بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية أدى إلى أزمات حزبية دائمة ومتنقلة، وإلى إصطفاف مع هذه السلطة أو تلك مما أدى إلى أمور غريبة عن حزبنا وعن مبادئنا وعن قيمنا وعن أخلاقنا وعن عصبيتنا الحزبية والرفاقية وعن قسمنا بالقيام ببعض التصفيات الجسدية لبعض المسؤولين أو الرفقاء، في أيام سوداء كالحة معيبة،، الأمر المرفوض والمجوج والمدان في كل الظروف والأوقات بين من جمعتهم وحدة الروح ووحدة الحياة وإرادة الإرتقاء.

 

هذه العناوين جميعها الى كثير غيرها والتي تحتاج الى مجلدات لتفصيلها اسقطت حكم المؤسسات والدستور في الحزب. التي فاخر بها سعادة بأنها من أعظم أعماله بعد وضع العقيدة، وهجَّرت كثيراً من الطاقات الحزبية الفكرية والعقائدية والفنية والإقتصادية والعلمية والإجتماعية وفرغَّت الحزب من عصبه، وتفوقه الثقافي والريادي في العلم والفن والأدب وأجدبت صفوفه حتى أقحلت من تخريج رواد في العلم والشعر والأدب والمسرح والفكر العسكري والنظامي والقتالي  بعد أن كان يعج بهم على مستوى الحزب والأمة. ولم يعد في الحزب منهم إلا القلائل بعد تهجيرهم وابعادهم وأصبحت المسؤوليات تدور بين النافذين في الحزب القريبين من السلطة والموالين لها والدائرين حولها، دون النظر إلى أوضاع الأمة في صراعها مع العدو الصهيوني، ومع الإنحراف الغربي ضد كل ما يشكل محاولة جادة في بناء نهضتها ووحدتها، ومع دعمهم اللامتناهي لمن انخرط في التآمر على شعبها في حرب تناولت البشر والحجر والنسيج الإجتماعي والعمران والثروات والبنيان الإقتصادي والمالي القوميين، وإلى تردي أوضاع الحزب، بعد تفريغه من كل طاقاته، وبعد عزله عن تياره الشعبي، وعن قيادة تيارات المتأوهين من الفساد والنهب والظلم في كل كيانات الأمة، وبعد قعوده حتى من نشر مبادئه القومية والإصلاحية التي ثبت أن كل كيانات الأمة بحاجة إليها.

 

لقد أصبح الحزب مصنعاً للنزاعات الفردية والمصالح الخصوصية ومركزاً للأشاعات المفرضة والدس، وأداة أعلامية بين الرفقاء لإعطاء أصحاب النفوذ والحظوة صورة براقة ليست لهم، واستشرى فيه الفساد والإهمال والفتور، وتجرأ كل نافذ على الإستهانة بالدستور وبالقيم، لتتخذ القالب الذي يراه مناسباً له ولتسلطه، وبقي فيه كل عابث ومخرب بعيداً عن المحاسبة يستظل بعباءة النافذين.

 

 هذه الظواهر إلى غيرها من الظواهر الأخرى التي ابعدت الحزب عن سعادة وأبعدته عن الحزب أقنعت غالبية السوريين القوميين الإجتماعيين، بضرورة العودة إلى دستور سعادة الذي وضعه أثناء وجوده المادي بيننا، والى تشريعاته المختصة بمؤسسات الحزب، والى تطبيق الديمقراطية التعبيرية، وإلغاء كل ما يخالف ذلك في القوانين والأنظمة والتعديلات الدستورية المتلاحقة.

 

 وسأحاول فيما يلي معالجة ثلاثة واضيع جوهرية، أثرت تأثيراً سلبياً في تفرقة القوميين وتشتيتهم وتقسيمهم وابعادهم وهي انبثاق السلطة ورتبة الأمانة والمحكمة الحزبية وذلك ضمن إطار الديموقراطية التعبيرية. آملاً أن يكون هذا مادة للحوار ليصل إلى المؤتمر القومي العام مع توصيات ملزمة ناجعة بهذا الخصوص .

 

ثالثاً اقتراحات للحلول

واضح من بناء الدستور والمبادىء التي أرساها سعادة بأن مصدر السلطات بعد استشهاده يعود حكماً وتلقائياً إلى جميع القوميين الإجتماعيين، أي إلى الشعب، الذي هو مصدر كل سلطة. كما هو واضح أن سعادة لم يمارس عملياً انتقاء أصحاب المراكز العليا (مجلس أعلى ورئيس الحزب) على أساس الإنتخاب التمثيلي، الذي لم يمارسه مرة في الحزب أثناء حياته. بل كان ينتقي أو يختار من يلمس فيه مجموعة مواهب علمية وعقائدية ونظامية، وثقافية وتدريبية وقوة إحتمال وثبات على العقيدة إلى الوظيفة أو المسؤولية التي يراها مناسبة له. واذا كان سعادة يطلب من الطبقة المتنورة المتعلمة ضرورة القيام بدورها القيادي لأنها عقل الشعب وقوته التفكرية، فإن هذا لا يعني أنه استثنى غير المتعلمين، أو غير الحائزين على شهادات عليا، بل يعني المتنورين المثقفين الواعين الفاهمين للعقيدة والقادرين على التعبير عنها، والعمل على نشرها فكراً وعملاً. ويوضح نظرته هذه بقوله في رسالته لغسان تويني:

 

" إن من الأشخاص من هم مؤهلون للمسائل العقائدية فقط، وتَحوُلهم على السياسة يصَّيرهم سياسين، ولا ينتجون أعمالاً سياسية ودبلوماسية باهرة ومجدية. وإن منهم من لا يصلح لغير الإدارة، أو النظام، أو الجندبة، فيجب أن لا تحملهم قضايا لا يحسنون معالجتها، ويمكن أن يرتكبوا فيها أغلاطاً كبيرة... ويجب أن يكون هناك رجال مؤهلون للمسائل السياسية."

 

ونادى سعادة وفقاً لهذا المنحى بالإختصاص قائلاً:

 

 في مقالته النزعة الفردية في شعبنا في 1/8/1942 "ففكرة أن العمل العام دوائر صغرى في دائرة كبرى،فرد يجب أن يعمل ضمن الدائرة التي يقع فيها اختصاصه هي فكرة جديدة أوجدها التنظيم القومي الإجتماعي."

 

إنطلاقاً من هذه المبادىء التي أرساها سعادة، وعلى اعتماده قولاً وفعلاً على الديموقراطية التعبيرية في اختياره للمسؤولين، أصبح من اللازم والضروري تفعيل هذه الأفكار والمبادىء لنخلص إلى تطبيق هذه الديموقراطية في انبثاق السلطة وإجراء عملية الإختيار أو الإنتفاء.

 

وبناء على كل ذلك يكون المطلوب قياساً واجتهاداً:

1- إنشاء هيئة تحل محل سعادة في الإختيار أو الإنتقاء، اذ أن عدم وجود مثل هذه الهيئة لا يترك لنا خياراً سوى الإنتخاب.

 

وحتى لا يفهم الأمر خطأ، فإن هذه الهيئة لا تحل محل سعادة إلا في الإنتقاء، ولا علاقة لها بالتشريع أو التنفيذ أو القضاء، ويقتضي أن تتكون هذه الهيئة بالطبع:

 

أ من أمناء مر على اعطائهم رتبة الأمانة ما لا يقل عن عشر سنوات. وتتوفر في كل منهم بحق شروط رتبة الأمانة التي حددها الزعيم، والتي لا تنطبق حالياً على الكثيرين منهم والتي يمكن تلخيصها:

 

- بالفهم الصحيح للعقيدة والإيمان بها وبالزعيم

- بالعمل النزيه الخالص لها وللقضية الناشئة عنها.

- بالحفاظ على سلامتها وسلامة الحركة المنبثقة عنها، وعلى نظامها تحت كل الظروف.

- أن يكون مناضلاً ممتازاً بالفكر والفعل، مجاهراً بمبادىء العقيدة، وقام بتضحيات غير اعتيادية في سبيل العقيدة والنظام.

- أن يكون قد ثبت على العقيدة والإيمان والنظام في الظروف السهلة والصعبة ونفذ كل المسؤوليات والمهمات المسندة إليه.

- أن يكون قد أظهر تفوقاً جلياً في الإيمان القومي الإجتماعي وفي الإدراك العالي للعقيدة، وفي الشجاعة والإقدام والحنكة.

 

يضاف إلى ذلك: ضرورة اتقانه لطرف من أطراف العلوم، وحصوله على شهادات عليا بها.

- أن يكون معروفاً عنه في وحدته الحزبية ومتحدة الإجتماعي أنه مثال الإخلاق والصيت الحسن... ويتحلى بالمناقب القومية.

- أن يكون قد مارس العديد من السمؤوليات الحزبية وعلى الأقل مسؤولية واحدة تشريعية أو تنفيذية مركزية أو قضائية.

- أن لا يكون قد صدر بحقه قرار إداري أو قضائي بجرم شائن من المحكمة الحزبية العليا.

- أن يكون قد مضى على انتمائه للحزب عشرين سنة على الأقل دون انقطاع.

 

2 تتكون هذه الهيئة من خمسة أعضاء وثلاثة ردفاء وتسمى "هيئة الحكماء".

3 ويجري انتقاء الهيئة على الشكل التالي:

 

أ يتقدم من يجد في نفسه توفر الشروط بترشيح نفسه لهذه الهيئة لعميد الداخلية  خلال مهلة الترشيح المحددة من قبل المجلس الأعلى على ألا تتعدى ثلاثة أسابيع ويجوز لثلاثة هيئات منفذيات مجتمعة ترشيح فيه تجد منه أكتمال المواصفات المحددة أعلاه.

 

ب يحول عميد الداخلية الترشيحات إلى كافة الوحدات الحزبية ويدعوها إلى اجتماع رسمي يحدده، حيث تعرض الترشيحات ويتم تأييدها أو رفضها، وذلك خلال الإجتماع العام المحدد لكل وحدة حزبية في مركزها. ونزود النتائج لعمدة الداخلية، وبعد فرزها تحدد أسماء الخمسة الأول الفائزين وأسماء الردفاء الثلاثة.

 

ج مدة هذه الهيئة المختارة خمس سنوات وفي حالة انتهاء عضوية أي عضو من أعضائها بالإستقالة أو عند حؤول أي مانع طبيعي أو قانوني دون ممارسة صلاحيته، يحل محله العضو الرديف.

 

د في حال نقصان عدد الهيئة عن خمسة حكماء رغم انضمام الردفاء، يصار إلى انتقاء من يحل محلهم بالطريقة نفسها حتى انتهاء مدتها.

 

ه عند إنتهاء مدة هذه الهيئة يصار إلى انتقاء أعضائها بالطريقة نفسها.

 

4 تتولى هذه الهيئة الصلاحيات التالية:

1 انتقاء مرشح لرئاسة الحزب، ويتم ذلك وفق الخطوات التالية:

 

أ ترسل الهيئة بواسطة عمدة الداخلية تعميماً لهيئات المديريات وهيئات المنفذيات، تطلب فيه اقتراح اسم رئيس للحزب مع التنبيه على ضرورة توفر الشروط المحددة لأعضاء هيئة الحكماء فيه، مضافاً إليها، تمتعه بالخيرات السياسية وفهمه العالي لدستور الحزب ونجاحه في الإدارة والتنفيذ حين كان مسؤولاً تنفيذياً مركزياً.

 

ب- تعطي عمدة الداخلية مهلة ثلاثة اسابيع لتلك الهيئات الإستمزاج رأي الرفقاء والأمناء التابعين لها، ولتقديم اقتراح باسم الرئيس.

 

ج بعد حصولها على الإقتراحات من خمس منفذيات على الأقل تحول عمدة الداخلية الإقتراحات إلى لجنة الحكماء مع ملف واف لكل اسم مقترح.

 

د تنتقي هيئة الحكماء خلال مهلة عشرة أيام رئيس الحزب من بين مقترحين ثلاثة تتوفر فيهم الشروط الدستورية ونالوا أكثرية هيئات الميريات وهيئات المنفذيات، وتعلنه رئيساً للحزب لمدة أربع سنوات تبدأ من تاريخ الإعلان، وتعمم عمدة الداخلية هذا الإعلان.

 

2 انتفاء أعضاء المجلس الأعلى

أ يشترط في عضو المجلس الأعلى أن يكون أميناً منذ خمس سنوات على الأقل، وتتوفر فيه كافة شروط رتبة الأمانة.

 

  • أن يكون ملماً بصورة عامة بالقانون أو بالعلوم السياسية أو المالية أو الإقتصادية، أو ممارساً لأي عمل سياسي أو مالي أو اقتصادي وبصورة خاصة متقناً لفهم دستور الحزب وقوانينه ونظرته للديموقراطية التعبيرية، وللعقيدة، وثابتاً على العمل لها وتطبيقها في كل الظروف.

 

- أن لا يكون قد صدر بحقه أي قرار فصل من عمدة الداخلية أو من المحكمة الحزبية لمدة تزيد على خمس سنوات.

- أن لا يكون قد صدر بحقه أي قرار طرد أو فصل من المحكمة الحزبية لجرم شائن.

 

- ب بطلب من هيئة الحكماء تعمم عمدة الداخلية على لجان المديريات بواسطة مدير المديرية وعلى مجالس المنفذيات بواسطة المنفذ العام ليتقدموا باقتراحاتهم بترشيح أي عضو من أعضاء المجلس الأعلى ممن تتوفر فيهم شروط العضوية وذلك ضمن جلسة رسمية.

- تحدد عمدة الداخلية موعداً واحداً للإجتماع في كل الوحدات الحزبية خلال اسبوعين من تاريخ طلب هيئة الحكماء ذلك لتحديد أسماء الأعضاء المقترحين.

 

- يجتمع أعضاء لجان المديريات ومجالس المنفذيات في وقت واحد في الوطن وعبر الحدود في مركز كل منفذية أو من أي مكان آخر يتفقون عليه وينتقون بالإتفاق أسماء الذين يرشحونهم لعضوية المجلس الأعلى على الا يزيد المنتقون عن 17 عضواً ويرفعون لائحة باسمائهم إلى هيئة الحكماء.

 

- تطلب هيئة الحكماء من عمدة الداخلية تزويدها بملفات الأشخاص المقترحين وتنتقي منهمعدد 17 عضواً أصلاً للمجلس الأعلى وعدد 5 ردفاء من بين الذين تجد فيهم توفر كافة شروط العضوية والذين استحصلوا على أكبر عدد واف من لجان المديريات ومجالس المنفذيات مع حقها بإسقاط أي اسم منتقى إذا لم تتوفر فيه الشروط القانونية والدستورية وذلك خلال مدة ثلاثة أسابيع من رفع أسماء المنتقين وملفاتهم وتحيل اسماءهم لعمدة الداخلية لتعميمها.

 

  • يتفق الأعضاء فيما بينهم على رئيس المجلس الأعلى وفي حال الخلاف يتم حسمه بواسطة هيئة الحكماء.
  •  

 

3- انتقاء اعضاء هيئة منح رتبة الأمانة

تنتقي لجنة الحكماء عدد خمس أمناء من بين الذين برشحهم رئيسها ليشكلوا هيئة منح رتبة الأمانة، وذلك لمدة 4 سنوات ويرأسها أكبر الأعضاء سناً.

 

 

4 إنتقاء أعضاء المحكمة العليا ورئيسها:

 

أ يجب أن يتوفر في أعضاء المحكمة الشروط التالية:

 

  • أن يكون قد عمل في حقل القانون لمدة عشر سنوات أو أن يكون قد قدم دراسة شاملة عن الدستور أو عن العقيدة.
  • أن يكون قد مضى على إنتمائه للحزب عشر سنوات على الأقل.

 

  • أن لا يكون قد صدر بحقه أي قرار إداري أو قضائي منذ خمس سنوات على الأقل.

 

  • أن لا يكون قد صدر بحقه أي قرار قضائي أو إداري بجرم شائن.

 

  • أن يكون رئيس المحكمة وممثل الحق القومي ونصف اعضاء المحكمة أمناء.

 

  • تقدم عمدة القضاة لهيئة الحكماء خلال عشرة أيام من تاريخ طلبها ذلك لائحة بأسماء الرفقاء والأمناء الذين تتوفر فيهم الشروط مرفقة وملفاتهم الحزبية على أن تتضمن اللائحة عدد 12 عضواً مقترحاً على الأقل.

 

  • تنتقي الهيئة من ضمنهم ستة قضاة ورئيس وممثل للحق القومي وتطبق المحكمة مرسوم الزعيم القاضي بإنشائها.

 

  • تنظر المحكمة بدستورية القوانين بناء على طلب رئيس الحزب، أو عضوين من أعضاء المجلس الأعلى أو خمسة أعضاء من مجلس العمد، أو عشر هيئات منفذيات.

 

  • تنظر المحكمة بتفسير القوانين عند حصول أي خلاف على تفسيرها، أو تنفيذها بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.

 

  • تنظر المحكمة في طلبات الفصل أو الطرد أو التجريد من رتبة الأمانة المقدمة من عميد الداخلية أو من رئيس الحزب، أو من هيئة الحكماء.

 

  • تنظر المحكمة في أية مخالفة للقانون في انتقاء رئيس الحزب أو المجلس الأعلى إو في أي خلاف على انتقاء هيئة منح رتبة الأمانة ورئيسها أو على انتقاء أعضاء المحكمة العليا ورئيسها أو ممثل الحق القومي وتكون قراراتها نهائية وملزمة.

 

 

  1. - تكون ولاية رئاسة الحزب والمجلس الأعلى وهيئة منح رتبة الأمانة واعضاء المحكمة العليا لمدة أربع سنوات.

 

  1. - في حالة استقالة رئيس الحزب أو عدد أحد عشر عضواً من المجلس الأعلى بمن فيهم الردفاء أو اي من قضاة المحكمة أو أي من أعضاء منح رتبة الأمانة يصار إلى اعتماد نفس أسلوب الإنتقاء المحدد في هذا القانون.

 

 

  • لقد حاولت مجتهداً في اقتراحاتي السابقة أن تتوفر الأمور التالية:

 

  • أ يتأمن تطبيق الديموقراطية التعبيرية، وأن ننتهي كلياً من تطبيق الديموقراطية التمثيلية التي احدثت عطباً قاتلاً في بنيان الحزب وخللاً واضحاً في تطبيق أحكام القانون والدستور وعمل المؤسسات.

 

 

  • ب- المحافظة على مبدأ أن القوميين الإجتماعيين هم مصدر السلطات وذلك عبر انتقائهم جميعاً لهيئة الحكماء التي ستتولى مسؤولية الإنتقاء الأخيرة لكل السلطات، وعبر ترشيح رئيس الحزب أو اعضاء المجلس الأعلى.

 

 

  • ج- المحافظة على ترشيح رئيس الحزب من الوحدات الإدارية التنفيذية في كل الوحدات الحزبية، وذلك لأن الرئيس هو رئيس السلطة التنفيذية، والعمد معاونون له. ولأن الوحدات التنفيذية هي الأقرب إلى القوميين في شؤون التنفيذ وهي على اطلاع شبه كامل على حركة الحزب التنفيذية، وذلك بعد استمزاج رأي القوميين في وحداتهم حفاظاً على انبثاق السطلة من الشعب (القوميين الإجتماعيين)

 

  • د- أن يتم اقتراح اعضاء المجلس الأعلى من لجان المديريات ومجالس المنفذيات، وذلك لآنهم يتولون في المنفذية العلاقات الإجتماعية والإقتصادية وغيرها، ويقترحون الخطط على هيئة المديرية أو هيئة المنفذية، وهم بمثابة لجان ومجالس إجتماعية، تشريعية خدماتية في متحدي المديرية والمنفذية، وبذلك يكون من شأنهم إقتراح السلطة التشريعية التي ستولى التشريع في الحزب لكافة الشؤون بما فيها الشؤون التي يختص بها أعضاء لجان المديريات ومجالس المنفذيات.

 

 

  • أن لا يتولى أي من السلطات انتقاء الجسم القضائي للحفاظ على استقلاليته وأن تقوم بذلك هيئة الحكماء لعدم وجود مصلحة لديها إلا مصلحة تسيير عجلات الحزب بالشكل الصحيح.

 

  • أن لا يتولى أي من السلطات إنتقاء هيئة منح رتبة الأمانة وذلك للحفاظ على استقلاليتها وعلى نزع رغبة أية سلطة في تأمين الولاء لهم، لا سيما وأن الأمناء لم يعد لهم دور في الإنتقاء التعبيري سوى أن يكون الأمين مرشحاً لسلطة من السلطات.

 

  • - أن لا يتولى أية مسؤولية سوى المؤهلين لها، وذلك سنداُ لقول الزعيم:

" أن من الأشخاص من هم مؤهلون للمسائل العقدية فقط...... وأن منهم

" من لا يصلح لغير الإدارة أو النظام أو الجندية."

 

  • - أن يتحقق ما اعتبره الزعيم فكرة جديدة، فكرة العمل العام من دوائر صغرى في دائرة كبرى وأن كل فرد يجب أن يعمل ضمن الدائرة التي يقع فيها اختصاصه وكفاءته.

ط- أن تتعطل بشكل نهائي رغبة بعض المنفذين في تجميع المؤيدين والتقرب منهم،

ي- أن تنصرف كل من السلطات إلى عملها ضمن اختصاصها دون أي هاجس سوى مصلحة الحزب ودون أي نشاط سوى النشاط الذي يحدده دستور الحزب وقوانينه ومؤسساته.

 

ق إن يعود الجالسين على ضفاف الحزب للإستفادة من طاقاتهم وإمكاناتهم في إدارة عجلة الحزب.

 

  • أن ينصرف عمل الحزب إلى الإنتاج في المجتمع وفي الإقتصاد وفي السياسة وفي الذود عن مصالح الأمة.

 

 

وأخيراً أقول أنه لا شيء منزل أو جامد في كامل هذه الإقتراحات التي تبقى قابلة لتفصيل مهماتها أو توسيعها أو تضيقها، وتبقى قابلة، للنقد وللتعديل وللإلغاء، إذا تبين أنها لا تخدم العقيدة أو الحزب أو الأمة.

 

                                                   ولتحيي سوريا

 
التاريخ: 2021-05-30
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro