مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
كلمة تقديم لكتاب الرفيق شحادي الغاوي "دراسات ومقالات في الفلسفة القومية الاجتماعية - الجزء الأول"
 
ملحم، ادمون
 

 

هذا الكتاب يُشكِّل مساهمة فكرية، جدّية، لشرح ثلاثة من المواضيع الأساسية المرتبطة بفكر سعاده وهي: الفلسفة المدرحية، الديمقراطية التعبيرية والعروبة الواقعية. ويأتي شرح هذه المواضيع من قبل الرفيق الباحث شحاده الغاوي عن طريقين: الأول من خلال مطالعة مستقلّة له، والثاني من خلال مناقشة تحليلية مستفيضة لكتابات مجموعة من المفكرين والباحثين بعضهم ينتمي إلى الفكر "العروبي" وبعضهم الآخر ينتمي إلى المدرسة القومية الاجتماعية.

 

لقد أغنى الباحث الغاوى المكتبة القومية بأبحاثه المعمّقة بعد أن رأى حاجة ضرورية لدراسات هادئة ومتروية ولأبحاث متخصصة حول مواضيع المدرحية والديمقراطية والعروبة. ففي موضوع المدرحية، يلاحظ الكاتب خلو الأعمال الثقافية والفكرية في الحزب السوري القومي الإجتماعي من أية دراسة علمية معمّقة لها. ويعتبر أن هناك كثيراً من المقالات والكتابات النقدية التي تتناول المدرحية، لكننا لم نقع على بحث متخصص في شرحها أو دراسة كاملة لها." وفي موضوع "الديمقراطية التعبيرية" التي شكّلت إنقلاباً جديداً تجيء به الفلسفة القومية الاجتماعية، كما يقول سعاده، فيعتبر الباحث أنه "أسيء فهمها كثيراً، وجرى تأويلها أحياناً بشكل سطحي جرّدها من خصائصها الجديدة ومن صفاتها الفلسفية حتى كادت تصير تعبيراً أدبيّاً لا معنى فلسفياً جديداً له." أمّا في موضوع العروبة، فقد جرى، برأيه، "عبث كبير وفظيع فيها وتأويل إنحرف كثيراً جداً عنها وعن حقيقة ما تعنيه."

 

لهذه الأسباب جدَّ الرفيق شحاده واجتهد في قراءة سعاده وفي مطالعة ما كتبه الآخرون عن هذه المواضيع وانكبًّ على البحث المعمّق فيها، فكتب بنهج علمي، نقدي، سلسلة دراسات قيّمة متضمنة شروحاً هامة، قدَّمَ بعضها في محاضرات في سيدني وعبر منابر ثقافية إلكترونية، ونشرَ بعضها الآخر في سلسلة مقالات في مجلة "الفينيق"، وأخيراً جمع كل هذه الكتابات والمحاضرات ونسَّقها في فصول هذا الكتاب بتسلسل منطقي جاعلاً منها عملاً واحداً متكاملاً ومترابط الأجزاء.

 

وبالرغم من اعتباره أن محاولته هذه تشكل "مساهمة جديدة تلقي أضواء جديدة غير موجودة في أية دراسة سابقة..." إلا أنه يقرُّ أن استنتاجاته ليست مبرمة لأن "الفكر والفلسفة ليس فيهما "قرارات" وأحكاماً مبرمة، ولا أحد منّا يحق له إدعاء الأستذة والعصمة والكمال في مساهماته في هذا المجال... وبالتالي فأية دراسة، مهما كانت معمَّقة وشاملة، ليست كافية وحدها لإبراز كل خصائص الفكرة الفلسفية. ويؤكد ما يقوله سعاده: "أن الثقافة عمل طويل لا يمكن أن يتم برسالة واحدة أو كتاب واحد".[1]

 

وما يميّز كتابات الرفيق شحاده الغاوي الكاتب الملتزم، والمتخصص في علم الرياضيات، والمتسلِّح بثقافة عميقة، هو تفكيره النقدي - المنطقي وأسلوبه التحليلي السلس البعيد عن الإنشائية الخطابية. فهو يتمتع بدقة الملاحظة وبمهارات تحليلية وبقدرة على الترتيب والتنظيم وتفسير الأفكار وتحليلها وانتقادها ومعالجتها وصولاً إلى أحكام صحيحة. وهو يتناول الأفكار بمنهجية واضحة فيعمل على تحليلها وتفكيكها ويطرح الأسئلة حولها ليقدِّم الأجوبة مسجلاً أفكاره وآراءه وليستخرج النتيجة التي تؤدي إلى إدراك الحقائق.

 

وفي تحليله، يعتمد الرفيق شحاده أسلوباً واضحاً ولغة صريحة، رصينة، وخالية من المسايرة والمواربة والمداهنة والتشويش. فليس المهم من تكون الشخصية التي يناقشها مهما علت مسؤوليتها الحزبية أو السياسية، بل الأهم هو مناقشة ما يراه مغالطات وأفكار خاطئة، استقصاءً وتفسيراً واستقراءً للحقائق الخالدة.. ولغته في المناقشة هي لغة موضوعية مدعومة بالأدلة القاطعة والحجج المنطقية ومستندة إلى نصوص من كتابات سعاده، كما إنها تتصف بالجرأة والصراحة والوضوح سعياً للوصول إلى الحقيقة.

 

وباختصار، يمكننا القول أن هذا الكتاب هو بحث فكري-فلسفي مليء بالأفكار المفيدة للباحثين والدارسين والمهتمين بفكر سعاده، ويشكِّل محاولة جدّية لتحريك نقاش فلسفي يكاد يكون مفقوداً حول أفكار أنطون سعاده، لذلك يمكن إضافته إلى لائحة الكتابات والمراجع الموجودة عن المدرحية والديمقراطية التعبيرية والعروبة الواقعية.

 

تحية تقدير مني للرفيق شحاده الغاوي لجهده البحثي والأكاديمي ولما يقدمه من مساهمات فكرية قيّمة تعتمد أصول التفكير العلمي والعقلاني وتجسِّدُ فهماً عميقاً لفكر سعاده، كما تعكس سعياً متواصلاً لدراسة الفلسفة القومية الاجتماعية ولتسليط الضوء على مرتكزاتها الواضحة ونظراتها الجديدة في الإجتماع من خلال حوار فكري وقراءات نقدية تدحض ما يراه من مغالطات وأضاليل وشوائب وتشويه وخلل بالمفاهيم يرتكبها بعض الكتّاب والباحثين. وإني أهنئ الرفيق شحاده لهذا الإنجاز اللافت الذي يمثّل إضافية حقيقية لميدان الفلسفة المدرحية والديمقراطية التعبيرية والعروبة الواقعية الصحيحة.

 

د. ادمون ملحم

ملبورن - استراليا

 

 

 

 

 

 


[1]  الأعمال الكاملة، الجزء الثامن، ص 2.

 
التاريخ: 2023-06-20
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro