مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
وردة ذات لون حار
 
ابراهيم، شريف
 

ثلاثون عاما على غيابه

الشاعر المهجري نبيه سلامة

1993-- 1908

 

هو الخطو اليك.

تنفس ضوء في تمدد وشوق.

والكلام فيك

بلاغة لسان واحتياط لغة.

لذا

نتفيأ ملامحك في القصيدة

يا سيد القصيدة.

لندخل في دهشة حلمك من دون ان نخدش مراياك

ولنختصر البقاء في حضرة الغيابمن دون ان نسترد الأسئلة التي تتفتح كلما راودنا الموت.

انا الان

على عتبة الدخول في جلال ذكراك.

لكنني محاصر فيك ومنك.

فهل من العجب اذا تلكأ قلمي يا صاحب القلم الذي استطال قصيدة ثم غاب.

انا الان

اتهيب الدخول بين الجسد والتراب.

كيف لا وانت الشاعر ولست العادي ومثلك يصبح في اشتعال الجرح لا يضارعه في الأرتقاء غير الشعر وبعض دمع

فبيانك عال

وصمتك مدارات لا تطولها عتمة الصوت.

اذن

فهل استأذنك الان في استماع انفاسك التي لا يجيدها الا الشعراء.

استأذنك

لأن للموت حرمته ولا يجوز

ان يغتصب الكلام فيك

فنحن معشر الشعراء اصحاب ( جثثنا)

لا يستطيع ان يقاسمنا بها احد ما لم يقاسمنا الحياة لان قدرنا

في الحياة لا يجب ان ننسى اننا نتنفس.

مرة سألت امي عن دمعة سقطت مني...

فاذا بها وردة ذات لون حار .

ومرة سالت حبيبتي عن دمعة غافلتني..

فاذا بها قصيدة في كتاب

ومرة رأيت وطنا يبكي

فاذا به مهجر واغتراب

ومرة كتبت يانبيه سلامة واصفا دمعتنا واغترابنا وشوقنا لارضنا وموتنا في غربتنا

(غدا تجرعنا الاقدار غصتها

وتحمل النفس ما حكم القضا كتبا

غدا نقول وداعا يا بني وطني

هيهات ان ترجع الايام ما ذهبا )

لقد عشت شاعرا فذا وما تعرت

 

القصيدة -- الا لقلة من الشعراء --كما تعرت لك، فكانت بكل يديها تعري كل جوارحها طوعا وطواعية فكنت خير بناء لها تبني مداميكها صرحا متراصا... فكنت عمارا ماهرا لناطحات الشعر فجاءت قصيدتك مدللة في فصول قحطنا كدلال الربيع، وارفع من الرؤوس المعروفة ذات الادمغة المجهولة.

اذا كتبت للوطن

كنت صرخة الامة في فم الاغتراب

واذا كتبت للمرأة

اجدت واعيا انه ليس بامكاننا ان نتحرر منها لاننا لم نستطع ان نولد من غيرها حتى الان.

ولأنها حملتنا في رحمها تسعة اشهر

صارت مسامنا تحبل بها مدى الزمن.

هي الام

وهي الحبيبة معا

وهي مصدر الجرح ومصدر البلسم في ان.

تناولك الفرح بيد والالام بيد اخرى.

واذا كتبت عن الحياة ونعمها

كنت من الداعين الى التمتع بها وبكل تفاصيل مباهجها فكأنك مع المثل القائل ( الاقتصاد بالرفاهية نقيصة ).

فالانسان اليوم يعيش انحدارا زمنيا يتدحرج فيه الى الموت في سكرات مجتمعنا المادي ولا يستيقظ الا ساعة لفظ انفاسه الاخيرة لان جشعه انساه انه على موعد مفتوح ودائم مع الموت.

( قالوا نذير الموت قلت عرفته

والفته عبر الحياة الفانية

اليت ان احيا لاحياء الصبا

وفرشت دربي بالورود الزاهية

ومتى الليالي بدلت ألوانها

فالموت عندي والحياة سواسية)

كنت الشاعر المبدع الذي عرف ان امتنا تستمد روحها من مواهبها وتاريخها الثقافي .. وانت واحد من مواهب هذه الامة ومبدعيها.

وكنت تعرف انه بدورنا نستمد مثلنا العليا من نفسيتها لأنها امة فيها كل حق وخير وجمال . وكل علم وفلسفة و فن.

لذك كنت تحلم بمجتمع واحد موحد يسطع بروح الجماعة فرششته عطرا على جدائل قصائدك وحلما مجتمعيا جميلا لأن الاحلام الفردية دائرية السراب ندوخ في فراغاتها نطارد الوهم نبحث عن حقيقتنا فيها فلا نجد الا ظلالا لهياكل ذواتنا.

بذلك ادركت ان هزيمة الانسان ليست فردية ولم تكن يوما فردية بل نتيجة لمجتمع مهزوم.. والمجتمعات المهزومة يكون انسانها مهزوما غنيا كان ام فقيرا كبيرا كان ام صغيرا فلغة تبرير الهزائم هي لغة الانسان الفرد ولغة صناعة الحياة هي لغة الانسان- المجتمع.

بهذه الروح الجماعية اتسم نشاطك في عصبة الادب العربي رئيسا وعضوا ...

ان خسارتنا بك هي في الحقيقة خسارتان

خسارتنا بك كانسان محب وخسارتنا بك كمبدع خاصة وانك كنت حبة من الحبات الأخيرة التي بقيت في عنقود عصبة الادب العربي فاذا ما سقطت الحبات الاخيرة فاننا سننعى الحرف العربي في البرازيل بوجهه المشرق.

نبيه سلامة

يا من لم تمت الا واقفا ... ولم تتشكل الا نهرا ونهارا ونورا.

انك الان تتوحد فينا. وتوحدنا مع ذاتك وتتجلى في ابداعك.

بقيت حاضرا في الشعر وكنت الشاعر الشاعر . والشاعر اقوى من السيف وأمضى من حده واصحا من قبضته.

ونحن ايضا (امة شاعرة ) لبست عباءة الشعر في السلم والحرب

والشاعر كان سيفها في السلم والحرب.. والسيف بلا قومه لا شيء والقوم بلا شاعر، غيم بلا مطر وشجر بلا ثمر وليل بلا قمر وبشر بلا بشر...!!

اتهيأ متهيبا يا سيد القصيدة لأقول:

كنت غنيا بالشعر بلا تكبر وكنت فقيرا بالمال بلا تذلل

تعجبني عزة نفسك وتعجبني مواقفك في الحياة ومن الحياة.

مرة سألت امي عن دمعة سقطت مني

فاذا بها وردة ذات لون حار

فهل تأذن لي وتقبلها مني لازرعها فوق ضريحك..

 

شريف ابراهيم - البرازيل

 

 

 

 
التاريخ: 2023-05-13
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: جريدة الديار، 13/05/2023
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro