مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
كنانايا والبيوت العتيقة إلى بدر الحاج
 
ابراهيم، شريف
 

 

 

 

جزيرة كنانايا في البرازيل تبعد عن مدينة سان باولو حوالي الخمس ماية كيلومتر، وتقع ضمن ولاية سان باولو.

 

بعيدة في البحر، لغاية انها تبدو من البر كأنها افق الماء والسماء.

 

عدد سكانها لا يتجاوز الثمانية الاف نسمة، ويعتمدون في معيشتهم على صيد الأسماك، وعلى السائحين الذين يقصدونها.

 

تاريخها العمراني، ابعد بقليل من عمر كنيسة جون باتيستا (يوحنا المعمداني) , الكائنة فيها، والتي كانت تحتفل اثناء  زيارتي لها  بالذكرى الأربع ماية والخمس والستين سنة على تشييدها.

 

بيوتها القديمة ما زالت تحافظ على طبيعتها. والبلدية بدورها تحافظ على طبيعة هذه المنازل (المختيرة)، لأنها تراث عمراني يجب المحافظة عليه والإعتناء به.

 

هذه البيوت العتيقة، تحولت الى مزارات للزائرين –السائحين حتى ان الذي ورث بيتا منها، حوله الى مقهى او مطعم او متجر صغير لبيع التحف او.... وذلك للقيمة الزمنية.

 

في مقهى من هذه المقاهي جلست بين أكثر من أربع ماية سنة من التاريخ احتسي قهوتي الصباحية، فشعرت كأنني على موعد مع كريستوف كولوبس او امريكو او مجلان....

 

فهذا المقهى كان بيتا لم يبق منه سوى جدارين وبالكاد ربع سقف ويعتني به صاحبه اكثر من ام تعتني بطفلها الوحيد المدلل. !

 

هناك تذكرت أمي!؟

 

مرة عادت من قريتها مسرورة فرحة لتخبرني ان جميع (الخراب) في الضيعة أزيل وجرف ليتحول الى مبنى للحسينية. وكانت تقصد ب(الخراب) بيوت الضيعة القديمة  او لنقل الضيعة القديمة والتي منها البيت الذي اشاده جد جدها، والبيت الذي بناه جدها، والدار الذي عمرها جدي.

 

كانت فرحة من دون وعي. لأنها لم تدر ان تاريخ هذه البيوت بنظري هو أعظم من تاريخ القارة التي اكتشفها كريستوف كولومبس كلها وبكل ما فيها من  بشر وحجر وشجر.

 

ان هذا الذي دعته (خرابا) فيه انفاس اجدادي وعرق جبينهم، وتاريخهم النضالي ايضا. فمنزل جدي لأمي الذي كان ثائرا ضد الفرنسيين

 

مر   به قادة الثورة امثال صادق حمزة وأدهم خنجر اللذان شكلا امتدادا ثنائيا مهما للثورة السورية الكبرى - في جبل عامل - بقيادة السلطان باشا الاطرش.

 

وعدا ذلك كله احسست ان جرف هذه البيوت هو اغتيال لطفولتي التي تركتها تلهو هناك يوم غادرتها الى بلوغ سن الرشد

 

لأني كنت كلما حاولت ان (أتذكرني) صغيرا اذهب الى هناك (لأراني) ولدا يلعب بين احضان تلك البيوت.

 

عجيب؟!!

 

نحن في بلد لا يستطيع أحد فيه ان يجرف سور مقبرة احتراما وحرمة للإنسان، ولكن كيف يستطيع هذا ال(الأحد) ان يجرف تاريخا ومعالم تاريخية تخلد هذا الإنسان!؟

 

 

البرازيل: شريف ابراهيم

 

 

 

 
التاريخ: 2023-05-06
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: جريدة الديار، 6 أيار 2023
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro