مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
في ذكرى تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي
 
علي زيتوني
 

“في العقائد التي تمتّ إلى الإنسان الحر بصلة لا يمكن الاستناد إلى أي قول استبدادي مطلق لتقرير حقيقة إنسانية لها علاقة بالإنسان المجتمع. فلا بد لقيام الحقيقة من شرطين أساسيين: الأول الوجود بذاته أي أن يكون الشيء موجوداً؛ والثاني أن تقوم المعرفة لهذا الوجود. والمعرفة هي التي تعطي الوجود قيمة لا يمكن أن تكون له بدونها. 

والذين يستغنون عن المعرفة الإنسانية لتقرير الحقيقة ولقيامها يفترضون معرفة أخرى لهذه الحقيقة. لكن لا يكفي تحديد الوجود لقيام الحقيقة، فالوجود يجب أن يصير معرفة ليكون حقيقة، أي أنه يجب أن يُعرف إما من قبل الإنسان وإما من قبل الله.

لا يمكننا أن نتصور وجوداً بلا معرفة، فلا يمكننا أن نقول إن لأي وجود مفترض، غير مدرك بالمعرفة، قيمة الحقيقة، لأن الحقيقة قيمة إنسانية نفسية والإنسان هو وحده الذي يميز بين الحقيقة والباطل بالمعرفة. إذاً لكي نكون موقنين بوجود أمتنا نحتاج إلى معرفة حقيقة هذا الشخص أو هذه الأمة أو هذه البلاد.”

أنطون سعاده

مقطع من المحاضرة الرابعة بتاريخ اول شباط سنة 1948

يحدد أنطون سعاده فيما قاله لقيام الحقيقة شرطين أساسيين:

الشرط الأول: أن يكون الشيء موجود (الوجود بذاته)

الشرط الثاني: أن تقوم المعرفة لهذا الوجود.

في الذكرى التسعين لتأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، نستذكر شرطاً أنطون سعاده السابقين، نحن الذين انتمينا إلى هذا الفكر، وهذه العقيدة، بتأكيد انتمائنا، بتأكيد يقيننا، بتأكيد معرفتنا، بتأكيد وعينا، بتأكيد تمسكنا بهذا الفكر وهذه العقيدة.

عندما يؤكد الزعيم وجود الحزب السوري القومي الاجتماعي قائلاً: “منذ تلك الساعة انبثق الفجر من بعد الليل، وخرجت الحركة من الجمود، وانطلقت من وراء الفوضى قوة النظام، وأصبحنا أمة بعد أن كنا قطعانا بشرية، وغدونا دولة تقوم على اربع دعائم: الحرية، الواجب النظام ، القوة”، وعندما يقول ايضاً: “لم آتكم بالخوارق، بل أتيتكم مؤمناً بالحقائق الراهنة التي هي أنتم”، فهو قد حدد الوجود بذاته (أن يكون الشيء موجود) محققاً الشرط الأول.

في موضوع المعرفة، ليس هناك أبلغ وأفصح من الزعيم أنطون سعاده عندما يلخص هذا الموضوع بأربع كلمات: “المجتمع معرفة، والمعرفة قوة”

فما هي خصائص المعرفة عند انطون سعاده؟

الدكتور إدمون ملحم يفند خصائص المعرفة (والمعرفة الاستراتيجية) عند أنطون سعاده بالآتي:

– أولا بالتفكير الاستشرافي: حيث استشرف الأخطار العظيمة الداهمة، وأهمها خطر الصهيونية، والخطر التركي، وخطر التوسع العربي، وخطر تنافس قوى الاستعمار على موارد الأمة السورية.

– ثانياً التفكير الواقعي: نظر سعاده في واقع أمته الاجتماعي دارساً ومحللاً بموضوعية وعلمية مستنبطاً أسباب الويل والمآسي والأمراض وجميع مظاهر التخلف والتمزق والضعف والتبعية.

– ثالثاً التفكير الغائي الواضح: أعمال أنطون سعاده وكتاباته كلها كانت لغاية اجتماعية واضحة بعيدة المدى وعالية الأهمية، وهي أحداث نهضة قومية اجتماعية في أمته السورية.

– رابعاً التفكير الكلي المنظم، حيث أن فكر سعاده الاستراتيجي وحزبه السوري القومي الاجتماعي يتمحوران حول قضية قومية كلية، هي قضية الأمة السورية والوطن السوري. ففي شرحه في المحاضرة الثالثة  من المحاضرات العشر، يحدّد سعاده قضية حزبه بأنها: «قضية كلّية أساسية، دائمة. إنها قضية حياة المجتمع واستمرار حياته وتقدمها نحو الأفضل والأجمل»

– خامساً التفكير العملي: يشدد سعاده على وجوب: «اعتمادنا على التفكير العملي لأن العصر الذي نعيش فيه عصر عمل وتحقيق مطالب عليا».

– سادساً تفكير إبداعي مستقل: يتحدث الدكتور إدمون ملحم عن هذه الخاصية فيقول: “الإبداع سلوك إنسانيّ خلاّق يتمظهر في القدرة على إنتاج الأفكار الأصيلة أو ابتكار حلول جديدة يتقبلها المجتمع لمشكلة قائمة. ويتسم النشاط الإبداعي بالحداثة وعدم النمطية أو جمود الفكر، كما يتصف بالمرونة والطلاقة الفكرية والأصالة ويفصح عن نفسه في شكل إنتاج جديد يتميّز بالتنويع ويتصف بالفائدة والقبول الإجتماعي عامة. ويصف الدكتور الدكتور إدمون ملحم سعاده بما يأتي: “لا أعتقد أن أحداً يخالفني الرأي في أن سعاده كان شخصاً مبدعاً ومتفوقاً، بل رجلاً عبقرياً وقائداً فذاً، وقد تجلَّتْ مظاهرُ العبقريّةِ والإبداع في فكره الثاقب وفي مؤهلاتِهِ التأسيسية والتنظيمية والقياديّةِ الفريدةِ وفي زعامتِهِ الأصليّةِ المنبثقةِ من صميمِ عظمةِ الأمّةِ السوريّةِ ومنْ نتاجِ نفسيّتِها الجميلة. وتجلَّتْ عبقريته أيضاً في كتاباته وفي انتاجه الغزير”.

– سابعاً تفكير تفاؤلي انساني، لأن سعاده كان يؤمن بقدرات الإنسان وطاقاته الفعلية على اختراق عالم المجهول واكتشاف الحقائق ويحثُّ أبناء شعبه للتحرّر من أوهام الضعف والخنوع والتسليم للأمر المفعول، وبتحمّل مسؤولياتهم في تحرير سورية بأكملها، وفي صناعة المستقبل المشرق؛ لأن فيهم «قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ».

– ثامناً تفكير ارادي صراعي، من أهم عناصر المعرفة الاستراتيجية في الفكر القومي الإجتماعي هو عنصر الصراع؛ فحركة سعاده هي حركة هجومية دائمة لا تهدأ، حركة صراع ليس بمنتهٍ، وقتالٍ دائم لأجل تحقيق الغاية الواضحة. يقول سعاده: «لو لم نكن حركة صراع لما كنا حركة على الإطلاق»، ويضيف: «نحن نصارع دائماً في سبيل تحقيق غايتنا وكلما تراكمت علينا الصعاب تجددت قوانا وسحقت ما اعترضنا من صعاب». بصفتنا سوريين قوميين اجتماعيين، وبنتيجة واضحة لمعرفة وجودنا التي نهلناها من واضع العقيدة، فإننا وكما قال حضرة الزعيم “في هذا الزمن الذي هو زمن تنازع الأمم البقاء، وفي هذا الوقت الحرج، وشعبنا تعمل فيه عوامل الفساد والتجزئة والملاشاة القومية، انبثق الحزب السوري القومي كما ينبثق الفجر من أشد ساعات الليل حلكاً”؛ انبثقنا وانطلقنا وانتشرنا وقاتلنا وقاومنا واستشهدنا وعممنا فكرنا، … وما زال لدينا الكثير الكثير لنعطيه…

المجد لسوريانا والخلود لباعث نهضتنا

 
التاريخ: 2022-11-16
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: صباح الخير - البناء، التاسع - 16 تشرين الثاني 2022
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro