مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
قواعد وآراء في الإدارة في الحزب السوري القومي الاجتماعي
 
ابو كامل، نزيه
 

 

 

تمهيد

         لقد نشأت فكرة هذه الدراسة من حاجة الرفقاء الجدد الى التعرف النظري على قواعد الإدارة في الحزب، المستوحاة من عمل حضرة الزعيم الإداري ومن خبرات الرفقاء الذين تولوا مسؤوليات إدارية وتركوا لنا آثارا علينا أن نستفيد منها. علّ هؤلاء الرفقاء الجدد يجدون في هذه الدراسة فائدة تعينهم في عملهم عندما يتولون مسؤوليات إدارية، وعلّها تساعد المشرفين على تدريبهم لذلك أيضا.

 

         وعندما اخترت لهذه الدراسة العنوان أعلاه حاولت توخي الدقة في ذلك حتى لا تختلط لدى القارئ القواعد المعتمدة والمعمول بها، بالآراء التي قد تكون ناتجة عن حالات خاصة واجتهادات تصح حينا ولا تصح حينا آخر. فالقواعد لها ميزة الثبات الى حد ما، إما لأنها بديهية بالمنطق العقلي وإما لأنها أثبتت فعاليتها بالتجربة فاعتمدت. أما الآراء فتبقى في الإجتهاد وفي أساليب من يتولون الوظيفة وفيما يمكنهم أن يتفننوا في تطبيق مستوجباتها.

 

         والأمر الذي يجب ان يبقى حاضرا في أذهاننا وراسخا في وجداننا، هو ان الحركة السورية القومية الاجتماعية قد انطلقت باتجاه جديد لتسجل تاريخ الأمة السورية الجديد، تاريخ الحرية والواجب والنظام والقوة، هذا الإتجاه الذي حددته عوامل فاصلة ظهرت بسعاده تعبيرا أوفى عن حقيقة الأمة السورية وإرادتها، وقد أوضحها الزعيم في محاضرة له في الجالية السورية في مدينة فرقمينة- الإرجنتين في نيسان 1941 (راجع نشرة عمدة الإذاعة العدد6/65 ايلول-تشرين اول 1997) بعنوان: “عوامل فاصلة في الإتجاه السوري الحديث نحو عهد جديد". وهذه العوامل هي: الغاية الواضحة، الشعور بالشخصية القومية، القيادة، والسلطة.

 

فوجود الغاية الواضحة، كما قال، "هي التي انقذت الشعب السوري من فوضى المعتقدات والأفكار التي لم تعين غاية أخيرة واضحة تطمئن لها النفس السورية، كان العامل الفاصل الأول في الإتجاه السوري الجديد بواسطة الحركة السورية القومية الإجتماعية ".

 

         أما الشعور بالشخصية القومية، العامل الثاني الفاصل في الإتجاه السوري الحديث، فهو ما جعل السوريين القوميين الإجتماعيين، كما قال،" يشعرون بأخوة عامة حقيقية من أداني سورية الى أقاصيها والى كل مكان وجد فيه سوريون قوميون اجتماعيون، فجميعهم يشعرون شعورا واحدا يفكرون تفكيرا واحدا ويطلبون غاية واحدة واضحة. وشعورهم بمجموعهم ورابطة حياتهم ومثلهم العليا هو أقوى كثيرا من شعور اللاقوميين المتفسخ بأنفسهم وعائلاتهم".

 

" وبهذا الشعور الحي وهذه الغاية الواضحة صار لسورية قضية قومية تؤهلها لطلب مكانها في مصاف الأمم الحية وللسعي الموحد لحيازة هذا المكان ".

 

         أما العامل الثالث الفاصل في الإتجاه السوري الحديث - القيادة - فمن مزاياه التي ذكرها: الهداية الثابتة المستمرة وتوحيد الجهود وحشد القوى على خطة واحدة والتخطيط وتعيين الأهداف التي يجب ان ترمي اليها الجهود والقوى. وقال: " ليس أضل من شعب عديم القيادة في جهاده لنيل حريته وحفظ حقوقه ومصالحه".

 

         والعامل الفاصل الرابع الذي تناوله الزعيم في محاضرته هو: السلطة. وقال:" ان قيام السلطة من صميم الشعب السوري يطيعها السوريون ويرجعون اليها في أمورهم، هو قاعدة الاستقلال الفعلي. فالسلطة القائمة من الشعب في الشعب هي عنوان استقامة أمر الشعب وانتظام شؤونه ورفضه الإعتراف بأية سلطة اجنبية عليه. والشعب الذي يفقد مبدأ السلطة والطاعة يفقد مبدأ استقلاله الفعلي ويكون أمره فوضى فلا تقوم له قائمة ".

 

         ولأن القضية التي نعمل لها والتي تساوي وجودنا، هي ما تتضمنه عقيدة الحزب ودستوره وقوانينه ونظاماته، فهي دائما الدليل والمقياس والضوابط لكل أعمالنا الإدارية كما غيرها وفي جميع شؤون حياتنا على تنوعها. "إن مبادئنا القومية الاجتماعية قد كفلت توحيد اتجاهنا، ونظامنا قد كفل توحيد عملنا في هذا الإتجاه". (من خطاب الزعيم في اول حزيران 1935).

 

         أمر اّخر أحب ان الفت اليه هو ان علم الإدارة كدراسة اكاديمية يحصلها طلاب يتخرجون بعد اكمالها بشهادة ليعملوا في الحقول المختلفة تجارة او صناعة او خدمات الخ..، تختلف عنه في عملنا الحزبي المختلف منطلقا وغاية، رغم بعض التشابه في الأشكال والأساليب. فالحزب السوري القومي الاجتماعي ليس مؤسسة تجارية او صناعية او ما شابه ذلك، وليس جمعية تتعاطى جزئيا في شأن واحد من شؤون الحياة، بل هو دولة الأمة السورية كلها، له منطلق فكري جديد يرى في كل فرد امكانية انسانية يجب ان تفعل لمصلحة عليا واحدة هي مصلحة المجتمع، وبالتالي فان كل سوري فيه مبدأ الحياة هو في مدار اهتمامه ليصبح فاعلا بأقصى ما فيه من طاقة الأمة لمصلحة الأمة. لذلك نرى السوريين القوميين الاجتماعيين يعملون بدافع إيمانهم وإرادتهم الواعية وليس باي دافع اّخر، غايتهم الإنتصار في صميم الشعب. وهذه الغاية تجعلهم يعملون بشعور المسؤول المحب الذي عليه مساعدة كل ابناء شعبه لتنتصر فيهم العقيدة المحيية، ولهذا تختلف مقاييس النجاح في الإدارة في الحزب السوري القومي الاجتماعي عنها في غيره من التنظيمات. فمقياس نجاح المسؤول في أحد المواقع الإدارية في الحزب هو بمقدار ما يتمكن من توظيف كل طاقته وطاقات العاملين ضمن نطاق مسؤوليته الإدارية دون استثناء لخدمة الغاية الواحدة الموحدة اتجاه الجميع، ويكون مبدأ: "ان كل سوري يجب ان يكون منتجا بطريقة من الطرق، غلالا او صناعة او فكرا" قد وضع موضع التنفيذ في دولة السوريين القوميين الاجتماعيين - الحزب السوري القومي الاجتماعي. ولا بأس هنا من الاشارة الى ما قاله الرفيق جورج عبد المسيح للزعيم بعد انتمائه الى الحزب وكان قد أتم دراسته الجامعية قبل انتمائه، قال: "لو كنت قوميا قبل ابتدائي دروسي النهائية، اذن لكنت استفدت من دروسي أكثر كثيرا مما استفدت، إذ كنت عرفت كيف يجب ان ادرس-واظن اني أعبر عن رأي غيري ايضا". (راجع مقالة الزعيم بعنوان: "من الظلمة الى النور" في كتابه: "الصراع الفكري في الأدب السوري"

 

         أرجو ان يجد المهتمون في هذه الدراسة ما يفتح أمامهم أبواب الاجتهاد في هذا الحقل الهام.

 

 

في القواعد

 

 

القاعدة الأولى

 

         إذا كانت الإدارة علم وفن تحقيق غايات محددة، فإن القاعدة الأولى التي ترتكز الى كونها عملا عقليا ثقافيا يحتاج إلى جهد انساني معين، هي: تحقيق أفضل النتائج بأقل جهود ممكنة.

 

القاعدة الثانية

 

         استطرادا لما في القاعدة الأولى ولتطبيقها، تظهر بالضرورة قاعدة اخرى هي: المعرفة.

 

ولهذه المعرفة عناوين لا بد من الإحاطة بها وهي:

 

1- معرفة طبيعة العمل الحزبي انطلاقا من معرفة منطلقات - مبادئ الحركة السورية القومية الاجتماعية وغايتها، وللعوامل الفاصلة في الإتجاه السوري الجديد التي أشرنا اليها في التمهيد لهذه الدراسة.

 

2- معرفة أن المسؤولية الإدارية المعنية ليست الوظيفة بحد ذاتها بل هي الصفات المؤهلة حاملها لتولي تلك الوظيفة، انها المعرفة التي تجعل ممن يتولى الوظيفة أو الرتبة، تعيينا أو انتخابا، مؤهلا للقيام بأعبائها. من هنا كانت عبارتا: المسؤولية والصلاحية متلازمتين. وحتى لا يختلط هنا في لفظة "الصلاحية" معنى الأهلية بمعنى حدود المسؤولية، ألفت القاريء الى ضرورة توفر الأهلية في المسؤول الى جانب معرفته بحدود العمل التي تحددها له القوانين.

 

3- معرفة أبعاد نظام الشكل المؤسس على نظام الفكر والنهج ولخدمته، هذا النظام المركزي التسلسلي الذي تترابط فيه مواقع المسؤوليات أو الوظائف في حلقات متصلة تؤمن التكامل الضروري في المسؤوليات. هذه المعرفة وحسن تطبيق مقتضياتها هما العاملان الأهم لتحقيق النتائج الأفضل بالجهد الأقل.

 

4- تنمية روح الجماعة لدى الأعضاء باستمرار. فبهذه الروح، بهذه الوحدة الروحية الراقية يقوم جميع الرفقاء بتطبيق القوانين وتنفيذ الأوامر واطاعة النظام، ويكون التمرس بوحدة المجتمع - الانسان الكامل - حاصلا. هذه الوحدة الروحية هي من أهم عوامل نجاح العمل الإداري وكل عمل اجتماعي. فكل عمل انساني هو عمل اجتماعي بطبيعته وهو بالضرورة عمل تعاوني.

 

5- مسؤولية كل فرد: تبدأ من لحظة اعتناقه العقيدة القومية الاجتماعية وإعلان التزامه بها بأدائه قسم الإنتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، يترجمها تمرسا بهذه المسؤولية تجاه الغاية التي نشأ الحزب لتحقيقها، أي تجاه القضية التي تساوي وجوده. فبمقدار وعيه لأبعادها واستعداده لإنجاح أهدافها يكون مدى انضباط عمله بالنظام. وعليه فإن كل عمل يكون ناجحا بنسبة ما يكون جميع المشتركين به متجهين بأنظارهم لإنجاحه، يرون انتصارهم بنجاح العمل بمجهود الجميع كل في موقعه واختصاصه. أما حيث بقيت من النزعة الفردية المقيتة بقية في نفوس بعض العاملين فلا يمكن لعمل تعاوني نظامي أن يتحقق كما يجب. وكذلك لا يمكن لمسؤول إداري أن ينجح عملا إذا لم يلب الجميع نداء الواجب ويقوم كل منهم بدوره.

 

القاعدة الثالثة

 

         كل من يتولى وظيفة إدارية في مكان لم توجد فيه مؤسسة حزبية فرعية سابقا، او ان وجوده في هذا المكان جديد، سيجد نفسه بمواجهة عدة امور عليه القيام بها او ببعضها في البداية وهي:

 

1- درس خصائص المتحد وامكانياته الثقافية والاقتصادية والسياسية.

 

2- على ضوء هذا الدرس يضع لعمله خطة أولى قصيرة المدى لتنفذ أولاً بناء على المعطيات التي لديه، كإمكانية مساعدته من قبل ابناء المتحد، رفقاء واصدقاء، ومدى إستجابتهم لدعوته الى المباشرة بالعمل الحزبي.

 

3- وبناء على تجربة الخطة الأولى القصيرة، يضع الخطة الأطول آخذا في إعتباره ما يجب تعديله وكيف تغّلب على العقبات التي واجهته وكيف سيتغلب على العقبات التي ستظهر نتيجة لنمو العمل الحزبي.

 

4- تشكيل فريق العمل كهيئة المديرية مثلا، التي يقترح المدير أسماء بقية أعضائها، وتنظيم عملهم وتوجيههم ليكونوا بدورهم موجهين لجميع الأعضاء في منطقة عملهم.

 

5- مراقبة أعمال جميع من هم نطاق مسؤوليته لضبطها، ولتعليمهم وتوجيههم باستمرار لرفع مستوى ادائهم ولتعهد معنوياتهم.

 

6- إفساح المجال امامهم لإظهار مواهبهم المتنوعة والعمل على تنميتها ووضعها في خدمة الغاية الأساسية، وهذا ما يجب ان يتم باستمرار.

 

7- إعطاء الصورة النموذجية عن السوري القومي الاجتماعي المسؤول والقدوة بتمرسه بالمناقب القومية الاجتماعية وضبط سلوك الرفقاء في نطاق مسؤوليته. وهذا يتطلب دراية وحكمة وقدرة على حل المشاكل التي قد تطرأ نتيجة احتكاك الرفقاء والأصدقاء بأبناء المحيط.

 

القاعدة الرابعة 

 

         من خلال دراستنا لدورة نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي، المركزي التسلسلي، يتضح لنا ان تراتبية الوظائف الإدارية توجب تدرجا في توليها، إبتداء من الوظيفة الأولية البسيطة الى الوظيفة الأعلى والأكثر لطافة وتعّقدا دون القفز فوق بعضها قفزا، إلا في حالات إستثنائية حيث تتوفر المؤهلات لتولي وظيفة او رتبة دون ضرورة المرور في التدرج. ولهذا التدرج ضرورتان هما:

 

1- أن يثبت الموظف المسؤول جدارته في المهمة الصغرى ليتمكن من تولي المهمة الأكبر منها. فمن لا ينجح في متحده الصغير والدرجة الأولى من الوظائف، هل يعقل ان ينجح في الأكبر والأعلى؟

 

2- إن يكتسب الإختبارات الضرورية التي تمّكنه من ضبط أعمال من هم في الدوائر التي ستصبح تحت إشرافه وإدارته عندما يتولى الوظيفة الأعلى بحيث يكون ملّما بدقائق الأمور ليسهل عليه توجيههم وتدريبهم على التعامل معها.

 

    وهنا ارى ضرورة ملاحظة أمرين هامين: أولهما هو ان الوظيفة الأدنى في تراتبية النظام لا تقل أهمية عن الوظيفة الأعلى، فالدرجة الاولى من السلّم ضرورية للوصول الى الدرجة الأخيرة. وثانيهما هو امكانية السلوك العكسي في الإنتقال من وظيفة او رتبة الى وظيفة او رتبة اخرى حسب مقتضيات العمل ومصلحة الحركة، أي ان يتولى من هو في مسؤولية ورتبة عليا مسؤولية أدنى في تراتبية الوظائف والرتب دون ان يرى في ذلك أي غضاضة او نظرة دونية.

 

 

القاعدة الخامسة

 

         قاعدة هامة لا يمكن إغفالها هي استمرار الدرس والتفقه بمفاهيم العقيدة القومية الاجتماعية ونظامها، دراسة ذاتية وفي حلقات دورية مركزية او فرعية تقام لتأهيل من تظهر فيهم المواهب المتنوعة، قبل تكليفهم بالوظائف والمهمات الحزبية الإدارية، خاصة تلك المواهب والمزايا الظاهرة للمواطنين في المحيط والتي لا يمكن معالجة نتيجة الأخطاء فيها بمعزل عن المحيط. فكل خطأ او نقطة ضعف في الإدارة والتنظيم والضبط، لا يفشّل العمل او يؤخره فحسب بل يجلب النتائج السلبية في نظر الناس الى الحزب او الى الفرع المعني على الأقل.

 

 

القاعدة السادسة

 

         مبدأ الثقة. يقول سعاده: "إن نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي يقوم على الثقة وليس على الشك". ومبدأ الثقة هو من أهم ما يمّيز النظام القومي الاجتماعي عن غيره من الأنظمة، كما يمتاز أيضا بأنه نظام تعليمي يضبط عمل المنضوين تحت لوائه لبناء المجتمع الجديد بدءا بكل إمكانية فيه، وذلك بتعليمهم وتدريبهم ليعملوا كإمكانيات في جسم المجتمع الواحد، فلا يجد الواحد منهم نفسه ولا يشعر بقيمته إلا في المجتمع وعزه ورقيه وقوته ولا يعود يطلب شيئا لنفسه، ومن لا يطلب شيئا لنفسه لا يكون موضع ريبة وشك، كذلك من يبرهن بالعمل أن نفسه قد صفت من الأنانية المدمرة يصبح تلقائيا موضع ثقة من يعرفونه بالتعامل حياتيا. "والثقة تمتحن" كما يقول سعاده.

 

         والتطبيق لمبدأ الثقة في الإدارة الحزبية، يبدأ من الخطوة الاولى لقبول إنتماء العضو إعتمادا على معرفة المسؤول الإداري بسيرته وسلوكه الناتج عن تربيته وجو البيت الذي نشأ فيه، إضافة الى معرفة دوافع إقباله على الإنتماء. هذه المعرفة تكون بداية لتأسيس نواة الثقة بطالب الإنتماء، تليها معرفته بعد الدخول والبدء بالتمرس بالنظام. وبقدر ما تكشف المعرفة من أخلاق المنتمي تكون الثقة به، تزداد وتترسخ كلما أصبح مؤهلا لتحمل المسؤوليات الأعلى.  هذا من جهة المسؤول وثقته بالعاملين في نطاق مسؤوليته. أما الجهة الثانية والتي لا تقل أهمية عن الأولى، فهي ثقة الاأضاء بالمسؤول عنهم، إبتداء من طالب الإنتماء تدرجا الى اعلى سلم التسلسل الإداري. إنه من السهل على المسؤول ان يعرف من هو ضمن مسؤوليته ليحدد الى أي مدى يمكن ان يثق به، اما من ناحية العضو فالمسألة مختلفة، إذ ان العضو او حتى طالب الإنتماء، فثقته بالحزب ومسؤوليه موجودة سلفا، وطبيعي انه لولا هذه الثقة لم يكن ليقدم على طلب الإنتماء ويؤدي القسم ليلتزم بتنفيذ جميع ما يعهد به اليه ويطيع تعليمات رؤسائه التي يخولهم الدستور والقوانين النافذة اصدارها. لذلك فمهم جدا ان يكون المسؤول الإداري وفي جميع درجات التسلسل الإداري، موضع ثقة العاملين بادارته باستمرار. وهنا تكمن أهمية الثقة في تأمين النظام. ولكن كيف؟  طبيعي ان يكون المسؤول الإداري المعّين قد حاز على ثقة رؤوسائه فتّم تعيينه، وهذا ما يبعث الثقة في نفوس الأعضاء الذين يعملون تحت إشرافه. ولكن في التمرس اليومي بتطبيق النظام والقيام بالأعمال الحزبية، لا يمكن ان تكون كل أعمال المسؤول معلنة للأعضاء، فهو مسؤول تجاه المسؤول الأعلى منه، كما ان الأعضاء ليسوا في موقع يمكّنهم من معرفة كفاءة المسؤول. ولكن نجاح المسؤول في القيام بواجب وظيفته يحتّم عليه ان يكون موضع ثقة من هم ضمن مسؤوليته ليس فقط من خلال تعيينه بناء على ثقة رؤسائه. وهنا يأتي دور حكمته ودرايته وخبرته، خاصة في توقع ما يمكن ان تكون صورته في نفوس من يعملون بإدارته. فقبل ان يصبح مسؤولا كان تحت إدارة مسؤول آخر، وإذا اختزنت ذاكرته ما مرّ معه من حوادث وأفعال وردات أفعال نفسية من خلال تلقيه التعليمات والأوامر وتنفيذها، يدرك ان متلقي الأمر المطمئن الواثق سينفذ الأمر بكل اندفاع وحماس، أما إذا خامره ولو قدر بسيط من الشك، سيكون أداؤه مختلفا. وإذا لم يعمل المسؤول على ترسيخ الثقة في نفوس الأعضاء العاملين بإدارته وترك للشك أن ينمو فيها فستكون العاقبة وخيمة. وهنا يكمن فن الإدارة. فاذا كانت الثقة هي القاعدة في العمل الإداري فان زرعها والعناية بها لتنمو هي الفن الإداري الذي يجب ان يتمتع به المسؤول. وبالإضافة الى الإدارة ضمن النظام وتطبيق القوانين، فان العضو يتوقع ان يجد في المسؤول الإداري الملجأ والمساعد لحل مشاكله الشخصية حين يحتاج الملجأ والمساعدة. وهذه العلاقة هي في الوحدة الروحية التي على المسؤول تعهدها باستمرار. بقي ان أقول ان الثقة لا يمكن ان تكون إلا حيث تكون الأخلاق.  "فكل نظام يحتاج الى الأخلاق. بل ان الأخلاق هي في صميم كل نظام يمكن ان يكتب له ان يبقى". كما قال سعاده.

 

 

القاعدة السابعة

 

         صحة القرارات التي يتخذها المسؤول الإداري، وهذه تتطلب معرفته لجميع جوانب ووجوه موضوع القرار المعني، يساعده في ذلك نظام الحزب الواضح في نصوصه، خاصة في عمل هيئة المديرية وهيئة المنفذية مثلا. إذ ان القرارت التنفيذية تتخذ في جلسات رسمية لهذه الهيئات. فالمدير يقرر كيفية تنفيذ تعليمات المراجع الأعلى منه في جلسة رسمية لهيئة المديرية بقصد التشاور مع أعضاء الهيئة، وبإمكانه ايضا ان يطلب مشورة لجنة المديرية. فكلما كانت المشاورة أوسع والمعلومات أدق كانت الرؤية أشمل وأوضح وكانت القرارت بالتالي أسلم وأصح. كذلك المنفذ العام الذي يعاونه بإبداء الرأي والمشورة أعضاء هيئة المنفذية ومجلس المنفذية. وأيضا رئيس الحزب الذي له حق طلب دعوة المجلس الأعلى "لإبداء الرأي واعطاء المشورة"، إضافة الى مجلس العمد الذي من صلاحياته: "إبداء الرأي في المسائل التنفيذية".  إذن فصحة القرارات تعتمد أساسا على المعلومات الدقيقة حول الموضوع المعني وعلى آراء من لهم المعرفة والخبرة وسعة الإطلاع والممارسة كل في حقل اختصاصه.

 

 

القاعدة الثامنة

 

         طالما ان غاية عملنا هي انتصار العقيدة في صميم الشعب، فعملنا هو إيصال هذه العقيدة الى كل مواطن بالقول والتمرس. والقاعدة البسيطة هي أن نبدأ بمن هم أقرب للإستجابة فهما وأخلاقا ليكونوا عاملين بجانب من سبقهم الى العمل، فلا يهدر الجهد الأكثر من اللازم في العمل مع من يثقلون العاملين بما في نفوسهم من رواسب.

 

 

 

                                             في الآراء

     

 

         في استعراضنا لقواعد الإدارة في الحزب السوري القومي الاجتماعي، قد مرّت عرضا بضعة آراء مرتبطة بالقواعد ويمكن للدارس او الباحث ان يكتشفها بسهولة.

 

         أما الآراء التي سأبديها فهي مما حصل بالإختبار وتبقى في خانة الاجتهاد في أفضل الأساليب الإدارية كما أراها. ولكنها بالطبع متوافقة مع القواعد والقوانين النافذة وضمن الإتجاه الفكري والنهج القوميين الاجتماعيين.

 

         إن نجاح المسؤول الإداري يتوقف على عدة عوامل أهمها:

 

1- طبيعة شخصيته ومقوماتها. فلكل شخص مزايا معينة طبيعية تتأثر بالتربية والثقافة يساعده فيها إستعداده النفسي لإستيعاب المسائل التي تواجهه، وقدرته على ابتكار الحلول المناسبة لها.

 

2- قدرته على التعرف على من حوله من الرفقاء العاملين بادارته وعلى محيطه، والمقصود بالتعرف هو قراءة ما ينّم عن نفوسهم وما في أذهانهم من خلال أحاديثهم وتصرفاتهم تساعده في ذلك المعلومات التي يفترض ان تكون لديه حولهم، فيسهل عليه التعامل معهم: معالجة ما يجب معالجته وتصويب ما يجب تصويبه وتحليل آرائهم واقتراحاتهم ومناقشتها ليتضح ما فيها من إيجابيات يمكن الإستفادة منها او سلبيات عليه ان يقنع صاحبها بضررها او بعدم توافقها مع الغاية التي يعمل لها الجميع ومع الوسائل المناسبة لها. وهذا هو دوره في التعليم، كذلك درايته في توظيف كل الإمكانيات بما فيها من طاقة وعدم إهمال أي منها.

 

3- سعة ثقافته العامة وتنميتها باستمرار في جميع شؤون الحياة، وعلاقة ما يعرض له من خلالها بالعقيدة القومية الاجتماعية، والحكم عليها قياسا على مفاهيم العقيدة، تساعده هذه الثقافة في توجيه وتعليم وتدريب من هم في نطاق مسؤوليته وفي محيطه.

 

4- أسلوبه في تصحيح أخطاء العاملين بإدارته بتنبيههم لها وتصويب أقوالهم وأعمالهم، وهذا يتطلب فهمه لنفسية كل منهم، فقد تنجح طريقة مع واحد في حين لا تنجح مع آخر. طبعا لا يمكنه أن يستعمل اسلوبا لكل واحد ولكن طبيعي أن يكون له اسلوبه الخاص بشكل عام. فمثلا: لوم أحدهم أمام المجموع لخطأ ارتكبه قد لا يعطي النتيجة المطلوبة بينما يفيد اللوم الى أقصى الحدود أذا كان على انفراد أو مع الهيئة المختصة، وطبعا في جو من الإحترام الذي يسود كل علاقات الرفقاء. فإحترام الرفيق لرفيقه واجب طبيعي ويعني احترام الرفيق لنفسه، فمن لا يحترم رفيقه يكون قد فاته أنه هو أيضا رفيق، وان اللوم والتنبيه والعقوبة كلها لها قصد واحد هو تصويب العمل الخطأ، وهذا يوجب توضيح الأمر موضوع الخطأ للرفيق المخطيء او المخالف.

 

5- تواضعه ولطفه العفوي ومحبته الصادقة مع احتفاظه بهيبة المسؤولية ومقامها ليبقى النظام هو السائد. واهتمامه بأحوال الرفقاء والأصدقاء في دائرة مسؤوليته ونطاق عمله.

 

6- مواقفه في محيطه من الحوادث التي تظهر بين الحين والآخر. فإذا كانت هذه المواقف قوية وملفتة وشجاعة وراقية، ولدّت لدى المواطنين إحتراما للحزب وتقديرا، وولدّت لدى الرفقاء والأصدقاء معنويات عالية تضاعف من ثقتهم بأنفسهم وبحزبهم وتزيد من نشاطهم وعملهم.

 

7- حث العاملين بإدارته على زيادة ثقافتهم الحزبية وتشجيعهم على رفع إقتراحاتهم الهادفة لتفعيل العمل وتحسين الأداء، والتنويه بالجوانب الإيجابية من أعمالهم، وبهذا يكون الجميع قد ساهموا كل بدوره في إنجاح الخطط الحزبية والغاية الأخيرة من أعمالنا.

 

8- قدرته على التعامل بإيجابية مع من هم أكبر منه سنا وكذلك من هم أصغر منه، من خلال محاولته لفهم نفسية كل منهم. فالأكبر سنا يختزن إجمالا إختبارات كثيرة وهامّة لها دورها في تاريخ الحزب وينبغي الإستفادة القصوى منها وتوظيفها ذخرا للأجيال الجديدة. والشباب هم الطاقة الزاخرة بالحيوية والنشاط والقوة التي تدفع بحركة النهوض الى الأمام. إن تنظيم عمل الجميع يحتاج الى فهم وحدة الأمة بتواصل أجيالها المتعاقبة تواصلا مركّبا، وإن الأعمار جميعها لها ادوارها المكملة بعضها لبعض، ولا يجوز أن يولد إختلاف الأعمار تضاربا أو صراعا بين جيل وآخر.

 

10- عنايته المستمرة بشرح وإيضاح أبعاد قسم الإنتماء بكل عباراته، خاصة عبارة: "وأن أتخذ مبادئه القومية الاجتماعية إيمانا لي ولعائلتي وشعارا لبيتي"، فلهذه العبارة أبعاد تعنى ببناء الأسرة السليمة الضرورية في عملية بناء المجتمع الجديد السليم.

  

 
التاريخ: 2000-11-08
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro