مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
من الإسلاميّ إلى المسيحيّ: إضاءة على الدلالة الدينيّة وتحوّلاتها في الشعر الفلسطينيّ الحديث
 
كرم، سرجون فايز
 

 

 

تنطلق إشكاليّة هذه الدراسة من زاوية تسليط الضوء على عمليّة تحوّل الدلالة الدينيّة في الشعر الفلسطينيّ من دلالة عربيّة إسلاميّة نابعة من خلفيّة عروبيّة قوميّة لدى الشعراء الفلسطينيّين، وخصوصاً المسيحيّين منهم، منذ نهاية الحرب العالميّة الثانيّة وحتّى إعلان دولة إسرائيل عام 1948، إلى دلالة مسيحيّة لدى شعراء فلسطين المسلمين بدءاً من أواخر خمسينيّات القرن الماضي. أهمّ عوامل هذه التحوّل كان سقوط الرمز العربيّ (الإسلاميّ) بسبب الهزائم المتتالية وفشل السلطة السياسيّة الحاملة للواء العروبة والاسلام في صيانة مكانتها على الصعيد السياسيّ والاجتماعيّ ما أدّى إلى بروز شخصيّة المسيح كمعادل موضوعيّ للتجربة الفلسطينيّة ومحنتها.

 

  1. مقدّمة: الرمز المسيحيّ لدى روّاد الحداثة في خمسينيّات القرن الماضي

 

إنّ السمة البارزة للقصيدة العربيّة الحديثة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن الماضي مع بدر شاكر السيّاب (1926-1964) وعبد الوهاب البيّاتي (1926-1999) ويوسف الخال (1916-1987) وأدونيس وآخرين، كانت - إلى جانب تحطيمها للبحر الخليليّ التقليدي ّالمتوارث - توظيفَها لرموز خارج المألوف والموروث الاسلاميّ العربيّ أُطلق عليها رموز الموت والانبعاث. وقد تمحورت هذه الرموز حول شخصيّات أسطوريّة ودينيّة: تمّوز أو أدونيس، عشتار، سيزيف، بروميثيوس، السندباد، العنقاء، وأبرزها شخصيّة السيّد المسيح.

 

ولا ريب أنّ للشاعر يوسف الخال مؤسّس حركة "شعر" عام 1957، الانكليزيّ الثقافة البروتستانتي الهوى، الدور الكبير في إدخال "البعد المسيحيّ في الشعر الحديث[1]، بوصفه عنصراً مكوّناً من عناصر الثقافة العربيّة، وجزءاً عضويّاً منها، جماليّاً وفكريّاً".[2]  فالخال – على حدّ تعبير أدونيس– مهّد لرؤيا شعريّة طرفاها الإيمان المسيحيّ في نزوعه نحو خلاص الإنسان والطبيعة المتأرجحين بين الخطيئة والنعمة من جهة، وتجديد في الكتابة الشعريّة من جهة أخرى؛ فهو يدخل "مملكة المسيح، الشخص الإله، المسيح الحريّة، الحضور الأبديّ الخلاق، المسيح الشخص، البداية والنهاية[...]. وهذا الشعر لا تضيئه البصيرة الإغريقيّة، مروراً بالتوراة ومناخها الأسطوريّ وحسب، وإنما هو أيضاً شعر إيمان مسيحيّ يؤكّد بوعي وشعور كاملين أنّ الربّ تجسّد إنساناً وأنّه مات وبُعث".[3]  

 

إنّ أثر يوسف الخال في مفهومه الشعريّ وما نتج عنه من حركة ترجمة للتراث الشعريّ الإنسانيّ المستعين بالرموز والأساطير والصور الدينيّة قد دفع بالشعراء التمّوزيّين – وعلى رأسهم بدر شاكر السيّاب – إلى نقلة شعريّة نوعيّة تجلّت لدى الأخير بكتابته لأحدى عيون الشعر العربيّ الحديث "قصيدة المسيح بعد الصلب" (1957) التي اعتبرها العديد من النقّاد "قمّة القصيدة العربيّة الحديثة، سواء من جهة الشكل الشعريّ أم من جهة توظيف الفكرة المسيحيّة في الصراع بين الموت والحياة".[4] وفي مقارنة سريعة بين السيّاب المسلم والخال المسيحيّ يبقى الأخير متفرّداً في شعره من جهة إشكاليّة الخطيئة مقابل النعمة والخلاص. ولكن تبقى الإشارة إلى أن الخال لم يكن السبب في ظهور دلالتي المسيح والصليب في شعر السيّاب، فهما ظهرتا عام 1953 قبل اتصاله بالخال.

 

إنّ تخطّي الشكل الشعريّ التقليديّ والميل إلى استعمال رموز الموت والانبعاث لم يكن ناتجاً فقط عن مجرّد رغبة أدبيّة لتجديد الشعر العربيّ، بقدر ما كان ذلك ثورة ضدّ الأب - النظام السياسيّ والاجتماعي الدينيّ العربيّ الاسلاميّ الذي أثبت فشله في معالجة مشاكل الشعب الاجتماعيّة وأمعن في قمعه، لا بل أثبت عقمه أمام المخاطر التي تهدّد كينونة والمجتمعات العربيّة حينذاك، فجاءت هذه الحركة برموزها لتتحدّى هذه الفاشلة ذات الرداء الاسلاميّ والتقليد العربيّ وتقوّضها من جهة، ومن جهة أخرى شكّلت الرموز الجديدة معادلاً موضوعيّاً لحالة الانسان العربيّ الرازح تحت المشاكل الاجتماعيّة والهزيمة السياسيّة والإفلاس المعنويّ، والمتشبّث بفكرة أو بأمل الحياة والانتصار. ولقد تبلورت صورة المسيح وصليبه بصورة مفاجئة وسريعة لدى معظم شعراء الخمسينيّات بعد انفصالهم عن أحزابهم السياسيّة ليأخذ المسيح البعد الاجتماعيّ الخلاصي بدلاً عن العقائد الإيديوليوجيّة.

 

فعمليّة إحصائيّة للرموز المسيحيّة لدى عيّنة من أربعة شعراء في إطار زمني محدّد وهم: بدر شاكر السيّاب (مسلم سنّي)، عبد الوهاب البياتي (مسلم شيعي)، أدونيس (مسلم علويّ) وخليل حاوي (مسيحيّ أورثوذكسيّ)، قدّمت معجماً دلاليّاً للرموز المسيحيّة بلغ 149 دلالة يضمّ المسيح والصليب، شخصيّات، أمكنة، صلوات وأدعية، أدوات كنسيّة وأحداث. وقد اشتركت العيّنات الأربع، في ما يخص المسيح والصليب، بدلالات: المسيح، الصلب، المصلوب، عشيّة الصلب والتسمير. وتفرّد المسلمون بدلالات: صليب المسيح، المسيح المصلوب، السيّد المصلوب، المسيح على الصليب، صليب العذاب، يسوع الخ... في حين تفرّدت العيّنة المسيحيّة بـ: صليب الإيمان، جلجلة الصلب، العريس، الخالق المخلوق، الطفل، الطفل الذبيح، الناصري.[5]

 

 وللأسف لم تَحظَ الدلالات المسيحيّة بنصيبها الكافي من الدراسة والنقد، وذلك إمّا لتصنيف مجمل الدلالات المستحدثة في القصيدة العربيّة الحديثة في خانة رموز النماء والموت والحياة وتحليلها انطلاقاً من هذا التصنيف؛ وإمّا لخضوع مدرسة نقد الشعر الحديث العربيّة، في أحيان كثيرة، إلى معايير إسلاميّة، وهي إنْ تقبّلت دلالات تمّوز وسيزيف وبروميثيوس فإنّها تجاهلت دلالتي المسيح وصليبه وحاولت طمسهما أو تصنيفهما في الإطار العام لرموز الموت والقيامة دون الإضاءة على الظروف النفسيّة والاجتماعيّة لنشأتها وخصوصيّتها ومغزى توظيفها هي دون غيرها في النصّ الشعريّ. ويكفي أن نقرأ تقريع أحد نقّاد الشعر الحديث إحسان عبّاس للسيّاب واتّهامه بالحربائيّة بسبب استعماله، كشاعر مسلم، لفكرة الفداء المسيحيّة التي تفصل المسيحيّة عن الاسلام، لنرى كم رزحت المدرسة النقديّة للشعر الحديث تحت وطأة المعايير الدينيّة. يقول عبّاس في كتابه "بدر شاكر السيّاب - حياته وشعره":

 

" ويوسّع بدر من حدود الحريّة في استعمال الاسطورة متكئًا على المنطق الشعريّ وحده لا على المنطق العقليّ  فيقرّر أنّه ليس من الضروريّ أن تقتصر على استعمال أساطير تربطنا بها رابطة من البيئة أو التاريخ أو الدين، بل يمكن الاستعانة بأيّة أسطورة غريبة عنّا، ما دامت تخدم غاية شعريّة. أمّا العامل الثاني في إحجامه الأوّل عن أسطورة تمّوز فربّما أرجعناه إلى ظهور رمز آخر في نفسه ينازع الأسطورة مكانتها ويحاول أن يحلّ محلّها، وأعني بذلك رمز المسيح وما يتّصل بذلك الرمز من إشارات. فقد كان هذا الرمز إشارة عابرة في قصيدة "غريب على الخليج" ثمّ تقوّى في "مرثية جيكور" ووجد على نحو واضح في "قافلة الضياع" ومنذ ذلك الحين أصبح رمزاً هامّاً في خيال الشاعر إلى جانب تمّوز. ولست أجد حرجاً في الاجابة عن سؤال يخطر للقارئ في هذا الموقف، وهو: كيف يستطيع شاعر مسلم ان يتّخذ من "الفداء" – وهو أحد المعالم البارزة التي تفصل فصلاً تامّاً بين الاسلام والمسيحيّة - رمزاً في شعره؟ والجواب على هذا السؤال لا ينفكّ عن أحد الفروض الآتية: إمّا أنّ ذلك الشاعر لم يفهم فكرة الفداء في المسيحيّة، وإمّا أنّه فهمها وهو لا يعبأ بالموقف الدينيّ الذي نشأ عليه، وإمّا أنّه في سياق الشعر – يعدّ الفداء أسطورة من الأساطير، فهو لا يراها حقيقة تاريخيّة، وفي هذا الموقف الأخير يضيع الحدّ بين الظاهر والحقيقة، أمام عينيّ قرّائه، لأنّ الحقيقة حينئذ ذاتيّة تتّصل بضميره الفرديّ...". [6]

 

لسنا هنا في معرض مناقشة وتحليل الدلالة الدينيّة في شعر السيّاب، ولكن نكتفي بالقول إنّ الدلالة المسيحيّة في قصيدة "غريب على الخليج" (1953) التي يشير إليها عبّاس لم تكن إشارة عابرة بل كانت تحوّلاً جذريّاً في وجدان السيّاب بعد اختباره أزمة المنفى في ايران والكويت، وأزمة معنويّة ترجمها بالانفصال النهائيّ عن الحزب الشيوعيّ. ففي هذه الإشارة التي ظهرت فيها الدلالة المسيحيّة لأوّل مرّة في شعر السيّاب "فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه"[7] لم يكن السيّاب يهتمّ بالمعنى المسيحيّ اللاهوتيّ للصليب ولا بمدى تعارضه مع إيمان المسلم، بقدر ما كان يعبّر عن تجربة وجدانيّة صادقة يتوحّد فيها الشاعر مع المسيح في معاناة الاغتراب والاضطهاد[8] ويفتح بعداً جديداً لمفهوم الشاعر العربيّ الحديث.

 

 

  1. القصيدة الفلسطينيّة الحديثة

 

دامت ظاهرة توظيف الدلالة المسيحيّة لدى روّاد الحداثة الشعريّة حتّى السنوات الأولى من الستّينيّات. ولكن ما إن اختفت هذه الدلالة من نصوصهم حتّى ظهرت في القصيدة الفلسطينيّة الحديثة مع شعراء مثل معين بسيسو (1926-1984)، سميح القاسم (1939-2014)، محمود درويش (1941-2008) وغيرهم. واحتلّت هذه الدلالة مكاناً بارزاً في النصّ الشعريّ الفلسطينيّ واكتسبت نكهة خاصّة بها رسّخها طعم المعاناة التي ذاقها الفلسطينيّ من تشريد واحتلال لأرضه.

 

والجدير ذكره أنّ التجربّة الفلسطينيّة الحديثة نشأت مستقلّة ومنقطعة عن حركة "شعر" في بيروت نتيجة الاحتلال الاسرائيليّ، فكان الاطّلاع على الأدب العالمي يتمّ فقط عبر ترجمته إلى اللغة العبريّة.[9]

 

يشير الباحث الألمانيّ شتيفان فيلد في مقالة له عنوانها "اليهوديّة، المسيحيّة والاسلام في الشعر الفلسطينيّ" إلى أنّ الرمز الشعريّ الأكثر تجسيداً لمعاناة الشعب الفلسطينيّ هو المسيح، ويعزو ظاهرته في القصيدة الفلسطينيّة إلى عوامل ثلاثة:[10]

 

  • الأثر الثقافيّ الذي لعبه الاطّلاع على شعر ت. س. إليوت وأدّى إلى إدخال رموز أسطوريّة ليست إسلاميّة المنشأ إلى القصيدة العربيّة.

 

  • إنتماء أغلبيّة الشعراء الفلسطينيّين الحديثين إلى الحركات اليساريّة، وخصوصاً الشيوعيّة، فالاسلام الأورثوذكسيّ غريب عنهم وتُوجب محاربته.

 

 

  • الارتباط الوثيق لمعاناةِ الانسان الفلسطينيّ بمعاناة المسيح في فلسطين.

 

إنّ دراسة الدلالة المسيحيّة في النصّ الشعريّ الفلسطينيّ الحديث هي محاولة شيّقة لمراقبة التأثيرات والانعكاسات النفسيّة والسياسيّة من خلال تعبيره عن مأساته، إذ يمكن الحديث عن مسيح فلسطينيّ أو عن مصلوب فلسطينيّ على الرغم من أنّ أغلبيّة الشعراء مسلمون. والمتتبّع لحركة الدلالات في النصّ الشعريّ الفلسطينيّ يلاحظ أنّ المسيح يظهر تجسيداً للفلسطينيِّ الجديدِ والفدائيِّ المأزومِ والمعاني. فالصليب يظهر منذ الكتابات الأولى لمعين بسيسو "الأردن على الصليب"، وسميح القاسم "إلهي، إلهي لماذا شبقتني"، وكذلك في ديوان محمود درويش الثاني[11] "أوراق الزيتون" الذي يجسّد مرحلة ماركسيّة بحتة في حياة الشاعر، على عكس الحال في تجربة الشعراء التمّوزيّين، الذين وظّفوا الدلالة المسيحيّة بعد انفصالهم عن أحزابهم وتركهم الالتزام السياسيّ.

 

والمكوّنات الكامنة لنشوء الدلالة المسيحيّة في النصّ الشعريّ الفلسطينيّ لا تختلف عن تجربة روّاد الحداثة. فاستخدامها كان أيضاً تعبيراً عن حالة تمرّد ضدّ الأب- النظام العربيّ (الديني– الدنيويّ) الذي يمثّل الهيبة الاسلاميةّ. فهذا الأب – النظام وعد شعوبه العربيّة وخاصّة الفلسطينيّ باستعادة فلسطين وفشل، لا بل إنّه تلقّى هزيمة نكراء عام 1948 من جهة، ومن جهة أخرى قدّم تنازلات أو تواطأ سراً مع الاسرائيليّ. وهكذا وجد الفلسطينيّ الحديث نفسه وحيداً محتلاً مخذولاً ومتعرّضاً للخيانة من النظام العربيّ الممثّل لشرعيّة دينيّة واجتماعيّة تقليديّة. فأنشأ قصيدته الثوريّة إلى جانب ثورته المسلّحة وربط بين معاناته ومعاناة المسيح على الأرض ذاتها وعبّر عنها شعرياً بنصّ مشحون بالدلالات المسيحيّة.

 

  1. الدلالة الدينيّة الاسلاميّة العربيّة في قصيدة ما قبل ستّينيّات القرن العشرين:

 

لعلّ عمليّة إلقاء الضوء على القصيدة الفلسطينيّة قبل الستينيّات تدعم فرضيّتنا القائلة بأنّ الدلالة المسيحيّة نشأت كتجسيد للذات الفلسطينيّة المأزومة ووعيها لمعاناتها بعد سقوط الرمز العربيّ-الاسلاميّ جرّاء فشل النظام العربيّ سياسيّاً واجتماعيّاً وعجزه عن تحقيق الانتصار.

 

هذه المرحلة كما يصفها فاروق بيضون قدّمت "قصيدة واضحة وواقعيّة، وأوضحت أسرار الحالة الراهنة، ونادت إلى التضامن، وحذّرت من بيع البلاد للمستعمرين. القصيدة نشأت بطريقة عفويّة في المظاهرات والاضرابات والاشتباكات المسلّحة وتوجّهت مباشرة إلى كلّ طبقات المجتمع وخصوصاً الفلاّحين. وقد وقف شعراء هذا الجيل في الجبهة الأماميّة للصراع السياسيّ وسقط بعضهم أيضاً في الكفاح المسلّح. ومن أشهر شعراء هذه المرحلة ابراهيم طوقان من نابلس وأحد أفضل طلابه عبد الرحيم محمود الذي سقط إبّان حرب 1948 بالقرب من الناصرة"[12].

 

وتعدّ حقبة الشعر الفلسطينيّ منذ 1920 وحتّى إعلان الدولة الاسرائيليّة من أخصب المراحل شعريّاً، فقد ربا عدد الشعراء على الأربعين، مسلمين ومسيحيّين، شيوخاً وكهنةً، مدرّسين وأطبّاء، نذكر منهم: خليل السكاكيني، النشاشيبيّ، وديع البستانيّ، ابراهيم طوقان، أبي سلمى، ابراهيم الدبّاغ، عبد الرحيم محمود، حسن البحيري، جميل البحيريّ، اسكندر الخوري البيتجالي، فدوى طوقان، الدكتور قيصر الخوري، الخوري جورج بيطار، الخوري يواقيم قرداحي، عيسى البندك، حبيب صنبر، وديع عزّام، المحامي محمود الماضي، جرجس الخوري أيّوب الخ...[13]

 

ولعب هؤلاء الشعراء دورهم المميّز في الثورات الفلسطينيّة التي اندلعت أوائل العشرينيّات ضدّ الانكليز والنشاط اليهوديّ المتزايد[14] فكانوا ينظمون الأشعارَ ذات الطابع القوميّ والثوريّ والأناشيدَ التي كانت تردّد في المظاهرات.

 

وعلى صعيد الدلالة الدينيّة، فلقد طُبِع شعر هذه المرحلة بالدلالات العربيّة والإسلاميّة وبالحسّ القوميّ العربيّ. وتميّزت نصوص الشعراء المسيحيّين بظهور دلالتي المسلم والمسيحيّ إلى جانب بعضهما البعض، والتأكيد على تعاضد الإسلام والمسيحيّة في الإطار العروبيّ والقوميّ للدفاع عن فلسطين. ففي نشيد "الموت في حبّ الوطن" للشاعر المسيحي اسكندر الخوري البيتجالي[15] الذي كلّفه النادي العربيّ في القدس بنظم نشيد حماسيّ يمثّل حنان كلّ فلسطينيّ إلى بلاده، يقول:[16]

 

ليس فينا عيسويّ أو مسلم

واحد نحن ألا فليعلموا

ديننا أوطاننا فليفهموا

أنّنا عرب تحاشينا الفتن

 

لقد طُبعت القصيدة الفلسطينيّة قبل الستينيّات بشعراء مسيحيّين يوظّفون الدلالات الإسلاميّة والعربيّة إيماناً منهم بعروبيّة وقوميّة الكفاح إلى جانب المسلم، فلا فروقات دينيّة بين أبناء الوطن والوحدة القوميّة هي الجامعة، على عكس شعراء تلك المرحلة المسلمين الذين لم يظهر لديهم التركيز على اتّحاد المسلم والمسيحيّ. فشاعر مسيحيّ مثل وديع البستانيّ[17] لا يتوانى عن توظيف آية قرآنيّة لحثّ الفلسطينيّين -خصوصاً المسلمين- على النهوض والكفاح.  يقول في قصيدة كتبها أوائل العشرينيّات عندما صادف على باب غرفة في سراي يافا لوحة "الجمعيّة اليهوديّة - الرئيس الملازم مكروري" ورأى فيها نواة الدولة اليهوديّة:[18]

 

تريدونها جداً وجداً أقولها

من اليوم سراً إن أردتم أو جهرا

أرى الوطن القوميّ يعلو بناؤه

أرى غلافة في القصر تحجبه قصرا

وذكّرهم ذكراً ولست مسيطراً

مخافة يوم فيه لا تنفع الذكرى[19]

 

 

 

ونتيجة الاحساس بالخطر الصهيونيّ تحوّل المولد النبويّ وميلاد المسيح، الذين صادف موعدهما في الشهر نفسه، إلى أعياد شعبيّة يحضرها الرؤساء الروحيّون، ولم يُدعى إليها اليهود، وظهرت بمظهر قوميّ سيّرت فيها مواكب عربيّة صرفة.[20] وفي هذه المناسبة يكتب البستاني قصيدة يظهر فيها محمد والمسيح قمرين إلى جانب بعضهما البعض:

 

عيسى وأحمد والورى فلك

قمران نعم الشمس والقمر

هذا قران السعد بينهما

قد ضمّ ميلاديهما شهر[21]

 

 

هذا بالاضافة إلى الأناشيد التي كتبها البستاني والتي كانت تردّد في المظاهرات، ومنها مظاهرة في عام 1920 ردّد فيها المتظاهرون نشيداً له دعا فيه الفلسطينيّين مسيحيّين ومسلمين إلى الدفاع عن بلادهم:[22]

 

يا للنصارى والمسلمين           لمن تركتم فلسطين

نمتم فقوموا باسم الدين

ربي موحد دين صحيح                    والأرض معبد للتسبيح

يا قوم أحمد والمسيح

الله! اللهّ الله! الله!                          الله! الله! الله! الله!

 

وفي مناسبة أخرى لعيد المولد يفاخر البستانيّ بمسيحيّته وعروبيّته وحبّه للنبي محمّد[23]:

 

أجل عيسويّ واسألوا الأمسَ والغدا                   ولكن عروبيّ يحبّ محمّدا

 

ولم يقتصر الأمر على هذا الحدّ، فالبستانيّ المسيحيّ يعتبر أنّ الفروقات الدينيّة بين الاسلام والمسيحيّة يجب أن تنتفي لتشكيل جبهة واحدة في مواجهة الصهيونيّة، ففي قصيدة إلى الشاعر العراقيّ الرصافي يقول:

 

فما كنت في الأوطان إلا موحّدا[24]

 

وشبيه بذلك ما كتبه الشاعر المسيحيّ اسكندر الخوري البيتجالي في مقتل جميل البحيري صاحب مجلّة "الزهرة" عام 1930:

 

قبل المسيح وأحمد

كنّا وما زلنا عرب

كان "الجميل" بك الأبرّ

ولا يزال لك الأمين

ما دينه إلا النصارى

إخوة للمسلمين

دين كنّا به ند

ين ولا نزال به ندين

أمّا فلسطين الحبيبة

فهي في حضن أمين

ولها منن العقلاء درع

لا يهون ولا يلين

إنّ المسيحيّين فيها

إخوة للمسلمين

دين كنّا به ند

ين ولا نزال به ندين[25]

 

 

فالقصيدة الفلسطينيّة السابقة للستينيّات قد تميّزت إذاً بشعراء مسيحيّين وظّفوا الرمز الاسلاميّ، وأزالوا الفروقات الدينيّة بين الاسلام والمسيحيّة، بين المسلم والمسيحيّ، في سبيل قضيّة وطنيّة وقوميّة، لا بل إنّهم في أحيان كثيرة أظهروا الطابع العربيّ الاسلاميّ الكامن وراء هذا المسعى القوميّ.

 

 

2.2  الدلالة الدينيّة في القصيدة الفلسطينيّة في ستينيّات القرن العشرين:

 

واجهت الدلالة الدينيّة تحوّلاً كبيراً في القصيدة الفلسطينيّة الحديثة التي رافقت انطلاق الثورة الفلسطينيّة. فلقد شهدت الدلالات العربيّة والاسلاميّة ضموراً في أواخر الخمسينيّات مع معين بسيسو ومرحلة الستينيّات مع محمود درويش وسميح القاسم لتحلّ محلّها الدلالة المسيحيّة، خصوصاً المسيح وصليبه كعاملين مجسّدين للفلسطينيّ ولمأساته. ففي ديوان محمود درويش "أوراق الزيتون" (1964)، الصادر عام انطلاقة الثورة الفلسطينيّة المسلّحة، نلاحظ أنّ الرمز العربيّ ظهر في قصيدة واحدة هي "بطاقة هويّة"، والتي يُظهر مطلعها وخاتمتها عزّة العربيّ وعدم سكوته على الضيم:

 

سجّل!

أنا عربيّ

ورقم بطاقتي خمسون ألف

وأطفالي ثمانية

وتاسعهم... يأتي بعد صيف

فهل تغضب؟

سجّل...  برأس الصفحة الأولى

أنا لا أكره الناس

ولا أسطو على أحد

ولكنّي... إذا ما جعت

آكل لحم مغتصبي

حذار...حذار من وجعي

ومن غضبي!! [26]

 

ولكنّ هذا العربيّ ظهر مضطهداً، محتلاً، مسلوب الأرض والهويّة، ما يجعلنا نستشفّ أنّ هذا الرمز فقد حتّى دلالات القوّة المعنويّة التي أُضفيت عليه في السابق من خلال الرداء القوميّ أو الاسلاميّ:

 

سجّل

أنا عربي

أنا اسم بلا لقب

[...]

سُلبت كروم أجدادي

وأرضاً كنت أفلحها[27]

 

في المقابل أمكن إحصاء ستّة استعمالات لدلالة "الصليب" وتوظيف واحد لصورة الصلب، بالاضافة إلى دلالة "الأقانيم الثلاثة" التي ظهرت إلى جانب الصليب في قصيدة "عن الصمود":

 

وإلامَ نحمل عارنا وصليبنا

والكون يسعى..

[...]

الأرض، والفلاح، والاصرار

هذي الأقانيم الثلاثة

كيف تقهر؟ [28]

 

يبدو واضحاً أنّ هناك ولادة لوعي فلسطينيّ جديد للمأساة الحاصلة طرح الرداء القوميّ العربيّ والاسلاميّ التعبويّ جانباً وعبّر عن ذاته المأزومة بالمعادل الموضوعيّ الذاتيّ والجمعيّ ألا وهو رمز المسيح والصليب والفداء.

 

فامتداداً من وعد بلفور عام 1917 إلى إعلان دولة إسرائيل والهزيمة الأولى للجيوش العربيّة عام 1948 وانكشاف موقف بعض الحكومات العربيّة تجاه القضيّة الفلسطينيّة، أدرك الفلسطينيّ خسارته فلسطين ووقوفه وحيداً في هذه الأزمة. وأضحى الرمز العربيّ والاسلاميّ بالنسبة إليه - من الوزن الخليليّ حتّى الخطاب الشعريّ والسياسيّ – تعبيراً عن الهزيمة، فجاءت ثورته الشعريّة تمرّداً على الأب (التقليد والدين) – النظام (الخطاب والنظام العربيّ والاسلاميّ) وتوظيفاً للرمز الذي يراه أنّه يُحاكي معاناته ونفسيّته. فإذا كان الرمز العربيّ والاسلاميّ يحمل في طيّاته دلالة النصر والغلبة المطلقة، فإنّ صورة المسيح على صليبه تحمل في مفهومها المسيحيّ دلالتي المهزوم (بالصلب والاستلاب) – المنتصر (على الموت وواهب الحياة والرجاء)، وهما الدلالتان المكوّنتان للذات الفلسطينيّة الممزّقة بين شعور الاستلاب والرغبة في الانتصار.

 

هذا السقوط للرموز التقليديّة من أب ونظام وولادة للدلالة المسيحيّة يمكن متابعته لدى درويش. فهو يحمّل شخصيّة الأب مسؤوليّة خسارة الأرض: "أنا من جيل حمّل آباءه مسؤوليّة الرحيل والهجرة لأنّهم الآباء. آباؤنا لم يدافعوا جيّداً عن أرضنا، وما زلنا نسألهم عن ذلك، وما تزال صلتنا ملتبسة بالسجال والخلاف".[29] أمّا بالنسبة إلى سقوط الرمز العربيّ والاسلاميّ وبروز الصليب المسيحيّ قدر الفلسطينيّ فتعدّ قصيدة "مديح الظلّ العالي" مثالاً صارخاً على ذلك.

 

لقد أشار درويش بعد حرب أكتوبر 1973 في ثلاثة قصائد له (عودة الأسير[30]، الرماديّ[31] وطريق دمشق[32]) إلى قلق الفلسطينيّ من أن يقوم العرب بحلّ مشكلتهم مع إسرائيل على حساب القضيّة الفلسطينيّة. هذه المخاوف أضحت حقيقة عام 1982 ورسّخت في وعي الفلسطينيّ حقيقة "أنّنا جيل المجزرة"[33] على حدّ تعبير درويش. فبعد الاجتياح الاسرائيليّ لبيروت وخروج الفلسطينيّين منها ومجازر صبرا وشاتيلا على مرأى ومسمع من الحكومات العربيّة انهار الرمز الشعريّ العربيّ والاسلاميّ نهائيّاً ليبقى مكانه الفلسطينيّ الواقف وحيداً في بؤرة المأساة ولا سبيل له سوى الصليب. والجدير ذكره أنّ قصيدة "مديح الظلّ العالي" هي المرة الأخيرة التي تظهر فيها دلالة الصليب في النصّ الدرويشيّ لتحلّ محلّها دلالة القربان الفلسطينيّ (الدم والجسد) في مرحلة باريش لتعاود الظهور مجدّداً عام 1992 في ديوان "أحد عشر كوكباً".

 

ومن الأمثلة التي نسوقها من قصيدة "مديح الظلّ العالي" حول سقوط الرمز العربيّ:

 

سقط القناعُ

عرب أطاعوا رومهم

عرب أضاعوا روحهم

عرب وضاعوا.[34]

 

ولعلّ سقوط الرمز الإسلاميّ قد بلغ ذروته في التطاول الصريح على سورة التوحيد (الإخلاص) القرآنيّة:

 

أنحتلّ مئذنة

ونعلن في القبائل كلّها أنّ يثرب

أجّرت قرآنها ليهود خيبر

الله أكبر

تلك آياتنا فاقرأ

باسم الفدائيّ الذي خلقا

من جزمة أفقا.[35]

 

هذه الصرخة المملوءة غضباً وحزناً التي طاولت صُلب الديانة الاسلاميّة عكست الواقع النفسيّ وانتفاخ الذات الفلسطينيّة ووقوفها وحيدة بعد أن سبّب لها تلكّؤ الأب المأساةَ وغدر بها النظام العربيّ ذو الرداء الاسلاميّ. لقد حطّم درويش قدسيّة الرمزيّة الدينيّة الاسلاميّة وألقى عليها رداء "العادي"، في حين أعطى الفدائيّ الفلسطينيّ قدرة خلق الآفاق من جزمته. هذه الإشارة يعتبرها الباحث الألماني فيلد بأنّها نوع من صوفيّة المعاناة[36] ولكنّها في الوقت نفسه وضعت حدّاً للعامل العربيّ والإسلاميّ وجعلت الصليب وحده مسار الفلسطينيّ في حصاره وطريقه إلى القيامة:

 

ماذا تبقّى منك غير قصيدة الروح المحلّق في الدخان قيامةً

 

وقيامة بعد القيامة؟ خذ نثاري

 

وانتصر في ما يمزّق قلبك العاري،

 

ويجعلك انتشاراً للبذار

 

قوساً يلمّ الأرض من أطرافها

 

جرساً لما ينساه سكّان القيامة من معانيك

 

انتصر

 

إنّ الصليب مجالك الحيويّ، مسراك الوحيد من الحصار إلى الحصار.[37]

 

ففي هذه الأزمة لم يظهر الصليب تعبيراً ظاهريّاً عن القدر الفلسطينيّ، بل مجالاً حيويّاً أو فعلاً حياتيّاً. فمن جهة أصبح الصليب عاملاً متسامياً معادلاً للذات الفلسطينيّة المنتفخة تستشرف من خلاله الحصار المقبل، ومن جهة أخرى ظهر الصليب النقطة الحيويّة العليا التي يطلّ منها الفلسطينيّ على الماضي والحاضر والمستقبل. كما أنّه ظهر عاملاً قدريّاً، فهو القدر الوحيد والطريق الوحيد إلى القيامة الفلسطينيّة. والجدير ذكره أنّ دلالة القيامة هنا ظهرت للمرّة الثانية في شعر درويش، بعد ظهورها الأوّل في ديوان "عاشق من فلسطين"[38] الصادر عام 1966، الأمر الذي يوحي بأنّ الصليب أصبح فعلاً وواقعاً في الذات الفلسطينيّة يقودها إلى النهاية. هذه النهاية أو قيامة الفلسطينيّ تتحقّق إمّا بانتصار أرضيّ أو بتماهٍ نفسيّ مطلق مع شخصيّة المسيح. وهذا ما حصل بالفعل، إذ دعا درويش عرفات في نهاية قصيدته إلى التخلّي عن مشروع الدولة والصعود معه إلى الجلجلة ليحقّقا عبر الفعل المسيحانيّ المتمثّل بالصلب والقيامة أعجوبة القيامة الفلسطينيّة وترتيب نظام الكون من جديد:

 

عبثاً تحاول يا أبي مُلْكاً ومملكة

 

فسر للجلجلة

 

واصعد معي

 

لنعيد للروح المشرّد أوّله[39]

 

لقد لعبت الدلالة المسيحيّة، والصليب خصوصاً، دوراً محوريّاً في كتابات درويش. فالمتتبّع للدلالة في شعره بلاحظ أنّه وظّف الصليب منذ بداياته الشعريّة كإشارة إلى معاناة الفلسطينيّين: "الصليب علامتي أي جسدي"[40] مضفياً إليه مفهوماً جديداً يرسم فيه المسيحُ وعذابُه إطاراً فلسطينيّاً خاصاً:

 

"وأظنّ: لا تكتمل معاني المسيحيّة، في تطابقها الراهن، إلا في فلسطين. ولا يحقّ لأحد أن يكون فلسطينيّاً بهذه الدقّة إلا المسيح الذي جعل هذه الأرض قادرة على تقديم عطاياها بلا عبادة. إنّ سيرة عذاب المسيح يلخّصها الآن أطفال فلسطين المسروقون من المغارة إلى الصحراء، وتلخّصها قيامة الفلسطينيّ من ذبح يتكرّر على أيدي الأعداء وأنبياء الكذب على السواء".[41]

 

 

3.2  معجم الدلالات المسيحيّة في القصيدة الفلسطينيّة الحديثة

 

سنعرض الآن معجم الدلالات المسيحيّة في القصيدة الفلسطينيّة الحديثة. هذا المعجم هو خلاصة عمليّة إحصائيّة لدى ثلاثة شعراء فلسطينيّين هم: معين بسيسو، سميح القاسم ومحمود درويش. وتمّ اختيار الشعراء الثلاثة عيّنات عن شرائح فلسطينيّي ما بعد النكبة. فمع أنّ الشعراء الثلاثة يلتقون في نقطة كونهم يدورون في الفلك اليساريّ الماركسيّ إلا أنّ بسيسو[42] يمثّل نموذجاً عن فلسطينيّي نكبة 1948 الذين خرجوا من فلسطين، وسميح القاسم[43] يمثّل نموذجاً عن عرب إسرائيل، أي العرب الذين لم يغادروا البلاد ولم يُطلق عليهم لقب اللاجئين، أمّا محمود درويش[44] فهو نموذج عن الفلسطينيّين الذين خبروا تجربة الاحتلال وتجربة الرحيل والمنفى.

 

والملاحظ أنّ تجربة بسيسو مع الدلالة المسيحيّة مشابهة لتجربة روّاد الحداثة كالسيّاب والبيّاتي، إذ ظهر الرمز المسيحيّ في شعره فعليّاً وبشكل بارز ابتداء من سنة 1958. فدواوينه من عام 1952 حتّى 1956 (المسافر 1952- المعركة 1952- عندما تمطر الأشجار – قصائد مصريّة 1954 مارد من السنابل 1956) احتوت على ثلاث دلالات مسيحيّة (الطفل السماويّ – الأجراس – الشموع) ظهرت في شكل ضعيف؛ في حين قفز عدد الدلالة المسيحيّة في ديوان "الأردن على الصليب" الصادر عام 1958 إلى أربع عشرة دلالة، شكّلت دلالة الصليب سبعة منها.[45]

 

وقادت عمليّة متابعة الدلالة المسيحيّة وإحصائها لدى النماذج الثلاثة إلى معجم مكوّن من 115 دلالة استُعملت 555 مرّة في نصوصهم. وشكّلت دلالة "الصليب" أكثر من 25% من نسبة توظيفات الدلالة لديهم. ولقد آثرنا توزيع معجم الدلالة المسيحيّة كالتالي:

 

الصليب: الصلب، الصليب، عذاب المسيح.

 

سيناريو الصلب: إكليل الشوك، تاج الشوك، كأس الخلّ، المسامير.

 

سيناريو العشاء السرّيّ: الخبز والخمر، خبز المسيح، العشاء الأخير، المائدة والدم.

 

المسيح: ابن مريم، إله المجد، الآتي الجليل، الربّ الجريح، السيّد، الطفل السماويّ، غلام السماء، الكلمة، المسيح الحيّ، مسيح مصلوب، مسيح منتظر، ملك المجد، يسوع.

 

الإله المسيحيّ: الآب – الابن – الروح القدس، أبانا، أبتي – أبتاه، الأقانيم الثلاثة، الله ثلاثة، الجبين الإلهي، الربّ المثلّث الرحمات، سيّدنا.

 

شخصيّات: بيلاطس، التنّين، العذراء، الخاطىء، راهب، الروم، الصليبي الجديد، قدّيسة، القديس بطرس، القديس جاورجيوس، قيصر الروم، كاهن، مار بطرس، المجدليّة، مجوس، مريم، نجم المجوس، والدة السيّد، يهوذا،

 

الكتاب المقدّس: العهد القديم، الانجيل.

 

صلوات وآيات إنجيليّة: أبانا الذي في السماوات، أحبّوا بعضكم بعضاً، اقرعوا يُفتحْ لكم، إلهي إلهي لماذا تخليت عنّي، باركْ، دهر الداهرين، التراتيل، السلام عليك يا مريم، طوبى، في البدء كان...، في الناس المسرّة، كيرياليسون، لتكن مشيئتك، لكَ المجد، من ضربك على خدّك الأيمن...، المزامير، هلليويا، الوصايا العشر.

 

مشهد القيامة: انفتاح الأبواب، البعث، طقس القيامة، القيامة، قيامة الربّ.

 

مشاهد – أحداث – أعياد: الادخال في التجربة، الاعتراف، بشارة الميلاد، التجسّد، تجلّي الله، تحويل الماء خمراً، تدمير الهيكل (لوقا 21:5-6)، تضفير الشوك، التوبة، شفاء الأعمى والأبرص، شرب الدم، صياح الديك (لوقا 22: 54-62)، صيرورة الانسان إلهاً، العشاء الأخير، الكرازة، الكرازة بالمعموديّة، قُمْ (إشارة إلى قيامة لعازر)، معموديّة، مغفرة الخطايا، الميلاد، الوعظ.

 

أمكنة: الجلجلة، درب الآلام، الدير، الكنيسة، الهيكل.

 

دلالات أُخرى: أجراس، أجراس الكنيسة، أيقونة، زيت الإيمان، الزيت المقدّس، شمعدان، قدّاس، قلانيس الأحبار، المبخرة.

 

4.2  محمود درويش على ضوء المعجم الدلاليّ للرموز المسيحيّة:

 

إنّ القارئ لشعر محمود درويش يلمس عمق ثقافته التاريخيّة والدينيّة، بالاضافة إلى قدرته على توظيفها ببراعة في نصّه الشعريّ. وتحليلنا لمحمود درويش يركّز فقط على الدلالة المسيحيّة وتقلّبها في نصّه -ظهوراً وعدداً- على ضوء المراحل الحياتيّة للشاعر والتطوّرات السياسيّة؛ وبالتالي يمكننا ملاحظة ظهور أيّة دلالة أو ضمور على ضوء هذه الأحداث.

 

لقد قمنا بتتبّع الدلالة المسيحيّة في خمسة عشر ديواناً من "أوراق الزيتون" عام 1964 إلى "لماذا تركت الحصان وحيداً" عام 1995، وأحصينا فيها 195 توظيفاً للدلالة المسيحيّة، ظهرت فيها دلالة الصليب 45 مرّة بالاضافة إلى ثمانية توظيفات للدلالات المتعلّقة بالصلب من مسامير وجلجلة وإكليل الشوك، الأمر الذي يجعل توظيفات دلالة الصليب تزيد على الربع من مجمل توظيفات الدلالات المسيحيّة الأخرى في النصّ الدرويشيّ.

 

كما قمنا بتقسيم شعر درويش إلى خمس مراحل[46]:

 

- المرحلة الأولى تضمّ دواوينه أثناء إقامته في فلسطين بين 1964 – 1972.

 

- المرحلة الثانية وهي مرحلة المنفى في بيروت والقاهرة 1972-1982.

 

- المرحلة الثالثة هي مرحلة الخروج من بيروت بعد الاجتياح الاسرائيليّ عام 1982. وتنفرد هذه المرحلة بديوان واحد هو "مديح الظلّ العالي".

 

- المرحلة الرابعة تمتدّ حتّى سنة 1992 وهي مرحلة باريس ومرحلة التحضير لاتّفاق السلام بين الفلسطينيّين والاسرائيليّين.

 

- المرحلة الأخيرة هي مرحلة ما بعد اتّفاق السلام واخترنا لها ديواناً واحداً هو "لماذا تركت الحصان وحيداً" الصادر عام 1995.

 

المرحلة الأولى: تضمّ خمسة دواوين: أوراق الزيتون (1964) – عاشق من فلسطين (1964-1966) – آخر الليل (1967) – حبيبتي تنهض من نومها (1969) – العصافير تموت في الجليل (1970). وتمتدّ هذه المرحلة قرابة الثماني سنوات وتمثّل إقامة درويش في فلسطين قبل خروجه منها إلى المنفى.

 

برز في هذه المرحلة 53 توظيفاً للدلالة المسيحيّة، ذروتها في "عاشق من فلسطين" (24 توظيفاً)، وشكّل الصليب وسيناريو الصلب 74% من دلالات هذه المرحلة. أمّا مجمل دلالات هذه المرحلة فهي:

 

صليب، صلب، إكليل الشوك، المسامير، يسوع، المجد لـ، المعموديّة، القيامة، صيرورة الانسان إلهاً، القديس، الاعتراف، هللويا.

 

تعدّ هذه المرحلة في شعر درويش مرحلة الصليب بامتياز وقد رافقت تطوّر مفهوم الكفاح المسلّح مع نشوء منظّمة التحرير الفلسطينيّة، وترسّخ مفهوم "الفدائيّ" الفلسطينيّ في عمليّة الصراع إلى جانب وعي "المضطهد" الفلسطينيّ بمأساته الكونيّة وتساوي معاناته مع معاناة المسيح على يد الشعب نفسه وعلى الأرض نفسها.

 

المرحلة الثانية: تمتدّ من عام 1971 خروج درويش النهائي من فلسطين حتّى خروج الفلسطينيّين من بيروت عام 1982. وتضمّ ثلاثة دواوين هي: أحبّك أو لا أحبّك (1971-72) – المحاولة رقم 7 (1974) – أعراس (1977). وقد سمّى درويش هذه المرحلة بـ"مرحلة بيروت" ووصفها بالمرحلة غير الواضحة في قصيدته نظراً إلى غلبة الدرجة العالية من العواطف عليها.[47]

 

لقد تراجعت دلالة الصليب وسيناريو الصلب في هذه المرحلة إلى 28% من مجمل الدلالات وظهر توظيف الابتهالات والصلوات مسيحيّة، الأمر الذي يعكس مدى عاطفيّة المرحلة. فقد تمّ توظيف الدلالة في المرحلة الثانية خمسة وثلاثين مرّة استأثر الصليب منها بثمانية استعمالات ودلالة المسامير بأربعة. وتوزّعت كما يلي:

 

الصليب، المسامير، يسوع، المسيح، أبانا الذي، هلليويا، طوبى لـ، الميلاد، لتكن مشيئتك، طوبى لـ، الأجراس، الدير، المجدليّة، العذراء، القديسة.

 

المرحلة الثالثة: أفردنا ديوان مديح الظلّ العالي وحده للمرحلة الثالثة أو المرحلة الفاصلة بين تجربة بيروت وتجربة باريس في شعر درويش. فأهمّية هذا الديوان تكمن في تعبيره عن مرحلة صاعقة في تجربة الفلسطينيّ تمثّلت في الهجوم الاسرائيليّ على بيروت وأخرجته منها. هذه الصدمة بدت واضحة في الانفعاليّة التي سيطرت على الديوان، إلا أنّها كانت دليلاً مهمّاً على سقوط الرمز العربيّ والتحام الرمز المسيحيّ بقدر الفلسطينيّ ومعاناته.

 

لقد تفرّد الديوان وحده بـ 32 توظيفاً للدلالة المسيحيّة. وإذا كانت دلالة "الصليب" التي اختصرت مفهوم القدر الفلسطينيّ لدى درويش قد ظهرت فيه مرّتين فقط، واختفت دلالتا "المسيح" و "يسوع"، فقد برزت دلالة "القيامة" (5 مرّات)[48] بعد ظهورها الأوّل في ديوان "عاشق من فلسطين، و"الجلجلة"[49] للمرّة الأولى إلى جانب دلالة "العشاء الأخير".[50]

 

بناء على ما تقدّم يمكننا قراءة الديوان على ضوء الدلالة مع ربطه بالخلفيّات الكامنة وراء نشوئه وطبعاً بالنصّ في شكله الكامل. فاختفاء دلالة المسيح كانت على حساب دلالة ظهور دلالة الفلسطينيّ، وظهور دلالة الجلجلة كانت إشارة إلى درب الآلام الذي ترسّخ كقدر وخيار للفلسطينيّ بعد سلسلة الحصارات والهزائم. أمّا دلالة "العشاء الأخير" فكانت فاصلاً مهمّاً في مفهوم "الفلسطينيّ" في النصّ الشعريّ الدرويشيّ، إذ تطوّر هذا المفهوم بعد هذه المرحلة إلى مفهوم الجسد الفلسطينيّ أو إلى دلالة "القربان" (الخبز والخمر).

 

أمّا الدلالات الأخرى في هذا الديوان فهي: الانجيل، الهيكل، الكاهن، العهد القديم، تدمير الهيكل (لوقا 21: 5-6)، البيزنطيّون، التجلّي الالهيّ، بشارة الميلاد، المجدليّة ومريم. 

 

المرحلة الرابعة: هي ما أُطلق عليه اسم "مرحلة باريس" وتضمّ أربعة دواوين هي: حصار لمدائح البحر (1984)، هي أغنية (1986)، ورد أقلّ (1986) وأرى ما أريد (1990).

 

هذه المرحلة عدّها درويش مرحلة هدوء وتأمّل أمدّته بأبعاد ثقافيّة أخرى[51] بعد أن طبعت مرحلة بيروت قصيدته بعاطفيّة مشدودة. وتميّزت هذه المرحلة بظهور دلالات السفر والحركة والنفي مثل: المطارات – القطارات – المحطّات – المعابر. ففلسطينيّ هذه الحقبة هو المشرّد المنفيّ. إلى جانب ذلك برز أمران مهمّان في ما يتعلّق بالدلالة المسيحيّة:

 

الأوّل هو اختفاء دلالة "الصليب" تماماً من هذه المرحلة. والثاني هو تطوّر فكرة "وعي المجزرة" في النصّ الدرويشيّ الأمر الذي أدّى إلى ظهور مفهوم جديد للدمّ والجسد الفلسطينيّين تحوّل فيه الفلسطينيّ إلى قربان مسيحيّ في سيناريو العشاء السرّي.

 

أمّا دلالات هذه المرحلة فهي:

 

خبز المسيح – القربان - الخبز والخمر – العشاء الأخير – المائدة – إلهي لماذا تركتني – طقس القيامة – أبانا الذي – ولادة الله – الكلمة – آب ابن روح قدس – المسيح – التراتيل – الراهب الأورثوذكسيّ – الكاهن – الكنيسة – في البدء كان – الأجراس – في الأرض السلام – طوبى لـ - مغفرة الخطايا – إلى دهر الداهرين – الزيت المقدّس – مريم – يهوذا – البيزنطيّون.

 

المرحلة الخامسة: التي عاينّاها في تجربة درويش فهي مرحلة اتّفاقيّة السلام بين الفلسطينيّين والاسرائيليّين وحصرناها في ديواني "أحد عشر كوكباً" (1992) "ولماذا تركت الحصان وحيداً" (1995). على الرغم من أنّ درويش أصدر عدّة دواوين مثل جداريّة (2000) وسرير الغريبة (2000) إلّا أنّنا لن نتطرّق إليها هنا لعدّنا إيّاها مرحلة لم تكتمل بعد.

 

لم يحفل ديوان أحد عشر كوكباً سوى بستّة توظيفات للدلالة المسيحيّة ولكنّه تميّز بعودة دلالة الصليب إلى الظهور إلى جانب دلالات "القيامة"، "الأناجيل" و"اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون".

 

أمّا ديوان "لماذا تركت الحصان وحيداً" والذي ظهر بعد توقيع اتّفاق أوسلو، الذي لم يكن الشاعر متحمّساً له، وبدء التحضير للدولة الفلسطينيّة فتميّز بظهور الإشارة إلى أعجوبة قانا الجليل في دلالة تحويل الماء إلى خمر[52] إلى جانب ستّة عشر توظيفاً مسيحيّاً آخر غابت عنه دلالة "القيامة". إلا أنّ الدلالات فكانت من جهة التوظيف سطحيّة بالمقارنة مع دلالات المراحل السابقة، وهي: الصليب، الكنيسة، الأجراس، الكاهن، ابن مريم، الوعظ، الأناجيل، هللويا.

 

 

  1. . خاتمة وخلاصة

 

لقد حاولت هذه الدراسة أن تسلّط الضوء على عمليّة تحوّل الدلالة الدينيّة في الشعر الفلسطينيّ من دلالة عربيّة إسلاميّة نابعة من خلفيّة عروبيّة قوميّة لدى الشعراء الفلسطينيّين وخصوصاً المسيحيّين منذ نهاية الحرب العالميّة الثانيّة وحتّى إعلان دولة إسرائيل عام 1948، إلى دلالة مسيحيّة لدى شعراء فلسطين المسلمين انطلاقاً من أواخر الخمسينيّات وذلك نتيجة سقوط الرمز العربيّ بسبب الهزائم المتتالية وفشل السلطة السياسيّة الحاملة لواء العروبة والاسلام في صيانة مكانتها على الصعيد السياسيّ والاجتماعيّ العربيّ.

 

لا ريب في أنّ عمليّة إحصاء الدلالات أو الرموز الموظّفة في النصّ الشعريّ، والتي تمّ اعتمادها لتحديد معجم الدلالات المسيحيّة، لا تخدم منهج نقد النصّ الشعريّ كثيراً، كما أنّه لا يمكن إصدار أحكام نقديّة مسبقة على النصّ من خلال بروز دلالة معيّنة أكثر من سواها، فأحياناً يمكن أن تختصر دلالة ظهرت لمرّة واحدة في نصوص شاعر تجربة مثمرة وأن تقدّم في ارتباطها السياقيّ بالنصّ آفاقاً أغنى ممّا يمكن أن تقدّمه دلالات ظهرت مرّات عديدة. فالهدف الوحيد كان تعقّب الرموز المسيحيّة لدى الشعراء الفلسطينيّين المحدثين وإظهار معجم الدلالات المسيحيّة الذي أوجدته القصيدة الفلسطينيّة الحديثة في عالم الدلالة الشعريّة للشعر الحديث. 

 

وما نودّ التركيز عليه أنّنا لم ننطلق في هذه الدراسة من خلفيّة دينيّة تهدف إلى إبراز الدلالة المسيحيّة في إطار دينيّ، بل من .خلفيّة نقديّة تبرز الدلالة المسيحيّة كبعد أدبيّ ثقافي وحضاري في النصّ الشعريّ الحديث وتسليط الضوء عليها في النصّ الشعريّ الفلسطينيّ. هذه الدلالة ارتبطت بالشعر الحديث منذ الخمسينيّات وشكّلت له فضاءه الدلالي والرمزيّ، ولكنّها تفرّدت عن الدلالات الحديثة الأخرى التي أُدرجت في إطار رموز الخصب والنماء والموت والقيامة والعذاب بخاصيّة ارتباطها بالبعد الذاتيّ للشاعر ولتجربته ومعاناته. وأفضل مثال على ذلك هو الشاعر العراقيّ بدر شاكر السيّاب الذي ارتبط اسمه بالشاعر التمّوزيّ، مع أنّ دلالة تمّوز ظهرت في شعره دوماً في صيغة ضمير الغائب - الآخر ولم تظهر سوى مرّة واحدة في صيغة ضمير المتكلّم - الأنا[53] بينما ارتبطت دلالة المسيح في شعره دوماً بصيغة الأنا.

 

من جهة أخرى شكّلت الدلالة المسيحيّة تحدّياً جديداً للنقد الشعري العربيّ وثورة على صعيد العربيّ المألوف والمتعارف عليه. فإن كان النقّاد والقرّاء العرب أو المسلمون قد تقبّلوا بعض الشيء توظيف الرموز والدلالات الأسطوريّة كتمّوز وسيزيف وبروميثيوس، إلّا أنّ توظيف دلالة المسيح والصليب والخبز والخمر شكّل لدى بعضهم صدمة كبيرة وخصوصاً أنّ الدلالة المسيحيّة ظهرت في وجه المعايير العربيّة والاسلاميّة سواء الشعريّة أم الدلاليّة كبديل وحقيقة معبّرة عن الواقع العربيّ المحبط سياسيّاً في شكل عام.

 

 

 

 

لائحة المصادر والمراجع

 

العربيّة:

أدونيس: ها أنت أيّها الوقت. دار الآداب، بيروت 1993.

--------: قصائد مختارة ليوسف الخال. بيروت، دار مجلّة شعر، 1965

- بسيسو، معين: الأعمال الشعريّة الكاملة. دار العودة بيروت 1987.

- درويش، محمود: ديوان محمود درويش، المجلّد 1-2، الطبعة الثانية، دار الحريّة للطباعة والنشر، بغداد 2000.

--------: ديوان مديح الظلّ العالي. دار العودة، بيروت 1985.

---------: في وصف حالتنا. مقالات مختارة – 1975-1985. دار العودة، بيروت 1987.

----------: لماذا تركت الحصان وحيدا. دار رياض نجيب الريّس، بيروت 1995.

---------: من حقّ الشعر إعلان الهزيمة. مقابلة مع عبّاس بيضون في مجلّة الوسط، العدد 191، أيلول-تشرين الأوّل 1995. ص.52-57.

---------: مقابلة مع عبّاس بيضون في مجلّة الوسط، العدد 193، تشرين الأوّل تشرين الأوّل .ص.50-53.

---------: حوار مع نزيه خاطر في جريدة النهار، 18 تمّوز 1996، ص.16.

- السيّاب، بدر شاكر: ديوان بدر شاكر السيّاب. المجلّد الثاني. دار العودة، بيروت 1974.

- عبّاس، إحسان: بدر شاكر السيّاب حياته وشعره. دار اليقظة، بيروت 1987.

- عبد الجبار عبّاس: السيّاب. وزارة الإعلام العراقيّة، بغداد 1972.

- القاسم، سميح: حياتي وقضيّتي وشعري. دار العودة، بيروت 1970.

----------: المجلّد الأوّل، شعر. دار الجيل، بيروت 1992.

----------: المجلّد الثاني، شعر. دار الجيل، بيروت 1992.

----------: المجلّد الثالث، شعر. دار الجيل، بيروت 1992.

---------: المجلّد الرابع، السربيّات. دار الجيل، بيروت 1992.

- العودات، يعقوب: من أعلام الفكر والأدب في فلسطين. مطبعة جمعيّة عمّال المطابع التعاونيّة، عمّان 1976

-  القرآن الكريم.

- نذير العظمة: بدر شاكر السيّاب والمسيح. الفكر العربيّ المعاصر. عدد 26، السنة الرابعة، آذار 1982، ص.171-192.

- ياغي، عبد الرحمن: حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث من أوّل النهضة حتّى النكبة. منشورات المكتب التجاريّ للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت 1965.

 

 

 

 

الألمانيّة:

Abu Hashhash, Ibrahim: Tod und Trauer in der Poesie des Palästinensers Mahmud Darwīš. Klaus Schwarz Verlag, Berlin 1994.

 

Darwisch, Mahmoud: Tagebuch der alltäglichen Traurigkeit, Prosa aus Palästina. Herausgegeben und übersetzt von Farouk Beydoun. Verlag der Olivenbaum, Berlin 1978.

 

Karam; Sarjoun: Das christliche Symbol in der modernen arabischen Dichtung. PhD thesis, Universität Heidelberg, 2003.

 

T.S. Eliot: Die Einheit der Europäischen Kultur. 3. Rundfunkvortrag, Berlin.

 

Wild, Stephan: Judentum, Christentum und Islam in der palästinensischen Poesie. In: Die Welt des Islams XXIII-XXIV, 1984, 259 – 297.

 


*  أستاذ الترجمة واللغة العربيّة في معهد الدراسات الشرقيّة والآسيويّة التابع لقسم الإسلاميّات واللغات الشرقيّة في جامعة بون ألمانيا. حائز شهادة دكتوراه في الأدب العربيّ ودبلوم في اللغة الألمانيّة وآدابها كلغة فيلولوجيّة أجنبيّة من جامعة هايدلبرغ - ألمانيا.

[1]  تجدر الإشارة إلى تأثّر يوسف الخال بعقيدة أنطون سعادة وخصوصاً في نظرته إلى الأدب في كتابه "الصراع الفكريّ في الأدب السوريّ" والذي يدعو فيه إلى إحياء الأساطير السوريّة ومنها أساطير الموت والانبعاث. وقد أشار أدونيس إلى أنّ الخال اعتمد نظرة سعادة مبدأ ضمن المبادئ العش التي وضعها تصوّراً للحداثة الشعريّة.

أدونيس، "ها أنت أيّها الوقت". دار الآداب – بيروت 1993، ص.70.

[2]  أدونيس: القوميّة العربيّة لم تجذبني إطلاقاً. ومجلّة "شعر" هذه أسرارها (2). مقابلة مع جريدة الحياة، السبت 20 آذار 2010.

http://www.alhayat.com/Details/120036 (دخول: 31.03.2016)

[3]  أدونيس: قصائد مختارة ليوسف الخال. بيروت، دار مجلّة شعر، 1965، ص.7-8.

[4]  انظر: نذير العظمة، "بدر شاكر السيّاب والمسيح"، الفكر العربيّ المعاصر، عدد 26 السنة الرابعة، آذار 1982، 171-192.  ص. 175؛ وعبد الجبار عبّاس، "السيّاب". وزارة الإعلام العراقيّة، بغداد 1972، ص. 117.

[5] Sarjoun Karam: Das christliche Symbol in der modernen arabischen Dichtung. PhD thesis, Universität Heidelberg,2003, S. 119-123.

 

[6] إحسان عبّاس، "بدر شاكر السيّاب. حياته وشعره"، ، بيروت، دار اليقظة، 1978، ص. 305

[7]  بدر شاكر السيّاب، "ديوان بدر شاكر السيّاب"، المجلّد الثاني، بيروت، دار العودة، 1974، ص.321

[8] Karam, Sarjoun: Das christliche Symbol in der modernen arabischen Dichtung, PhD Thesis, University of Heidelberg, 203, S.186-187.

[9]  محمود درويش، "من حقّ الشعر إعلان الهزيمة"، مقابلة مع مجلّة "الوسط"، بيروت، العدد 191، أيلول – تشرين الأوّل، 1995، ص. 54-55

[10] Wild, Stephan, „Judentum, Christentum und Islam in der palästinensischen Poesie“, in: Die Welt des Islams XXIII-XXIV, 1984, S.260-261

[11]  ديوان الشاعر الأوّل هو بعنوان "عصافير بلا أجنحة" ولم ينشره الشاعر في مجموعته الكاملة.

[12] Farouk S. Beydoun, Vorwort, in: „Tagebuch der alltäglichen Traurigkeit, Prosa aus Palästina“, Berlin, Verlag Olivenbaum, 1978, S. 19.

[13]  راجع عبد الرحمن ياغي، "حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث من أوّل النهضة حتّى النكبة"، بيروت، منشورات المكتب التجاريّ للطباعة والنشر والتوزيع، 1965، ص.227

[14]  اندلعت الثورة عام 1920 في القدس بعد تثبيت صكّ الانتداب في عصبة الأمم وبعد أن شعر الفلسطينيّون أنّ الانكليز تهيّء وطنهم في ظروف اقتصاديّة واجتماعيّة تسهل انتزاعه من أهله الأصليّين وإحلال مجموعة أخرى مكانهم. وتوالت هذه الثورات في يافا 1920، 1924 و1925، وفي سائر البلاد 1929-1933-1935-1936-1937 وتوقّفت الثورات بسبب ظروف الحرب العالميّة الثانية.

[15] اسكندر الخوري البيتجالي (1890 – 1973) ولد في بيت جالا وكان والده كاهناً. درس في مدرسة الروم الأورثوذكس في بيت جالا ثمّ في المدرسة الروسيّة الداخليّة في الناصرة، وأنهى دراسته في الكليّة البطريركيّة للروم الكاثوليك في بيروت عام 1906 ثمّ درس القنون في معهد الحقوق في القدس. عيّن إبّان الانتداب البريطاني كاتباً في ديوان النستشار القضائي في القدس ثمّ رئيساً لكتّاب محكمة الاستئناف فقاضياً للصلح. بعد نكبة عام 1948 عُيّن نستشاراً للصليب الأحمر الجولي من بيت لحم والخليل فمفتشاً لمدارس اللاجئين الفلسطينيّين. له دواوين شعريّة بعنوان "الزفرات"، "دقات القلب" و"آلام وآمال".

يعقوب العودات: من أعلام الفكر والأدب في فلسطين. مطبعة جمعيّة عمّال المطابع التعاونيّة، عمّان 1976.   

[16]  نقلاً عن عبد الرحمن ياغي، "حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث من أوّل النهضة حتّى النكبة"، ص. 203.

[17]  وديع البستانيّ ماروني لبناني، وُلِد في ضبيه عام 1886 وتلقّى تعليمه في الجمعة الأمريكيّة في بيروت. . قضى سنوات عدّة في الهند وجنوب أفريقيا حيث عمل في قسم إدارة المستعمرات البريطانيّة. تولّى أمانة الترجمة للقنصليّة البريطانيّة في الحُديدة باليمن عام 1909 وعيّن عام 1917 في الادراة الانتدابيّة مساعداً مدنيّاً للكولونيل باركر. كان أوّل وأكبر موظّف مدنيّ في حكومة فلسطين وكذلك فتح مكتب محاماة في القدس. شارك عام 1923 في تأسيس الجمعيّة العربيّة الاسلاميّة العربيّة التي عرفت فيما بعد باسم "اللجنة العربيّة التنفيذيّة للمؤتمرات العربيّة" إلى أن قامت ثورة 1937-1940 فحلّت محلّها "اللجنة العربيّة العليا". كان عضواً وسكرتيراً للوفد العربيّ الفلسطينيّ الثالث إلى لندن سنة 1937 والذي كانت مهمّته الحيلولة دون إبرام المعاهدة الانكليزيّة العربيّة (الحسين – كررن). ترجم بعض الكتب من الانكليزيّة إلى العربيّة كذلك كتاب الرمايانا من اللغة السنسكريتيّة ورباعيّات الخيّام، ولعلّه مترجم كتاب Trial and Error لـ Chaim Weizman (ملخّص كتاب التجرب والخطأ). توفّي في العشرين من كانون الثاني عام 1954 في لبنان. له ديوان الفلسطينيّات الصادر في بيروت عام 1946. نقلاً عن عبد الرحمن ياغي، "حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث من أوّل النهضة وحتّى النكبة"، ص.174-175 و

Stefan Wild, „Judentum, Christentum und Islam in der palästinensischen Poesie“, S.268

[18]  نقلاً عن عبد الرحمن ياغي، "حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث من أوّل النهضة وحتّى النكبة"، ص.175-176

[19]  توظيف لآيتين من سورة الغاشية (فذكّر إنّما أنت مذكّر. لست عليهم بمصيطر)، القرآن الكريم 88: 21-22

[20]  المرجع السابق،  ص.179

[21]  نقلاً عن المرجع السابق، ص.180

[22]  نقلاً عن المرجع السابق، ص.232

[23]  نقلاً عن المرجع السابق، ص.233

 

[24] Stefan Wild, „Judentum, Christentum und Islam in der palästinensischen Poesie“,  S.275

[25]  عبد الرحمن ياغي،"حياة الأدب الفلسطينيّ الحديث من أوّل النهضة وحتّى النكبة" ص.237

[26]   محمود درويش، "ديوان محمود درويش"، المجلّد 1- 2 ، بغداد، دار الحرّيّة للطباعة والنشر، 2000، ص.35

[27]  المرجع السابق، ص.36

[28]  المرجع السابق، ص.22

[29]  محمود درويش، "من حقّ الشعر إعلان الهزيمة"، ص.52

[30]  محمود درويش، "ديوان محمود درويش"، ص.259-262

[31]  المرجع السابق، ص.262-265

[32]  المرجع السابق، ص.265-271

[33] Ibrahim Abu Hashhash, „Tod und Trauer in der der Poesie des Palästinensers Mahmoud Darwīš“, Berlin, Klaus Schwarz Verlag, 1994, S.192

[34]  محمود درويش، "ديوان مديح الظلّ العالي"، بيروت، دار العودة، 1985، ص.39

[35]  المرجع السابق، ص.27

[36] Stefan Wild, „Judentum, Christentum und Islam in der palästinensischen Poesie“, S.294

[37]  محمود درويش، "ديوان مديح الظلّ العالي"، ص.8-9

[38]  أنّا جذور تعيش بلا أرض

ولتكنْ أرضي قيامة.

محمود درويش، "ديوان محمود درويش"، ص.57

[39]  المرجع السابق، ص.124

[40]  محمود درويش: في وصف حالتنا، بيروت، دار العودة، 1987، ص. 111

[41]  المرجع نفسه، ص.111

[42]  وُلد الشاعر معين بسيسو في العاشر من اكتوبر 1930 في غزّة. درس الأدب في الجامعة الأمريكيّة في القاهرة بين عامي 1948 – 1952. أحد مؤسّسي الحزب الشيوعي في قطاع غزّة عام 1953. تعرّض للسجن والاعتقال مرّات عديدة في مصر. انتقل إلى بيروت عام 1965 ثمّ إلى دمشق عام 1967 كمحرّر في جريدة "الثورة". عاد إلى بيروت عام 1970 وتوفّي عام 1984 في لندن. من أعماله الشعريّة: المعركة (القاهرة 1952)، قصائد مصريّة (القاهرة 1954)، مارد من السنابل (القاهرة 1956)، الأردن على الصليب (القاهرة 1958)، فلسطين في البال (القاهرة 1964)، الأشجار تموت واقفة (القاهرة 1966)، عطر الأرض والناس (دمشق 1967).

[43]  وُلد سميح القاسم عام 1939 في مدينة الزرقاء الأردنيّة لعائلة درزيّة. تلقّى تعليمه المدرسيّ في مدينة الناصرة. انتمى إلى الحزب الشيوعيّ عام 1969. بقيم في مدينة حيفا. من أعماله: مواكب الشمس (الناصرة 1958)، أغاني الدروب (الناصرة 1964)، إرم 1965، دمي على كفّي (الناصرة 1967)، دخان البراكين (الناصرة 1968)، سقوط الأقنعة (بيروت 1969)، إسكندرون في رحلة الخارج ورحلة الداخل (الناصرة 1970)، قربان الموت والياسمين (القدس 1970)، الموت الكبير لهم (القدس 1977)، حماسة (عكّا 1976).

للتوسّع في الاطّلاع على حياة الشاعر راجع مذكّرات الشاعر الواردة في: سميح القاسم، "حياتي وقضيّتي وشعري"،  بيروت، دار العودة، 1970.

[44]  وُلد محمود درويش عام 1941 في قرية البروة. لجأ إلى لبنان عام 1948 وبقي هناك لعام واحد ليعود بعدها متسلّلاً إلى فلسطين حيث درس العربيّة والانكليزيّة والعبريّة. اتّهم بالقيام بنشاطات معادية للدولة العبريّة فطورد واعتقل خمس مرات 1961 – 1965 – 1966 – 1967 – 1969 وفُرضت عليه الاقامة الجبريّة. أنتمى إلى الحزب الشيوعيّ الاسرائيليّ وعمل مدّة في جريدته "الاتّحاد" ومجلّته "الجديد" الصادرتين باللغة العبريّة. غادر فلسطين عام 1970 للدراسة في موسكو ليتنقّل بعدها بين بيروت وباريس وتونس. أعماله: عصافير بلا أجنحة (1960)، أوراق الزيتون (1964)، عاشق من فلسطين (1966)، يوميّات جرح فلسطينيّ – آخر الليل (1967)، العصافير تموت في الجليل  - حبيبتي تنهض من نومها (1970)، أحبّك أو لا أحبّك (1972)، المحاولة رقم 7 (1973)، أعراس (1977)، مديح الظلّ العالي (1982)، حصار لمدائح البحر (1982)، هي أغنية هي أغنية -  ورد أقلّ (1985)، أرى ما أريد (1990)، أحد عشر كوكباً (1993)، لماذا تركت الحصان وحيداً (1995)،سرير الغريبة (1999)، جداريّة (2000)، حالة حصار (2002).

[45] Sarjoun Karam, „Das christliche Symbol in der modernen arabischen Dichtung“, S.319-321

[46]  للاطّلاع على توزيع الدلالات المسيحيّة وعددها والقصائد التي وردت فيها في دواوين درويش راجع:

Sarjoun Karam, „Das christliche Symbol in der modernen arabischen Dichtung“, S.321-338; S.342-349

[47]  محمود درويش: مقابلة مع عبّاس بيضون في مجلّة الوسط، العدد 193، تشرين الأوّل، بيروت، 1995، ص.52

[48]  محمود درويش: "ديوان مديح الظلّ العاليّ"، ص. 8-9

[49]  المرجع السابق، ص.120

[50]  المرجع السابق، ص. 102

[51]  درويش: حوار مع نزيه خاطر في جريدة النهار اللبنانيّة، 18 تمّوز 1996، ص.17

[52]  محمود درويش، "لماذا تركت الحصان وحيداً"، دار رياض نجيب الريّس، بيروت، ص.34-35.

[53] Sarjoun Karam, „Das christliche Symbol in der modernen arabischen Dichtung“,, S. 195

 
التاريخ: 2021-11-30
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: مجلة "حوليات" - جامعة البلمند، كليه الاداب والعلوم الانسانيه - 2016/17، ص 3-26
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro