مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
سيناريوهات "التخلص" من سعاده - دعوة إلى قراءة قانونية
 
ألقيت في الندوة الحوارية ( بتاريخ 3/7/2021) بمناسبة ذكرى استشهاد سعاده
أصفهاني، أحمد
 

منذ أن تبنت قيادة الحزب السوري القومي في الوطن سياسة "الواقع اللبناني" سنة 1944، وحصلت على رخصة رسمية من وزير الداخلية كميل شمعون للعمل تحت اسم "الحزب القومي"، بات من الضروري التخلص من أنطون سعاده، مؤسس الحزب وزعيمه الموجود آنذاك في مغتربه القسري الأرجنتين. ولتحقيق هذه الغاية التي شارك في التخطيط لها قياديون مركزيون، وبالتعامل مع مصالح إقليمية مشبوهة، وُضعت مجموعة من السيناريوهات المتلاحقة التي تسعى بحدّها الأدنى إلى إبعاد سعاده عن الحزب وبحدّها الأقصى تصفيته جسدياً.

 

السيناريو الأول، قبل انتهاء الحرب العالمية الثانية، تمثل في إقامة الحواجز بين سعاده والقوميين الاجتماعيين في الوطن. ففي الوقت الذي روّجت القيادة الحزبية، خصوصاً عمدة الإذاعة وعمدة الثقافة، لمفاهيم مخالفة للفكر القومي الاجتماعي، أقدمت هذه القيادة أيضاً على منع نشر نداءات الزعيم ومقالاته إلا القليل منها.

 

السيناريو الثاني، بعد توقف الحرب، تضمن "التنسيق" مع السلطات اللبنانية من أجل عرقلة حصول سعاده على جواز سفر يتيح له مغادرة الأرجنتين والعودة إلى الوطن. وبينما كانت السفارة اللبنانية ترفض منحه جواز سفر، كانت القيادة الحزبية في بيروت تماطل وتتلكأ في العمل لحل هذا الإشكال على الرغم من إلحاح الزعيم.

 

السيناريو الثالث، بعد تمكن القوميين في البرازيل من الحصول على جواز السفر بطرقهم الخاصة، إنطلق سعاده برحلة العودة حيث توقفت الطائرة في القاهرة. وهناك بدأ السيناريو الثالث مع نعمة ثابت وأسد الأشقر اللذين توجها إلى العاصمة المصرية حاملين توصية من القيادة الحزبية بأنه "من غير المفيد" عودة سعاده في هذه الظروف. وفي حال إصرار سعاده، كما هو متوقع، الطلب إليه بأن يكون "مرناً" في خطابه عند الوصول بتاريخ 2 آذار سنة 1947.

 

السيناريو الرابع جاء مع مذكرة الاستجواب في اليوم التالي لوصول الزعيم، ثم مع مذكرة التوقيف التي صدرت عند منتصف آذار وظلت سارية حتى أواخر السنة تقريباً. وعندما تم سحبها أخيراً بفعل الوساطات السياسية، إنتقلت السيناريوهات إلى مرحلة جديدة هي التخطيط للتخلص من سعاده جسدياً.

 

السيناريو الخامس بدأ في الجميزة، واستخدم الذين خططوا له عناصر الغوغاء في حزب الكتائب لافتعال اشتباك قد يؤدي إلى مقتل سعاده. وإن لم يحصل ذلك لأي سبب من الأسباب، تكون الأجهزة الأمنية الحكومية مستعدة لملاحقة القوميين وصولاً إلى سعاده نفسه. لقد نجحت السلطات في الشق الأول، أي شن حملة اعتقالات واسعة في صفوف القوميين، لكنها فشلت في الوصول إلى سعاده الذي انتقل إلى دمشق. وهنا يظهر دور العامل الإقليمي.

 

السيناريو السادس تركز على حسني الزعيم الذي أبدى تأييده لسعاده ووعد بمساعدته. لكن التدخلات المصرية والسعودية والأميركية والصهيونية تضافرت جميعها لإقناع حسني الزعيم بتسليم سعاده للسلطات اللبنانية. وقد فعل ذلك مشترطاً أن يتم التخلص من سعاده داخل الأراضي اللبنانية.

 

السيناريو السابع، المقرر على أعلى مستويات السلطة في الدول المتورطة، لم يتحقق لأن المكلفين بتنفيذه تراجعوا في آخر لحظة خشية من تداعيات هذا الفعل. فقد كانت تعليمات الحكومة اللبنانية تنص على اغتيال سعاده بعد دخول الأراضي اللبنانية والزعم بأنه قُتل أثناء محاولته الفرار! وعندما فوجيء المسؤولون بوصول سعاده إلى بيروت أسرعوا إلى السيناريو الثامن والأخير: المحاكمة الصورية والإعدام العاجل.

 

يتضح من هذا العرض أن كل هذه السيناريوهات، وصولاً إلى الإعدام ـ الاغتيال، هي عملية سياسية بامتياز، لكنها أُعطيت لبوساً قانونياً مخادعاً. ومع أن مسألة المحاكمة والإجراءات المرتبطة بها نُوقشت في كثير من المقالات والدراسات، فنحن نعتقد بأنه من الضروري مقاربتها بطريقة منظمة يتولاها حقوقيون قوميون اجتماعيون (وغير قوميين طبعاً). صحيح أن خطة التخلص من سعاده هي قرار سياسي أولاً وأخيراً، غير أنها جرت في سياق قانوني مشبوه. قد لا يكون باستطاعتنا إعادة محاكمة سعاده، أو من غير المفيد أن نقوم بذلك. لكننا على الأقل نكون قد سجلنا في تاريخ القانون رؤيتنا القومية الاجتماعية لحقيقة استهداف سعاده منذ أن قرر العودة إلى الوطن.

 

ومن المؤسف أن بعض القيادات الحزبية لم تتحرك، عندما أتيحت لها الفرص السياسية المواتية سواء في الشام أو في بيروت، للمطالبة بالاطلاع على الوثائق الرسمية المتعلقة بتلك الفترة العاصفة. وكذلك لاسترجاع الوثائق الحزبية ومخطوطات الزعيم التي صُودرت في دمشق بعد حادثة المالكي. ونحن نعتقد بأن اللجنة القانونية القومية الاجتماعية التي نطمح إلى تشكيلها، ستكون قادرة على استرجاع كل تلك الوثائق، وفي الوقت نفسه إعلان الكلمة الفصل في واحدة من أبشع الجرائم المرتكبة زوراً وبهتاناً باسم القانون و"الشعب اللبناني"!

 
التاريخ: 2021-06-29
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro