مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
خطاب الزعيم في صافيتا - 17 كانون الأول 1936
 
نص ونقاش - الحلقة الأولى
إعداد: أحمد أصفهاني
 

 

خطاب الزعيم في صافيتا

 

17/12/1936

 

 

أيها الرفقاء القوميون،

 

إننا قد تعاقدنا في الـحزب السوري القومي على أن نقف معاً دائماً، لأننا قد تعاهدنا على أن نرفع أمتنا إلى مصاف الأمم الحية. وقد تعاهدنا على السير معاً في معترك تنازع الحياة والتفوق بين الأمم لندافع عن حق أمتنا في الحياة ولنبرهن عن جدارتنا بالتفوق. إننا قد تعاهدنا على أن نكون أمة حية مرتقية.

 

لقد مضى زمن طويل وليس لسورية إرادة في مصيرها أو في مصالحها، وقد حان الوقت ليعرف العالم أنّ للأمة السورية إرادة في تقرير مصيرها ومصير مصالحها وفي كل شأن من شؤون البحر المتوسط والشرق الأدنى.

 

أيها السوريون القوميون،

 

إنّ الحزب السوري القومي قد نشأ من صميم الأمة ليعمل للأمة والدولة. وقد بدأ الحزب السوري القومي عمله بمعالجة أعظم حاجة من حاجات الأمة السورية، ألا وهي الحاجة إلى أساس واحد عام مشترك يشمل جميع مصالح الشعب السوري ويصلح لبناء صرح القومية السورية ونهضة الأمة السورية. إنه عمل لم تكن الفئات السياسية التي سبقت ظهور الحزب السوري القومي لتتنبه له ولضرورة القيام به، ولذلك ظلت دعواتها إلى الاتحاد القومي صيحات حيرة ذهبت أدراج الرياح. إنّ الدعوات إلى الاتحاد كانت خلواً من فهم عوامل الاتحاد وهي لذلك بقيت حبراً على ورق. إننا لم نقم منادين بوجوب الاتحاد وضرورة الاتحاد ولكننا درسنا أسباب الوحدة القومية في حاجات الشعب ومصالح الأمة وانتهينا إلى وضع مبادىء أساسية وإصلاحية تعطي الأمة حاجاتها وتؤسس مصالحها. وما كدنا نفرغ من ذلك حتى ابتدأت القلوب تتآلف حول الأساس الواحد العام الذي يمثل مصلحة الأمة السورية وإرادة الأمة السورية. هذا هو معنى مبادىء الحزب السوري القومي ونشوء الحزب السوري القومي الذي يجمع الآن صفوف الأمة في عقيدة واحدة ومصلحة واحدة وإرادة واحدة.

 

إننا لم نقم ناصحين بالاتحاد، كما يفعل الذين يُحبّون أن يروا الشيء محققاً دون أن يدركوا أسباب تحقيقه وطريقته. ولكننا قمنا نعمل لمصلحة الأمة فحققنا الوحدة القومية على هذا الأساس.

 

إنّ في مصلحة الأمة التي يعمل لها الحزب السوري القومي ضماناً لمصلحة كل عضو من أعضاء الدولة السورية القومية. إنّ مصلحة كل واحد منا موجودة في مبادىء الحزب السوري القومي وتتحقق بتحقيق هذه المبادىء.

 

أيها السوريون القوميون،

 

إنني قد دعوتكم إلى حل أساسي عام للمشاكل الداخلية التي أنزلت التفرقة والتشعث في الأمة فلبّيتم الدعوة، وها أنتم الآن شهود أحياء على أنّ الأمة السورية حية وأنّ المجتمع السوري مجتمع واحد.

 

إننا قد فرغنا في الحزب السوري القومي من مشاكل التعصبات الدينية المنهكة، ولكننا لم نقف عند هذا الحد، بل تقدمنا إلى تعزيز المصالح المتنوعة ضمن الأمة. فالفلاحون والملاكون والصنّاع والعمال يرون في مبادىء الحزب السوري القومي تحقيقاً لمصالح كل فئة من فئاتهم ضمن المصلحة العامة التي تؤمّن الكل. إنّ الحزب السوري القومي هو الحزب الوحيد في سورية وسائر الشرق الأدنى الذي أوجد النظام القومي للمصالح الخاصة فجعل منها وحدة تامة، هي مصلحة سورية. كلنا نعمل لمصلحة سورية وكلنا نشترك في مصلحة سورية.

 

أيها السوريون القوميون،

 

أنتم الـحزب الوحيد في سورية الذي انبثق من قلب الشعب ليخدم المصلحة العامة، ويلغي الامتيازات المدنية التي استعبدت الشعب لأغراضها، وقتلت شخصية الأمة في سبيل مصالحها الشخصية.

 

أنتم القوة الوحيدة في الوطن التي لا تعمل لحساب هذه الجماعة أو تلك الجماعة بل تعمل لخير الأمة ومصلحة الدولة.

 

أنتم القوة الكامنة في البـلاد الآخـذة الآن في الخـروج من مكامنهـا لتغيِّر مجرى التـاريخ.

 

إنّ انتصار الـحزب السوري القومي على كل الاضطهادات التي وجهت إليه لدليل قاطع على الفلاح القومي الذي نسير إليه. لقد انتصرنا على الاضطهاد ولم يبقَ علينا إلا الانتصار على المقاومة الرجعية المتلبسة بلباس الوطنية.

 

إنّ الرجعية تقاوم الحزب السوري القومي، لأن الحزب السوري القومي يريد أن يحرر الفلاّح من الرق والعبودية.

 

إنّ الرجعية تقاوم تقدم الحزب السوري القومي، لأن الحزب السوري القومي يطلب إنصاف العامل وإعطاءه حقه في الحياة.

 

إنّ الرجعية تحمل على الحزب السوري القومي، لأنه يحرر أفراد الأمة من عبودية الانقياد الأعمى وسلطة المؤسسات العتيقة الفاسدة.

 

إنّ الرجعية تقاوم الحزب السوري القومي، لأن الحزب السوري القومي يحرر العامة من سيطرة المستثمرين والنفعيين.

 

إنّ الرجعية تقاوم الحزب السوري القومي، لأن الحزب السوري القومي يؤمّن مصلحة المنتج من أي صنف كان.

 

إنّ الرجعية تحارب الحزب السوري القومي، لأن الرجعية تريد أن تحارب حربها الأخيرة.

 

أما نحن فإننا نحارب في سبيل مصالح الشعب الحيوية وحياة الأمة.

 

لقد أراد المتلاعبون بمقدّرات الأمة أن يصرفونا عن هذا الهدف العام بمهاجمتنا من جهة قضايا كلامية لا نتيجة عملية لها، لكنهم باءوا بالخيبة، لأنه ليس لنا وقت نضيعه في الجدل الكلامي والمماحكات السقيمة. إنّ مصلحة الأمة أمر مقدس عندنا وليس في العالم شيء يصرفنا عن خدمة المصلحة القومية.

 

أيها الرفقاء،

 

إنّ نهضتنا القومية هي الوسيلة الوحيدة لتأمين حقوقنا وصيانة مصالـحنا. وإنّ الوقت قد حان لإسماع العالم صوت نهضتنا وللدفاع عن حقوقنا ومصالحنا. وإنّ أول حق من حقوقنا هو حق سيادتنا القومية. وإنّ أول مصلحة من مصالحنا هي صيانة كل شبر من هذه الأرض المقدسة التي عليها نحيا ومنها نستمد موارد الحياة.

 

إنّ هذه الأرض التي نعيش من خيراتها هي الآن مهددة من ناحيتين: من الجنوب ومن الشمال. ففي الـجنوب، في فلسطين تتغلغل الصهيونية وتستولي على أراض خصبة تصلح لإعالة مئات الألوف من السوريين. ومن الشمال يستفحل الخطر التركي على الحدود ويحاول أن يخترقها ويستولي على بقعة أخرى من البقاع السورية الخصبة الضرورية لحياتنا وتقدمنا.

 

إني قد دعوتكم إلى القومية لنتحد ونصبح قوة فعالة فلبيتم الدعوة، وها نحن قد أصبحنا هذه القوة التي تخشاها الرجعية من الداخل وترهبها القوات الطامعة من الخارج.

 

وإني أدعوكم الآن إلى الدفاع عن مصالح حياتنا القومية والوطنية ولست أخالكم إلا ملبّين فهل أنتم مستعدون؟ (هتاف ألوف القوميين من جميـع المذاهب: إننا مستعدّون.)

 

إنّ ثلاثين ألفاً من السوريين القوميين في لبنان، عدا عن عشرات ألوف المؤيدين والمحبذين، يعدّون حدودهم الوطنية حدود سورية الجغرافية وهم مستعدون للاندفاع نحو الحدود عند حدوث أي خطر حقيقي. وإنّ ألوف السوريين القوميين المنتشرين في طول سورية وعرضها يقفون هذا الموقف عينه، وما دام هذا استعدادنا وهذه عقيدتنا فالحياة والتقدم لنا.

 

لقد مضى الزمن الذي كانت فيه تسوّى مشاكلنا ومشاكل الشرق الأدنى من قِبَل إرادات أجنبية تهمل مصالحنا وإرادتنا، وقد جاء الزمن الذي بعث فيه الحزب السوري القومي قوّتنا حتى أصبح لإرادتنا وزن في كل مشكل من مشاكلنا ومن مشاكل الشرق الأدنى عموماً.

 

إني أعلن أنّ الإسكندرونة أرض سورية ضرورية لحياتنا وتقدم مصالحنا، وإننا مستعدون للاحتفاظ بها مهما كلفنا الأمر.

 

وإني أعلن أيضاً أنّ كل قضية من قضايا الشرق الأدنى تكون لنا مصلحة فيها وتسوّى بإهمال مصالحنا وإرادتنا تكون تسويتها فاسدة.

 

أيها السوريون القوميون،

 

إنّ الحزب السوري القومي يرمي إلى حفظ حقوقنا ومركزنا في العالم، إنه يرمي إلى جعل وطننا مركز الثقل للحركات السياسية في الشرق الأدنى.

 

ولا شك أننا بالغون هدفنا لأن قوة السوريين القوميين قوة حقيقية.

 

إنّ يقظتنا قد أصبحت شيئاً محسوساً وعملنا يتجه بنا نحو الفلاح. وإني أعدكم بأننا سنعدّ في القريب العاجل مشروعاً يستغرق ثلاث سنوات.

 

إنّ ثلاث سنوات من العمل السوري القومي تكفي لتحقيق أول مشروع خطير من مشاريعنا القومية. إنّ مشروع ثلاث سنوات سيجعل الإرادة السورية القومية محترمة ونافذة.

 

أيها السوريون القوميون،

 

افعلوا واجباتكم واذكروا أنّ الوطن في خطر. إنّ العمل عظيم ولكن اذكروا دائماً أنّ قوتنا عظيمة.

 

تمنطقوا وكونوا دائماً مستعدين. إنّ سورية والمستقبل لنا!

 

 

 

 

ندوة حوارية حول خطاب سعاده في صافيتا

 

(17 كانون الأول 1936)

 

 

أعتقل سعاده مرّة ثانية من 16 حزيران إلى 12 تشرين الثاني 1936. ولم يتضمن هذا الاعتقال إصدار حكم جديد بحقه. لكن المعركة مع الانتداب أظهرت له الحاجة إلى فسحة زمنية كي يعيد تنظيم الوضع الحزبي الداخلي، والبدء بجولة تعبوية إنطلاقاً من الاهتمام الشعبي الواسع الذي رافق المحاكمة الأولى.

 

أطلق سراح سعاده في 12 تشرين الثاني 1936، وقرر على الفور تلبية دعوة من منفذية اللاذقية للقيام بجولة حزبية وشعبية على الفروع الناشئة حديثاً، وكذلك عقد لقاءات مع فعاليات المنطقة وقياداتها، ومخاطبة القوميين والمواطنين لتعريفهم مباشرة بمبادئ الحزب وخططه الاجتماعية والاقتصادية. انطلق الوفد القومي من بيروت إلى طرابلس، ومنها إلى اللاذقية حسب البرنامج المقرر. وفي 17 كانون الأول 1936 ألقى سعاده خطاباً مهماً أمام حشد شعبي ضم آلاف المواطنين والقوميين.

 

كلمة الزعيم في صافيتا هي الخطاب العلني الأول الذي يلقيه منذ الكشف عن وجود الحزب. طبعاً هناك الخطاب المنهاجي الأول بتاريخ حزيران 1935، لكنه يختلف تماماً من حيث أنه ألقي في اجتماع إداري مخصص لأعضاء الحزب فقط، في حين أن خطاب صافيتا علني شعبي موجه إلى المواطنين على مختلف مشاربهم. فهو إذن إعلامي تثقيفي فكري تعبوي يهدف إلى نشر مبادئ العقيدة من جهة، وشد عضد المنتمين إلى الحزب من جهة أخرى.

 

نقف في الخطاب على مفردات كانت جديدة على أسماع المواطنين في تلك المرحلة المبكرة، أو أنها أعطيت مضامين مختلفة في فكر سعاده: التعاقد، النهضة، الإرادة، المصير القومي، المصالح، الدولة، عوامل الاتحاد، حاجات الشعب، عقيدة واحدة، مجتمع واحد، الامتيازات المدنية، المُنتج، السيادة القومية...

 

الملاحظة الأساسية البارزة هي الموقف الهجومي الكاسح في منحى الخطاب. ومع أن جولة سعاده تأتي بعد صدام مع السلطات واعتقالين متتاليين ونوع من الهدنة غير الرسمية... فإنه لم يهادن ولم يتراجع. بل نرى أنه أراد الخطاب بمثابة شهادة التزام كلي بالمبادئ والسياسات التي طرحها منذ بدء عملية التأسيس سنة 1932. فها هو يشدد على الخطر الآتي من الشمال (تركيا بالتواطؤ مع فرنسا) والخطر الآتي من الجنوب (الحركة الصهيونية المدعومة من بريطانيا). ويعلن أن الحرب مفتوحة على مصراعيها مع قوى الرجعية والتعصب والتخلف. وبهذا يكون قد وجه رسالة إلى الداخل وإلى الخارج أن لا هوادة في الصراع الذي يخوضه الحزب ضد كل المستغلين والذين يعملون لغير مصلحة الأمة السورية.

 

الجملة الأولى من الخطاب تذكر مبدأ التعاقد. يريد سعاده هنا أن يميّز الحزب السوري القومي عن باقي الأحزاب العاملة في الوطن حينذاك. إذا استثنينا الحزب الشيوعي، فإن كل الأحزاب السورية الأخرى كانت مجرد تجمعات طائفية أو دينية، أو كانت تتمحور حول شخصيات إقطاعية رجعية. والتعاقد يكون بين طرفين لتحقيق غاية معينة. وصيغة التعاقد عند سعاده هي أن تكون بينه وبين المقبلين على الدعوة إفرادياً. أما موضوع التعاقد فهو مصلحة سورية والنضال من أجل أن "تكون أمة حيّة مرتقية".

 

القوميون الذين تعاقدوا مع سعاده، وانتموا إلى الحزب الذي هو الإطار التنظيمي لتحقيق المصلحة القومية، أصبحوا أعضاء في الدولة المصغرة داخل المؤسسات الحزبية. وباتوا يمتلكون الإرادة المنظمة المستقلة لتقرير مصير الأمة. فالإرادة لا تتكون إلا ضمن جماعة تحقق فيها الوعي، خصوصاً في ما يتعلق بالمصلحة القومية. ولذلك يربط سعاده بين مصلحة الأمة التي يعمل لها الحزب، وبين إرادة الأمة لحماية مصالحها.

 

القسم الثاني من الخطاب يتضمن هجوماً غير مباشر على "الكتلة الوطنية" في دمشق من ضمن الحملة على "المقاومة الرجعية المتلبسة بلباس الوطنية". وفي الوقت نفسه يرفض سعاده بوضوح مبدأ صراع الطبقات الذي يقوم عليه التفكير الشيوعي، ويعتبر أن الحزب السوري القومي يريد تحرير الفلاح وإنصاف العامل وكسر قيود الانقياد الأعمى للمؤسسات العتيقة الفاسدة، دينية أو غير دينية... وبكلمة مختصرة: الحزب يؤمّن مصلحة المنتج من أي صنف كان، ويضع النظام القومي للمصالح الخاصة ليجعل منها وحدة تامة. وفي هذه الحالة لا يكون الصراع بين الطبقات، بل بين العمل للمصلحة القومية العامة وبين قوى الرجعة بكل تفرعاتها. فمصالح كل فئة تجد تحققها من ضمن المصلحة العامة.

 

الأمين يوسف كفروني

 

في مستهل خطاب صافيتا، يشير سعاده إلى واقع العالم الذي هو معترك تنازع الحياة والتفوق بين الأمم. وينطلق من موضوع التعاقد الذي يستهدف رفع الأمة إلى مصاف الأمم الحية، والدفاع عن حقها في الحياة، وبرهان جدارتنا بالتفوق.

 

الإرادة والمصلحة

 

بعد زمن طويل لفقدان الإرادة السورية في تقرير مصيرها ومصالحها، حان الوقت ليعرف العالم أن للأمة السورية بعد تأسيس الحزب إرادة في تقرير مصيرها ومصير مصالحها في كل شأن من شؤون البحر المتوسط والشرق الأدنى.

 

وبعد أن يعرض سعاده عمل الحزب في سبيل الوحدة القومية وتحقيق حاجات الشعب ومصالح الأمة، يتناول الرجعية المتلاعبة بمقدرات الأمة وأسباب مقاومتها للحزب، هذه الأسباب التي توضح أهداف الحزب في تحرير المجتمع من الاستعباد الداخلي وتأمين العدالة والمصالح للجميع. ثم يحدد أول حق من حقوقنا وهو حق سيادتنا القومية. وأول مصلحة من مصالحنا هي صيانة كل شبر من هذه الأرض المقدسة التي عليها نحيا ومنها نستمد موارد الحياة. ويتناول الخطر الذي يهدد هذا الحق وهذه المصلحة: الخطر التركي في الشمال والخطر الصهيوني في الجنوب. ويعد سعاده بمشروع خلال ثلاث سنوات سيجعل الإرادة السورية القومية محترمة ونافذة، ويدعو القوميين للاستعداد الدائم لأن الوطن في خطر.

 

الحزب الذي نشأ فئة من صميم الأمة يعمل لكل الأمة

 

الدعوات الفارغة للاتحاد التي تطلقها الفئات السياسية بقيت حبراً على ورق لأنها لا تستند إلى أي أساس، وهي لم تفهم عوامل الاتحاد. بينما الحزب السوري القومي درس أسباب الوحدة القومية في حاجات الشعب ومصالح الأمة، ووضع المبادىء الأساسية والإصلاحية التي تعطي الأمة حاجاتها وتؤسس مصالحها.

 

المصالح المتنوعة والمصالح الخاصة يجري تعزيزها وضمانها بواسطة النظام القومي الذي يجعل منها وحدة تامة، هي مصلحة سورية. فمصلحة الأمة هي ضمان لمصلحة كل عضو من أعضاء الدولة السورية القومية. ذلك أن مصلحة الأمة، كمنطلق وغاية، هي الضمان لتحقيق مصالح الجميع.

 

أسباب مقاومة الرجعية للحزب:

 

  • تحرير الفلاح من الرق والعبودية.
  •  
  • إنصاف العامل وإعطاؤه حقه في الحياة.
  •  
  • تحرير أفراد الأمة من عبودية الانقياد الأعمى وسلطة المؤسسات العتيقة الفاسدة.
  •  
  • تحرير العامة من سيطرة المستثمرين والنفعيين.
  •  
  • تأمين مصلحة المنتج من أي صنف كان.

 

نحن نحارب في سبيل مصالح الشعب الحيوية وحياة الأمة. لقد أراد المتلاعبون بمقدرات الأمة أن يصرفونا عن هذا الهدف العام بمهاجمتنا من جهة قضايا كلامية لا نتيجة عملية لها، لأنه ليس لنا وقت نضيعه في الجدل الكلامي والمماحكات السقيمة. إنّ مصلحة الأمة أمر مقدس عندنا وليس في العالم شيء يصرفنا عن خدمة المصلحة القومية. إنّ نهضتنا القومية هي الوسيلة الوحيدة لتأمين حقوقنا وصيانة مصالحنا.

 

الأمين غسان عبد الخالق

 

عجيب أمر هذا الرجل. أن تقرأ خطاباً له مر على إلقائه ما يناهز الثمانية عقود من الزمن، وأن تجد نفسك وكأنك تلقيه اليوم فيما لو أردت مصارحة شعبك ورفقاءك حول مجريات الأمور... لأمر وُجب التوقف عنده ملياً. خطاب صافيتا لا يمكن إضافة شيء عليه لو قدر لأحدنا أن يلقي خطاباً اليوم ليستنهض من خلاله الشعب.

 

الخطاب ينطلق من فكرة التعاقد بين الزعيم والمقبلين على الدعوة، والذي بموجبه نذر نفسه للقضية التي أرساها مطالباً المتعاقدين بتأييده تأييداً مطلقاً لتحقيق الغاية المنشودة، وهي رفعة الأمة السورية إلى مصاف الأمم الراقية. فمن خلال الحزب الذي أسسه استردت الأمة إرادتها بعد أن كان يقرر مصيرها سابقاً من لا علاقة لهم بمصالحها وإرادتها العامة.

 

عندما أطلق سعاده ورشة النهضة، لم يستجد أو يطلب توحيد الشعب والكيانات التي يراها أمة واحدة، بل أقام الوحدة داخل حزبه من خلال التعاقد مع المقبلين الذين ارتضوا توحيد إيمانهم وعقائدهم فيه، وأن يكونوا معبّرين عن إرادة الأمة. ومن الطبيعي أن يصطدم الحزب النهضوي بالقوى الرجعية التي تخوض معركتها الأخيرة، كونها تعتاش على تفتت المجتمع وتغذية النعرات وتستغل جهود المنتجين. وهي تخشى الحزب لأنه يطالب بإنصاف العامل، ويجاهد لتحرير الشعب من المؤسسات العتيقة التي تستغله. وفي صراعه ذاك لا يتقاعس الحزب بالدفاع عن كل شبر من أراضي الأمة، إن في فلسطين حيث الهجمة الصهيونية الهمجية أو في الإسكندرون حيث المطامع التركية. وفي كل الأحوال لا تنازل عن الحق القومي بالأرض، فمنها نستمد مواردنا التي تبقينا أمة حية.

 

الرفيق حسن خريباني

 

يأتي خطاب الزعيم في صافيتا  بعد الخطاب المنهاجي الأول (1 حزيران 1935)  الذي أعلن للعالم ولادة النهضة السورية القومية الاجتماعية.  وتبعته خطابات مكملة من حيث التوجه العقائدي والمواجهة مع الرجعية، أبرزها: خطاب تلكلخ (1 حزيران 1937)، خطاب الشوف (19 كانون الثاني 1937) ، خطاب الكورة (صيف 1937).

 

إستعمل سعاده كلمة "عقد" و"تعاقدنا" للتأكيد على تعاقد القوميين مع زعيمهم. أما كلمة "تعاهدنا"  فهي موجهة إلى الشعب الذي عاهدناه  بأن نكون أمة حية مرتقية.

 

وبالنسبة إلى خطة الثلاث سنوات، فهذا التفكير رافق سعاده منذ اختمرت القضية القومية في وجدانه. وسبق أن أعلن في محاضرته بالنادي الفلسطيني سنة 1933: "أيها السادة، أنا العاجز أقول لكم إنه يمكننا في خلال خمس سنين إيقاف القضية الصهيونية عند حد تأخذ بعدها في التراجع عنه، وفي مدة عشر سنوات يمكننا إيقاف تقدم غيرنا على حسابنا وحساب وطننا عند حد لا يتعدونه يمتد على طول خط حدودنا القومية. هذا العمل يحتاج إلى مثال هو مثال العامل الثاني في حكاية قاسم أمين، أي إلى القيام بالواجب بدون ضجة ولا غوغاء، وبالاعتماد على النفس قبل كل شيء".

 

الرفيق عصام العزير

 

في مطلع الخطاب يؤكد حضرة الزعيم على طبيعة نشأة الحزب التعاقدية وما نتج عنها من تعهد لإنجاز المهمات الملقاة على عاتق القوميين. ويعلن أن الحزب انبثق من صميم الأمة ومن الذات السورية، ويعبر عن مصالح الشعب. وقد كانت المبادئ نتيجة لدراسة واقع الأمة: إننا لم نقم منادين بوجوب الاتحاد وضرورة الاتحاد، ولكننا درسنا أسباب الوحدة القومية في حاجات الشعب ومصالح الأمة وانتهينا إلى وضع مبادىء أساسية وإصلاحية تعطي الأمة حاجاتها وتؤسس مصالحها.

 

سعاده لم يقل باتحاد المصالح والإرادات، بل قال بالكل. ومصلحة الأمة ليست مجموع المصالح بل هي المصلحة الكل. وفي تحقيق مصلحة الأمة تتحقق مصلحة كل فرد منها: إن في مصلحة الأمة التي يعمل لها الحزب السوري القومي ضماناً لمصلحة كل عضو من أعضاء الدولة السورية القومية.

 

وإذا أسقطنا هذه النظرة على الواقع الحالي، ندرك حجم المآسي في واقع الأمة وكياناتها، حيث أن اتحاد مجموع المصالح والإرادات لا يشكل وحدة بل تحالف مصالح وإرادات مبعثرة متخاصمة سببت هذا التردي وفقدان السيادة وعدم القدرة على الإمساك بناصية تقرير المصير.

 

الرفيق حنا الشيتي

 

تمثل العلاقة بين المصلحة والإرادة الخاصة الأساسية التي تنفرد بها الفلسفة المدرحية عن كل الفلسفات الأخرى، من مادية أو روحية أو مادية - روحية. بل هي ما يخوِّلها أن تستحق بجدارة أن تكون الفلسفة المادية ـ الروحية الحق. والحقيقة أن مبدأ سعاده القائل بأن "الإرادة على قدر المصلحة، وكلّما كانت المصلحة أساسيّة دائمة كانت الإرادة كذلك"، وأنه "لا إرادة حيث لا مصلحة"، والمبني على حقيقة العلاقة بين المصلحة والإرادة، حيث أن المصلحة هي الجانب السلبي منها وهي ما يولد الإرادة؛ هو إثبات دامغ يدحض فيه سعاده بطلان مبدأ الماديين بأن "المادي لا يؤثر إلا بالمادي، والعقلي لا يؤثر إلا بالعقلي".  (Mental qua mental, and physical qua physical).  فقد يصرُّ الماديون على أن الإرادة هي شأنٌ ماديٌ لأنها وإن كانت تحدث في العقل، إلا أنها تبقى بالضرورة حركة فيزيائية أو تفاعلات كيميائية يفرزها الدماغ. لكن المصلحة بالمقابل هي شأن روحي - شعوري، أو شعوري - فكري بحت، وهي القطب الذي يولِّد الإرادة وبالتالي كل الأفعال المادية التي حققها ويحققها الإنسان في هذا الوجود.  ولذا يكون من الهام لنا أن نكوِّن فهماً واضحاً للأساس العلمي الذي يستند إليه سعاده في وضع هذا المبدأ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 
التاريخ: 2021-04-10
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro