يوحنا فم الذهب: عظيم سوري أضاء العالم المسيحي

 

عبد الرحيم، سعاده

 

حياته ونشأته:

 

ولد يوحنا فم الذهب (حوالي 347-407 م) في أنطاكية، عاصمة سورية الرومانية وأحد أهم مراكز العالم المسيحي آنذاك. نشأ في أسرة أرستقراطية سورية، حيث كان والده قائدًا عسكريًا رومانيًا. توفي والده مبكرًا، فربّته أمه أنثوسا التي ضحت كثيرًا من أجل تعليمه.

 

مسيرته وإنجازاته:

 

1- التعليم والتبحّر:

• درس الخطابة والفلسفة على يد ليبانيوس، أعظم خطيب في زمانه
• تتلمذ على يد ديديموس الضرير في الإسكندرية
• مارس المحاماة قبل أن يتجه إلى الحياة الرهبانية

 

2- الخدمة الكنسية:

 

• سيم كاهنًا في أنطاكية عام 386 م
• اشتهر بمواعظه البليغة التي جذبت الآلاف
• أصبح بطريرك القسطنطينية (398-404 م)، أعلى منصب في الشرق المسيحي

 

3- الإصلاحات الجريئة:

 

• هاجم الفساد في البلاط الإمبراطوري
• عارض ترف رجال الدين وانغماسهم في الملذات
• دعا إلى مساعدة الفقراء والعدالة الاجتماعية
• بيع ممتلكات الكنيسة الفاخرة لإطعام الجياع

 

ما خلّده التاريخ:

 

1. التراث الخطابي:

 

• سُمي "فم الذهب" (كريسوستوم) لبلاغته وفصاحته
• ترك أكثر من 700 عظة وكتابات لاهوتية عميقة
• مواعظه تجمع بين العمق اللاهوتي والواقع الاجتماعي

 

1. الاصلاح الاجتماعي:

 

• كان صوت الضمير في عصره
• دافع عن الفقراء والمهمشين
• هاجم الظلم الاجتماعي بجرأة نادرة

 

1. الوحدة الكنسية:

•  
• عمل على توحيد الكنيسة الشرقية
• أرسى أسس النظام الكنسي الشرقي
• كتب القداس الإلهي الذي لا يزال يستخدم حتى اليوم في الكنائس الأرثوذكسية
•  

1. الشهادة والنفي:

•  
• نفي مرتين بسبب صراعه مع السلطة
• توفي خلال نفيه عام 407 م
• أعلنته الكنيسة قديسًا وأحد معلميها الكبار

 

 

لماذا اعتبره سعاده من أعلام سورية العظام؟

 

1. النموذج الأخلاقي السوري:

 

• يمثل الضمير الحي الذي تميزت به الحضارة السورية
• يجسد الشجاعة الأدبية في مواجهة السلطة الفاسدة
• يظهر الالتزام الاجتماعي المتأصل في الشخصية السورية

 

1. الإرث الحضاري السوري:

 

• نتاج مدرسة أنطاكية الفكرية اللاهوتية السورية
• يمثل ذروة الخطابة السورية التي اشتهرت بها أنطاكية
• يجسد العبقرية السورية في الجمع بين الفكر والعمل

 

1. العالمية الجذّارة:

 

• مثل زينون، أثّر يوحنا فم الذهب في العالم كله
• نقل القيم السورية إلى قلب الإمبراطورية (القسطنطينية)
• بقي تأثيره عالميًا عبر الكنيسة العالمية

 

1. الثورة الإصلاحية:

 

• كما ثار زينون على التقليد الفلسفي، ثار يوحنا على التقليد الكنسي الفاسد
• كلاهما مثّلا روح الإصلاح السورية المتجددة

 

 

ماذا يستلهم السوريون منه اليوم؟

 

1. الشجاعة في قول الحق:

•  
• مواجهة الفساد والظلم بلا خوف
• الأولوية للأخلاق على المصالح

 

1. الالتزام بالعدالة الاجتماعية:

 

• الدفاع عن الفقراء والمهمشين
• رفض الترف في زمن الحاجة

 

1. الجمع بين الفكر والعمل:

•  
• بلاغة الخطاب مع ثبات الموقف
• العمق الفكري مع الالتزام العملي

 

1. الهوية العالمية:

•  
• الانتماء السوري مع التأثير العالمي
• الخصوصية الحضارية مع العالمية الإنسانية

 

الإصلاح الجذري:

 

- الشجاعة في تغيير الأنظمة الفاسدة

- الإصلاح من الداخل بلا مساومة

 

 

يوحنا فم الذهب في منظور سعادة القومي:

 

رآه سعاده نموذجًا للقائد السوري الذي:

 

- يحمل هموم أمته ويواجه تحدياتها

- يجسد القيم السورية الأصيلة في الصدق والشجاعة

- يؤثر في العالم من موقع القوة الأخلاقية

- يثبت عبقرية الأمة السورية في إنتاج الشخصيات العالمية

 

الخلاصة:

 

يوحنا فم الذهب ليس مجرد قديس كنسي، بل هو:

 

- ظاهرة حضارية سورية بامتياز

- رمز للضمير الحي في التاريخ

- جسر بين التراث السوري والعالم المسيحي

- نموذج يحتذى في الزهد والشجاعة والالتزام الاجتماعي

 

كما كتب سعاده عن زينون كـ"تلك الشرارات التي كانت تشعها سورية"، يمكننا أن نرى في يوحنا فم الذهب شرارة أخرى من شرارات العبقرية السورية التي أضاءت العالم بفكرها وشجاعتها وأخلاقها.

 

 

التاريخ: 2025-12-13