مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
الثقة: جوهرة النهضة ومحور البناء القومي
 
ملحم، ادمون
 

 

 

الثقة هي جوهرة من جواهر الفلسفة القومية الاجتماعية، وركيزة من ركائز الحياة القومية المثلى التي تسعى الحركة القومية الاجتماعية إلى تأسيسها. والفلسفة القومية الاجتماعية تشدِّد على مبدأ الثقة وتعتبره أساساً للمشروع الإنشائي العظيم: إشادة البناء القومي المُحصَّن وقيام الدولة القومية المعبِّرة عن إرادة الأمة والحريصة على تحقيق مصالحها الحيوية. يقول سعاده: "إن مبدأً أساسياً من مبادئ الحزب السوري القومي المناقبي هو مبدأ الثقة. فعلى أساس الثقة تقوم حركتنا وبالثقة نعمل."[1]

 

والثقة، في قاموس سعاده، هي تعريف مرادف لرابطة القومية الجامعة. يقول: "ليست القومية إلا ثقة القوم بأنفسهم واعتماد الأمة على نفسها."[2]  لذلك فإن الفلسفة القومية الاجتماعية تُحتِّم علينا أن نعتمد على أنفسنا وعلى قدراتنا، وأن نثق بمواهبنا وبجدارتنا بالحياة الراقية، و"أننا لو شئنا أن نفرّ من النجاح لما وجدنا لنا مفراً منه."[3] القومية، يقول سعاده، "هي روح الشعب وشعوره بشخصيته"[4] لذلك فإن تعاليمه تشدِّد علينا أن نثق بأصالتنا وبنفسيتنا الجميلة، وبما يختزن فيها من خير وجمال وإبداع، لأن "في النفس السورية كل علم وكل فلسفة وكل فن في العالم."[5] ومن هنا وجب أن ننتصر على الخمول والكسل والاتكالية، وأن نعود إلى الإيمان بذاتنا، بنفسيتنا الجميلة وخصائصها، وبقدرتنا على الخلق والإبداع.

 

ويقول لنا سعاده: "كونوا قوميين وثقوا بنفوسكم وحزبكم وقضيتكم."[6] كما يقول: "إن فيكم قوة لو فعلت لغيرت وجه التاريخ."[7]

 

وفي 19 كانون الثاني 1937 زار سعاده منطقة الشوف التي كان يجري فيها نزاع شديد بين الحركة القومية ونفوذ الإقطاعيين، وألقى خطاباً توجّه فيه إلى القوميين الاجتماعيين قائلاً:

 

لا تثقوا بوعود أحد من خارجكم. ان بحر السياسة مضطرب ولكن ثقوا بأنفسكم. ثقوا بأن عقولكم ليست عقولاً مريضة. ثقوا بأن قضيتكم هي قضية حياتكم. ثقوا بأنفسكم قبل كل شيء، واعتصموا بإرادتكم قبل كل شيء، ولا تهتز أعصابكم حين الخطر، لأن الخطر في اضطراب الأعصاب.[8]

 

والحق يقال، ان الثقة من أجمل الأخلاق وأشرفها. فهي "مصدر العزم والهمة والأعمال الجبارة"[9]، وهي شرط أساسي لنجاح الجماعات والمؤسسات وتقدم الأمم. وهذا الشرط يمنح نظام الهيئة الاجتماعية قوةً ومتانة ويقوّي وحدة الجماعة وتماسكها، ويدفع الأفراد المؤمنين إلى العطاء والتضحية في سبيل قضيتهم المشتركة. لذلك يقول سعاده: "إن الثقة بالنفس كانت ولا تزال وستظل العدّة التي لا يقوم شيء في العالم مقامها في حياة الأمم."[10] ومتى أصيبت الثقة بالضعف أو المرض أدّى ذلك إلى تضعضع الجماعة وتفكّكها. فبغياب الثقة يسيطر الشك، وتعمّ البلبلة، ويضعف الإيمان، وتغيب التضحية، وتتسلّط النزعات الفردية على حساب المصلحة العامة. والتضحية لا تُبذل بلا ثقة: ثقة الشعب بنفسه، وبقياداته، وبالقضية المقدسة التي يناضل لأجلها مقدّماً التضحيات الجسيمة. لذلك يعتبر سعاده أنّ "فقدان الثقة هو أعظم النكبات التي يمكن أن تحلّ بكيان أو نظام."[11]

 

ولأن الثقة هي حجر الأساس في عملية البناء القومي، بل هي لحمة البناء وطينه، فإن تعاليم سعاده تسعى إلى زرعها في النفوس، وتعزيزها، وتوفير كل مستلزماتها. وأهم هذه المستلزمات "الصراحة الكلية والجلاء التام"[12]، والعمل الدائم بالارتكاز على النظام الدقيق والمؤسسات "التي تحفظ وحدة الاتجاه ووحدة العمل."[13]

 

القومية الاجتماعية هي دعوة لتعزيز الثقة بالوضوح والجلاء والصراحة والقدوة والعمل المثمر.
فتعالوا نعزّز الثقة وروح العطاء من خلال التعمّق في التعاليم القومية الاجتماعية وأخلاقها، التي نجد فيها كل الحق والخير والجمال لأمتنا. فالنهوض الحقيقي لا يكون إلا "بالخروج من التفسّخ والتضارب والشك إلى الوضوح والجلاء والثقة واليقين، والإيمان والعمل بإرادة واضحة وعزيمة صادقة."[14] هذا هو معنى النهضة الحقيقي كما يحدّده سعاده العظيم.

 

تعالوا نعزّز الثقة بمواجهة حالات الميوعة والتفكّك والتفسّخ والفوضى والشك والفئوية والأنانية والسطحية والفساد، باللجوء إلى نظامنا الذي يحقق التوافق والتعاون و«يعطي الحزب وحدة عملية قوية وسريعة"[15]، والذي "لا بد منه لتكييف حياتنا القومية الجديدة ولصون نهضتنا العظيمة التي ستغيّر وجه التاريخ في الشرق الأدنى."[16]

 

تعالوا نعزّز الثقة بنثر بذور اليقين والإيمان والوجدان القومي، وبِتعميق الثقافة القومية الاجتماعية: ثقافة الواجب القومي، والوحدة الروحية، والإرادة الواحدة، وثقافة العطاء والتضحية والإخلاص، وثقافة الإصلاح والأمل والانتصار.

 

بالثقة وحدها نحقّق النجاح والنصر الذي لا مفرّ منه، ونبني حياة كريمة تليق بالشرفاء والأحرار. أمّا إذا غابت الثقة عن مجموعنا فلن نحقّق إلا الفشل والمآسي

 

 


[1] أنطون سعاده في مغتربه القسري 1939، الآثار الكاملة 6، ص 264-265.

[2] أنطون سعاده، المحاضرات العشر، ص 33.

[3] أنطون سعاده، الآثار الكاملة – الجزء الثالث 1937، ص 54.

[4] أنطون سعاده في مغتربه القسري 1942، الآثار الكاملة 10، ص 47.

[5] أنطون سعاده، المحاضرات العشر، ص 108.

[6] أنطون سعاده، الآثار الكاملة – الجزء الثالث 1937، ص 54.

[7] المرجع ذاته.

[8] المرجع ذاته، ص 19.

[9]  أنطون سعاده، الآثار الكاملة- مرحلة ما قبل التأسيس – الجزء الأول، "مبادىء أساسية في التربية القومية"، ص 233.

[10] أنطون سعاده، الآثار الكاملة- مرحلة ما قبل التأسيس – الجزء الأول، ص 233.

[11] أنطون سعاده في مغتربه القسري 1942، الآثار الكاملة 10، ص 60.

[12] أنطون سعاده في مغتربه القسري 1939، الآثار الكاملة 6، ص 265.

[13] سعاده في أول آذار، 1956، ص 48

[14] أنطون سعاده، المحاضرات العشر، ص 16.

[15] أنطون سعاده، الآثار الكاملة – الجزء الثاني 1932- 1936، ص 242.

[16] أنطون سعاده، المحاضرات العشر، ص 32.

 
التاريخ: 2025-12-03
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: Profile News، 3/12/2025
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2025 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro