مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
هل لـ"إسرائيل" الحق في الوجود؟
 
بشاره، عادل
 

 

 

بعد أربعة وسبعين عامًا على تأسيس الكيان الصهيوني في فلسطين، لا تزال شرعية هذا الكيان الغريب موضع تساؤل حتى في البلدان التي ساعدت على تأسيسه. والسبب في ذلك يعود بشكل أساسي الى أنه كلما زاد المرء دراسته للأسس التي قامت عليها دولة "إسرائيل" كلما اتضحت عدم شرعيتها. دعونا نناقش، ولو بصيغة مقتضبة، الأسس الثلاثة الرئيسية التي غالبًا ما يتم اعتمادها من قبل الصهاينة ومؤيديهم.

 

 

1. الوعد الإلهي

 

هناك، في المقام الأول، حجة أن "إسرائيل" لها الحق في الوجود لأن فلسطين هي الأرض التي وعد بها الله الشعب اليهودي. هذه الحجة التوراتية، التي رُوِجت ولا تزال تروَّج من قبل الصهاينة ومؤيديهم لتبرير إنشاء "إسرائيل"، هي حجة واهية لدرجة الهرطقة. العقول الساذجة فقط هي التي يمكن أن تأخذ هذه الحجة على محمل الجد. فإذا وضعنا جانباً الاعتراض على هذا المفهوم على أساس أن الدولة هي شأن سياسي، والوعد الإلهي هو شأن ديني روحي، وهذان شأنان لا علاقة لهما ببعضهما البعض، يمكننا أن نتفحص بإيجاز الأساس الذي تقوم عليه هذه الحجة كما يلي:

 

حدود الأرض التي من المفترض أن الله قد وعد بها إبراهيم ونسله موضحة في التكوين-15: " فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلًا: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ». إذا تم تطبيق هذه الحدود اليوم، فسيتطلب ذلك دمج أجزاء من مصر ولبنان والشام والأردن وفلسطين والعراق وحتى الكويت وأجزاء من المملكة العربية السعودية. هذا ليس غير عملي فحسب، بل هو أيضًا يتعارض مع كل القوانين الدولية المعمول بها. والمعلوم أن هناك خطأ فاضحاً يرتكبه الصهاينة في تفسير هذا الإصحاح. فاذا وافقنا على وجود ذلك الوعد كما هو منصوص عليه، فكيف نفسر قول الله لإبراهيم (الآية13)، فَقَالَ لأَبْرَامَ عن مصر: «اعْلَمْ يَقِينًا أَنَّ نَسْلَكَ سَيَكُونُ غَرِيبًا فِي أَرْضٍ لَيْسَتْ لَهُمْ». إذاً الله اعتبر أن اليهود سيكونون غرباء في مصر، ولم يقل إنها أرض موعودة لهم كما هو وارد في الآية 15. وما ينطبق على مصر ينطبق أيضا على العراق. فقد قيل في المزمور "عَلَى أَنْهَارِ بَابِلَ هُنَاكَ جَلَسْنَا، بَكَيْنَا أَيْضًا عِنْدَمَا تَذَكَّرْنَا صِهْيَوْنَ ... كَيْفَ نُرَنِّمُ تَرْنِيمَةَ ٱلرَّبِّ فِي أَرْضٍ غَرِيبَةٍ" (مز137: 1-4). إذاً العراق، التي يمر بها نهر الفرات، هي أرض غريبة وبالتالي ليست ضمن أرض الميعاد كما هو مذكور في الآية 15 من إصحاح التكوين.

 

علاوة على ذلك، فإن ذلك "الوعد"، حتى ولو فسرناه تفسيراً سياسياً، وليس روحياً، فإنه كان مشروطاً ويجب قراءته وفهمه في سياقه الصحيح. وهذا السياق توفره الآية التالية في شكل جملة شرطية: "فقال الله لإبراهيم: أما أنت فاحفظ عهدي، أنت ونسلك من بعدك للأجيال القادمة". اليوم، ليس لليهود حق إلهي في أرض الميعاد، حتى لو سلمنا بوجود ذلك الوعد، ذلك لأن إبراهيم ونسله قد نقضوا شرط الوعد مرارًا وتكرارًا. وبهذا الخصوص كتب جون بايبر:

 

"ليس للشعب الذي لا يحافظ على العهد حق إلهي في الاحتفاظ بأرض الميعاد. كل من المكانة المباركة للشعب، والحق المتميز في الأرض، مشروطان بحفاظ إسرائيل على العهد الذي قطعه الله معها ... إسرائيل، على العموم، اليوم ترفض مسيحها، يسوع المسيح، ابن الله. هذا هو ذروة نقض العهد مع الله."

 

 ما تعنيه فكرة أرض الميعاد، عمليًا، هو أن الحدود الحالية الغامضة لـ "إسرائيل" ليست سوى جزء بسيط من تلك التي قصدها الله للشعب اليهودي. وهذا هو السبب في أنه بعد ما يقرب من 70 عامًا منذ تأسيس "إسرائيل"، فشلت الحكومات المتعاقبة في إعلان ما تعتبره حدودًا إقليمية لها. والحقيقة أن "إسرائيل" هي الكيان الوحيد في العالم الذي لم يعترف بعد بحدوده.

 

ثم إن الصهاينة طالبوا بفلسطين زعما أنها ارض مستقلة عن سورية ومنفصلة عنها. وهنا نسأل: ألا يتناقض هذا الزعم مع جغرافية "ارض الميعاد" من النيل الى الفرات؟ أضف الى ذلك "انه بإجماع علماء "الكتاب المقدس" والمؤرخين، لا يوجد أدنى مسوغ جغرافي جيولوجي أو تاريخي اقتصادي لفصل فلسطين عن سورية ... إن سورية من جبال طوروس الى العريش هي قسم جغرافي طبيعي متصل مؤلفة من جبال ووديان تمر من الشمال الى الجنوب، فاذا جاز تقسيمها كان ذلك الى مقاطعات مستطيلة ـ مقاطعة الساحل ثم الجبال الغربية (جبال لبنان) ثم وادي الليطاني والأردن ثم الجبال الشرقية (لبنان الشرقي وجبال باشان الخ.) ثم البادية. وكل هذه المقاطعات تخترق سورية وفلسطين على السواء فلا حد طبيعي يفرق سورية عن فلسطين مطلقا ولم تكن فلسطين ابدأ كلها بيد اليهود إلا على زمن سليمان. فعلى زمن عزهم – زمن داود – كان ألد أعدائهم الفلسطينيون «الغلف» الذين دعيت ارض فلسطين باسمهم لا باسم بني إسرائيل."

 

إن حجة الوعد الإلهي يستند الى تاريخ زائف ومزيج من الأسطورة والتقاليد الشفوية والعادات القبلية. إن مفاهيمها عن "أرض الميعاد" "لشعب مختار" لا تتوافق تمامًا مع المعايير الأخلاقية المعاصرة فحسب، بل أيضًا مع المنظور الذي يرفض فكرة أن الله يختار شعبًا ليعبده على آخر.

 

 

2. وعد بلفور

 

هذا التعهد العلني من قبل بريطانيا في عام 1917 معلنا هدفها في إنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين، والذي جاء في شكل رسالة من وزير الخارجية البريطاني آنذاك، آرثر بلفور، موجهة إلى ليونيل والتر روتشيلد، أحد الشخصيات البارزة من الجالية اليهودية البريطانية، لا قيمة له سوى الورقة التي كتب عليها. انه من صُنع أجنبي إنكليزي لم يكن له حق التصرّف بفلسطين، وإهدائها إلى يهودي أجنبي ليس له الحق فيها. أو كما قال إدوارد سعيد ذات مرة، "صُنعت من قبل قوة أوروبية ... حول أرض غير أوروبية ... في تجاهل تام لوجود ورغبات الأغلبية الأصلية المقيمة في تلك المنطقة". لقد كان، في جوهره، وعد بأرض كان اليهود يشكلون اقل من 10٪ والسكان الأصليون فيها أكثر من 90٪.

 

في الواقع، لقد كان وعد بلفور واحدًا من ثلاثة وعود متضاربة في زمن الحرب قدمها البريطانيون. عندما صدر وعد بلفور كانت بريطانيا قد وعدت "العرب" بالفعل بالاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية في مراسلات حسين- مكماهون عام 1915. كما وعد البريطانيون الفرنسيين، في معاهدة منفصلة عُرفت باسم اتفاقية سايكس بيكو لعام 1916، بأن غالبية فلسطين ستكون تحت الإدارة الدولية، بينما سيتم تقسيم بقية المنطقة بين القوتين الاستعماريتين بعد الحرب. بعبارة أخرى، صدر وعد بلفور ليس لأن اليهود كانوا مؤهلين لفلسطين أو لأن إعطاء فلسطين لليهود سيكون حلاً "للمشكلة اليهودية" ولكن لأسباب سياسية بريطانية بحتة:

 

  • كانت السيطرة على فلسطين مصلحة إمبريالية إستراتيجية لإبقاء مصر وقناة السويس ضمن دائرة النفوذ البريطاني.
  •  
  • لحشد الدعم بين اليهود في الولايات المتحدة وروسيا على أمل أن يشجعوا حكوماتهم على البقاء في الحرب حتى النصر.
  •  
  • لتأمين الدعم المالي اليهودي في بريطانيا.
  •  
  • إفساد أية محاولة من قبل ألمانيا لكسب التأييد اليهودي بإصدار إعلان مماثل.
  •  
  • منح إنجلترا التفوق على فرنسا في أي خلاف بعد الحرب حول إدارة أراضي الشرق الأوسط.
  •  

لذلك، فإن وعد بلفور ليس له أساس سياسي أو قانوني بموجب القانون الدولي. إنه نتيجة حقبة استعمارية سعى خلالها الأوروبيون إلى إعادة تنظيم العالم وإنشاء دول على النحو الذي يرونه مناسبًا مع مصالحهم وطموحاتهم الاستعمارية. وبهذا الخصوص كتب لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني أيام إطلاق الوعد، في كتابه "الحقيقة حول معاهدات الصلح ما يلي: "... أنَّ أسباباً دبلوماسية وعسكرية حققت إجماع الوزراء حول موضوع الوعد، حتى السيد مونتاجي (وزير الهند الذي عارض الوعد بداية)، استسلم وقبِل بالتصريح بصفته ضرورة عسكرية".

 

والى جانب افتقاده لأي أساس سياسي أو قانوني، يمكن اعتبار الوعد غير شرعي للأسباب التالية:

 

1- لأنه مجرد تصريح وليس معاهدة، مما يجعله باطلاً وغير ملزم من وجهة نظر القانون الدولي.

 

2- لأن طرف "التعاقد" مع بريطانيا في الوعد هو شخص أو أشخاص وليس دولة، مما يجعله بتناقض تام مع مبدأ أن في انعقاد أية اتفاقية أو معاهدة دولية يجب أن يكون طرفي أو أطراف التعاقد من الدول أولاً ثم من الدول ذات السيادة ثانياً.

 

3- لأنه بتضمينه الباطني لفكرة إحلال شعب مكان شعب آخر يتعارض مع مشروعية موضوع التعاقد، أي الأخلاق العامة والعدالة الإنسانية.

 

تقول الحجة الصهيونية المضادة لهذا: "تم تشكيل الأساس القانوني لدولة إسرائيل عندما أدرجت عصبة الأمم في عام 1923 الإعلان في القانون الدولي، و [تم] قبوله لاحقًا من قبل الأمم المتحدة في عام 1947."

 

هنا لا بد من العودة الى توضيحات سعاده بهذا الخصوص: "إنّ هذا التصريح هو وعد يقيد بريطانية تجاه الصهيونيين، ولكنه يتعلق بمصير شعب ورد في المادة الثانية والعشرين من ميثاق الجمعية الأممية بشأنه أنه أحد الشعوب المستعيدة سيادتها من السلطنة العثمانية. وإيجاد توافق بينه وبين صك الانتداب الذي يجب أن يكون متفقاً في الأساس مع البند المذكور من ميثاق الجمعية الأممية، هو من أغرب الشعوذات السياسية في التاريخ الحديث." وعن قرارات الأمم المتحدة في عام 1947، فيقول: ”إن الأمة السورية هو وحدها صاحبة الحق الطبيعي والشرعي في فلسطين، وأنه ليس لغيرها أن يقول الكلمة الأولى والأخيرة في مصيرها. ليس لبريطانية أن تقرر مصير فلسطين، وليس لروسية أن تقرر مصير فلسطين، وليس لأميركانية أن تقرر مصير فلسطين، بل ليس لمصر ولا للعُربة أن تقرر مصير فلسطين. ليس من حق جمعية الأمم المتحدة كلها أن تفرض على الأمة السورية مقررات تنزع سيادة الأمة السورية عن وطنها أو حقها في أرضها."

 

ما يجعل وعد بلفور أكثر غموضا هو فكرة "الوطن القومي" التي أدخلت فيه. ليس فقط في ذلك الوقت لم يفهم أحد نطاق "الوطن القومي"، أو كيف كان مختلفًا عن الدولة، ولكن لم يكن له أساس قانوني أو واقعي على أي مستوى من مستويات السياسة الدولية. كان المفهوم نتاجًا للخيال الصهيوني البريطاني، وكان تحديده للأغلبية الفلسطينية على أنها "مجموعات غير يهودية" ضرب من ضروب العنصرية عكس في جوهره الشعار الصهيوني الشهير عن فلسطين على أنها "أرض بلا شعب من أجل شعب بلا أرض".

 

 

3. قرارات الأمم المتحدة

 

أخذ الصهاينة على عاتقهم محاولة الدفاع عن جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بتوجيه الاتهام بأن منتقديها يحاولون "نزع الشرعية" عما يسمى "الدولة اليهودية"، وبزعمهم أن لـ"إسرائيل" "الحق في الوجود" كسائر الأمم.  لكنهم مخطئون.

 

إن الإطار المناسب للنقاش هو الحق في تقرير المصير وليس الحق في الوجود. إن الادعاء بأن لـ"إسرائيل" "الحق في الوجود" يتم إجراؤه بشكل متكرر من أجل التعتيم على "حق تقرير المصير" بالتحديد. لذلك كان من الضروري للمدافعين عن "إسرائيل" أن يغيروا إطار النقاش لأنه، في إطار حق تقرير المصير، من الواضح أن "إسرائيل" هي التي ترفض حقوق الفلسطينيين وليس العكس.

 

الحق في تقرير المصير معترف به بموجب القانون الدولي. إنه حق مكفول صراحة، بموجب ميثاق الأمم المتحدة.

 

لا يتجلى الرفض الإسرائيلي لمبدأ "الحق في تقرير المصير" فقط في استمرار الاحتلال لفلسطين، بل أيضا في الرفض لحقوق الفلسطينيين في نفس الوسائل التي تم من خلالها إنشاء "إسرائيل".

 

هناك اعتقاد شائع بأن "إسرائيل" تأسست من خلال عملية سياسية مشروعة. هذا غير صحيح. ترتكز هذه الأسطورة على فكرة أن قرار "خطة التقسيم" الشهير الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة - القرار 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947 - قسم فلسطين بشكل قانوني أو منح السلطة القانونية للقيادة الصهيونية لإعلانها أحادي الجانب عن وجود "إسرائيل" في 14 مايو 1948.

 

في الواقع، في ذلك الإعلان بالذات، وهو الوثيقة التأسيسية لـ"إسرائيل"، اعتمدت القيادة الصهيونية على القرار 181 لمطالبتهم بالسلطة القانونية. لكن الحقيقة هي أن القرار 181 لم يقدم مثل هذا الشيء. ولم يكن للجمعية العامة سلطة تقسيم فلسطين ضد إرادة غالبية سكانها. ولم تدّع ذلك. على العكس من ذلك، أوصت الجمعية فقط بتقسيم فلسطين إلى دولتين منفصلتين يهودية وعربية، وهو ما يجب أن يتفق عليه كلا الشعبين ليكون له أي أثر قانوني. أحالت الجمعية الأمر إلى مجلس الأمن، حيث ماتت الخطة مع الاعتراف الصريح بأن الأمم المتحدة ليس لديها سلطة لتنفيذ أي تقسيم من هذا القبيل.

 

كثيرا ما يوصف إعلان الصهاينة الاحادي الجانب بأنه بمثابة "إعلان الاستقلال". لكنه لم يكن كذلك. إعلان الاستقلال يعني أن الشعب الذي يعلن استقلاله يتمتع بالسيادة على البلد الذي يرغب في ممارسة حقه في تقرير المصير فيه. لكن الصهاينة لم يكونوا يتمتعون بالسيادة على الأرض عند صدور القرار 181.

 

على العكس من ذلك، عندما أعلنوا عن وجود "إسرائيل"، كان اليهود يمتلكون أقل من 7٪ من أراضي فلسطين، وكان الفلسطينيين- وكانوا يشكلون أغلبية عددية- يملكون أراضي أكثر من اليهود في كل منطقة من فلسطين. على الرغم من الهجرة الجماعية، ظل اليهود أقلية تضم حوالي ثلث السكان.

 

حتى داخل الأراضي التي اقترحتها الأمم المتحدة للدولة اليهودية، عندما تم إحصاء السكان البدو، شكل الفلسطينيون أغلبية وكانوا يمتلكون أراضٍ أكثر من اليهود.

 

بمعنى آخر، لم يملك الصهاينة أي حق شرعي بالسيادة على الأراضي حتى التي حصلوا عليها في نهاية المطاف بواسطة الحرب. وغني عن القول إن الاستيلاء على الأراضي عن طريق الحرب محظور بموجب القانون الدولي. وبعد التأسيس بواسطة العنف استولى الصهاينة على معظم أراضي دولتهم من خلال التطهير العرقي لمعظم السكان الفلسطينيين، أكثر من 700000 شخص، من منازلهم في فلسطين، وتم محو مئات القرى الفلسطينية من الخريطة.

 

لذلك عندما يدعي الصهاينة أن لإسرائيل "الحق في الوجود"، فإن ما يقولونه حقًا هو أن الصهاينة لديهم "الحق" في التطهير العرقي لفلسطين من أجل إقامة "دولتهم اليهودية". ومرة أخرى، بموجب القانون الدولي، يعتبر التطهير العرقي جريمة ضد الإنسانية.

 

هذا يعني أن الإعلان الأحادي الجانب من قبل الصهاينة في 14 مايو 1948، ليس له أية شرعية. ومن الواجب معرفة أن جريمة التطهير العرقي لا يمكن تبريرها أو إضفاء الشرعية عليها.

 

عندما يتم توجيه تهمة "نزع الشرعية" إلى منتقدي "إسرائيل"، فإن ما يحدث بالفعل هو أن المدافعين عن "إسرائيل" هم الذين يحاولون نزع الشرعية عن حق الفلسطينيين في تقرير المصير، إلى جانب حق لاجئي الحرب المعترف بهم دوليًا في العودة إلى وطنهم.

 

بغض النظر عن عدم شرعية الوسائل التي اتبعت لإقامة "دولة إسرائيل" فهي موجودة فعليا ككيان. هذا هو الواقع الراهن. ومع ذلك، فإن مطالبة الكيان الصهيوني للفلسطينيين بالاعتراف بـ "حقه" ليس فقط في الوجود، بل في الوجود "كدولة يهودية" هو ببساطة مطالبة الفلسطينيين بالتنازل عن حقوقهم والموافقة على شرعية إعلان الصهاينة الأحادي الجانب وعلى التطهير العرقي لفلسطين. مشكلة الصهاينة هي أن ممارسة الفلسطينيين لحقوقهم تعني نهاية وجود الكيان الصهيوني كـ "دولة يهودية".

 

 

كلمة أخيرة

 

هل لـ"إسرائيل" الحق في الوجود؟ وما الخطأ في إنهاء كيان عنصري في الأساس ينتهك على الدوام القانون الدولي والحقوق الإنسانية والقومية المعترف بها؟

 

الجواب على السؤال الأول هو: "نعم" عند الأكثر جهلًا وتضليلًا. والجواب على السؤال الثاني واضح لأي شخص يتسم بالصدق والنزاهة الأخلاقية: ليس من الخطأ في شيء.

 

لذلك، على الذين يقومون بدور نشط في السعي لتحقيق السلام والعدالة، أن يركزوا جهودهم لتحقيق هذه الغاية بالذات – أي إنهاء الكيان العنصري في فلسطين. وهذا يبدأ باكتساب فهم صحيح للطبيعة الحقيقية للنزاع والمساعدة في فتح أعين كل من يتمتع بالنزاهة، وتنوير الذين خدعوا بالأكاذيب والدعاية التي كرست العنف والظلم لفترة طويلة.

 

ليس للكيان الصهيوني الحق في الوجود ولن ينال هذا الحق أبدا. الخطأ خطأ وعدم الرجوع عن الخطأ هو خطأ أكبر.

 

___________

* الدكتور عادل بشاره كاتب ومحلل في الفكر القومي الاجتماعي. له العديد من المؤلفات باللغتين العربية والإنكليزية.

 

 

 

نشر هذا المقال في العدد الثاني من نشرة الندوة

 

 

 
التاريخ: 2022-11-16
 
شارك هذه المقالة عبر:
 
المصدر: الندوة - نشرة الكترونية للندوة الثقافية المركزية، الثاني - 16 تشرين الثاني 2022
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro