مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
​قطعت الأرجنتين علاقاتها مع ألمانية واليابان
 
 
 
الزوبعة، بوينس آيرس، العدد 72، 1/2/1944
 

في السادس والعشرين من شهر يناير/كانون الثاني الـماضي صدر مرسوم من رئاسة الـجمهورية الأرجنتينية يقضي بقطع العلاقات مع ألـمانية واليابان. والـمرسوم يستند في حكمه هذا إلى «حصول البراهين الكافية على وجود شبكة جاسوسية كبيرة في الأرجنتين ضد مصلحة أقطار ذات أواصر وثيقة مع الـجمهورية الأرجنتينية وهي حركات تخرق حرمة سيادة الأمة وتعارض سياسة الـحكومة الـخارجية وتخالف سلامة القارة.»


ما كاد يذاع هذا الـخبر في الـخارج حتى تواردت برقيات التهنئة من الدول الأميركية التي هي كلها إمَّا في حالة حرب أو في حالة قطع علاقات مع الـمحور الألـماني - الياباني الذي حل محل الـمحور الألـماني - الإيطالي بعد تـمزق الوحدة الإيطالية. وجميع الأمـم غير الأميركية الـموجودة في حالة حرب مع ألـمانية واليابان أو مع إحداهما أبدت سرورها.
الـحادث له خطورته نظراً لأهمية الدور الذي يـمكن الأرجنتين أن تلعبه في السياسة الأميركية. وفضلاً عن ذلك فالأرجنتين كانت إحدى الدول القلائل التي احتفظت حتى الآن بحياد تام في هذه الـحرب، وكان حيادها مثارة لتكهنات وتقديرات كثيرة في سير الـحرب إلى منتهاها، وفي الـحالة الإنترناسيونية التي ستعقب الـحرب.


إنّ عدم اتخاذ بعض الأمـم ذات الـمواقع الهامّة في خريطة العالم موقفاً انحيازياً صريحاً إلى أحد الفريقين الـمتحاربين، كان ولا يزال من النقاط الغامضة التي يـمكن أن تهدد مجرى الـحرب بتحول فجائي من اتـجاه إلى اتـجاه. من هذه الأمـم إسبانية وتركية والبرتغال فإن الدور الذي يمكن أن تلعبه كل واحدة من هذه الأمـم بانحيازها في وقت من الأوقات إلى أحد الفريقين يحتمل أن يكون ذا نتائج فاصلة. ومجرّد التساهل من بعض هذه الدول يـمكن أن يكون ذا تأثير في مجرى الـحرب كتساهل البرتغال تـجاه مطاليب بريطانية وسماحها لها باستعمال أوزاعها البحرية في جزائر أصور أو أزور وإنشاء مطارات فيها، فكان لهذا التساهل تأثير كبير في مجرى الـحرب البحرية، لأنه مكّن البريطانيين من استخدام عصابات الطيارات الـمستكشفة لاكتشاف مسالك الغواصات الألـمانية ومهاجمتها. وإذا تصورنا إمكان دخول إسبانية الـحرب ضد الأمـم الـمتحدة أو الـمحور البريطاني - الأميركاني فأي انقلاب يـمكن أن يُحدث هذا الانحياز في وضعية الـجبهة الـحربية في الـمتوسط والأطلسي؟ وإذا دخلت تركية الـحرب في جانب الاتـحاد البريطاني - الأميركاني فأي ضغط يـمكن أن يجري على الألـمان في البلقان؟


ثم هنالك مسألة أخرى هي مسألة زوال الشكوك وتوكيد الثقة. فإن بقاء بعض الأمـم على الـحياد يقلل الثقة ويثير شكوكاً في جماعات كثيرة. فإن هذه الـجماعات تأخذ تسأل: إذا كان الـحق في هذا الـجانب فلماذا لا تكون فيه هذه الدولة أو تلك؟ وفي حالة كحالة الأقطار الأميركية تأخذ الـمسألة شكل قضية إجماع أو عدم إجماع، وهي قضية غير قليلة الأهمية في الشؤون الإنترناسيونية، خصوصاً في الـمدى البعيد.


من هذه الناحية تظهر خطورة موقف الأرجنتين. فمع أنّ هذه البلاد كانت أقرب، في موقفها ومعاملاتها، إلى جبهة الأمـم الـمتحدة فإن عدم انحيازها النهائي كان يثير هذه الـمسألة - مسألة الإجماع أو عدم الإجماع. هي مسألة هامة جداً لسياسة أميركانية في الدرجة الأولى. ولذلك كان اهتمام الأميركان بـموقف الأرجنتين وحياد الأرجنتين يزيد مع طول الوقت وامتداد أجل الـحرب.
ومن البديهي أنّ قطع الدولة الأرجنتينية علاقاتها الدبلوماسية مع ألـمانية واليابان بسبب الأمور التي رأت الـحكومة أنها موجبة لذلك، قد وضع حداً لاستمرار التساؤل والاستفهام عن موقف الأرجنتين الـحيادي. وهذا الـحادث يزيد من الوجهة الـمعنوية، على الأقل، قوة جانب الأمـم الـمتحدة ويعزز جبهتها.


وواضح من كيفية قطع الـجمهورية الفضّية علاقاتها الدبلوماسية مع ألـمانية واليابان أنّ هذا الـحادث جرى ضمن متطلبات مبدأ السيادة، أي أنه وقع بـمطلق حرية الـحكومة الأرجنتينية في تقدير الأسباب الـموجبة وليس بعامل الـمجاراة.


إنّ اتخاذ الأرجنتين موقفاً أنهى حالة الـحياد التام، للأسباب الـموضحة فوق، يحل للمراقبين السياسيين الـخارجيين مسألة من الـمسائل التي تشغل عقولهم. وتبقي لهم مسائل تركية وإسبانية والبرتغال، ولعل مسألة موقف البرتغال لم تعد شاغلاً للمراقبين، خصوصاً من الأمـم الـمتحدة. وأهم مسألة اليوم للأمـم الـمتحدة هي مسألة موقف إسبانية. ولعل الزوبعة كانت أول صحيفة في العالم، أو من أولها على الأقل، أشارت إلى ما يـمكن أن تتعرض له إسبانية من اقتراب القوات البريطانية - الأميركانية منها.
إنّ قطع الأرجنتين علاقاتها مع ألـمانية واليابان لا يعني أنها دخلت الـحرب، أو صارت في حالة حرب مع هاتين الأمتين، ومع ذلك فهو ذو تأثير كبير يزيد في معنويات الأمـم الـمتحدة ويقلل من معنويات الـمحور الألـماني - الياباني.


هاني بعل

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro