مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
الـمـروق من القضيـة القوميـة الاجتماعيـة «إستقـلال لبنـان وانتهـاء غايـة الـحـزب السـوري القـومي الاجتمـاعي»
 
 
 
الزوبعة، بوينس آيرس، العدد 82، 4/11/1944
 

دخلت بعض الـجماعات السورية النائية في هذه البلاد فكرة غريبة حملتها رؤوس لم تعرف قط معنى الـمسؤولية الصحيح، ولم تقدر قط أن تستوعب معنى القضية القومية الكبرى، وإن تكن قد زجّت نفسها بين رؤوس الـمقبلين على هذه القضية الـمقسمين الأيـْمان على جعلها «إيـماناً لهم ولعائلاتهم وشعاراً لبيوتهم»، نعني فكرة «أنّ لبنان قد استقل وبذلك انتهت قضية الـحزب السوري القومي الاجتماعي» التي لا يستغرب أن يحملها الذين لم يعرفوا مبادىء النهضة السورية القومية الاجتماعية، ويستغرب أن يُقبل عليها أفراد كانوا لعهد قريب يعدّون بين الرفقاء.


الـجماعة التي نعنيها هي جماعة النازلين في بلدة «لبندا» من ولاية سانتياغو دل أستيرو والذين كانوا يعدّون بين الرفقاء فيها هم الـمارقون الذين، لغاية لا شك في أنها غير شريفة، أرسلوا إلى الصحف السورية في هذه الـمدينة يطلبون منها إذاعة اعتمادهم الـحنث بأيـْمانهم وخيانة القضية السورية القومية الإصلاحية التي أخرجتهم من زوايا خمولهم، وأقسموا يـمين العمل لها بإخلاص. وأسماء الـمارقين الـخائنين الـمشار إليهم هي:


فوزي خزامي، ديب جرجس عبود، إيليا ملحم، نبيه خزامي، فؤاد خزامي، وهبة خزامي، أمين حنا خزامي، أمين جرجس خزامي، نـجيب طالب...
أما منشورهم الذي نشرته لهم الـجريدة السورية اللبنانية والسلام والاتـحاد اللبناني فنصه كما يلي:


لابندا، 15 أيلول 1944
حضرة مدير جريدة...
نرجوك أن تعلن على صفحات جريدتكم الزاهرة ما يلي... إننا نحن الـموقعين أسماءنا أدناه: فوزي خزامي، ديب جرجس عبود، إيلياس ملحم، نبيه خزامي، سعيد خزامي، فؤاد خزامي، وهبة خزامي، أمين حنا خزامي، أمين جرجس خزامي، نـجيب طالب... جميعنا لبنانيون قاطنون حالياً بلدة لابندا ولاية سنتياغو دل أستيرو من أعمال الـجمهورية الفضية. نظراً لنوال وطننا الـمحبوب لبنان على استقـلالـه التام واعتراف حكومات دول التحالف العظيمة إنكلترا وروسيا والولايات الـمتحدة به. وبـما أنّ هذا الاعتراف على ما نعلم ونعتقد هو نهائي ورسمي، ونظراً لصيرورة وطننا والـحالة هذه دولة حرة مستقلة، وبـما أنّ جلّ أمنياتنا ومنتهى أمانينا هو الشعور بوجود هذا الوطن ونفع أبنائه قاطن ومهاجر، ولاعتقادنا بأن أعمال ومرامي الـحزب السوري القومي انتهت عند هذا الـحد، قررنا انسحابنا النهائي من صفوف هذا الـحزب وعدم تعلقنا البتّة بشؤونه وأعماله، هذا وتفضل يا حضرة الـمدير بقبول احترامنا...»


نقول إنه لا شك في أنّ غاية أصحاب الـمنشور الشائن، الذي أثبتنا نصه فوق، هي غير شريفة لأسباب راهنة أهمها: أولاً، إنّ أولئك الـخاملين لم تكن لهم مواقف سياسية أو اجتماعية، ولا سبق لهم الاهتمام بإذاعة «مواقف» لهم لها علاقة بالشؤون القومية أو السياسية أو الاجتماعية، ولا من الذين أذاعوا خبر انضمامهم «الـخطير» إلى الـحزب السوري القومي ذي العمل الإصلاحي الاجتماعي. ثانياً، إنّ مسألة انتهاء قضية الـحزب السوري القومي الاجتماعي أو عدم انتهائها لها عشرات ألوف، بل مئات ألوف، من أصحاب العقيدة السورية القومية الإصلاحية، ورأي عام لهذه الـجماعة العظيمة لا يـمكن لأفراد شريفي القصد اندمجوا في هذه الـجماعة إهمالها وإهمال رأيها في «تقرير» تلك الـمسألة. ثالثاً، إنّ اهتمام أصحاب منشور الـخيانة الـمذكورين بإعلان «موقفهم»الـمروقي في الصحف مع أنهم لم يلجأوا إلى مثل هذه الـخطة حين انضموا إلى الـحزب السوري القومي، وأنهم لم يكونوا قط من أصحاب «الـمواقف» يدل دلالة صريحة على غاية لا علاقة لها بالعقيدة أو القضية القومية وغايتها وشكلها، ونص منشورهم يدل على أنهم فئة فقيرة الفكر والشعور، وعاجزة الفهم للأعمال والـمرامي القومية والسياسية والاجتماعية.


في الكتاب الـمروقي الذي أرسله تسعة من أصحاب الأسماء الـمذكورة إلى الزعيم ليعلنوا له خيانتهم قالوا «وبـما أنّ استقلال لبنان هو كل مطلوبنا نعلن لكم عدم تعلقنا في كل ما يخص الـحزب». فإذا كان «استقلال لبنان» هو «كل مطلوب» تلك الفئة الـمارقة فلماذا دخلت الـحزب السوري القومي وكانت في عداد أعضائه؟ هل كان ذلك من قبيل الـمكر والـخداع أو من قبيل الـخيانة لغاية «استقلال لبنان»؟ فإذا كان من باب الـمكر والـخداع فأية قيمة ثابتة لـما تعلنه فئة ماكرة خادعة؟ وإذا كان من قبيل الـخيانة للبنان فالـخائنون أولاً قد صاروا خائنين ثانياً، صارت خيانتهم مضاعفة. ومن أدعى أمور هذا الـجيل الـمنحط إلى الدهشة إسراع الـخائنين إلى الـمباهاة بخيانتهم وجهلهم بلا أقل شعور بالـخجل والعار!


الـحقيقة أنّ جميع الأدلة والبراهين تثبت خيانة الأشخاص أصحاب منشور «الانسحاب من الـحزب السوري القومي». فللحزب السوري القومي يـمين يحلفها كل طالب الانضمام إلى صفوفه، وهذه اليمين تنص على كمال مبادىء الـحزب وغايته وعلى الإخلاص لهذه الـمبادىء وهذه الغاية. والـمبادىء والغاية واضحة كل الوضوح ومطبوعة ومنشورة في كراريس وصحف عديدة. والذين يحلفون يـمين الـحزب وفي نفوسهم الاستعداد لـمخالفتها والانقلاب عليها هم خائنون أولاً، والـخائنون أولاً لا يـمكن إلا أن يكونوا خائنين آخراً، وليس للخائنين من آخرة غير الذل.
وإنّ إدارة هذه الـجريدة مرخّص لها من قِبَل ذوي صلاحية في الـحزب السوري القومي إذاعة طرد أصحاب منشور الـمروق والـخيانة استناداً إلى اعتراف أصحاب الـمنشور بخيانتهم وتلاعبهم بالعقائد والقضايا الـمقدسة وإلى أنّ عضوية الـحزب السوري القومي، خلافاً لـجميع عضويات الـجمعيات والأحزاب الـمائعة الـمبادىء والـمناقب، هي عضوية مؤسسة، من الوجهة الـحقوقية، على مبدأ التعاقد الذي لا يـملك حلّه إلا الـمنظمة ذاتها في هيئاتها القانونية، ونص دستور الـحزب لا يدع مجالاً للالتباس من هذه الوجهة.


والراجح من تعمّد أصحاب الـمنشور الـمذكور إحداث ضجة استغلالية حول انقلابهم على أيْـمانهم، أنهم يفعلون ذلك إما بدافع حب الظهور بطريقة من الطرق مهما كانت سافلة، أو بعامل التودد والتزلف إلى أصحاب الـحكم الـحاليين في لبنان، أو بقصد الطعن الـمجاني في الـحزب السوري القومي الذي بذل في سبيل تنويرهم وتنظيمهم مجهوداً لم يستحقوه.
ولا يفلح القوم الـمنافقون ومهما يكن من أمر مروق أصحاب الـمنشور الذي ذكرناه، فلا بأس من تناول الـحجج الواهية التي اتخذوها ستاراً لفعل الـخيانة الذي ارتكبوه، وهي الـحجج الـمتعلقة «باستقلال لبنان» وقضية الـحزب السوري القومي الإصلاحي الاجتماعي.


لا نريد أن نـجادل أولئك «الراجحي العقول» في أمر «استقلال» لبنان، وهل هو صحيح أو وهمي، وهل هو لفائدة الأمة السورية الـموحدة الـمصير، التي لا يخرج لبنان عن أن يكون جزءاً منها، أو لفائدة أهل لبنان خاصة دون جميع السوريين، بل نفترض أنّ استقلال لبنان صحيح، كامل الشروط السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأنّ أهل لبنان سينعمون به، خصوصاً وأنّ روسية السوفييتية قد اعترفت به وأعلنت مثل هذا الاعتراف أميركانية وبريطانية!!


نفترض كل ذلك ونفترض أننا لا نرضى لأنفسنا إلا ما ترضاه لنا روسية أو «الدول الـمتحدة»، ولكن ما لا نـجد منطقاً يسوغ قبوله هو أنّ «استقلال لبنان» يلغي القضية السورية القومية الاجتماعية التي تعني، بنص صريح ومبادىء راسخة، توحيد سورية اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وشق طريق الـحياة الـمثلى لشعبها!


إننا لا نـجادل أحداً أراد أن ينبذ اليوم مبادىء اعتنقها بالأمس، ولا نناقش من لا يعرف فرقاً بين مسألة «استقلال لبنان» وقضية حياة الأمة السورية ووحدتها ورقيها، لأننا نعرف أنّ الـمدارك والـمواهب حظوظ، وأنّ الأخلاق قضية ليس هنا مجال بحثها. ولكن لا نظامنا يقبل ولا عقولنا تستسيغ أن يكون انقلاب نفر أو رهط من العاجزين عن حمل رسالة عظيمة كرسالة الـحزب السوري القومي الاجتماعي على العقيدة السورية القومية الاجتماعية ومبادئها وغايتها الكبرى «انتهاء لقضية الـحزب السوري القومي الاجتماعي».


إنّ قضية الـحزب السوري القومي الاجتماعي هي من أعظم القضايا القومية وأوضحها في العالم طراً. هي قضية لم يكن قبلها مثلها ولا ما يقاربها في كمال الغاية ورسوخ الأصول، لا في سورية ولا في أي قطر من أقطار العالم العربي ولا في الشرق الأدنى كله. هذه القضية الكلية لم تقل إنها «لبنانية» ولا إنّ غايتها إظهار شيء يسمى «استقلال لبنان»، بل قالت إنها سورية أولاً وآخراً وإنها لا تعترف بأية تسوية لا تكون وليدة إرادة الأمة السورية الـموحدة في مبادىء قضيتها القومية. فالقول إنّ قضية الـحركة السورية القومية الاجتماعية قد «انتهت باستقلال لبنان» على فرض أنّ مهزلة انفصال لبنان الـمحزنة يصح أن تسمى استقلالاً، لا يـمكن أن تقبله نفسية صحيحة غير مريضة البصيرة.
وإنّ الذين يجدون في ذاك النغم الذي تعلنه أبواق سخّرت ذاتها غير مرّة لغير الغاية الأخيرة التي يريدونها، لن يجدوا منا أية محاولة لتعكير اطمئنانهم إلى غايتهم.

 

فليهنأوا ولينعموا بها. ولكن لا يتوهموا أنّ أحداً من السوريين القوميين الاجتماعيين يقبل ذاك القول الباطل. إنّ غاية الـحركة السورية القومية الاجتماعية تنتهي باعتراف «دول التحالف العظيمة باستقلال لبنان» أو بإرسال بعض الدول ذات الـمصلحة منتدبين سياسيين إلى بيروت.


إنّ جماعة تعلن أنّ قضيتها القومية تنتهي عند ذاك الـحد هي جماعة لا تستحق أكثر من ذلك، وتبرهن على أن لا أهلية لها لغير ذاك «الاستقلال» الذي لا يُضحِك إلا لأنه من شر البلية.


لا يستحـق قوم إلا ما رضـوا لأنفسهـم والسـوريـون القوميـون الاجتماعيون لا يرضون بأقل مـما نصّت عليه غاية حزبهم وما اشتملت عليه مبادئهم الأساسية والإصلاحية، وهم لا يطلبون ولا يتوقعون أن تكون كل النفوس عظيمة كنفوسهم، ولا أن يكون كل إيـمان كإيـمانهم، ولا أن تـحمل نفوس غير نفوسهم أحمالهم.
إنّ الذين يجعلون قضيتهم قضية صدف ومجرى حوادث ونتائج آتية عفواً، ويؤمنون بأن الأمر الناتـج هو خير الأمور، هؤلاء لهم طريق غير طريقنا، وغاية غير غايتنا فليذهبوا في طريقهم بسلام إلى الغاية التي قنعوا بها، ولكننا نرجوهم أن لا يظنوا أنهم يقدرون على أن يعيّنوا لنا غايتنا أو يحددوها بـما حددوا به غايتهم.


لا يستحـق قـوم إلا ما رضـوا لأنفسهـم وإننا، نحن السـوريين القـوميين الإصلاحيين، لقوم نفضّل أن نسقط قبل بلوغ ذروة غايتنا السامية، على أن تكون غايتنا القناعة بـما هو حاصل.


إننا قوم لنا وعي قومي صحيح، وإرادة قومية قوية، وإيـمان يزول الكون ولا يزول، ولنا أخلاق لا تفشل وحقيقة لا تنقلب لأي برق خلَّب!
أما الذين يريدون قضية تأتي بها الصدف واستقلالاً تطبخه فرنسة أو إنكلترة أو روسية أو أميركانية أو ألـمانية أو إيطالية فأفراد لا يستحقون شرف عضوية الـحزب السوري القومي، ووجودهم في الـحزب يجعلهم عالة عليه وخميرة إفساد لروح نهضته. إنّ أفراداً من هذا النوع خروجهم من الـحزب واجب سواء أكان خروجهم بالانسحاب الـحامل طابع الـخيانة أم بالطرد.


وبهذه الـمناسبة لا يسعنا إلا ترديدنا ما ورد في بعض خطب الزعيم في توكومان: إننا لا نحزن لفقد غير ذوي الأخلاق والـمناقب السامية والإيـمان الـحي ولا نفرح لوجودهم!

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro