مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
النزالة السورية تجاه حوادث الوطن المحزنة
 
 
 
الزوبعة، بوينس آيرس، العدد 85، 10/8/1945
 

فاجأت حوادث الوطن الأخيرة التي أصبحت في علم العموم، النزالة السورية كما كنا نعلم أنها ستفاجئها، أي أنها باغتتها وهي في انقساماتها الصغيرة وحزبياتها الشخصية الـحقيرة، وفي نومها على وعود الدول الأجنبية واطمئنانها إلى ما تقرره الإرادات الأجنبية، وفي غفلتها عن الواجب القومي وفي غرقها في الـمسائل التجارية والأسباب الـمادية.


ولكن هذه الـمفاجأة كانت شبه صفعة شديدة أصابت وجه النزالة، ونعتقد اعتقاداً راسخاً أنها أصابت جميع النزالات السورية في جميع أقطار أميركة، فآلـمتها وأيقظتها فذعرت لها ذعر الـمتضعضعة أموره الفاقد زمام أموره. وكان الـموقف يتطلب رد فعل عام وجواباً صريحاً، ولكن النزالة الـمفسخة لم تكن في حالة تـمكنها من إتيان رد الفعل اللازم وإعطاء الـجواب العمومي السريع الصريح الـمطلوب.


تـجاه هذه الـمباغتة الـمؤلـمة حدثت انعكاسات أولية هي أيضاً، في ذاتها مؤلـمة مضحكة، وشر البلية ما يضحك!
في الـحال برزت الصحف ذات السوابق تُنصِّب نفسها مراجع للأعمال والاتـجاهات، طالبة من النزالة، كما كانت تطلب من قبل، التبرع بالـمال وإرساله إلى إدارتها هي، لكي ترسله هي إلى الهيئات التي تختارها أو إلى الـحكومتين الشامية واللبنانية فتكسب ثناءهما ومنزلة عندهما، أو إلى حيث ذهبت أموال سابقة لم تشرف عليها مؤسسات قائمة على أساس الـمسؤولية ولا تسلمتها مؤسسات مسؤولة.


وفي الـحال تـحركت الـجمعيات الـمائتة في بوينُس آيرس والداخلية التي تنتظر مثل هذه الأحداث لتثبت وجودها وكل واحدة منها تريد أن تدعو وأن توجه الناس بطرق فرضية واستبدادية بحتة.
وفي الـحال برز عدد من الأشخاص الانتهازيين الذين شأنهم استغلال الـمواقف الشبيهة بالـموقف الـحاضر للإعلان عن أنفسهم وغيرتهم ووطنيتهم التي لم تقدر أن تبرز في عمل منظم أو مسؤول.


وقد حدثت الـمباغتة ونادي «شرف ووطن» الـمشهور أمره يتأهب ليدعو البعثة الفرنسية الثقافية الـموجودة في بوينُس آيرس إلى عشاء مرسحي يشبه الولائم الكثيرة التي أقيمت وتقام في النادي الـمذكور بسبب وبغير سبب عمومي، لتوسيع نطاق علاقات أصحابه الشخصية على حساب إسم النزالة. والبعثة الإكليريكية الـمارونية كانت، على ما بلغنا، تتأهب لتحذو حذو نادي «شرف ووطن» أو لتسبقه إلى الاحتفاء بالبعثة الثقافية الفرنسية والإشادة «بالصداقة التاريخية» الـمشؤومة مع فرنسة. وبعد لأْيٍ توقف النادي الـمذكور عن تـحقيق الليلة الـمرسحية وتوقفت البعثة الإكليريكية الـمارونية عن مثل ذلك.


لم يطل الوقت حتى وردت أخبار من مدن الداخلية عن تـحرك جمعيات وأشخاص للتظاهر وجمع الـمال مدفوعة بدافع طلب الشهرة أكثر مـما بدافع الغيرة الـحقيقية على حالة الأمة وصراعها الأخير مع القوات الفرنسية.


ولعل ما حدث في توكومان ووصلت إلينا أخباره بالتناقل كان من أقوى أدلة فشل النزالة وتضعضعها تـجاه العوامل التي هزتها. فقد صدرت جرائد تلك الـمدينة الأرجنتينية في أول يونيو/حزيران حاملة خبرين متناقضين الواحد في جريدة الغازيته وهي أهم صحيفة في شمال الأرجنتين، مفاده أنّ الـمتاجر الشامية واللبنانية ستقفل نصف نهار في ذلك اليوم احتجاجـاً على تدابير فرنسـة الـجـائرة. والثـاني في جريـدة لا أنيون الراديكالية، التي عادت مؤخراً إلى الصدور بعد احتجابها، وفي غيرها وهو إعلان من قِبَل «الـجمعية السورية اللبنانية» يوجه دعوة إلى التجار الشاميين واللبنانيين ليقفلوا محلاتهم في اليوم التالي! وقد أصدرت تلك الـجمعية إعلانها من غير دعوة نظامية لتقرير الـخطة، الأمر الذي أدى إلى استياء بعض أعضائها الـمقدمين!


وسط هذه الفوضى تـحركت الفئات السورية القومية الاجتماعية النظامية لتحاول الـمحاولة الوحيدة لـجمع كلمة النزالة على موقف واحد. وكانت مديرية فرقمينة أولى فئات الـحركة السورية القومية الاجتماعية في التحرك، فاتصل مديرها الرفيق محمد حسن تلفونياً بالزعيم وأظهر له استعـداد الرفقـاء للقيـام بكل عمـل يشيـر به الزعيم، ويستأذن في إعلان احتجاج على تعديات فرنسـة الدمويـة في وطننـا، فأذن الزعيم وأشار على الـمدير بالاتصال بـمنفذية بوينُس آيرس للقيام بكل عمل مشترك أو عام.


وتـحركـت العناصـر القوميـة الاجتمـاعيـة في مدينة كوردبة للعمل الـموحد الـمجهود في تلك الـمدينة ونتج عن تفاعلها مع بقية الفئات السورية التي تأثرت بأخبار الوطن الـمحزنة تكوّن لـجنة مركزية أسندت رئاستها إلى القومي الـمحبذ الـمناصر السيد عبود سعاده، وكان من أفرادها البارزين مدير مديرية الـحزب السوري القومي ورئيس لـجنة مساعدة النهضة السورية القومية في ولاية كوردبة الرفيق يوسف العيط وغيرهما من العاملين والـمحبذين وذوي الغيرة الوطنية.


عقب ذلك اتصال رئيس الـجمعية السورية الثقافية في بوينُس آيرس الرفيق خليل الشيخ تلفونياً بالزعيم وعرض على الزعيم فكرة دعوة الفئات والعناصر السورية في بوينُس آيرس إلى عمل موحد أو مشترك يتمركز في هذه الـمدينة ويظهر النزالة بـمظهر واحد عام، فاستحسن الزعيم هذه الفكرة التي تُظهر روحية الـحزب وغايته وتبنّاها وأشار على الرفيق الشيخ أن يعرض على الـمواطنين مشروعين يصير الاتفاق على أحدهما وهما: إما أن يجري اجتماع لأشخاص وعناصر يجمع من القوة ما يكفي لاكتساب صفة تـمثيل الـمجموع السوري في عاصمة الأرجنتين وبالتالي ثقة الـمجاميع والعناصر في داخلية هذه البلاد، وإما أن يجري اجتماع يـمثّل الـجمعيات والأحزاب فتُجمِع على عمل مشترك تنضم إليه الـجمعيات والـمؤسسات الـمنتشرة في هذا القطر.
في الـحال ابتدأ رئيس الـجمعية السورية الثقافية الرفيق خليل الشيخ اتصالاته الشخصية لتهيئة الـمشروع فاتصل أولاً بالسيد قاسم أبي الريش العامل في الـجمعية الـخيرية الإسلامية، فوافق السيد أبي الريش على الفكرة، ثم اتصل الرفيق الشيخ بالسيد إبراهيم هاجر الأرجنتيني الـمولد واللغة الذي يتخذ صفة ناموس أو رئيس «اللجنة التنفيذية للمؤتـمر العربي» فرفض السيد الـمذكور الفكرة، وفي اجتماع بينه وبين الرفيق الشيخ في فندق طربوش، بحضور ناظر الإذاعة في منفذية الـحزب والسيد قاسم أبي الريش، أعلن السيد هاجر رفض الفكرة قائلاً: إنّ «لـجنة الـمؤتـمر العربي» لها حق التمثيل، وإنّ على الراغبين في العمل الانضمام إلى «اللجنة» الـمذكورة. وكان في الـمكان عدد من الأشخاص غير الذين ذكرنا أسماءهم فاستنكر الـجميع موقف السيد إبراهيم هاجر وأيدوا فكرة الرفيق خليل الشيخ. فتابع هذا الرفيق اتصالاته يشترك معه عدا عن العاملين القوميين الاجتماعيين السيد قاسم أبي الريش، فزار السيد خيرالله عريضة من النادي الـحمصي وعرض عليه الفكرة فوافق عليها، وجرى حديث مع رئيس نادي «الشباب العربي» السيد أسدالله طيبة بواسطة السيد قاسم أبي الريش نتج عنه موافقة هذا الـمواطن، وجرى اتفاق بين رئيس الـجمعية السورية الثقافية ومـمثل منفذية الـحزب السوري القومي في بوينُس آيرس والسيد قاسم أبي الريش بالنيابة عن الـجمعية الـخيرية الإسلامية ورئيس نادي «الشباب العربي» على عقد اجتماع تـمهيدي، في دار النادي الـمذكور، لدرس توجيه دعوة عامة إلى الـجمعيات والـمؤسسات والأحزاب الـموجودة في عاصمة هذه الـجمهورية. فأسرع نادي «الشباب العربي» إلى توجيه دعوة عمومية من قِبَله إلى الـجمعيات وبعض الصحافيين. ولو كان يجب أن تنفرد مؤسسة بتوجيه الدعوة لكان ذلك من حق الـجمعية السورية الثقافية التي بدر الـمسعى من رئيسها وكان صاحب الـمشروع والـمحرك الأول لتحقيقه.


وقد وجهت الدعوة، على ما يظهر، من غير كثير اعتبار أو تـحقيق في الـجمعيات والأشخاص الذين يجب دعوتهم، فاتسعت حتى شملت جمعيات مائتة أو لا صفة تـمثيلية حقيقية لها، وأشخاصاً لا شأن ولا مركز واضح لهم، وضاقت حتى أُهملت جمعيات ناشئة وأشخاص لكل منهم شأنه الـمعروف ومركزه الواضح فتخلّف عن الاجتماع عدد غير قليل الشأن.


في الاجتماع التمهيدي الـمشار إليه الذي انعقد في دار نادي «الشباب العربي» وحضره صاحب الـمسعى الأولي لعقده رئيس الـجمعية السورية الثقافية ومـمثل لـجنة تأييد النهضة السورية القومية في بوينُس آيرس ومـمثلو عدد محدود من الـجمعيات الـمدعوة، حدث حادث يدل دلالة صريحة على نوع الأشخاص الـمجاز لهم حضور الاجتماع وحق إبداء الرأي بلا شعور بالـمسؤولية: كان بين الـحضور مواطن قادم من البرازيل ذو منزلة اجتماعية في النزالة السورية هناك، دعاه خصيصاً إلى الاجتماع رئيس الـجمعية السورية الثقافية بصفته ضيفاً زائراً مؤيداً للأعمال القومية الوطنية هو السيد جبرائيل يافث الـمعدود من أفراد الفئة الواعية ومن كبار تـجار النزالة السورية في البرازيل. فلما طرحت مسألة اختيار رئيس يدير أعمال الاجتماع التمهيدي، إقترح رئيس الـجمعية السورية الثقافية أن تسند رئاسة ذاك الاجتماع إلى الضيف الزائر السيد جبرائيل يافث ليكون رمزاً لتضامن النزالة السورية في البرازيل مع مساعي النزالة السورية في الأرجنتين لعضد موقف الأمة تـجاه اعتداءات فرنسة الـجديدة عليها وتقديراً من الـمجتمعين لـمشاركة السيد يافث لهم في الشعور. فما كاد يُصرِّح رئيس الـجمعية السورية الثقافية برأيه ويدلي باقتراحه الدال على نظرة عالية في الـمسائل الاجتماعية والسياسية، حتى انبرى أحد الـحضور الـمعروفة سوابقه ومغامراته الـمدعو روفائيل لـحود فعارض هذه الفكرة بقوله إنه لا حاجة إلى ترئيس رجل من خارج النزالة في الأرجنتين لأنه يوجد في هذه النزالة رجال أكفاء للمنصب وغير ذلك من الكلام الـخارج عن الشعور بالـمسؤولية البعيد عن فهم الروابط الاجتماعية والسياسية وكيفية توثيقها. فكان هذا الرأي الـجاهل كافياً ليمتنع السيد يافث عن قبول الإلـحاح بترشيحه لإدارة ذلك الاجتماع التمهيدي. ومع ثقتنا بسعة فكر السيد يافث فلا بد لنا من القول إنّ تدخلات الـمدعو روفائيل لـحود الـجاهلة كانت سيئة ومنافية لروحية الدعوة وغرضها.


هذا الـحادث الـمحدود يـمثّل بعض التمثيل نتائج الفوضى والتسرعات في الـمسائل العمومية، وهي فوضى وتسرعات حاول أصحاب فكرة الدعوة وسعاتها الأولون رئيس الـجمعية السورية الثقافية ومـمثلو الـحزب السوري القومي ولـجنة تأييد النهضة السورية القومية والـمشتركون الأُوَل في تلبية الدعوة أمثال السيد قاسم أبي الريش، فعل كل ما يـمكن فعله، للتغلب على صعوباتها ومشاكلها، حرصاً على الغاية العمومية الـمتوخاة. فتقرر في الاجتماع الـمذكور العمل على تـحقيق الفكرة وتوسيع الدعوة وعقد اجتماع ثان في دار «الـجامعة الوطنية اللبنانية» لانتخاب هيئة إدارية ثابتة وتقرير جدول الأمور التي يجب القيام بها.


جرى الاجتماع الثاني وحضره عدد أكثر من الاجتماع الأول وتـمّ فيه تعيين لـجنة لنص الـمشروع الذي يجب استخلاصه من الاقتراحات الـمتعددة التي طرحت على الاجتماع. وكان التعيين من قِبَل رئيس الاجتماع من غير تصويت، ولكن في الأخير سأل الرئيس هل من معترض على التعيين فلم يكن اعتراض (وهي طريقة عقيمة). وتقرر أن يكون الاجتماع الـمقبل في نادي «شرف ووطن».


في اجتماع نادي «شرف ووطن» وضع على بساط البحث مشروع منهاج العمل. فلما وردت نقطة إرسال الـمساعدة الـمالية وإلى من يجب إرسالها وقف رئيس الـجمعية السورية الثقافية وطلب إرسال الـمال إلى لـجنة شعبية. وأوضح السبب فقال إنّ كل حكومة تنشأ تـحت احتلال أجنبي من أي نوع فنشوءها يعني ضمناً أنها موجودة برغبة أو برضى الـمحتلين، وأنها تستند إلى ذلك الرضى، ونحن نعرف عن سوابق رجال حكومة لبنان الـحاضرة الذين كانوا قبل الـحرب يتنافسون مع كتلة السيد إميل إده في طلب رضى فرنسة، ورجال حكومة الشام الذين وافقوا على سلخ لواء الإسكندرونة، وعلى إلغاء الـمعاهدة والعمل السياسي الدستوري حين إعلان الـحرب، وقالوا إنّ انتصار فرنسة هو أهم عندهم من كل شيء. واقترح إرسال الـمال إلى أمثال نعمة ثابت الـمجاهد القومي من سنين، وسلطان باشا الأطرش الـمحارب الـمعروف، والأمين أمين مصطفى أرسلان صاحب الـمواقف الوطنية الـمشهورة، وغيرهم من هذا الطراز. وأيد اقتراحه معتمد لـجنة تأييد النهضة السورية القومية السيد جواد نادر وصفّق كثير من الـحضور لهذا الاقتراح خصوصاً حين ذكرت أسماء أبطال الـجهاد القومي. ولكن الذين لا يـميلون إلى البطولة ولا يقدّرون قيمة جهاد الـمجاهدين تـمسَّكوا بنظرتهم الباردة وانقسم الـحضور بين مؤيدين لفكرة اللجنة الشعبية من الـمجاهدين ومؤيدين لفكرة إرسال الـمال إلى الـحكوميين، وتقرر أن يكون إرسال الـمال حسب الرغبات، أي أنّ الساعين يـمكنهم أن يختاروا تخصيص من يريدون إرسال الـمال الذي جمعوه إليه، وبعد الـموافقة على الـمشروع انتهى الاجتماع وأسرع رئيس الاجتماع السيد جورج خوري، خلافاً للعادة الـمتّبعة بالاستفحاص عمن يرغب تقديـم قاعة جمعية للاجتماع الـمقبل، وقال بـما أنه لم يعرض مكان آخر فهو يدعو الـجميع إلى دار «الـجامعة الوطنية اللبنانية» ثانية. فنهض رئيس الـجمعية السورية الثقافية واعترض على ذلك، وقال إنه يقدم قاعة دار جمعيته للاجتماع، وبـما أنّ المقرر أن يصير عقد الاجتماعات بالتوالي والتداول في جميع دور الـجمعيات إلى أن يتقرر خلاف ذلك، فمن الـحق جعل الاجتماع في دار الـجمعية السورية الثقافية، فأخذ الرئيس علماً بدعوة رئيس الـجمعية السورية الثقافية ودوّن عنوان دار الـجمعية على أن يصير الاجتماع فيها.


في السبت الـمقبل عقد الاجتماع، بشبه مؤامرة عنيدة، في دار «الـجامعة الوطنية اللبنانية». ولم يخلُ الأمر من مغزى لهذا الاجتماع، فإن شيئاً دبّر في الـخفاء وهو:
بعد افتتاح الاجتماع برئاسة السيد جورج خوري أيضاً وتعيين لـجنة من أصحاب «الـجامعة اللبنانية» لفحص أوراق الاعتماد بينها شخص محايد هو الدكتور أنور عبيد نهض السيد جورج خوري وأخذ يجول في أوساط الـحضور متحدثاً إلى البعض تـمهيداً لـحدث اتفق ذوو غاية خصوصية على إعلانه، أي إخراج فرع الـحزب السوري القومي من الاجتماع باعتبار «أنه حزب سياسي وأنّ الاجتماع لا علاقة له بالسياسة.»


وجد السيد جورج خوري اعتراضاً من البعض وسكوتاً وتأملاً من البعض الآخر، ولكن الـجماعة الـمتلبننة والـمتفقين معها كانت مصممة على إكمال مؤامراتها، فطرح رئيس الاجتماع أمر إخراج فرع الـحزب السوري القومي فنهض مـمثل الفرع وحمل على هذه الروحية القبيحة الـمنافية لغاية الاجتماع الأساسية التي كان الـحزب السوري القومي صاحب الدعوة الأساسي إليها والقائم مع الـجمعية السورية الثقافية بالـمسعى الأول لتحقيقها. ونهض رئيس الـجمعية السورية الثقافية فأظهر خروج الاقتراح عن الغاية الأساسية وعن روح الـحق والعدل والتضامن القومي. ونهض مـمثلو عدة جميعات وجهروا باستنكارهم الرأي الـمفرّق الـمثير الفتنة. ولـما رأت رئاسة الاجتماع أنّ الـحيلة ستنفضح بادرت إلى طرح الأمر للتصويت. فرجحت كفة التفريق والفوضى في تلك البيئة بأكثرية مؤلفة من نحو اثنين وعشرين صوتاً على أقلية تبلغ نحو خمسة عشر صوتاً. فلما أعلن الرئيس هذه النتيجة تقدم مـمثل فرع الـحزب وطلب أوراقه وانسحب وأخذ رئيس الـجمعية السورية الثقافية أوراقه وانسحب قائلاً: «إنّ هذه الأوراق شرف يزيد عليكم أنتم أصحاب «الأم الـحنون».» ونهض عدد غير قليل من مـمثلي الـجمعيات الأخرى وانسحبوا احتجاجاً على روح التفرقة.


ومـما يستحق الذكر أنه لم يحضر هذا الاجتماع مـمثل النادي الـحمصي، وأنّ وفداً من الـجمعية الـخيرية الدرزية قدِم فقط ليحتج على إهمال دعوة هذه الـجمعية وانسحب رافضاً البقاء.
وبعد انسحاب مـمثلي الـجمعيات الـمذكورة استفاق عدد من الباقين وأظهروا استياءهم ولكنهم لم يعرفوا ماذا يجب عليهم فعله في تلك الدقيقة فبقوا.
ولـما خلا الـجو لأصحاب هذه الفتنة القبيحة وزعوا أوراق مرشحيهم على الباقين وأجروا تصويتاً زائفاً عيّنوا فيه من أرادوه. وفي آخر الاجتماع أخرجوا مذكرة كانوا قد أعدوها لتُرفع إلى رئاسة الـجمهورية الأرجنتينية ليثبتوا مدى تفاصيل الـمؤامرة التي دبّروها ليتصرفوا بقضية عمومية ليسوا هم أصحابها ولا كانوا هم الداعين إليها.


وقد علمنا أنّ أصحاب الدعوة الأصلية ومـمثلي الـجمعيات التي انضمت إليهم وأبت تأييد الشعوذة والباطل عقدوا، فور تخلصهم، اجتماعاً في دار الـجمعية السورية الثقافية وقرروا فيه العمل للغاية النبيلة التي اتـحدوا فيها وإذاعة بيان لإطلاع الـجالية على حقيقة الـحال.


وعلمنا أيضاً أنّ الـمساعي تبذل لتأليف عمدة رسمية والعمل الـموحد، وقد انضمت عدة مؤسسات سورية إلى فكرة الـجمعية السورية الثقافية وتألفت لـجنة موقتة إلى أن يتم تأليف العمدة الـمركزية.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro