مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
​ملحق رقم 1 الجهاز الحكومي وموقف الوزير جنبلاط
 
 
 
«نقلاً عن كتاب قضية الحزب القومي، بيروت، ص 214-218»
 

في حديث أدلى به مؤخراً إلى الصحفيين وزير الاقتصاد في الـحكومة اللبنانية، السيد كمال جنبلاط، تصريحات جارحة للإدارة القائمة في لبنان. وقد اتخذت جرائد معينة تصريحات الوزير أذاناً بالدعاوة لشخصه، كما أنّ جرائد أخرى معينة رأت فيها ما يـمس غيره من الـحكوميين فانبرت للدفاع عنهم.


لقد تذمر الشعب ولا يزال يتذمر من الـحالة الإدارية السيئة التي انكشف عنها جهاز الدولة، بعد أن رُفعت عنه السلطة الإدارية الأجنبية، وجميع ما أدلى به السيد جنبلاط ليس فيه شيء واحد جديد، فماذا يقصد هو بتصريحاته؟


هل يقصد شيئاً غير الدعاوة لشخصه في هذه الآونة والانتخابات على الأبواب؟
لولا لم يكن ذلك كل القصد، لـما لـجأ حضرته إلى تلك الطريقة الإذاعية التي لا تتفق ولا بشكل من الأشكال مع الوظيفة التي يشغلها.


إنّ السيد كمال جنبلاط (ولا يؤاخذنا إذا كنا قد طرحنا جانباً لقب «بك» الإقطاعي الذي يلازمه) هو اليوم وزير، وبهذه الصفة أدلى بتصريحاته إلى الصحفيين، وكونه وزيراً يعني أنه جزء لا يتجزأ من الـحكومة التي يؤلف جميع وزرائها وحدة تامة. فكل انتقاد أو تشهير بالـحكومة يعيب كل جزء من أجزائها على السواء، والوزارة كلها التي تشكل وحدة إدارية مسؤولة بكاملها عن كل نقص أو خلل في الإدارة العامة والـجهاز الإداري كله.


إنّ تصريحات الوزير جنبلاط عينها هي من أشد أدلة فساد الإدارة والـجهاز الـحكومي في هذه الدولة لأنها برهان قاطع على عدم احترام الوزراء أنفسهم لـمبادىء الـحكم الأساسية، وعلى خروجهم على هذه الـمبادىء كلما أرادوا اكتساب شهرة فردية أو غاية شخصية.

 

الـحكومة جهاز موحد متكافىء متضامن في الصلاحيات وفي الـمسؤوليات، ولذلك تواجه الـحكومة الـمجلس النيابي كتلة واحدة متضامنة. فلا يجوز أن تنقسم على ذاتها ولا يجوز أن يخرج عليها أحد أفرادها وهو منها وباقٍ فيها.
إنّ ذكاء السيد جنبلاط كان يجب أن يظهر قبل توليه الوزارة وتضامنه مع أقرانه الوزراء، كما يجب أن يظهر وهو نائب فقط، وأن يبقى في النيابة رافضاً الوزارة ليتمكن من مهاجمة الـحكومة وانتقادها كلما رأى الـمصلحة العامة تقضي بذلك.


والظاهر أنّ السيد جنبلاط يجهل أنّ ما يصح أن يقوله وهو نائب لا يصح أن يقوله وهو وزير - لا يجوز أن يكون واحداً في الـحكومة وحاملاً عليها.
وماذا يستفيد الشعب من النقد السلبي الصائح:


أنظروا الفساد، أنظروا الفساد ....
 إنّ هذا الصياح يكـاد يفعله كل فرد من أفراد الشعب اللبناني باستثناء فئة الـمستغلين، وهو لا يفيد في ما يحتاج إليه الشعب من إصلاح وإنشاء.
لا يصعب علينا تتبُّع الغايات الـمحدودة التي جعلت السيد جنبلاط يقف مواقفه الـمتناقضة.


هو شاب ذو مركز إقطاعي موروث، قد تعلم بعض العلم وانخرط في السياسة بـمطامع ومطامح غير قليلة، فلم يخرج على قاعدة واحدة من قواعد السياسة القديـمة التي يئنّ منها الشعب، السياسة الفردية الشخصية التي أساسها الفرد وغايتها الفرد.


هو أيضاً شاب ذكي يعرف كيف يستخدم مركزه ودرجة علمه لاكتساب الـمنزلة التي يسعى لإحرازها، فمال أولاً إلى بعض تكتلات الشبان التي كانت حائزة رضى الأجنبي الـمحتل لأنه أدرك أهمية الدور الذي تلعبه تكتلات الشبان. وفاز بالنيابة فرأى أن يوطد مركزه فيها، ثم اتصل بدوائر الـحزب القومي وأظهر أنه يفهم هذه الـحركة فهماً جيداً ويقدّر غايتها السامية، وحاز بهذه الطريقة رضى بعض الإداريين في هذه الـحركة.


وأخيراً دخل السيد جنبلاط الوزارة ليوثق علاقاته بالناس. فلما أصبح في هذا الـمركز، وقد اكتسب صداقات كثيرة بعضها قديـم كصداقاته للفلانـج، وبعضها جديد كصداقاته الظاهرة للقوميين الاجتماعيين، فضلاً عما ورثه من حزبية بيته الإقطاعية، رأى أن يتوج كل ذلك بصيحة تظهره بـمظهر البطولة.


ولكن أية بطولة هذه أن يغدر وزير بوزارته وحاكم بحكومته؟
لو كان السيد جنبلاط مخلصاً للمبادىء والـمصلحة العامة غير الـمغشوشة لكان حاول أولاً الإصلاح ضمن الوزارة، فإذا وجد ذلك مستحيلاً استقال أولاً ثم حمل على الـحكومة ثانياً، ولكنه يريد إصابة هدفين برمية واحدة: أن يطعن الـحكومة ويظل متمتعاً بـمنزلة اكتسبها فيها.


كـل فرد ذكي مخلص للشعب خصوصـاً متى كـان شابـاً متعلماً يعرف اليوم أو يجب أن يعرف أنّ الإنشاء والإصلاح العموميين لا يـمكن أن يكونا عملاً فردياً بل مجموعياً وأنه لا يـمكن هذا العمل أن يكون استبدادياً فوضوياً بل عقائدياً منظماً.


فالطريق الواضحة أمام موقف السيد كمال جنبلاط هي: أن يختار إلى أي حزب أو تشكيلة يريد أن ينتمي وأية عقيدة أو مذهب اجتماعي أو سياسي يريد أن يعتمد ليقوم بعمل منظم تـمتحن فيه الأقوال والأفعال بالعقيدة والـمبادىء والـمناهج والنظام.


ليختر السيد كمال جنبلاط بين أن يكون شيوعياً أو اشتراكياً أو فلانـجياً أو قومياً اجتماعياً إذا أراد أن يقوم بعمل بنائي واضح، أو فليضع عقيدة جديدة يدعو إليها.
ولا مانع من أن يطعن الـحكومة، بشرط أن لا يكون أحد أركانها إذا لم يكن يريد أن يكون الطعن في الـحكومة طعناً في نفسه في الوقت عينه.


لم أحلل طريقة تصريحات الوزير جنبلاط والغاية منها لأنقذ الـحكومة، كلاّ.
إنّ تـحليلي الـمتقدم يزيد مسؤولية الـحكومة ومسؤولية الوزير جنبلاط معاً.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro