مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
مدار الخلاف بين الإسلام والمسيحية
 
 
 
الزوبعة، بوينس آيرس، العدد 30، 15/10/1941
 

لا شك، مهما كان قليلاً، في أنّ الإسلام يؤيد الرسالة المسيحية تأييداً تاماً، مطلقاً من كل قيد أو شرط وأنه يعدّ نفسه مكملاً لها عند الذين لم يأتهم نذير من قبل، أي عند الذين لم تشملهم الرسالة المسيحية. أما المؤمنون بهذه الرسالة فلا يطلب منهم الإسلام سوى الاعتراف بأنه دين حقيقي مصدّقٌ لرسالتهم. والآيات القرآنية التي تقيم البرهان القاطع على هذه الحقيقة كثيرة وما تقدم لنـا إثباتـه منهـا يكفي لقطـع كل قول مخالـف. 

فمـا هو منشـأ الخـلاف بين الدينيـن، والأصـح بين الملتيـن، ومـا هي أسبابــه؟

رأينا في ما تقدم أنّ القرآن اتخذ صفة التسبيح والترنم في عظمة وقدرة الله الذي تقدمت القرآن كتب سابقة في إثبات وجوده، والدعوة إلى العمل بمشيئته والإنذار بيوم حسابه. وإنّ القرآن صدّق هذه الكتب وجعلها شاهدة على صحة دعوة محمد. ولكن السيرة المحمدية، التي لا بد من التحقيق فيها والاستناد إليها لفهم آي القرآن وأغراضها، تخبرنا أنّ اليهود والمسيحيين في العُربة أخذوا ينتقدون اعتبار محمد نفسه رسولاً من عند الله، وينتقدون بعض الآيات ويرفضون تأييد رسالته. فاليهود ادّعوا أنّ الله وعدهم بإرسال مسيحهم الذي يعيد مجد إسرائيل. والمسيحيون قالوا إنه لا يصح أن يأتي بعد المسيح نبي أو رسول.


مع ذلك فقد وجد المسيحيون أنّ دعوة محمد كانت موافقة لاعتقادهم الإلهي فلم يكن موقفهم من الشدة كغيرهم. وأكثر المقاومة كانت من صناديد قريش. فهؤلاء اتهموه بعدم صحة ادعائه الوحي ونسبوا إليه الاقتباس عن التوراة والإنجيل والتلقن، تشهد بذلك آيات عديدة كهذه: «وقال الذين كفروا إنّ هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلماً وزوراً. وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً»(1) . وقد ثبت أنّ محمداً كان يسمع قراءة التوراة والإنجيل في مكة فقد ثبت أنه كان بمكة رجلان يصنعان السيوف إسم أحدهما جبر واسم الآخر يسار وكانا يقرآن التوراة والإنجيل وكان محمد يمرّ عليهما فيقرآن له ويسمع (أنظر شرح سورة النحل للبيضاوي)(2). وقد استنزل الرسول آيات كثيرة لتأييد أنّ ما يقوله وحي ينزّل عليه منها هذه: «ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلّمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين»(3). «آلم. تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين. أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون»(4). وهذه الآية من أوضح الآيات التي تبيّن أنّ محمداً كان رسولاً إلى الذين لم يأتهم رسول من قبل في الدرجة الأولى، أي العرب، ليدعوهم إلى الله الذي سبقت الكتب الأخرى بالدعوة إليه وليصدّق تلك الكتب. وهو ما عنيناه من اختصاص الرسالة بالعرب من غير أن ينقض ذلك اشتراكها مع الرسالات السابقة وتأييدها في دعوة الناس أجمعين إلى أغراض الدين الأخيرة. والآيات القرآنية التي تأتي بهذا المعنى كثيرة حتى لا يبقى أي شكّ في هذا التعليل وقد أوردنا بعضها في حلقات سابقة وفي ما تقدم من هذه الحلقة ونورد هنا آيات أخرى «وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب. أَجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً إنّ هذا لشيء عجاب»(5).

وهذه الآية موجهة خصيصاً إلى الذين لم يعرفوا الله ولا يزالون يعبدون الأصنام. ومثلها قوله: «هو الذي بعث في الأميّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين»(6). فالأميّون الذين كانوا من قبل لفي ضلال مبين هم العرب خاصة بلا ريب. «وما كنتَ بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون»(7). ومعنى هذه الآية أنه وإن لم يكن محمد حاضراً مناداة الله لموسى فقد منَّ الله عليه بالوحي رحمة بقوم ما أتاهم نذير من قبل. وهذا يعني أنه لم يكن في بدء الرسالة الإسلامية أي اتجاه للاصطدام مع الموسويين أو المسيحيين في نزاع على ادعاء صحة الرسالة أو نقض التعاليم، بل كان الاتجاه للاتفاق على القضاء على عبادة الأصنام في العُربة. ولكن لم يكن بد من اصطدام المعتقدات في الأخير، كما بيّنا آنفاً، لأنه لم يمكن الموسويين التسليم بتعدد الكتب المقدسة ولا المسيحيين التسليم بتعدد الدعوات. ولكن الاشتراك في الأغراض الدينية البحتة المشار إليها سابقاً خفف كثيراً من الاصطدام. أما المشركون أو عبدة الأصنام فلم يكن من سبيل لتخفيف الاصطدام والنزاع معهم. فوجهوا إليه انتقادات لاذعة ونسبوا إليه السحر والهذيان والجنون، في حين أنه كان رسولاً مخلصاً إليهم.


وحدثت في أثناء الدعوة حوادث جعلت الشك في الوحي يتسرب حتى إلى الذين آمنوا بالرسالة. فكان من جملة الآيات التي استنزلها الرسول لدحض مزاعمهم هذه الآية: «ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إليّ ولم يوحَ إليه شيء ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أَخرِجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون»(8). وذلك أنّ عبدالله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب وحي النبي فلما نزلت آية: «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين»(9) وبلغ قوله: «ثم أنشأناه خلقاً آخر» قال عبدالله: «فتبارك الله أحسن الخالقين»(10) فقال له محمد «أكتبها فكذلك نزلت» فشكّ عبدالله وقال: «لئن كان محمد صادقاً لقد أوحي إليّ كما أوحي إليه وإن كان كاذباً لقد قلت كما قال» فنزلت الآية المذكورة أعلاه لتكذيبه وتكذيب غيره كمسيلمة والأسود العنسي وغيرهما الذين أوجبت مقاومتهم له حروباً دامية.


يتضح في كل ما تقدم، في ما يعني المسيحية والإسلام من الدعوة الإسلامية وأغراضها، أنّ هذه الدعوة لم تدعُ إلى أمر واحد من الأمور الدينية الصحيحة مخالف لتعاليم الدين المسيحي. بل إنّ القرآن أيّد الرسالة المسيحية بآيات كثيرة ودعا القرآن المؤمنين بالإنجيل ليحكموا «بما أنزل الله»(11) فيه من غير زيادة أو نقصان أو ما يوجب تغيير «صلاتهم» وتعاليم دينهم. فالخلاف نشأ بالأكثر، من موقف المسيحيين العرب من محمد، بل أعظمه ما كان مع اليهود الذين أخذوا يخادعون النبي في المدينة، فكان إذا انتصر على المشركين وعاد غانماً يقولون إنه النبي المنعوت في التوراة بالنصرة، فلما انكسر يوم أُحُد نكثوا العهد معه على أن لا يكونوا له ولا عليه، وخرج كعب بن الأشرف في أربعين راكباً منهم إلى مكة وحالفوا أبا سفيان، فأرسل النبي أخا كعب من الرضاعة فقتله وصبحهم بالكتائب وحاصرهم حتى صالحوا على الجلاء، فنزلت الآية: «هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانِعتُهم حصونهم من الله فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار»(12) (الحشر. مدنية). وهذه الآية والتي تقدمتها هما من أشد الأدلة صحة على ارتباط الآيات القرآنية بالحوادث الجارية.


وإذا كان محمد وجد من موقف المسيحيين ما أوجب عدم رضاه وعدم رضى الوحي، فإن المسيحيين وجدوا في تعليقات القرآن على اعتقادهم في المسيح سبباً كافياً لعدم تأييده. وقد يكون هنالك سبب آخر سابق لهذا السبب هو كون القرآن ابتدأ بذكر التوراة وموسى وإبراهيم ولم يذكر الإنجيل والمسيح منذ البدء، ورؤية المسيحيين القرآن يجاري التوراة أكثر ممّا يجاري الإنجيل في البدء. وإنّ أول إشعار لاتصال القرآن بالمسيحية كان في الآية النافية كون الله ولد ولداً واتخذ صاحبة. وهي من سورة الجن وقد أثبتناها في الحلقة السابقة (ص 171 أعلاه). ولم نحقق في هل كان نفي كون المسيح إبن الله سبب إعراض المسيحيين عن دعوة محمد وعن تأييده، أم هل كان موقف المسيحيين باعثاً على اتخاذ الرسالة الإسلامية خطة المقاومة لبعض معتقداتهم، أو هل كان نفي بنوية المسيح أمراً مستقلاً أوجد سبباً آخر للخلاف. ومهما يكن من شيء فالثابت من تدبّر القرآن كله أنّ الرسالة الإسلامية عدّلت معنى الآيات القائلة بعدم ولادة المسيح من الله بإعطاء وصف لكيفية حمل مريم يمكن أن يُعدَّ أمراً وسطاً بين الاعتقاد بأن المسيح إبن الله ونفي صلة المسيح بذات الله وهو القول إنه ولد «من روح الله»(13) . وعلى هذا الأمر وحده يدور كل الخلاف العقائدي الديني بين المسيحية والإسلام. أما التعاليم المسيحية فلا يقول القرآن بمخالفة شيء منها، بل بالعكس هو يثبتها ويقول إنّها كلام الله المنزل وبهذا القول يرفع كل احتمال 
لاختلاف الإسلام والمسيحية على أغراض الدين، وتبطل كل حجة للذين لم يفهموا من الرسالة الإسلامية غير حب التغلب والطمع في الدولة والسلطان ومنافعهما، القائلين إنه لا يتم الدين إلا باستظهار الإسلام على غيره من الأديان وبالعمل ببعض آيات الكتاب دون البعض الآخر. فالدين وأغراضه الأخيرة تكمّل، حسب قول القرآن، بالإيمان بما أنزل من قبل ومن بعد وهو يحتم على المسلمين الإيمان بالإنجيل.


إنحصر الخلاف بين الإسلام والمسيحية في أمر واحد من جهة الإسلام وأمر واحد من جهة المسيحيين، ولا نقول المسيحية لأن الإنجيل من حيث هو سابق للقرآن لم يعرض له فاقتصر الأمر على معتقدات المسيحيين في صدد محمد ورسالته، وليس على كلام الإنجيل في محمد. فالأمر الأول هو مخالفة القرآن اعتقاد معظم المسيحيين في صفة المسيح وصفة الله. والأمر الثاني عدم إيمان المسيحيين برسالة محمد وبأنه نبي حقيقي. وسنبحث هذين الأمرين في الفقرات التالية:


قلنا في الحلقة السابقة (ص 171 أعلاه) إنّ أول تلميح في القرآن إلى المسيح أو المسيحية كان استنكاراً لصفة المسيح وعلاقته بالله وذلك في الآية: «وإنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولداً»(14) فإذا حققنا في هذا القول وجدنا أنّ العقل العربي، نظراً لحالة البداوة وانعدام الثقافة العقلية، لم يستطع أن يتصور كون المسيح إبن الله إلا بأن يكون الله قد تزوج امرأة أو «اتخذ صاحبة» ولدت له إبناً. وهذا لو صح أنه معتقد لكان إنزالاً لله عن مقامه، إذ هو غير محتاج، مع قدرته، لأن يتّخذ صاحبة شأن الرجال العاديين فيتزوجها وتلد له ولداً على سنّة البشر، وصحة هذا التحليل للعقلية العربية تتضح من قوله: «تعالى جد ربنا» أي أنّ الله أعلى من أن يكون هكذا شأنه وصفته. ولا خلاف بين الإنجيل والقرآن في ذلك ولا بين المسيحيين والمسلمين فيه. فالمسيحيون الذين قالوا بالتثليث منهم والذين قالوا بالتوحيد أو بالتثنية (بالطبيعتين أو بالمشيئتيـن) لا يقولون أو يعنـون أنّ الله اتخذ صاحبة وتزوج امرأة لتلـد له. ولكنهم قبلوا رواية الإنجيل أنّ مريم حبلت من الروح القدس بمشيئة الله من غير تعيين لكيفية حصول الحمل ومن غير أي دخول في المسائل البيولوجية كوجوب حصول اللقاح. وهم لم يأخذوا الوجهة البيولوجية بعين الاعتبار تنزيهاً لقدرة الخالق عن الحاجة إلى الفعل البيولوجي وإعلاء لجده عن شأن الناس «المخلوقين» الذين لا قدرة لهم على الولادة إلا على الطريقة البيولوجية.


ولذلك كانت مسألة ولادة مريم العذراء المسيح من العجائب الدالة على قدرة الله ونفاذ مشيئته. وهذه الولادة العجائبية عندهم هي من أقوى مستندات اعتقادهم بألوهية المسيح، أي بحلول روح الله في جسده أو حلول اللاهوت في الناسوت. وليس في هذا الاعتقاد عند المسيحيين أي إنزال لقدرة الله أو تفكير بأنه «اتخذ صاحبة» شأن الرجال العاديين. ولكن لا يبعد أن يكون ظهر شيء من هذا التفكير عند بعض العرب الذين قبلوا الدين المسيحي وفسروه حسب عقليتهم الفطرية غير المثقفة. وفي هذه الحالة يكون كلام القرآن موجهاً إليهم من دون المسيحيين المتمدنين، وهذا هو الأرجح من حيث اعتبار صحة الوحي النبوي وأنه موجه إلى العرب خاصة وبلسانهم. أما من الوجهة العلمية البحتة التي تطلب لكل مسبب سبباً فالآية القرآنية نفسها تصف طريقة التفكير العربي غير المثقف، فهي إما مطابقة للعقلية العربية وإما محللة لها. وهي في كل حال مختصة بطريقة الفهم العربي الذي ضيقت الطبيعة القاسية على أفقه الروحي. والإعتقادات المسيحية الروحية لا تدخل تحت حكم هذه الآية. لأنها كلها تنزّه الله عن الفعل البيولوجي ولا تناقش قدرة الله على إرسال روحه بشكل حمامة أو بأي شكل آخر ليستقر في أحشاء مريم.


سأل رجل مالك بن أنس، أحد مؤسسي المدارس الأربعة في الإسلام، عن قوله في القرآن: «الرحمن على العرش استوى»(15) كيف هذا الاستواء؟ فأجاب مالك: «الإستواء معقول والكيف مجهول ولا أظنك إلا رجل سوء.»


هذا السؤال والجواب يدلاننا على أنّ المسلمين الأولين لم يتعرضوا لدرس القرآن دراسة علمية فقبلوا الصور الشعرية قبولهم الأوصاف الحدثية والتعليلات المنطقية. فالقول «الرحمن على العرش استوى» يدخل في الصفة الشعرية التي حللناها في الحلقة السابقـة (ص 169 - 170 أعـلاه) وهو من باب قوله: «خلـق من علـق وعلّم بالقلم» ولا لزوم لإحلاله في محل التقرير الحدثي التاريخي أو في محل التعليل الفلسفي. ولكن جواب مالك يفتح باب القياس في الاعتبارات الدينية. فإذا كان يصح في الإسلام أن تكون أفعال الله معقولة وكيفياتها مجهولة فلماذا يجب أن لا يصح ذلك في المسيحية؟ فإذا كان الله قادراً على كل شيء، فلماذا لا يكون قادراً على التجسد أو على إرسال روح القدس ليتجسد في شكل إنسان من غير وجوب تعيين كيفية حدوث التجسد؟ وإذا كان الله لا يقدر على التجسد، حسب بعض المعتقدات الدينية، فقدرته لم تعد كلية، بل أصبحت محدودة وأصبحت جميع الخوارق المنسوبة إليه كالخلق والبعث باطلة، وبالتالي أصبح هو نفسه باطلاً (نذكّر القارىء أننا لا نتعرض هنا لأمر ثبوت المعتقدات الدينية أو زوالها. فلا نعرض لإثبات أو نفي حلول روح الله في جوف مريم العذراء ولا لإثبات أو نفي أزلية القرآن وتنزيله، بل نبحث منطقية بعض الافتراضات أو الاعتقادات فقط).


وقد استمر القرآن يرفض الاعتراف باعتقاد المسيحيين أنّ المسيح هو إبن الله الوحيد. فوردت في ذلك آيات عديدة بمعنى الآية السابقة كقوله: «بديع السموات والأرض أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم»(16). «ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون»(17). «وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ...»(18). «ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذاً لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون»(19). وهذه الآية الأخيرة هي مظهر آخر من مظاهر العقلية العربية في فهم اعتقاد المسيحيين كون المسيح إبن الله وأنه، لذلك، إله. فالمسيحيون لا يقولون بألوهية للمسيح منفصلة عن ألوهية الله وبإرادة له مستقلة عن إرادة الله. ولكن قد يكون وجد بين مسيحيي العرب من أوَّل الاعتقاد هذا التأويل.


ومع استمرار القرآن في إنكار ألوهية المسيح فقد طرأ في سياق الدعوة المحمدية تعديل كبير على النظرة الأولى الـواردة في آية سـورة الجـن والآيـات الشبيهـة بها. وهذا التعديل يدل على حدوث اتصال أقرب بالإنجيل. وأول ما يظهر هذا التعديل في سورة مريم وهي نزلت بعد (الجن) بثلاث سور. فانظر هذا التعديل الذي يمكن أن يُعدَّ نقيضاً لما ورد في سورة الجن إذ فيه صورة مجازية تجعل الله بمقام زوج مريم: «واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً. فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً. قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً. قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً. قالت أنّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أكُ بغياً. قال كذلك قال ربك هو عليَّ هين ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضياً. فحملته فانتبذت به مكاناً قصياً(20)... ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون»(21).


هذه الآيات تدل على علاقة وثيقة بإنجيل متى وإنجيل لوقا. ومن التدقيق فيها يتضح لنا أنّ القرآن اعترف بصحة رواية الإنجيل لكون ولادة المسيح حدثت بصورة إلهية مباشرة خارقة لجميع السنن السارية على الإنسان والحيوان، يؤيد ذلك: [1] - قوله: «ولنجعله آية للناس»(22) فالآية هي العجيبة أو المعجزة الإلهية. 2 - إنّ قوله: «فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً»(23) تجعل علاقة مباشرة وثيقة بين الله ومريم وهو مع قوله: «وكان أمراً مقضياً فحملته ...»(24) يُعَدُّ اجتهاداً في إعادة تصوير حادث الحمل بصورة موافقة لرواية الإنجيل، ومقبولة للعقل العربي من حيث تتضمن المعنى البيولوجي. 3 - إنّ هذه الآيات توافق قول متّى إنّ مريم «وجدت حبلى من الروح القدس»(25) وما ورد في إنجيل لوقا من المحاورة بين الملاك جبرائيل ومريم ولكنها تضع روح الله في مكان جبرائيل.


بناءً عليه تكون هذه الآيات قد أزالت كل خلاف بين القرآن  والإنجيل على صفة المسيح، لأنّ محصّلها يـوافق كل الموافقـة الروايـة الإنجيليـة ومعتقدات المسيحيين، ولا يوجد مسيحي واحد يرفضها. ومع ذلك ومع وضوح الاعتراف بولادة المسيح بمشيئة الله ومن اتصال روحه بمريم مباشرة فإن القرآن لم يوافق على الاستنتاج أو الاعتراف بأن ذلك يعني أنّ المسيح هو إبن الله الوحيد، أي المولود منه، فيلحق بالآيات المذكورة آية أخرى تأتي رأساً بعد آية «ذلك عيسى ابن مريم ...»(26) وهي قوله «ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون»(27).


وقد ورد في القرآن بعد التعديل المذكور تعديل آخر هو أشد نقضاً لآية (الجن) وأقرب إلى تعليل ولادة المسيح الإنجيلية بطريقة أكثر قبولاً للعقل العربي وذلك بقوله: «والتي أحصنت فرجها (مريم) فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين»(28) وهي بعد سورة مريم بسبع وعشرين سورة. ففي هذه الآية إشارة واضحة إلى الجهاز التناسلي. ويعود القرآن فيزيد هذا التعليل وضوحاً بقوله: «ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين»(29). فعوَّض عن قوله «فنفخنا فيها» بقوله «فنفخنا فيه». وهذا الاتصال للّه بمريم هو أبعد كثيراً مما تذهب إليه رواية الإنجيل وتصوّرات المسيحيين المتمدنين. وفي سورة آل عمران النازلة بعد (الأنبياء) وقبل (التحريم) ما يدل على علاقة بإنجيل يوحنا وهو قوله: «إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح ...»(30) و«الكلمة» في تعليل يوحنا هي صفة للّه: «في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله... هذا كان في البدء عند الله. والكلمة صار جسداً وحلّ فينا وقد أبصرنا مجده مجد وحيد من الأب مملوءاً نعمة وحقاً»(31). ولكن القرآن يعدّل هذه الفكرة في السورة عينها ويوضحها هكذا «إنّ مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون»(32).

وهذه الآية لا تقصد إيضاح ولادة المسيح، بل تقصد تأويلها، فكيفية مجيء المسيح آية من الله وكلمته مشروحة في سورة مريم وفي آيتي (الأنبياء) و(التحريم). وفي جميع هذه الآيات أنّ الله لم يخلق المسيح كما خلق آدم، إذ لم يجبله من تراب وينفخ فيه نسمة حياة بل أرسل روحه إلى مريم(33) ومحصّل سورة آل عمران أنّ المسيح وإن يكن ولد بصورة خارقة وباتصال الله بمريم فقيمة مجيئه على هذه الكيفية ليست أكثر من قيمة مجيء آدم الذي لم يولد من تزاوج ولقاح، بل خلق خلقاً بإرادة الله. فالمسيح إذاً مخلوق بالمنزلة التي خلق بها آدم لا أكثر. فيكون القرآن حافظ على القول الأول الوارد في سورة الجن على الرغم من الآيات التي عدّلته تعديلاً كبيراً كما رأيت. ونأسف أن لا تكون لدينا الأدلة التاريخية الكافية لتعيين هل أوجبت الحوادث التاريخية هذه المحافظة، أم هل أوجبتها النظرة المبدئية أو مبدأ المحافظة على صحة ما سبق أو مبدأ المفاضلة بين الأنبياء والرسل الذي برز في طور من أطوار القرآن، ونما واتخذ شكلاً واضحاً، مع تقدم الرسالة، ظهر بالقول بتفضيل الإسلام على جميع الأديان الأخرى.


وخلاصة هذه المخالفة الإسلامية لصفة المسيح الأخيرة هي أنها مخالفة غير شديدة ولا جازمة، إذ قد تبيّن من النصوص القرآنية المثبتة آنفاً أنّ القرآن أقر الرواية المسيحية لكيفية حمل مريم وولادة المسيح، ولكنه خالف المسيحيين في تأويل قيمة الحادث. فتكون هذه المخالفة بمثابة شيعة من الشيع في المسيحية وهي أقل بعداً عن الشيع المسيحية من بعض الشيع الإسلامية عن كلها كالرافضة، مثلاً. فالخلاف على التأويل وليس على الحدوث.


ويزداد هذا الخلاف على التأويل في أواخر الوحي ويبلغ أوجه في سورة المائدة بقوله: «لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير»(34). وقوله: «ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صدِّيقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبيّن لهم الآيات ثم انظر أنّى يؤفكون»(35). وقوله: «لقد كفر الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسنّ الذين كفروا منهم عذاب أليم»(36). والآية الأولى من هذه الآيات الثلاث تنكر استنتاج المسيحيين أنّ المسيح هو الله المتجسد وهي تتفق مع قول الآية: «فنفخنا فيها من روحنا»(37) ولكن الاتفاق ليس تاماً خصوصاً مع قوله: «فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً»(38). والآية الثانية لا تشتمل على سوى القول باعتبار المسيح في منزلة رسول. والأخيرة تظهر الاعتقادات التثليثية المسيحية كأنها تقول إنّ الآلهة ثلاثة، مع أنّ هذه الاعتقادات لا تقول بتثليث الآلهة، بل بتثليث الأقانيم التي هي أجزاء واحد، لأن الله عند المسيحيين واحد والتثليث من صفاته وليس من تعدده. فلا خلاف بين الإسلام والمسيحية في كون الله واحداً ولذلك قال القرآن: «وقولوا آمنّا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون»(39). 


وتكفير القرآن المسيحيين ليس من أجل دينهم وتعاليمه «صلاتهم» بل من أجل تعدد الآلهة إن صحّ أنهم يقولون به وقد صحّ وثبت أنهم لا يقولون به، وأثبت القرآن أنّ إله المسيحيين والمسلمين واحد. يبقى أمر تكفيرهم لاعتقادهم أنّ المسيح هو الله بالتجسد وهو لا يتناول عقيدة التوحيد ولا غرضاً واحداً من الأغراض الدينية الأساسية التي دعا إليها الإسلام، بل يتناول مسألة مقدار ما يجب أن يستنتج من ولادة المسيح على الكيفية المشروحة في الإنجيل والقرآن. وهو خلاف مذهبي في الدين الواحد وليس بين دين ودين إذ هو ليس خلافاً مع الإنجيل أو المسيح بل مع طوائف المسيحيين حول التأويل الذي يجب أن يعطى لولادة المسيح. وهذه المسألة تشبه مسألة هل القرآن مخلوق أو غير مخلوق في الإسلام. فإن اعتُبر القرآن لوحاً مسطوراً منذ الأزل أفلا يمكن الاستنتاج من ذلك أنّ القرآن أقنوم من الله أو غير ذلك من الاعتقادات التي لا يوجد نصّ يمنعها بصورة قاطعة؟ ويخفّ كثيراً هذا الخلاف باعتبار أنّ كلام المسيح هو كلام الله إنما المسيحيون يقولون إنّ الله قاله بالتجسد والقرآن يقول بالتنزيل على المسيح والنتيجة تقرّب شقة الخلاف.

وفي تطور الرسالة الإسلامية يظهر خلاف آخر في أمر المسيح هل صلب بالفعل أم لم يصلب. فالقرآن ينفي صلب المسيح مجاراة لإنجيل برنابا الذي روى سيرة المسيح بطريقة شاذة، ظاهرة فيها محاولة تحقير شخصية المسيح. ففي إنجيل برنابا أنّ المسيح لـمّا شعر باقتراب تسليمه وأنّ يهوذا قادم مع جمع من اليهود أو الجند هرب إلى منزل واختبأ في حجرة فدخل يهوذا الأسخريوطي في إثره فرفع الله المسيح وألقى على يهوذا نوراً جعله يشبه المسيح كل الشبه حتى لم يشك الآتون للقبض على المسيح في أنه هو المسيح، فقبضوا عليه وهو يصيح قائلاً إنه ليس المسيح فلم يصدقوه وأخذوه وكل يقينهم أنهم قبضوا على المسيح. وإليك قول القرآن: «وبكفرهم (اليهود) وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً. وقولهم إنّا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به من علم إلا اتباع الظن وما قتلوه يقيناً. بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً. وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمننّ به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً»(40).


هذا هو وجه الخلاف الوحيد، من جهة الإسلام بين المسيحية والإسلام أوردناه من غير تطويل ومن غير إغفال لوجه واحد من وجوهه. ومنه يتبيّن بصورة لا تبقي مجالاً للريب أنّ الإسلام لا ينقض الدين المسيحي ولا تعاليمه، بل يثبته ويعدّ الإنجيل منزلاً، أي كلاماً إلهياً، يتوجب على المسلمين أن يؤمنوا به، ونصوص هذا التثبيت صريحة وقد أثبتنا بعضها في ما تقدم.


بناءً عليه يمكن القول بصورة جازمة إنّ أغراض الدين الأساسية تتم، من جهة العقيدة الإسلامية الصحيحة، بالإسلام والمسيحية معاً «فيكون الدين كله لله»(41) بواسطتهما وبانتشارهما كل منهما في البيئات الأكثر موافقة وقبولاً لتعاليمه. أما ما ورد من النصوص التي يمكن أن تؤوّل بما يظهر أنه ينقض هذا الحكم فتأويله الصحيح أنه من خصائص الإسلام كدولة.


وهنالك اجتهادات وقعت في الغلط والشذوذ عن النصوص أجازت حسبان المسيحيين في عداد الكفار وأهل الشرك استناداً على تكفير القرآن تأويل التجسد والتثليث. ولا شكّ في أنّ العقدة الكبرى هي في هذه الاجتهادات التي لا تدبّر صحيحاً فيها للقرآن. ومن هذه الاجتهادات ما خلط بين الدين المسيحي والملّة المسيحية. فكل ذلك باطل في حكم القرآن: «إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون»(42). وقد ذهبت الرسالة الإسلامية إلى أبعد من ذلك في ما يختص بالمسيحيين «لتجدنّ أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدنّ أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون»(43). ولكن أكثر الشارحين والمفسرين يقتلون النص ويعوجون الدين باجتهاداتهم. فقد شرح البيضاوي(44) هذا القول قائلاً: «وفيه دليل على أنّ التواضع والإقبال على العلم والعمل والإعراض عن الشهوات محمود وإن كانت من كافر». فكأنه أبطل حكم هذه الآية وحكم الآية السابقة القائلة إنّ النصارى مؤمنون باليوم الآخر وكأنه عميَ عن آية سورة الحج التي أخرجت حتى المجوس من نطاق المشركين وهي «إنّ الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إنّ الله يفصل بينهم يوم القيامة إنّ الله على كل شيء شهيد»(45) وإنّ هذه الآية من جملة آيات كثيرة تأمر بترك الحكم والفصل بين أهل الأديان في ما اختلفوا فيه لله وحده. وهي تبطل كل حجة للذاهبين مذهب أنّ الإسلام لا يتم إلا بمغالبة أهل الأديان الأخرى وأنّ كمال الإيمان عند المسلمين يكون بالميل إلى التغلب على سواهم وإلا لأبطل هذا المذهب قسماً هاماً من نص الدين. وإذا عملنا بمبدأ أنّ آيات تنسخ آيات فماذا يبقى من القرآن؟

هاني بعل
للبحث استئناف

 

(1) سورة الفرقان رقم 25 الآية 4-5.

(2) البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج 3 ص 175-195.

(3) سورة النحل رقم 16 الآية 103.

(4) سورة السّجدة رقم 32 الآية 1-3.

(5) سورة ص رقم 38 الآية 4-5.

(6) سورة الجمعة رقم 62 الآية 2.

(7) سورة القصص رقم 28 الآية 46.

(8) سورة الأنعام رقم 6  الآية 93.

(9) سورة المؤمنون رقم 23 الآية 12.

(10) سورة المؤمنون رقم 23 الآية 14.

(11) سورة البقرة رقم 2 الآية 91.

(12) سورة  الحشر رقم 59  الآية 2.

(13) سورة  يوسف رقم 12 الآية 87.

(14) سورة الجن رقم 72 الآية 3.

(15) سورة  طه رقم 20 الآية 5.

(16) سورة الأنعام  رقم 6  الآية 101.

(17) سورة مريم رقم 19  الآية 35.

(18) سورة الإسراء رقم 17 الآية 111.

(19) سورة المؤمنون رقم 23 الآية 91.

(20) سورة مريم رقم 19 الآية 16-22.

(21) سورة مريم رقم 19 الآية 34.

(22) سورة مريم رقم 19 الآية 21.

(23) سورة مريم رقم 19 الآية 17.

(24) سورة مريم رقم 19 الآية 21.

(25) متى 1: 18.

(26) سورة مريم رقم 19 الآية 34.

(27) سورة مريم رقم 19 الآية 35.

(28) سورة الأنبياء رقم 21 الآية 91.

(29) سورة التحريم رقم 66 الآية 12.

(30) سورة آل عمران رقم 3 الآية 45.

(31) يوحنا 1:1-14:2

(32) سورة آل عمران رقم 3 الآية 59.

(33) "أرسلنا إليها روحنا". سورة مريم الآية رقم 19 الآية 17.

(34) سورة  المائدة رقم 5 الآية 17.

(35) سورة  المائدة رقم 5 الآية 75.

(36) سورة  المائدة رقم 5 الآية 73.

(37) سورة الأنبياء رقم 21 الآية 91.

(38) سورة مريم رقم 19 الآية 17.

(39) سورة العنكبوت رقم 29 الآية 46.

(40) سورة النساء رقم 4 الآية 156-159.

(41) سورة الأنفال رقم 8 الآية 39.

(42) سورة المائدة رقم 5 الآية 69.

(43) سورة المائدة رقم 5 الآية 82.

(44) البيضاوي، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج 2  ص 164.

(45) سورة الحج رقم 22 الآية 17.

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro