مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي النهضة اعتقالات دمشق
 
 
 
الـنهضة،بيروت،العدد 100، 20 و 1938/2/21
 

يرى القارىء في غير مكان من هذا العدد وصف الـحوادث الأخيرة في دمشق واعتقال رجال الـمعارضة وفي مقدمتهم الدكتور [منير] عجلاني والدكتور سامي كبارة، والأستاذ زكي الـخطيب والرصيف نصوح بابيل صاحب جريدة الأيام. ويظهر من هذه الـحوادث أنّ الأمور تسير من سيّىء إلى أسوأ في الـجمهورية الشامية.


ومـما لا شك فيه أنّ السياسة الاعتباطية التي سارت عليها «الكتلة الوطنية» وانتقدناها على صفحات النهضة مراراً هي سياسة عقيمة من الوجهة القومية. فهي سياسة قد ربحت «الكتلة» معاهدة لا تزال معلقة بين الأرض والسماء ولكنها أفقدت الأمة لواء الإسكندرونة الـخصب الـمنيع، وقيّدت البلاد بسلسلة من الامتيازات. وكأن هذه النكبة القومية الكبيرة لا توازي في نظر «الكتلويين» نـجاحهم السياسي في الـحصول على «معاهدة». وكأن الـحصول على «معاهدة» يوازي الـخسائر القومية التي جلبتها السياسة «الكتلوية» الاعتباطية على الأمة.


ومن البديهي أن يؤدي الاسترسال في هذه السياسة «الكتلوية» الاعتباطية إلى تفاقم الـخطر وسوء الـحال والقلق على الـمصير القومي، خصوصاً بعد أن ظهر استخفاف «الكتلويين» بالـخسائر الكبيرة كفقد لواء الإسكندرونة وإيجاد وضع شاذ للواء الـجزيرة أضف إلى ذلك التفكك في جبل حوران وهضاب اللاذقية. فقد نظر «الكتلويون» إلى فقد لواء الإسكندرونة نظراً ضعيفاً وعدّوا هذه الـخسارة، التي تضع سهول حلب وحمص حتى أقدام لبنان ـتحت بسطة كف الـجيش التركي، خسارة طفيفة جداً لسورية وخسارة أعظم لتركية، متوهمين أنّ اللواء «يزيد في مشاكل تركية» مبدين جهلاً فاضحاً في الشؤون السياسية والاقتصادية والـحربية. إنهم يتبجحون الآن بتشكيل وزارة دفاع أو مديرية دفاع في حين اتهم الـجيش السوري وظهره إلى الـحائط عند النبك والقلمون.


إنهم يجيشون الـجيوش وينزعون من أمامها كل إمكانية من إمكانيات النصر!


إنهم يفقدون الأمة الـحصون الطبيعية ويريدون من الـجيش أن يعوض عنها بركام من أشلائه!


وفي كل الـمدة التي تولت فيها الكتلة الـحكم لم تزدد إلا اندفاعاً في سياستها الاعتباطية حتى عمّ التذمر البلاد وساءت الـحال وأخذ الناس يفقدون الثقة ويبحثون عن مخرج.


في هذه الظروف أخذ بعض العاملين في السياسة الشامية يعملون لتأليف جبهة معارضة تنازع «الكتلويين» الـحكم، وتـحوّل هؤلاء العاملون نحو الدكتور [عبدالرحمن] شهبندر يلتفون حوله ويزعّمونه عليهم ويحوّلون أنظار الـمستائين، وهم كثر، إلى حركتهم هذه.


ومـما يجدر ذكره أنّ هؤلاء الـمعارضين يستعملون الوسائل الكتلوية عينها. فهم يعقدون اجتماعات كاجتماعات الكتلة ويلقون الـخطب ويلهبون الشعب بانتقاد رجال الـحكم وسياستهم، وقد عدَّ «الكتلويون» هذه الاجتماعات «تآمراً على مصلحة البلاد».


يقول «الكتلويون» إنّ انتقاد رجال الـحكم والـحملة على سياستهم اللاقومية «تآمر» على مصلحة البلاد. ولكننا لا نفهم مطلقاً من هذه الرطانة ما هي مصلحة البلاد التي «يتآمر» عليها هؤلاء الـمعارضون. ماذا يريدون أن يبيعوا وماذا يريدون أن يشتروا؟ ما هي الـحقوق القومية التي يريدون أن يتنازلوا عنها ولـمن يريدون أن يتنازلوا؟


الـحق أنّ اتهام كل معارض وكل ناقد وكل ناقم على السياسة التي أوصلت البلاد إلى هذه الـحالة السيئة «بالتآمر» على مصلحة الوطن، في حين نرى أجزاء من أرض الوطن تطير على مرآى ومسمع منا في عهد «الـحكم الوطني»، أمر يذهب بنا بعيداً جداً في سياسة الطغيان.


إنّ الـمعارضات والـحملة على الـحكومة من الشؤون السياسية الداخلية التي يجب أن يتسع لها صدر «الـحكم الوطني» لكي تختبر الأمة رجالها. أما الضرب على أيدي الـمعارضين فتكون له أسباب غير الأسباب التي يتذرع بها رجال الـحكم في الشام في الظروف الـحاضرة. و«الكتلويون» قد برهنوا عن عجز فاحش في السياسة القومية التي تدنت عندهم حتى صارت تعني «سياسة الـحكم».


الـحقيقة أنّ الأمة أصبحت تـحتاج لاختبار جديد على أساس التنظيم القومي الذي جاء به الـحزب السوري القومي، وهو التنظيم الوحيد الذي يكفل إيجاد سياسة قومية صحيحة تـجمع الـمصالح والعناصر وتنظمها تنظيماً صالـحاً لنشوء كيان قومي متين عليه.


وقد أصبحنا ننتظر بعد التجارب العديدة أن نرى الـحزب السوري القومي يشق طريقه ليقود الـجماعات الوطنية في طريق القومية الصحيحة، طريق حقوق الأمة ومصالح الشعب، بل إننا نسمع من يقول: «لقد آن  لنا أن نتقدم إلى هذا الـحزب القومي الأول الـمنظم بطلب قيادتنا. فقد سئمنا الـمماحكات الشخصية السقيمة ومللنا الـمشاحنات السياسية العقيمة وآن لرجال الأمة الـموهوبين أن يسددوا خطواتها في طريق الفلاح.»


يقول رئيس الوزارة الشامية [جميل مردم] في اجتماع عقد في مكتب «الكتلة الوطنية»: «إنّ الـمعاهدة وضعت كمعاهدة العـراق، وإنّ العـراق لم يفـز باستقـلاله دفعـة واحـدة.»


ونحن نقول إنّ العبرة ليست في وضع الـمعاهدة بل في قيمة الـمعاهدة. أما أنّ العراق لم يفز باستقلاله دفعة واحدة فلا يبرر التقهقر القومي الكبير الذي منيت به الأمة السورية على عهد «الكتلة الوطنية».

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro