مؤسسة سعاده للثقافة
 
تسجيلات المحاضرات العشر تسجيلات صوتية أخرى أغان وأناشيد سلسلة الإنسان الجديد ندوات ومحاضرات فيديوهات أخرى كتب دراسات النشاطات الإجتماعية ندوة الفكر الفومي مشاعل النهضة اللقاء السنوي مع سعادة خبرات القوميين نص ونقاش منوعات وطنية مؤتمرات الحلقات الإيذاعية مقابلات مقابلات نصية وثائق ديوان الشعر القومي مواد سمعية وبصرية معرض الصور
إبحث
 
دليل الموقع
 
 
 
 
 
 
 
رأي النهضة إستغلال الأحزاب والمبادىء
 
 
 
الـنهضة،بيروت،العدد 113، 1938/3/11
 

قامت الأعمال السياسية كلها في هذا الوطن على أساس النظرة الشخصية الفردية أو العائلية، حتى جاء الـحزب السوري القومي وأعلن أساسه على الـمصلحة العامة ومبادىء العقيدة القومية، فهتف الشعب لهذا الاتـجاه الـجديد وتقبّله تقبّل من انتعشت آماله بتجدد حياته.


ولكن النفعية ما لبثت أن تـحركت وأخذت تعمل للإبقاء على منافعها ومطامعها. ولـمّا كانت النفعية بطبيعتها فوضوية مبلبلة لكثرة الاتـجاهات النفعية الـمتضاربة، فإن عملها أخذ يتشكل بأشكال مختلفة. فقام بعض النفعيين بإيعاز مراجع رجعية بتأسيس أحزاب على مثال الـحزب السوري القومي في نظامه الظاهري. فما إن نشأ أول حزب من هذا النوع حتى تلاه نشوء أحزاب أخرى لنفعيين آخرين. وبلغت الوقاحة ببعض هؤلاء أن يقدموا على محاولة استغلال الـحزب السوري القومي نفسه، فدخل منهم نفر في صفوفه ثم ما لبثوا أن انكشفت القناعات عن وجوههم الصفيقة فنبذوا وانتهى شأنهم.


وإنّ من يراقب التكتلات السياسية في الشعب والـمجلس يرى فوضى لم يسبق لها مثيل. فإن حب الشعب للمبادىء التي تضمن مصالـحه قد ظهر بوضوح في حالة نشوء الـحزب السوري القومي، وظهر أيضاً سأمه من تـحزبات الأشخاص التقليدية، التي لم يستفد منها غير الـخراب والانحلال القومي. فرأى النفعيون أن يتستروا بستائر من الأحزاب والـمبادىء ويعملوا من ورائها لأغراضهم النفعية، غاشّين الشعب بالأسماء والألفاظ التي لا يعنون بها شيئاً حقيقياً ولكنها قد تـجد رغبة عند العامة فيدجلون بها ليستفيدوا من نكبات الشعب بهذا الـخداع الـجنائي.


كيف التفتَّ ترى اليوم بعض من كانوا يتسابقون إلى الزلفى للحصول على كرسي نيابة، أو من يرون الشعب فريسة يحظى بها من يعرف كيف ينشب مخالبه فيها، أو من ملئت نفوسهم بالحسد الفارغ، أو من هم مصابون بجنون العظمة، يحاولون محاولات عديدة لاكتساب جماعة بوسيلة من الوسائل فيدجلون بها على الشعب. فتجدهم يكثرون الاتصال بهذا وذاك ويطيلون تقليب الألفاظ على وجوه ووجوه ويستزيدون من عقد الـمؤتـمرات لدرس ماهية الأسباب التي يـمكن أن تعطيهم الستار الـمطلوب، أو الألبسة التي يظهرون بها بـمظهر رجال الشعب والـمصلحة العامة، فإذا اهتدوا إلى شكل من الأشكال انفرط عقدهم عليه ليعودوا إلى تقليب أشكال أخرى.


من هؤلاء من ينادي اليوم بالاشتراكية، لأنه يظن أنّ «السوق» اليوم «سوق الاشتراكية» فإذا تظاهر بالاشتراكية فإنه يكتسب عطف الـجبهة الشعبية في فرنسة، فتأتيه الرخصة بالعمل وتأتي التوصيات من فرنسة بفسح الـمجال له. ومنهم من يرى أنّ الشيوعية حزب لا بأس به ويجدر بهم انتحال صفته والـمناداة بها بالناس تدجيلاً واستغلالاً. ومنهم من تسوّل له نفسه القيام بحملة «دنكيخوطية» على الـحزب السوري القومي فينتزع مبادئه منه ويدعي، هو العقيم السقيم، أنه هو الأصلح لتحقيق مطالبه العليا. ومنهم من يرى الـمجاهرة بالرجعة فيكتسب مناصرة الرجعيين، الخ.


هذا مظهر آخر من مظاهر النزاع العنيف بين الـحق والباطل، بين القوة الـحقيقية الـمتولدة من النهضة القومية وتنبه الشعب والقوة الوهمية الـمستمدة من الشعوذات والأراجيف وصخب الـحناجر ونقمة الغايات الدنيئة.


إنّ هذه الظاهرة الغريبة هي نهاية العهد الـماضي القديـم الرجعي في نظرياته وأساليبه، لأن اليقظة قد امتدت في الأمة. وإذا كان لا يزال هنالك بعض سليمي النية الذين يؤخذون بسياسة «ابن عمي» وعلاقة «الـمصلحة» النفعية الضيقة، فإن هذا البعض لن يلبث أن يدرك هو أيضاً أنّ الـمنافع الـمستعجلة قد تؤدي إلى الـخراب التام. وإنه لا خير في الدجالين مهما كان لباسهم والستار الذي يتسترون به.

 

 
شارك هذه المقالة عبر:
 
 
 
تسجّل للإشتراك بأخبار الموقع
Close
 
 
الأسم الثلاثي
 
البريد الإلكتروني
 
 
 
 
 
@2024 Saadeh Cultural Foundation All Rights Reserved | Powered & Designed By Asmar Pro